عراق المطيري - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5338
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثيرة هي الأسباب التي تجعل الرهان اليوم مستحيل على بقاء نظام بشار الأسد قائما على الحكم في سوريا لفترة طويلة فنهايته أصبحت أمرا محسوما في المنظور القريب حسب كل المقاييس وهو يحتضر لأنه فقد الحماية التي يمكن أن تؤمنها له الحاضنة الجماهيرية الطبيعية لأي نظام حكم وطني بعد أن عبث فيها وتجاوز حرماتها وذلك بسبب نظرته الضيقة القصيرة المدى التي اختار أن يعتمدها سياسة عامة له فقادته إلى مواقفه المعلنة منها وغير المعلنة , وابتعد عن التزاماته تجاه قضايا الشعب السوري المصيرية وأساء التعاطي مع قضايا امتنا العربية والقضايا الإقليمية وتمسك بموقف جعل منه كالذيل الذليل يتبع الطائفية الصفوية الإيرانية التي ستتبعه في السقوط حين يأتي دورها بعد أن تنجز واجباتها التي لا تخدم غير مشروع الاحتلال الغربي في المنطقة واستمد مواقفه منها وراهن عليها فعلق عليها الكثير من الآمال والأحلام العريضة بالانتصار على الإرادة الشعبية السورية التي تتضامن مع الإرادة العربية الطامحة إلى التحرر والتوحد وقمعها بالقوة خصوصا بعد أن صدرت من إيران أوامر الولي الفقيه علي خامنئي ببذل الدعم المالي والمليشياوي له بسخاء فوقف إلى جانبه عميله بالأمس نوري المالكي كجزء من الوفاء بالدين القديم حين كان يتسكع في حي السيدة زينب بائعا للمحابس والمسابح ويتجسس على زملاءه خونة الشعب العراقي الذين كانوا يسمون نفسهم حينها بالمعارضة ( فتمرد أولا عليه وطالب بإحالة رموز النظام إلى المحكمة الدولية اثر اتهامه بتفجيرات الأربعاء الأسود في بغداد عام 2009 وما تلاها ) ثم عاد إلى الحظيرة الصفوية صاغرا , إضافة إلى ما وصله من الخزين الإستراتيجي من الأسلحة الإيرانية الصنع التي يمتلكها حسن نصر الله في لبنان متناسيا أو متجاهلا أن كثير من المؤثرات تلعب دورا مهما في تحريك الشارع العربي وتكوين المواقف سلبا أو إيجابا .
في منطقتنا العربية تحديدا حيث يراد لنا أن نكون في مستويات متدنية على كل الصعد الحضارية والثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها تتبلور المواقف إزاء الحكومات أو من قضايانا المصيرية وتعلن إلى الملأ كأنها مطالب للجماهير يتوجب تحقيقه على حين غرة بطرق شتى لا يعلمها إلا الراسخون في العمالة والتآمر ومن بينهم النظام السوري نفسه ولكن أخطرها وأكثرها تأثيرا ما يدور في الخفاء وخلف الكواليس المظلمة , فما يظهر من تلك المؤثرات إذا كان معروف الأسباب والأهداف وجهات الدعم وقياداته تقف في الخط الأمامي ومعروف تاريخها لا يشكل خطرا حقيقيا على الجماهير لأنه في الغالب الأعم خط وطني وقومي وهو يمثل المصلحة الحقيقية للشعب , منه واليه , وليس لديه ما يخفيه عن قاعدته الشعبية بل يستعين هو بها ويسترشد بتوجيهاتها وبما يلبي لها طموحاتها على العكس ممن يعمل في الخفاء ولا يظهر إلا من خلال شخوص يتعاونون معه ويمثلون له إرادته ولو كان طموحه مشروعا لظهر للعيان بوجهه الحقيقي وهو في الغالب يعرف موقف عامة الناس منه ممهورا بالرفض القاطع لذلك يتجه إلى الظل ليعمل ويقود من خلف الكواليس بأدوات لا تكاد تلحظ وجودها في إي مكان بل تدركها من خلال فعلها القذر وهذا النمط من محركات الشارع مدعوم ماديا دائما يمثل مصلحة الأجنبي ويعمل بطريقة التآمر ولأنه يمتلك أسباب قوته ويراهن على المطاولة لأنه يحمل بين طياته أهم أسبابها حيث تعيش قياداته بعيدا خارج الحدود في مأمن عن خطر المواجهة مع خصومه فلديه من ينفذ بالنيابة عنه ووفق أسلوب العمل هذا فان نظام بشار الأسد الذي اعتاد الانقياد للغير قد استعان لتجاوز محنته واهما خصوصا بعد نشر القوات الأممية بعناصر كثيرة من أتباع النهج الفارسي ألصفوي الطائفي في العراق ولبنان لإثارة الفتن ومنها التفجيرات الأخيرة حسب ما توفر لدينا من معلومات استخبارية دقيقة وقد دخل سوريا في الأشهر الأخيرة الماضية أعداد كبيرة منهم وفعلا بدؤوا بتنفيذ الأوامر المكلفين بها واشتركوا في العمليات القتالية وقد وصلت إلى داخل العراق أعداد من قتلاهم .
المقارنة هنا إن نظام حكم آل الأسد أراد أن يكون له دور اكبر من استحقاقه في السيناريو المطروح للمنطقة العربية فجعل من نفسه ضحية صراع المتحالفين بين مصالح الغرب الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ومصالح إيران وتخلى كليا عن المصلحة الوطنية والقومية فراهن على الدعم الفارسي له ولم يتعظ من الدروس التي سبقت مع غيره من الحكام العرب , وفهم اللعبة متأخرا منذ انسحابه من لبنان لكن العزة بالإثم لازالت تحول بينه وبين الاعتراف بخطأ الموقف والانسحاب من مسرح الأحداث .
إن ما يحدث الآن في سوريا هو حركة شعبية واسعة امتدت لتشمل جميع الأراضي السورية ونحن نقف قطعا مع قرار شعبنا هناك بكل الإمكانيات شريطة أن لا تكون نتيجة التضحيات أن يصادر ذلك القرار فتكون النتيجة تبديل عميل لإيران بعملاء لأمريكا والغرب وتتحول السلطة إلى حلبة للسباق على الكراسي والمناصب والى تناحر وثارات في داخل البيت الواحد فنظام حكم بشار الأسد يدفع بهذا الاتجاه من خلال زج الجيش في المواجهة وسيدفع ضريبة غباءه التي لابد منها رغم انه وضع كل إمكانيات سوريا في خدمة الغرب تلبية لرغبات طهران كدوره الخبيث في دخول قوات الغزو الأمريكي وأخبث منه ما قام به بعد الغزو لتعطيل جهاد المقاومة العراقية الباسلة وبث فيها ما يعيق وحدتها ويشتت نضالها في نفس الوقت الذي قدم فيه ما لا يستطيع إي نظام حكم وطني أن يقدمه فحيد أو موت الجبهة الشمالية لفلسطين الحبيبة وامن حدود الكيان الصهيوني مع سوريا لما يقارب النصف قرن ولا زال وباتت الجولان جزء لا يتجزأ من الدولة العبرية .
لا ينفع النظام السوري الآن إجراء بعض الإصلاحات في المظهر ورفع شعرات ليس له القدرة الكافية على انجاز مضمونها لأنه غير مقتنع بها فقد فات الأوان وسالت الدماء وارتفعت أعداد الضحايا الأبرياء من مختلف الأطياف الشعبية ولم تعد السجون وسيلة الترهيب الرادعة واستخدم الجيش لغير مهماته فابتعد عن الحدود ونزل إلى داخل المدن السورية فأصبح النظام يعيش في عزلة محلية وعربية خانقة جعلته يبحث عن مخرج ومتنفس بأي ثمن وبأي اتجاه وبكل طريقة تطالها يده بما فيها اللجوء إلى أسلوب العنف وتفجير الآمنين وتصدير نفس أسلوب العنف الطائفي إلى خارج حدوده لشد الانتباه عنه أولا ولتخويف مناوئيه ثانيا ورسم صورة لمستقبل متشائم سيقوم في سوريا نفسها وفي دول المنطقة بعد إسقاطه ليمنح نفسه دورا في عملية توازن القوى القائم الآن لعله يجد مخرجا مناسب في قابل الأيام وهذا طبعا أمر مستحيل .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: