البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التفكيك الاجتماعي: آلية للسيطرة والهيمنة في العصر الحديث

كاتب المقال محمد علي العقربي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 679


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في ظل الثورة الرقمية الهائلة الهائلة التي يشهدها العالم اليوم، تتعرض المجتمعات لتغيرات جذرية وعميقة. هذه التغيرات لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية والسياسية فحسب، بل تمتد إلى البنية الاجتماعية والنفسية للفرد. وبينما يمكن النظر إلى بعض هذه التغيرات باعتبارها محركات للتقدم والحداثة، هناك جانب مظلم ينبثق من عمليات التفكيك الاجتماعي التي تُحدث خللاً في توازن القوى داخل المجتمعات، مما يؤدي إلى هيمنة بعض الأطراف على غيرها. في هذا السياق، يحاول هذا المقال تقديم قراءة فلسفية لتفكيك المجتمعات ودوره في تكوين منظومة الهيمنة والسيطرة.

التفكيك الاجتماعي: المفهوم والأسباب

التفكيك الاجتماعي هو عملية تحلل أو انحلال للبنية الاجتماعية التي تُبنى عليها العلاقات والروابط بين أفراد المجتمع. يحدث هذا التفكيك عندما تُهمل أو تُدمر القيم التقليدية والعادات والتقاليد التي كانت تشكل أساساً للتفاعل الاجتماعي. قد تكون هذه العملية نتيجة لتدخلات خارجية، مثل الاستعمار أو العولمة، أو نتيجة للتغيرات الداخلية، مثل النزاعات السياسية أو الاقتصادية أو حتى التغيرات الثقافية السريعة.

أحد الأسباب الرئيسية للتفكيك الاجتماعي هو التباين الاقتصادي الشديد. عندما تتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، يبدأ الهيكل الاجتماعي في التصدع. الفقراء يصبحون أكثر عزلة عن الأنظمة التقليدية للمجتمع، في حين يصبح الأغنياء أكثر سيطرة على الموارد والقرارات السياسية، مما يؤدي إلى تعزيز قوتهم وهيمنتهم.

أثر التفكيك على هيمنة الأطراف القوية

يؤدي التفكيك الاجتماعي إلى ظهور فراغ في السلطة والسيطرة. في هذا الفراغ، تتحرك الأطراف القوية، سواء كانت حكومات، شركات متعددة الجنسيات، أو حتى مجموعات اجتماعية ذات نفوذ، لملء هذا الفراغ. يتيح لهم هذا الوضع الاستحواذ على موارد المجتمع وفرض أجنداتهم الخاصة.

في هذا السياق، يمكننا أن نرى أن الهيمنة لا تُمارس دائماً بشكل مباشر أو عنيف. بل، هي تتشكل تدريجياً من خلال أنماط غير مرئية من السيطرة، مثل الإعلام والتعليم والتكنولوجيا، التي تُستخدم لإعادة تشكيل الوعي الجماعي للأفراد. تُستخدم هذه الأدوات لزرع الأفكار والمعتقدات التي تخدم مصالح الفئات المهيمنة، مما يؤدي إلى تعزيز مواقعهم وترسيخ سلطتهم.

النزاعات وتفاقم الهيمنة

عندما يتفكك المجتمع، تصبح النزاعات بين الأطراف المختلفة أكثر شدة. يؤدي هذا التفكك إلى خلق حالة من عدم الثقة والخوف، حيث يسعى كل طرف لحماية مصالحه الخاصة، مما يفاقم الوضع الاجتماعي ويعزز الهيمنة. الأطراف الأقوى، التي غالباً ما تكون مدعومة بموارد اقتصادية وسياسية هائلة، تكون في وضع أفضل لاستغلال هذه النزاعات لصالحها، مما يتيح لها توسيع نطاق هيمنتها.

الحلول الممكنة والمخرج من دائرة التفكيك والهيمنة

يمكن أن يتمثل الحل في إعادة بناء الروابط الاجتماعية وإحياء القيم المشتركة التي توحد المجتمع. يجب أن يكون هناك تركيز على تعزيز التعليم الذي يُنمي التفكير النقدي ويُشجع على الحوار والتفاهم بين مختلف الفئات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على السياسات الاقتصادية أن تكون أكثر شمولية، بحيث تسعى لتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتشجيع العدالة الاجتماعية.

الخاتمة

التفكيك الاجتماعي هو عملية معقدة ومتعددة الأبعاد تؤدي إلى تغيرات عميقة في بنية المجتمع. يمكن أن يخلق هذا التفكيك فرصاً للأطراف القوية لتعزيز هيمنتها والسيطرة على الموارد والقرارات، مما يترك المجتمع في حالة من الانقسام والتوتر. ولكن من خلال تعزيز الروابط الاجتماعية والعدالة الاقتصادية، يمكننا أن نعمل على تقليل تأثير التفكيك والهيمنة، وبالتالي بناء مجتمع أكثر توازناً وعدالة. الفلسفة هنا ليست فقط أداة لتحليل الظواهر، بل هي دعوة للعمل من أجل مستقبل أفضل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

التفكيك الإجتماعي، التبعية، التفكيك، المجتمع،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-08-2024  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الهادي المثلوثي، سعود السبعاني، د. أحمد بشير، كريم فارق، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، د. ضرغام عبد الله الدباغ، خبَّاب بن مروان الحمد، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، عبد الله زيدان، كريم السليتي، وائل بنجدو، تونسي، علي الكاش، د. طارق عبد الحليم، عراق المطيري، رضا الدبّابي، فتحي الزغل، أحمد ملحم، د- جابر قميحة، د. صلاح عودة الله ، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، محمد علي العقربي، د - محمد بن موسى الشريف ، الهيثم زعفان، سفيان عبد الكافي، سيد السباعي، رمضان حينوني، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، حسني إبراهيم عبد العظيم، المولدي اليوسفي، محمد عمر غرس الله، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - شاكر الحوكي ، أحمد بوادي، رافع القارصي، طلال قسومي، حسن عثمان، جاسم الرصيف، د. عبد الآله المالكي، أنس الشابي، سلوى المغربي، عبد الرزاق قيراط ، مصطفي زهران، عزيز العرباوي، حميدة الطيلوش، د - عادل رضا، محمد الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، إياد محمود حسين ، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، رشيد السيد أحمد، صلاح المختار، د - الضاوي خوالدية، علي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، ضحى عبد الرحمن، أحمد الحباسي، د- محمود علي عريقات، حسن الطرابلسي، سليمان أحمد أبو ستة، د - المنجي الكعبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحـي قاره بيبـان، عواطف منصور، عمار غيلوفي، حاتم الصولي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد العزيز كحيل، نادية سعد، محمد أحمد عزوز، محرر "بوابتي"، د.محمد فتحي عبد العال، المولدي الفرجاني، أشرف إبراهيم حجاج، طارق خفاجي، سامح لطف الله، صالح النعامي ، محمود طرشوبي، د - صالح المازقي، الناصر الرقيق، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، خالد الجاف ، فتحي العابد، صفاء العراقي، بيلسان قيصر، محمود سلطان، محمد العيادي، د. خالد الطراولي ، محمد يحي، عبد الله الفقير، مراد قميزة، عمر غازي، مصطفى منيغ، صفاء العربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صباح الموسوي ، أبو سمية، يزيد بن الحسين، أحمد النعيمي، د - محمد بنيعيش، رافد العزاوي، إيمى الأشقر، منجي باكير، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، ياسين أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة