عراق المطيري - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6671 Iraq_almutery@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثرت المصطلحات وكثرت مدلولاتها وأصبحت عاملا إضافيا جديدا للاختلافات بين الشرائح الاجتماعية العربية وشريحة أهل الثقافة منهم تحديدا أكثر من غيرهم لاختلاف وجهات النظر في تفسيرها لأي مصطلح بصورة عامة حسب الميول والانتماءات للأشخاص أو الجهات التي تطرح المصطلح وغاياتها منه وقد نجد من يتطرف في التفسير إيجابا والإيحاء بأنه الطريق الأمثل للخلاص ويقدم لذلك الحجج والبراهين وآخر يبحث في المزايا الفكرية المعاكسة بالاتجاه المضاد سلبا وقد نجد من يمسك العصا من الوسط فيحاول التوفيق بين الوجهتين ويوصف بالاعتدال حينها ومع تطور حاجة الغرب للتدخل في شأننا العربي لبسط مزيد من السيطرة على امتنا في كل الميادين واستعباد شعبها وتسخيره باتجاهات معينة لا تخدم مصالحها بأدنى الحدود ولتأمين مصالحه على حسابنا ظهرت الكثير من المصطلحات التي أخذنا نسمع بها بملل من خلال تداولها في أجهزة الإعلام المختلفة هذه الأيام ومنها مثلا لا حصرا مصطلح الفوضى البناءة، ورغم انه بسيط ولا يحتاج إلى عناء وجهد كبير في تفسيره فهو واضح للغاية وقد طرحته الفئات العربية المروجة لانتشار الفكر والثقافة الغربية في وطننا العربي لغايات تخدم توجهاتهم لا غير، وفكرته تقوم على أساس صناعة الفتن والاختلافات وخلط الأوراق وارتفاع ضجيج وجعجعة وبأي اتجاه متاح وتسمح به ظروف القطر المستهدف كأن يكون طائفي مذهبي أو ديني أو عرقي قومي أو حتى مادي طبقي بين الفئات الاجتماعية المختلفة والذهاب به إلى ابعد مستوى ممكن حتى وان وصل وهذا مستحسن ومفضل عندهم إلى الاقتتال وسفك الدماء وفي نتيجته وبدعم من قوى الغرب صاحبة هذه الفكرة يكون من يطفو إلى السطح هو الأصلح لقيادة المجتمع وفرض ما يؤمن به من معتقدات وآراء وعلى من يبقى من الخصوم الانصياع التام للواقع الجديد والقبول به على أن يستمر في البقاء جاهزا كخلايا نائمة على أهبة الاستعداد للاستيقاظ وللانطلاق ثانية عندما تدعو الحاجة لذلك.
انتشار هذا المفهوم كبرنامج عمل وأسلوب ثابت في منطقتنا العربية وإضافته كمفردة مهمة في قاموس الاحتلال منذ ما بعد الغزو الأمريكي البغيض للعراق ينطبق كثيرا على ما نسميه الآن الثورات العربية أو ربيعها حتى تكون في صورة أجمل وأكثر قبولا لمدلولات هذا الفصل الجميل ولنقف عند الأقطار العربية الساخنة الآن وكل أقطارنا ساخنة أما بشكل ظاهر للعلن وتساهم الفضائيات الموجهة بكشفه في الأقطار المعروفة أو خفي لا يجرؤ احد على تناوله وفضحه والاقتراب منه بفضل الغرب صاحب الحضارة والديمقراطية الجديدة وراعي حقوق الإنسان الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية فان الفوضى الخلاقة أدت في كل الحالات العربية المحددة لأسباب نعرفها جميعا إلى اقتتال بيني وحروب ودمار في البني التحتية وتدمير لاقتصاد كل قطر واستنزاف لثرواته والسطو على أمواله وإيقاف عجلة الحياة ونقص حاد في كل الخدمات الضرورية بما فيها الخدمات الصحية وصولا إلى الكهرباء والماء وقطع أرزاق بسطاء الناس لعدة اشهر وهذا واقع حال لا يستطيع احد النقاش فيه لأنه سيكون عرضة تنهشه كلاب الاحتلال التي ظهرت كنتائج لتطبيقات الفوضى الخلاقة وبشرعية عربية ودولية.
صحيح أن في حساب تاريخ الأمم والشعوب لا تحتسب الشهور وربما تهمل عقود من السنين لتضائل حجمها بالمقارنة مع عمر الأمة أي لا قيمة لها أمام عمق الامتداد في بطون التاريخ إلى آلاف السنين كحالة امتنا وصحيح أن الله العزيز القدير قد منّ علينا بنعمة نسيان من يقتل صابرا محتسبا إلا قسم قليل منهم يخلدون كحالة رمزية لفعل بطولي بطابع جماهيري معين ولكن ليس بهذا الحجم من الملايين قتلا وتهجيرا كما أن بؤس ومعاناة الإحياء منهم أيضا كبيرة والثورة ينبغي لها أن تكون من اجل إسعاد أبناء الشعب إبتداءا من الجيل الحالي المزامن لأحداثها ويمتد إلى ما بعده من أجيال لاحقة.
من خلال السعي إلى تطبيق هذا المصطلح بهذا المفهوم يعمل الغرب على تغذية مجموعة من الاتجاهات التي ينمي التضاد البيني من خلالها ويحافظ على الإمساك بخيوطها جميعا بيده ويبدأ التناحر يتصاعد ويتخذ مختلف الأشكال القاسية حتى يتعب الجميع بدون استثناء ولكن حين يصل الكل ومعهم الشعب إلى هذه النتيجة لا يبقى من عمران القطر وبناء مؤسسات دولته شيء وهنا يظهر الغرب الذي تدير شؤونه بمنتهى الدكتاتورية والتسلط بلا منازع الولايات المتحدة الأمريكية كالمنقذ صاحب المبادئ والراعي الأكبر لحقوق الإنسان وعند هذه النقطة تبدأ المرحلة الأهم في هذا المشروع، مرحلة جني المحصول وقطف ثمار ربيع الثورة التي لم يحصل قطرها على شيء منها سوى تبديل الوجوه بأقذر منها وأكثر منها شراهة لتؤسس لوجودها الجديد ويخلق صراع داخلي ضمنها وتبدأ مرحلة الثأر ممن أسال دماء الأبرياء وتظهر سجون جديدة تمتلئ بالأبرياء ومعارضي الرأي ويصبح سجين الأمس سجان اليوم وغدا وهكذا دواليك.
ترى ماذا سيكون موقف أي دولة في العالم يحكم فيها نظام وطني فقيرة كانت أم غنية ومتطورة أو في ذات دول الغرب نفسها من هكذا طرح ولماذا أقطارنا العربية وامتنا الإسلامية حصرا دون غيرها من أمم الأرض وشعوبها ؟ وماذا يمكن أن نسمي القائمين عليها ومروجيها من العرب خصوصا ؟ وكيف نتعامل معهم أهم فعلا ثوار وقادة جدد يصلحون لقيادة امتنا المعروفة بثقل حضارتها وتجربتها الغنية الرائدة في مختلف جوانب الحياة وصناعة مستقبلها الذي ننشده ؟
طيب، بعيدا عن لغة التخوين، ما الفرق بين من يتعامل مع حلف الناتو ومن يتعاون معه إلا يأتمرون بأمر الحلف ويستلمون منه آلة القتل ولمن توجه هذه الآلة ومن تقتل ؟ وما الثمن ؟ وهل تنال من الحاكم المحصن أم من الجندي الذي يبحث عن لقمة عيش يسد بها جوع عائلته وإذا كان الجواب ليبتعد هذا الجندي عن حماية الحاكم فهل يوفر حلف الناتو له فرصة عمل ولقمة عيش له ولعائلته ؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فماذا نسمي أحداث لندن الأخيرة وما هي نظرتنا لها وما هي نظرة الغرب لنفس وقائع تلك الأحداث وهل اشبعوا جياعهم ومتسكعيهم وسكان أنفاق المجاري وأنفاق المتروات والساحات العامة، ونحن هنا لا نريد أن نخون أحدا ولا نتهم أحدا بالعمالة للغرب أو لغيره إنما نحاول فقط الحفاظ على ما بين أيدينا ن بشر ومن ثروات وتحديد هوية الأشخاص الذين ينشطون الآن في أقطارنا العربية لكي نحسن التعاطي معهم بعيدا عن تاريخهم ونشأتهم حتى وان سامحناهم عن جرائمهم بحقنا وهم معرضة فقد تغيرت الانتماءات الفكرية لكثير من الناس حتى منهم المثقف بتغيير ظروف المنطقة وأصبحنا نحن ومعنا كل من يتمسك بالفكر القومي العربي بروحه الإسلامية نتهم بالرجعية ومعرقلي حركة نهضة الأمة الجديدة ولكن لا احد بالمطلق يستطيع أن يتهمنا بالعمالة إلا لامتنا وهذا شرف لنا، نقول هذا لأننا نشهد بحسرة كبيرة ما يجري في أقطارنا العزيزة من قتل وتشريد للبشر وتهديم لكل بناء تحت ذريعة الانتقام من حكامنا الدكتاتوريين وتحرير أوطاننا منهم.
أية سفسطة وكلام فارغ هذا الذي نقرأه على صفحات ألنت وأي سلوك يمارسه هؤلاء القتلة الذين يسمون أنفسهم ثوار ورغم حاجتنا الماسة إلى تغيير أنظمة الحكم الحالية ولكن لن نسمح بتبدل العميل بعميل.
يطلبون منا أن نهنئ شعبنا العربي على ثورات العملاء وما تخلفه من دمار وويلات والأجدر بنا أن نعزي أنفسنا وشعبنا على معاناتنا لفقد أبنائنا الشهداء الأبرياء ونهب ثرواتنا وهي بين أيدينا ونحن عاجزون عن حمايتها والأجدر بنا جميعا أن نقف سدا منيعا بوجه أي تدخل للغرب في بلداننا العربية والإسلامية وتحت أي شعار فان في تاريخنا وأدبياتنا وديننا وأعرافنا ما يجعلنا قادرين على أن نصنع حياتنا الحرة الكريمة وان نساهم من خلالها برفد الإنسانية بما يساهم في تقدمها وتطورها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: