(281) دلالات قصة باحثة مبتدئة مع المنهج شبه التجريبي
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8869
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كتبت إحدى الباحثات المبتدئات من طالبات الماجستير لإحدى المواقع المتخصصة، تحكى قصتها – التى لا تزال تعيش فصولها - مع المنهج شبه التجريبى. الآتى بعد هو خلاصة ما كتبته الباحثة :
أولا : أنها كانت ترى أن الأبحاث التجريبية وشبه التجريبية هي من أصعب أنواع البحوث حتى للخبراء. وكانت لا تثق فى قدرتها على التعامل معها،،لما كانت تشعر به في نفسها ومع زميلاتها من ضعف معرفتهن بهذا النوع من البحوث.
ثانيا : وجهتها مشرفتها فى البداية إلى المنهج التجريبى رغبة منها فى تغيير ما اعتاد عليه القسم من التركيز على المنهج الوصفى، إلى درجة أن الباحثة كانت تظن أن المنهج الوصفى هو أحد العادات والتقاليد العلمية التي لا ينبغي الخروج عليها.
ثالثا: بدأت الباحثة بتأثير من المشرفة تكتب خطة بحثها لرسالة الماجستير وصممت إجراءاتها على أساس المنهج التجريبي، حيث كانت تبحث في "أثر تعليم مفاهيم أخلاقية معينة للطالبات على تفاعلهن الاجتماعي "، وكانت تذيل عنوان البحث في الخطة بالعبارة التي تقول : (دراسة تجريبية).
رابعا: فى حلقة المناقشة (سمنار القسم) كان الأساتذة يتحاورون حول خطة الباحثة ولم يعترض أحدهم مطلقا على المنهج التجريبى الذى تبنته الباحثة، ثم أجيزت الخطة باعتماد هذا المنهج، مع طلب تعديلات.
خامسا : رفعت الخطة بعد تعديلات طلبها القسم إلى مجلس الكلية لإجازتها، وطلبت الكلية بعض التعديلات أيضا دون أن يكون من بينها تعديل مسمى " المنهج "، وتمت التعديلات المطلوبة، وأوصت الكلية بالموافقة عليها معتمدة "المنهج التجريبي" ومن ثم رفعت لعمادة الدراسات العليا بالجامعة للموافقة على الخطة نهائياً.
سادسا : رأى أحد الأساتذة الذين مرت عليهم الخطة أن هناك خطأ منهجيا فادحا.
يقوم على فكرة أن استخدام مصطلح"المنهج التجريبى" مصطلح خاطئ ويجب أن يصحح ليصبح " دراسة شبه تجريبية". رأت الباحثة أن ملاحظة هذا الأستاذ أنقذت منهج الخطة.
سابعا: أشارت الباحثة إلى أن رأى الأستاذ الذى حدد مصدر الخطأ فى الفرق بين المنهج التجريبى وشبه التجريبى يستند إلى أن عينة الباحثة هى عينة إنسانية وليست طبيعية مادية فيزيائية بحتة، وأن المنهج التجريبي يتطلب ضبطاً تاماً صارماً لتجانس العينات التجريبية والضابطة، وضبطاً صارماً للمتغيرات الخارجية المؤثرة في العينة، وهو مالا يمكن فعله في الدراسات السلوكية والاجتماعية، لأن الباحث لا يستطيع التحكم في أفكار أفراد العينة ولا حبس أفراد العينة عن التأثر بماضيهم أو بأهلهم أو بأصدقائهم، ولا يستطيع نقلهم من مكان عيشهم ليعيشوا في المختبر، كما أنه لا يستطيع ضبط تماثل أفراد العينتين التجريبية والضابطة في كل الظروف المحيطة بهم وفي كل السمات والخصائص التي يتمتعون بها، لأن الله سبحانه وتعالى خلق كل إنسان متفرد بتركيبة مميزة نوعاً وكما من الخصائص البشرية الحيوية والنفسية.
ثامنا : أضافت الباحثة إلى رأى الأستاذ قولها : "أن انسحاب أو زيادة عدد العينة يظل وارداً، وليس فى مقدور الباحث إجبار أحد على الاستمرار "، تقول الباحثة :" في حالتي أنا كان هناك تغير في عدد العينة بسبب نقل طالبات من المدرسة، واستبعدت كثيرا من أفراد العينة في المقارنة النهائية بين القياسين القبلي والبعدي، لأن بعضهن كن غائبات في أحد القياسين فغيبت إجاباتهن في القياس الآخر، وهذا ما أظنه يعد مما يسمى بالفناء التجريبي. وهو كثير الحدوث في المنهج شبه التجريبي. "
وخلاصة الأمر فى ذلك أنه يتعذر ضبط المتغيرات بصرامة في التصميمات شبه التجريبية، و لكن هذا لا يعني فى رأى الباحثة أنه غير ممكن مطلقاً، إنما يراعى التجانس فيما يمكن ضبطه، كما فى متغيرات الجنس والعمر والظروف الاقتصادية والبيئة الاجتماعية المدرسية مثلاً و تعليم الوالدين وهكذا.
تاسعا : وجدت الباحثة أن ضبط التجانس وضبط المتغيرات يرتبط كثيراً بما يلقاه الباحث من تفهم وتعاون من المشرفين على تلك البيئة التي يطبق فيها بحثه. تشرح الباحثة تجربتها فى هذه النقطة فتقول "....فأنا مثلاً رغم التعاون الكبير الذي لقيته من إدارة مدرسة التطبيق، إلا أنه لم تسمح لي المدرسة التي طبقت فيها البحث بالتحكم في توزيع الطالبات على الفصول لأضمن أكبر قدر ممكن من التجانس بين مجموعتي البحث التجريبية والضابطة، كما أنه من غير مقدورى عزل طالبات المجموعة الضابطة عن التأثر بزميلاتهن فى المجموعة التجريبية في فترة الفسحة وغيرها، وهذه نقطة مهمة تميز التصميم شبه التجريبي عن التجريبي الذى يتم في إطار الواقع كما هو، دون تغيير كبير في هذا الواقع الطبيعي والتلقائي، وإنما يكون التغيير في أحد المؤثرات على الواقع وهو المتغير المستقل المختار في البحث.
وتشير الباحثة فى ذلك إلى أن خطوات وتصميمات المنهج شبه التجريبي هي نفسها تقريباً خطوات وتصميمات المنهج التجريبي الرئيسة، ولكن مستوى الضبط العلمي وتفسير النتائج هو أهم نقاط الاختلاف بين المنهجين.
عاشرا : تقول الباحثة : " أنه على الرغم من الصعوبات التي يلقاها الباحث في مثل هذا النوع من البحوث الإنسانية إلى أني أستطيع القول بثقة، من واقع خبرتي المتواضعة، أنه من أمتع أنواع البحوث وأكثرها حيوية وتشويقاً وإضافة للمعرفة.
حادى عشر :ختمت الباحثة قصتها مع المنهج التجريبى إلى القول " ... شاكرة لكم ( أى الموقع الذى نشر قصتها ) هذه الفرصة لإطلاعكم على فصل مهم في مسيرتي العلمية، أعتقد أنه أثر على قدراتي العلمية إيجابياً، وأكسبني خبرة تفوق أقراني ممن اختاروا المناهج الوصفية التقليدية،كما وأعتقد أنه سيؤثر بعمق في مستقبلي العلمي."
هذه هى قصة باحثة مبتدئة مع المنهج شبه التجريبي. ويمكننا أن نستخلص عدة دلالات من هذه القصة على النحو التالى :
1- أهمية المنتديات العلمية والمتعلقة منها بالعلوم الاجتماعية بوجه خاص على مواقع الإنترنت فى تبادل الخبرات بين الباحثين. ويلعب تدعيم الأساتذة لهذه المنتديات بالمشاركة فيها دورا هاما فى استفادة الباحثين من آرائهم وتوجيهاتهم.
2- أن آراء وتعليقات الأساتذة فى حلقات مناقشة خطط الباحثين تلعب دورا كبيرا فى تشجيع أو إحباط هؤلاء الباحثين، فقد أشارت الباحثة فى عرضها لقصتها كيف أن تهكم وسخرية بعض الأساتذة كان له أثره المحبط عليها. ولهذا نرى – كما فى قصة الباحثة - أن إخفاق الطالب وقصوره فى عرضه وبيان خطته لا يعنى حتما ضعف احتمالات علاجه لهذا الإخفاق أو القصور. كما أن هيبة الموقف والرهبة من الأساتذة قد تربك الطالب فلا يستطيع بيان أوجه قدراته البحثية.
3- أن مبادرات بعض الأساتذة فى تعديل بعض القواعد التى ألفها البحث العلمى قد تدفع بهذا البحث إلى الأمام، وتساعد على تكوين قاعدة من الباحثين من شأنهم أن يطوروا البحث العلمى ويسيروا به إلى خطوات أكثر تقدما. كما أن التكامل بين مبادرات الأساتذة من شأنه أن يحقق نفس النتيجة. فاقتراح المشرفة الخروج من نفق المنهج الوصفى إلى المنهج التجريبى، كان بادرة التقطها أستاذ آخر وطورها إلى الدعوة إلى استخدام المنهج شبه التجريبى، وتبناها الباحثون بعد ذلك.
4- أن تصورات الباحثين عن تعقيد بعض مناهج البحث العلمى وغموضها أو صعوبتها قد لا تكون صحيحة، وأنها قد تكون من باب الألفة مع القديم وعدم الرغبة فى التجديد، لكنه إذا ما تخطى الباحثون هذه العقبة سيجدون الأمر مختلفا تماما. وقد حدث هذا للباحثة فى البداية ثم انقلب الأمر معها من إحساس بالصعوبة إلى إحساس بالمتعة والحيوية.
5- لعل من أهم دلالات هذه القصة بداية أفول اعتماد الباحثين على المنهج التجريبى، وبزوغ اعتمادهم على المنهج شبه التجريبى، مع احتفاظ المنهج الوصفى بالصدارة لسهولة استخدامه بالنسبة لمعظم الباحثين.
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
المصدر : منتديات الإحصائيين، التصاميم التجريبية والتصاميم شبه التجريبية -
www.arabicstat.com
- انظر : موضوعات عن البحث العلمى للدكتور أحمد إبراهيم خضر المنشورة فى موقع بوابتى تونس www.myportail.com/
م-الموضوع - رقم الموضوع فى موقع بوابتى
1- مصادر ومراجع ومواقع ودوريات الخدمة الاجتماعية-265
2- أهم الفروق بين المشكلة والقضية-271
3- الفروق بين المشكلة والإشكالية-270
4- محاضرة عن بعض المهارات البحثية اللازمة لطلاب الماجستير والدكتوراة-195
5-سبعة عشر خطأ شكليا يجب تلافيها فى رسائل الماجستير والدكتوراة -225
6- واحد وعشرون خطأ عن فكرة البحث ومضمونة وأفكاره فى رسائل الماجستير والدكتوراة -226
7- إحدى وعشرون نصيحة علمية لطلاب الماجستير والدكتوراة -228
8- خطة عمل مبدئية لأول مرحلة بعد تسجيل رسالة ماجستير أو دكتوراة -208
9- دليل الإرشادات العشر لطلاب الدراسات العليا (ماجستير- دكتوراة)-179
10- توجيهات الأساتذة لطلاب الدراسات العليا (1)-182
11-متابعات (1): رسائل الماجستير والدكتوراة-180
12-مواصفات المشكلة البحثية الجيدة -276
13-أوجه القصور فى مرحلتى التخطيط للبحث والدراسات السابقة -278
14- ثلاث عشرة وسيلة للتوصل إلى مشكلة جديرة بالدراسة فى مرحلتى الماجستير والدكتوراة -217
15- الأخطاء الشائعة فى اختيار مشكلة البحث وسبل علاجها-231
16- أبرز صعوبات اختيار مشكلة البحث -230
17- خطة البحث: تعريفها، أهدافها، عناصرها، شكلها،أدلة جودتها -229
18-أول ما يلزم الباحث معرفته بعد تحديده لمشكلة البحث -275
19-صياغة مشكلة البحث هى خاتمة الجانب النظرى وليس بدايته-274
20-شروط صياغة العنوان الجيد -221
21- إهمال الباحثين إجراء دراسة استطلاعية لمشكلاتهم البحثية-233
22- قواعد فحص محتويات المصادر البحثية والقراءة الأولية لها-232
23-كيفية تفريغ المادة العلمية من مرجع واحد ومن عدة مراجع -267
24- كيف يربط طلاب الماجستير والدكتوراة النظرية بالبحث الميدانى-215
25-مواطن الخلل فى عرض الباحثين للمفاهيم العلمية الإجرائية -224
26-مواطن الخلل فى تعامل الباحثين مع الدراسات السابقة-216
27-التساؤلات فى البحث العلمى : ماهيتها،وأهدافها، وصياغتها، والفرق بينها وبين الفروض-222
28-فروض البحث : ماهيتها وأنواعها وشروطها ومصادرها -223
29-أوجه الارتباط بين الفروض والنظريات -276
30- الفارق بين نوع البحث ومنهج البحث فى العلوم الاجتماعية -213
31-الفرق بين البيانات والمعلومات-219
32-الفروق بين المفهوم والمصطلح والتعريف-218
33- مصطلحات (الميكرو- الميزو- الإكسو- الماكرو) فى الخدمة الاجتماعية-214
34-أبرز الفروق بين المنهج التجريبى وشبه التجريبى -280
36-دلالات قصة إحدى الباحثات المبتدئات مع المنهج شبه التجريبى -281
35- الفروق بين المتغير المستقل والمتغير التابع والمتغير الوسيط-212
37-أوجه قصور الباحثين فى مرحلة المنهية البحثية وجمع البيانات والتحليل الإحصائى-279
38- الفرق بين الاستبيان والاستبار-220
39- ضوابط صياغة أسئلة الاستبيان كأداة بحثية (1)-235
40-متضمنات ومواصفات خطاب تقديم الاستبيان للمحكمين و المبحوثين (2) -237
41- أهمية اختبار كفاءة استمارة الاستبيان كأداة بحثية (3) -239
42- إرشادات عامة فى جزئية صدق وثبات الاستبيان (4)-269
43- ملاحظات حول استبيان عن ظاهرة الطلاق فى المجتمع المصري-259
44- ضوابط استخدام الألقاب فى رسائل الماجستير والدكتوراة-227
45- طرق توثيق المادة المستخدمة فى رسائل الماجستير والدكتوراة -206
46-ضوابط استخدام وتوثيق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فى رسائل الماجستير والدكتوراة فى العلوم الاجتماعية-207
47-استعمالات علامات الترقيم فى بحوث الماجستير والدكتوراة-204
48-الطريقة الصحيحة لاستخدام الأرقام فى صلب الرسائل العلمية لطلاب الماجستير والدكتوراة-205
49- قواعد استخدام الهوامش والحواشي فى رسائل الماجستير والدكتوراة -210
50-قواعد كتابة مسودة فصول الرسالة قبل عرضها على المشرف-264
51-حيثيات مناقشة رسالة دكتوراة عن أطفال الشوارع-177
52-حيثيات مناقشة رسالة ماجستير عن تنظيم الأسرة-194
53-حيثيات مناقشة رسالة ماجستير عن الآثار الوظيفية للطلاق-202
54-حيثيات مناقشة رسالة ماجستير عن التغير الثقافى وظاهرة العنوسة -251
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: