البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ثورة عام 1920 الكبرى مستمرة لأكثر من قرن ( جـ 2)

كاتب المقال عراق المطيري - العراق    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5153


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا تقاس نتائج الثورات بحجم الخسائر المادية وحتى البشرية على أهميتها بل بنسبة اقترابها من تحقيق أهدافها وتأثيرها في العدو فقد ينتصر الإنسان المجاهد باستشهاده ويتحول إلى أسطورة رمزية تنير الدروب لما بعده من أجيال تواصل مسيرته وتهتدي بخطواته ولذلك أمثلة كثيرة في حياة امتنا العربية والإسلامية المجيدة , في تراثها التاريخي الحافل بالمفاخر والبطولات وفي حاضرها وما يسطر فيه من حروف منيرة لحجم التحديات الهائل التي واجهتها دون غيرها من الأمم وثورة العراق الكبرى عام 1920 واحدة من تلك المآثر والبطولات الخالدة في ضمير الأمة فهي إذ أوقعت أفدح الخسائر بالقوات الانكليزية الغازية مقابل محدودية تضحيات ثوارها البواسل على زهدهم واسترخاصهم لأرواحهم فقد حققت النتائج المرجوة منها وأجبرت المحتل المعتدي على الرضوخ صاغرا إلى إرادة ثوارها بعد أن كان يتبختر بغرور بنصره على قوات الدولة العثمانية المنهارة , فالانكليز لم يكونوا ليدركوا إن الشعب العراقي وان قاوم غزوهم لأراضيه تعاطفا على أساس ديني مع ما أشاعته حينها القوات العثمانية أو بقدر ما يحفظ شؤونه الخاصة إلا انه لم يكن متحمسا بما يكفي للقتال فكلا الطرفين المتنازعين على أرضه كانا بالنسبة للعراقيين دولة احتلال ليس أكثر وغير معني بنتائج قتالهما ( رغم المعارك المهمة الطاحنة التي دارت رحاها على امتداد خط سير القوات البريطانية مع نهر دجلة من منطقة الشعيبة في البصرة جنوبا حتى انكسار الانكليز في مدينة الكوت جنوب بغداد شمالا ) والجهاد الحقيقي يتطلب طردهما معا وهذا ما حصل بالفعل حين قامت الثورة ولم تنطلي حيلة الانكليز وأكذوبتهم التي أطلقها جنرالهم مود عند احتلاله لبغداد بأنهم جاؤوا محررين لا فاتحين .

رجال الدين لم يكونوا بمعزل عن الشعب بل كانوا قبل وأثناء وبعد الثورة هم القادة الحقيقيين للجموع الشعبية الثائرة على أساس من يقينهم والتزامهم بواجبهم الشرعي وحرصهم الشديد على عدم إراقة الدماء والوصول إلى تحقيق أهداف الثورة واستقلال القطر بأقل الخسائر مع ملاحظة وعيهم العام واستيعابهم لإمكانية الثوار في إدامة زخم المعارك والحفاظ على خط بياني متصاعد لا يسمح بالرجوع إلى نقطة الصفر وهذا ما أدركته إدارة الاحتلال البريطاني ومن خلاله كتب الحاكم الملكي العام ببغداد أي . تي . ولسن في 20 آب 1920 إلى شيخ الشريعة في النجف كمرجع ديني مؤثر يطلب معونته لما يريد به عقد الهدنة أو التصالح مع الثوار كأحد وسائل الخداع والمراوغة وكسب الوقت رغم أن مصلحة بلاده الغازية دفعته إلى التلويح بالقوة فقد قال في جانب منه (( فكما هو معلوم إن الحكومة الانكليزية المعظمة قد اعتمدت دائما على أركان الثلاثة وهي الرحمة , والعدل والتسامح الديني ومن قبل أن تقع الحرب العظمى كان للدولة الانكليزية التي شعارها المسالمة جيش صغير للدفاع عن نفسها .
وفي جانب آخر يقول في وصف الثوار

لما رأى بعض المفسدين والمغرضين التنقيص في جيشها قاموا يشوشون الأذهان ويخدشون الأفكار وملخص الكلام هو أن ظهرت هذه الحالة التي توجب الأسف , هي إن العشائر العراقية في حالة الحرب قوية ولكن عددها قليل وليس لها من الدراهم إلا القليل ولا توجد وسائل لاختراع الآلات الحربية كالمدافع والبنادق والرصاص ولا يمكنها أن تحصل على المعاونة من الخارج وإذا لم ترجع إلى زراعتها فإنها ستتلف وتموت جوعا )) .

في كتابه هذا اعتبر ولسن رجال الثورة مفسدين والمثقفين مشوشين ويخدشون الأفكار لكنه قدم اعترافا مجانيا يؤكد فيه اعتماد الثوار على إمكانياتهم الذاتية واستحالة تقبلهم الدعم الخارجي بأي شكل كان كما أكد انتصارهم على قواته الغازية وبإمكانياتهم البسيطة التي لا تتجاوز أدوات الحماية الشخصية التي كانت سائدة في ذلك الوقت كما يحاول ولسن إظهار الحكومة الانكليزية كأنها الحمل الوديع الذي يدافع عن نفسه بالعدل والرحمة واحترام الأديان ولم يفسر وجود قواتها في العراق إلا بناءا على رغبة شعبه , وتم توزيع الآلاف النسخ من هذا الكتاب من خلال الطائرات ونشر في جريدة العراق التي تصدرها إدارة الاحتلال في عددها (77) بتاريخ 31 آب 1920 لإظهار رغبة الحكومة البريطانية في السلام وتعنت رجال الدين ومن خلفهم شيوخ العشائر بمظهر المعتدي الرافض للسلم .

قبل أن يجيبه شيخ الشريعة على كتابه هذا اصدر زعماء الثورة ومثقفيها بياننا أعلنوا فيه عن تأسيس " المجلس الحربي الأعلى " لقيادة عملياتهم القتالية التي ستستمر بقوة اشد ولا تفاوض مع الغازي المحتل قبل جلاء آخر جندي انكليزي من العراق " وإذا أعوزتهم الأسلحة الحديثة فسيستعينون بالسلاح الأسود – أي المكوار – لمقاتلة الغاصبين "

لقد استعارت الولايات المتحدة الأمريكية نفس الأسلوب من أمها المسخ بريطانيا حين غزت العراق فقد أعلن كبير أغبيائهم بوش الابن انه جاء بجيوشه الهمجية ليحرروا العراق وأهله من حكمهم الوطني وإنهم جاؤوا ليقيموا الديمقراطية بعد أن اعترفوا بفشل كذبتهم الأولى عن امتلاك القطر لأسلحة الدمار الشامل وأعادوا الكرة فواجهوا أشبالا اشد بأسا من آبائهم اسود ثورة العشرين متكاتفين كالبنيان المرصوص استرخصوا المال والولد والنفس صادقين ما عاهدوا الله عليه ليبقى عراق الكبرياء شامخا كجباله عالي الرأس كنخيله بإذن الله الواحد الأحد .
( يتبع جـ 3 )


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الإحتلال، المقاومة، ثورة 1920، حزب البعث،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-07-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  سلاح الشارع العراقي
  الخيار الجماهيري
  من ينجو من التفجير تقتله الشرطة
  خطورة الدور الإيراني على المشرق العربي
  حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له
  تذويب الهوية القومية في الخليج العربي
  التحدي الفكري في ثورة 17 تموز 1968 المجيدة
  ثورة عام 1920 الكبرى مستمرة لأكثر من قرن ( جـ 3)
  ثورة عام 1920 الكبرى مستمرة لأكثر من قرن ( جـ 2)
  ثورة عام 1920 الكبرى مستمرة لأكثر من قرن ( جـ 1)
  تَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
  إلى السيد نبيل العربي: أسرى مؤتمر القمة العربية لدى حكومة الاحتلال في العراق
  التوجه الغربي بين الدين والسياسة
  انقلاب على طريقة الديمقراطية اختلفوا فخسر الشعب العراقي وكأنك يا أبو زيد ما غزيت
  إلى الأخت المجاهدة نازك حسين في اربعينيتها
  إيران وأمريكا والقرار الأخير
  شيء مما يدور في المشهد العراقي الحالي
  إسلام بالهوية الغربية لماذا يتبنى الغرب دعم الحركات الإسلامية ؟
  ديمقراطية الاحتلال كما عشتها
  المحطة الأخيرة في القطار السوري
  الفكر القومي العربي والانتماء الديني
  عندما يكون السياسي مجرما وفاشلا وخائنا وبلا أخلاق
  ما لا تعلن عنه أمريكا ويخفيه الغرب
  سياسة الأزمات بعد الفوضى المنظمة
  حفاظا على هويتنا القومية
  ثورات على طريقة الفوضى الخلاقة
  المقاومة والثورية والعمالة
  خيار المشاركة أم ترقب النتائج
  إحتضار ما قبل السقوط المدوي
  ليس حبا بالعراق بل هي فتنة جديدة تخدم آل الصباح

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمار غيلوفي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، وائل بنجدو، صفاء العربي، د - محمد بنيعيش، منجي باكير، يزيد بن الحسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسن عثمان، رافع القارصي، أحمد النعيمي، سلوى المغربي، المولدي اليوسفي، فتحي العابد، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، علي الكاش، رمضان حينوني، عبد العزيز كحيل، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، محمود طرشوبي، يحيي البوليني، رافد العزاوي، نادية سعد، صالح النعامي ، ماهر عدنان قنديل، د- محمود علي عريقات، إيمى الأشقر، ضحى عبد الرحمن، سلام الشماع، طارق خفاجي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد بشير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صلاح الحريري، كريم السليتي، عبد الغني مزوز، سامح لطف الله، د.محمد فتحي عبد العال، د- هاني ابوالفتوح، محمد أحمد عزوز، محمد الطرابلسي، الهادي المثلوثي، أ.د. مصطفى رجب، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، عمر غازي، فتحي الزغل، أحمد الحباسي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، د - صالح المازقي، عبد الله زيدان، مصطفى منيغ، الناصر الرقيق، د - مصطفى فهمي، صباح الموسوي ، محمد يحي، د. صلاح عودة الله ، عبد الله الفقير، محمد شمام ، حاتم الصولي، إسراء أبو رمان، بيلسان قيصر، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مراد قميزة، خبَّاب بن مروان الحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، أبو سمية، حسن الطرابلسي، فوزي مسعود ، محمد الياسين، خالد الجاف ، حميدة الطيلوش، جاسم الرصيف، محمد العيادي، محمود سلطان، عواطف منصور، أنس الشابي، محمود فاروق سيد شعبان، الهيثم زعفان، علي عبد العال، إياد محمود حسين ، د- جابر قميحة، محمد علي العقربي، أحمد بوادي، د - المنجي الكعبي، د - عادل رضا، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، سيد السباعي، محرر "بوابتي"، العادل السمعلي، رضا الدبّابي، فهمي شراب، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عبد الآله المالكي، عبد الرزاق قيراط ، مجدى داود، كريم فارق، مصطفي زهران، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح المختار، رشيد السيد أحمد، عراق المطيري، سفيان عبد الكافي، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، ياسين أحمد، تونسي، د. أحمد محمد سليمان، سليمان أحمد أبو ستة،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة