علي عبدالعال - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 12616
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تحولت مخاوفي من رؤية "التوريث" نظاماً معمولاً به في بلادي إلى كابوس، يطاردني كلما أغمضت عيني. فأنا ـ ككثيرين غيري من أبناء هذا الوطن ـ بت مهموماً بمستقبله وأمنه واستقراره، خاصة بعدما أنطوت علينا الإشاعات المغرضة التي روج لها صحفيون مغرضون حول صحة الرئيس، لم نصدقها بالطبع، لكنها كانت من الخبث لدرجة أثرت فينا حتى صرنا ـ لا شعورياً ـ ننظر إلى كل الأوضاع الحالية باعتبار ما ستكون عليه مستقبلاً، لأن ما هو موجود الآن صار مؤقتاً في مخيلتنا، ولن يعمر طويلاً.
لم أتمن يوماً أن أرى نائباً للرئيس في بلادي، لخشيتي من استمرار هذه السياسات القائمة، فكنت أهدأ من روعي وأدعو الله ألا يستجيب السيد الرئيس لهذه الدعوات الخبيثة التي تحثه على اختيار نائباً له.. يكفي الرئيس مبارك أنه تحمل عبأ حكمكم طيلة هذه السنيين، ونحن معشر المصريين لا نحفظ جميلاً لأحد، فهل تراه يحمل وزركم بعد رحيله، لا أظنه يفعل.
ولما شرع المغرضون يهاجمون السيد جمال مبارك ـ ظلماً وعدوناً ـ زاعمين أنه يخطط لاحتلال المنصب بعد والده، كانت ضربات قلبي تزداد، خشية من أن يعاند الرجل معهم فيفكر في الأمر ويتدارسه، وما طمأنني إلا نفيه ذلك مراراً وتكراراً، فكنت أراني أميل إلى تصديق نجل رئيس الجمهورية، وتكذيب إدعاءات المدعين عليه.
فها هم رؤساء دول العالم يرحلون ويرحل معهم أبناؤهم، دون أن يكون لهم في الحكم نصيب، وهي سجية لها في تاريخنا الإسلامي شواهد، إذ لم نسمع أن أبا بكر أو عمر أو عثمان أو علي ـ رضي الله عن الجميع ـ ورث أحداً من أبنائه، بل لما حضرت الوفاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وطلبوا منه أن يستخلف، قال: "ما أجد أحداً أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن بن عوف (متحرجاً أن يجعلها لواحد يعينه)، وقال يشهد عبد الله بن عمر (أي يحضر الشورى) وليس له من الأمر شيء"، فلم يستبعد أحداً من الحكم إلا ولده.. ومن تمام ورعه أيضاً أنه لم يذكر في الشورى سعيد بن زيد بن عمرو لأنه ابن عمه، وقال: "لست مدخله فيهم" مع أنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، لكن خشي أن يولى لكونه ابن عمه، ثم قال عمر قولته الشهيرة: "لا أتحمل أمرهم حياً وميتاً".
مصر أكبر من ضيعة تورث، خاصة وأن جمال مازال شاباً حسب وصف كهنة النظام، وكلمة شاب تعني "عيل" في لهجتنا المحلية، وأنا أضن بأرض الكنانة أن يحكمها عيل، وهذا ليس تحقيراً من ابن بلدي جمال وإنما تعظيماً ـ لا أظنه يخالفني فيه ـ لهيبة مصر وتاريخها وحضارتها وسمعتها بين الأمم.. مصر أغلى من أن نقبل على عرضها مثل هذه العلاقة الآثمة، مهما حاول المخربون التسويق لشرعيتها.
لكن لا أخفيكم حقيقة، فرغم التطمينات والمسكنات وكل هذه الرسائل والحقائق التي لا يمكن أن يغفلها عاقل، مازال الخوف يراودني من هذا "الكابوس" الذي لم يفارق موضعه من نفسي، فالشياطين كثر في بلادنا، وهم ولعون ببث السموم التي تهيأ لهم الاستمرارية ولا يستطيعون العيش إلا معها، وما أخشاه أن يخرجوا علينا في اللحظة الحرجة بفكرة نارية من أفكارهم فتفسد آمالاً ظلت معلقة طويلاً بغية الإصلاح.
وإذ يتمثل لي "التوريث" كابوساً، يراودني حلم "التغيير"، التغيير الذي نشعر معه حقيقة أننا أحراراً، أحراراً فيما نختار، أحراراً فيما نعتقد، أحراراً فيما نقول، أحراراً فيما نكتب، ويكفينا ما ضاع من عمر هذه البلاد وهي خاضعة لإرادة قرينا السوء (الاستبداد والفساد).. المقصود أنني كتبت هذه الرسالة فقط حتى أنهيها بالتأكيد على رفضي مبدأ "توريث" الحكم في مصر، ولتكون تصويتا أمام الجميع أبرأ به ذمتي من هذه الجريمة، وحتى لا يقال يوماً أنني كنت من بين كذا % مؤيدون لهذه اللعنة التي لن تترك المصريين حتى تدخل معهم القبور.
-------------------------------
علي عبدالعال
صحفي مصري
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
26-03-2009 / 18:59:32 فينيق
القضيّة اكبر من ذلك
الاخ ابو سميّة السلام عليكم
في الواقع انا مسرور لأن هذا الموضوع خارج المناكفات ... و يسعدني ردّك
انا هنا اتحدث عن " دور الشباب " و ليس عن طبيعة الحكم ... مقال الأخ عبد العال فيه مواربة .. في سبب رفض " جمال " و هذا ما قصدته أنا .و زدت انت في شرحه.. و اظنّه واضح .. لي ، و لك ، و للسيّد عبدالعال
اما بالنسبة لموضوع الحكم ، و الحكّام ..فهذا موضوع لا تكفيه هذه الفسحة من بوابتي.
يسعدني ردّك
26-03-2009 / 07:18:50 ابو سمية
السلام عليكم
تدخلا في موضوع التوريث اعلق على الاخ فينيق بالقول ان من رايي ان الموضوع لا يجب ان ينظر فيه لمسالة العمر من عدمه كما طلبت، ولكنه ايضا لا يجب ان ينظر فيه لمسالة توفر الحاكم على الثروة من عدمها لذاتها، فلا مانع من ان يكون المتقدم للحكم غنيا
المشكلة يجب ان ينظر اليها في ابعاد ومستويات اخرى عديدة:
- يجب ان يكون وجود الحاكم اصلا نابع من اختيارات المواطنين الحرة، وليس مسلطا عليهم من خلال قوى داخلية (مراكز قوى ولوبيات اقتصادية او عشائرية او عسكرية او غيرها)، كما يجب ان يكون الحاكم منزها عن اي دعم خارجي مهما كان
- كما يجب ان يكون برنامجه نابعا من ثوابت الامة وهي الاسلام، وبالمقابل يجب ان يكون محاربا لما يحارب تلك الثوابتـ على حسب الاستطاعة
ولكن وحتى في ادنى حالات الضعف، لا يجب ان يصدر منه مايمثل دعما للكفار ومن يواليهم لنشر خططهم ضد المسليمن، في اي دولة كانوا وتحت اي مسمى
26-03-2009 / 02:26:02 فينيق
ليست لعنة .. بل لوثة
الأخ عبد العال .. السلام عليكم
مقالك لم يشفي الغليل .. على عادتك في كتابة المقالات
١ - انت تحدثت عن جانب مشرق واحد في عدم " التوريث " .. و هو مثال " سيدنا عمر - رض - " و هذا " واحد فقط " في تاريخ هذه الأمّة .. و الباقي جميعه غير ذلك
٢ - نرجوا من سيادتك .. أن تطرح هذا الموضوع من الجانب السيء .. و ان تظهر خطر التوريث .. ليس لأنّ " جمال مبارك " شاب " ، كما انّ ليس " لأنّ مصر عظيمة " .. و شاب هي ليست لمن دخل في الأربعين .. و لكن هل تعتقد بانّ الحاكم العربي لمصر أو غيرها .. يجب أن يكون .. منهكا من وزر السنين .. فهل تخاف على حكم مصر " لأنّ جمال " شاب ؟؟ ام لأنّه زعيم " مافيا بزنس " فعلت بمصر ما فعلت .. و عودة الى العهد الجميل .. الم يكن معظم قوّاد الجيش الفاتحة لمشرق ، و مغرب الأرض .. من الشباب؟؟؟ كم عمر اسامة بن زيد؟؟؟
كم عمر صلاح الدين عندما فتح القدس " .. كلمة " عيل " لا تقنعني يا أخ عبد العال
26-03-2009 / 18:59:32 فينيق