انقلاب على طريقة الديمقراطية
اختلفوا فخسر الشعب العراقي وكأنك يا أبو زيد ما غزيت
عراق المطيري - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5247
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعمد قسم ممن يدعي السياسة وبالأخص من اخذ تدريبات مناسبة في مدارس المخابرات الغربية أو من ترتبط إدارته بهذه الأجهزة وتتوافق مصالحه معها ( وهم من يهتمون برعاية مصالح الأجنبي وعملائه ) فيتجه هؤلاء إلى خلط الأوراق وتبرير الأخطاء كأنها حاجة شعبية تحديدا في المسائل الكبيرة التي تعني بأهمية خاصة الحاضر أو المستقبل كتلك التي تدخل في مجال الأمن القومي للقطر أو الأمة لتغطية على تمرير مشروع ما أو عدة مشاريع كهدف مهم تضعه هذه المجموعة نصب عينيها لأنها تعتقد انه من خلال هذه العملية تجعل الرؤيا ضبابية لدى عامة الناس وتشتت وحدتهم الفكرية وتستطيع النفاذ إليهم بسهولة ويسر وتنتهي بحسب ضنها إلى نتيجة تضمن من خلالها الاصطفاف الجماهيري الذي تحتاجه إلى جانبها بعد تبني شعاراتهم وهذا الخلط يأخذ إشكالا أو صور مختلفة وفي مجالات متعدد لا حدود لها منها على سبيل المثال لا الحصر الخوض في العشـائرية وثاراتها أو النعرات الطائفية وطقوسها أو الإثنية , وتنميتها جميعا , وفـي الغالب يتم اللجوء إلى العنف لفض ما ينتج عنها مجتمعة أو منفردة من اختلافات أو اختلاق ممارسات اجتماعية جديدة تذوب من خلالها القيم والأخلاق ويضعف الترابط العائلي وهكذا يحاول هذا الصنف من العملاء والتوابع السعي إلى إيجاد أرضية مناسبة يقف عليها ليبدأ المرحلة التالية في مشروعه , ويلجأ مثل هؤلاء إلى الإعلام كواحدة من أهم الوسائل الدعائية المساعدة التي تلبي لهم غاياتهم وفي الغالب الأعم يتم العمل وفق هذه الوسيلة في المجتمعات ذات النسيج الاجتماعي المتلون والمتعدد الأطياف الذي تتوالد فيه دكاكين الأحزاب الهزيلة بالانشطار في كل المواسم وبكثرة للنيل من الخصوم بعد العجز عن تسقيطهم ورميهم خارج حلبة الصراع لاستمرار الإسناد والدعم الخارجي لها جميعها ولن تستطيع الوصول إلى غاياتها إلا بانقطاع هذا الدعم عن خصومها المفترضين لان صراعها هذا هو جزء من دورها وغاية وجودها , بينما تكاد تتلاشى هذه الظاهرة في المجتمعات الراقية أو الأكثر تحضر والمجتمعات المتوحدة والمتماسكة لما تمتلك من قدرة كافية لتحليل مجريات الأحداث ومعرفة مصباتها النهائية فتذهب مع الريح ولا يكون لها تأثير واضح وملموس .
خلط الأوراق من جهة ومن جهة ثانية النواح والعويل من هذا الطرف والتلويح بالعضلات القوية من ذلك الطرف أو الخلافات المستمرة والتعنت في طرح الآراء والمطلبية التي تدلل على منافع شخصية أو حزبية علامات بارزة في ما يلاحظه المتتبع للشأن العربي عموما خلال السنوات الأخيرة ( في الأقطار التي شهدت ما يسمى بالربيع العربي ) والعراقي بشكل خاص بعد الغزو الأمريكي عام 2003 فدواعي التناحر ورمي التهم أصبحت كثيرة وصناعة الأزمات أصبحت المهنة الأولى لمن يتربع على كرسي السلطة تحت ذريعة ممارسة الديمقراطية مقابل عمليات تصفية الطرف الآخر التي تجري في الخفاء بمختلف الطرق فلا يكاد البلد ينتهي من أزمة حتى تتولد أزمة اشد منها تعقيدا وأكثر منها سلبية بينما يفقد المواطن استقراره وأمنه بالتزامن مع انعدام الخدمات التام وترتفع معاناته نتيجة البطالة والفساد الإداري في إيجاد لقمة العيش له ولعائلته بعد أن فقدت الكثير من العائلات سكنها وأصبحت بلا مأوى لا تجد حتى مساكن الصفيح تستتر بها مقابل تمسك من نصبه المحتل بكرسيه يناور في اصطفافه مع هذه الكتلة أو تلك حسب ما تقتضيه مصلحته ليرفع من رصيد الضحايا التي تطالها اختلافات الأخوة العملاء كما لاحظنا بالأمس حيث لجأ نوري المالكي إلى الكشف عن أنيابه السامة بعد أن أدرك سقوطه من خلال تحريك عصاباته إلى تنفيذ أكثر من أربعين عملية تفجير في عشرة محافظات خلال يوم واحد ( طبعا دائما هناك من هو جاهز ليلبس التهمة قسرا من الأبرياء تحت تهمة الإرهاب ) ليثبت قدرته على لي ذراع خصومه ويجبرهم على الخضوع لإرادته أو الأصح عدم المساس بكرسيه كأول راعي لمصالح إيران وأمريكا مع ملاحظة التوقيت حيث يتزامن مع زيارة الإمام موسى الكاظم (ع) وتوجه جموع غفيرة من الشعب العراقي إلى مدينة الكاظمية لأداء مراسيمها .
عندما وصلت عملية خلط الأوراق إلى مفترق طرق وكسر عظم لا رجعة فيها وأصبحت الديمقراطية الأمريكية قاب قوسين من الإطاحة بنوري المالكي المطلوب قضائيا إلى الشعب العراقي على خلفية مجموعة كبيرة من جرائمه الرسمية وغير الرسمية والموثقة ( منها القتل الجماعي والاعتقالات بالجملة ) وأصبح الانقلاب الديمقراطي حسب دستورهم الذي وضعوه لهم أمر لا مفر منه ظهرت إلى سطح الأحداث القوتين المؤثرتين حقيقة في مسرح أحداث العراق , إيران والولايات المتحدة الأمريكية فهرعوا إلى نجدته وحركوا مقتدى الصدر الذي كان قد اصطف مع شلته ضمن معسكر أعداء المالكي لكي يكون أداة التمييع لأي قرار يتخذونه ضده كما بينا في أكثر من مقال سابق ليسحب البساط من تحت أرجل الجميع واختفت ملفات جرائمه التي كانوا يلوحون بها وبين ليلة وضحاها وبعد عودته من إيران أعلن مقتدى الصدر انه سيلعب دور المصلح وانه لن ينحاز إلى احد الطرفين المتخاصمين حسب سيناريو الاتصال الهاتفي مع المالكي وما سيليه من زيارات بعد أن قبض ثمن هذا الدور وكأنما المواطن العراقي لا يعرف شيئا من حقيقة ما يجري من مساومات وان دمائه ترخص لأنها ورث العملاء وحق مشاع ولا تعني أحدا بشيء .
ليست أول مرة يختلفوا فيها ولن تكون الأخيرة وما دام الاحتلال وعملائه يتحكمون بخيوط اللعبة فلن ينتهي مسلسل خلط الأوراق والأزمات المصطنعة لأنها أسلوبهم المثالي الذي يعجل من انجاز مشروعهم في العراق الذي قدر له أن يكون مختبرا وحقل تجارب لتطبيق ما يناسبهم في باقي أقطار الأمة العربية ولن يفشل هذا المشروع إلا إذا تضافرت كل الجهود الوطنية والعربية مع فصائل المقاومة العراقية في إسقاط كل عملاء الاحتلال ومن يرقص معهم على طبله قبل فوات الأوان يوم لا ينفع الندم .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: