البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حكومة تكنوقراط، وما زلنا في مرحلة التجارب

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3583


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


على سؤال من مدير الندوة، عن حكومة تكنوقراط يعد بها السيد العبادي بأنها ستصلح ذات الحال في العراق.

لنتحدث اليوم بلغة الاقتصاد والعلم بعيداً عن السياسة .... فبعد نيف وثلاثة عشر عاماً وما زلنا والعراق ما زال في مرحلة التجارب، وأغلب الظن أن مشروع حكومة التكنوقراط إن شاهد النور، لكن المشكوك به في ظل المعوقات الحالية التي لا تحصى أن يجد سكة الإقلاع، وسينتهي به الحال كما انتهت الحكومات السابقة التي توالت على الحكم بعد الاحتلال.

على ماذا نؤسس تقديرنا هذا ..؟

حكومة التكنوقراط لها مهمة رئيسية وهي المباشرة بالإقلاع في عملية التنمية، ويعرف كل متخصص في الاقتصاد أن هناك فرعاً من فروع الاقتصاد يسمى اقتصاد التخلف أو اقتصاد التنمية (Development Economics) ودراسة أولية لهذا الفرع، ندرك أن شروط التنمية معقدة وصعبة، وهي سلسلة متكاملة من الحلقات، لابد من توفير شروطها، أو على الأقل الابتدائية منها للبدء بعملية الإقلاع. وعدم توفرها يعني أن النية متوفرة ولكن لا شيئ غير ذلك، وأي اقتصادي يعلم اليوم أن شروط التنمية متعثرة جداً في العراق، بل هناك نقص فاضح في العناصر الرئيسية فيها، وفي مقدمة تلك هي تخصيصات مالية للاستثمار والتنمية، في حين أن الخزينة العراقية تشكو من إفلاس أو شبح إفلاس، والبنى الارتكازية (Infrastruktur) تعاني من الخراب بشكل شبه كامل، إذ ما زال إنتاج الطاقة الكهربائية (وهو شرط جوهري من شروط قيام صناعة)، في أدنى مستوياته وهو علة العلل في العراق، والعراق من البلدان النادرة التي لا تتوفر على خدمات هاتفية وبريدية مقبولة، وشبكة المواصلات بجميع أصعدتها(البرية والبحرية، والنهرية، والجوية) بحاجة ماسة إلى الإعمار، هذا ناهيك عن الشرط الرئيسي المتمثل بزج القوى العاملة إلى ميادين الإنتاج، وهذه القوى هي اليوم معبئة في ميادين القتال(جيش وشرطة، وميليشيات) أقحمت في الصراعات الداخلية المسلحة، وبأعداد لا تبقي شيئاً للعملية الإصلاح والإعمار، ناهيك عن التصدي للعملية التنموية حتى بإدنى درجاتها الأبتدائية.

ثم هناك شرطاً أساسيا آخر يجمع علماء الاقتصاد أن الفساد السياسي والمالي (Corruption) يعتبر المخرب الأول لأي عملية اقتصادية، وفي دول لا تعاني أساساً ما يعانيه العراق، يعطل الفساد عملية التنمية تقريباً (لا سيما في بلدان أميركا اللاتينية وأفريقيا)، وهذه الدول لا يبلغ فيها الفساد قدر ما هو حاصل في العراق الذي يقبع في المرتبة الأخيرة عالميا، العراق في المرتبة الأخيرة لجهة الافتقار إلى الأمن، وأسوء مدينة لجهة الخدمات الصحية والتعليمية، وخدمات البناء الارتكازي، المرتبة الأولى فقط في حجم الفساد وانعدام النزاهة والشفافية، الفساد المالي والسياسي، فكيف والحالة هذه أن يتمكن بلد ما أن ينجو من قاع متخلف، ويزيح مشكلات قد عشعشت وترسخت فيه لدرجة يصعب التصرف حيالها، وقادة حكوميون يصرحون جهاراً نهاراً أن الفساد وسرقة الدولة والمال العام قد بلغ مستواً يستحيل معه التصدي له ....... وقبل أيام فقط باعت الدولة عقارات حكومية بأسعار هي أشبه بهدايا وبقشيش ..... فما لعمل ....؟

بتقديرنا أن خراباً وتدهوراً بهذه الدرجة من الشمولية هو خارج إمكانيات الإصلاح التقليدية، بإجراءات حكومية اعتيادية، فالأمر ببساطة بحاجة إلى برنامج نهوض شامل، وإلى قوة وطنية قانونية / دستورية قادرة على اقتلاع عناصر الفساد في البلاد، الأمر بحاجة إلى منظومة إجراءات، إلى حزمة قوانين، بحاجة إلى عملية سياسية جبهوية واسعة النطاق تضم أوسع فئات وشرائح الشعب العراقي، بحاجة أجهزة عراقية قادرة على تنفيذ قرارات سلطة مركزية قوية ومحترمة، لابد لها أن تتمتع بدرجة كبيرة من المصداقية والنزاهة، لابد من إتحاد القوى السياسية العراقية الوطنية في عملية سياسية واسعة النطاق، تستعيد سيادة العراق، وتستبعد أدوات وقوى الهيمنة الخارجية، حكومة قادرة على معالجة الخلل والوهن من جذوره، ومن خلال تشخيص دقيق ومن ثم إجراء عملية ضمن إجراءات عامة تشمل المجتمع، تستند إلى قوى العراقيين المعبئة خلف برنامج وطني شامل.

وإصلاح له طابع دعائي إعلاني، يبتعد عن التوغل عميقاً في ظواهر وكوامن الأزمة سوف لن يكتب له أي حظ من النجاح، بل سترتد وبالاً فليس ما ينتظر في هذه الحالة سوى المزيد من الغطس في معوقات النهوض، وإمعان في مآسي الشعب العراقي الناجمة عن الاحتلال ولواحقه، وفقدان الأمل في تصحيح الأمور من خلال عملية سياسية تقليدية.

النوايا الحسنة لوحدها لا تفعل شيئاً .....


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• د. ضرغام الدباغ : الأمين العام للمجلس السياسي العام لثوار العراق
• المقال جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات التلفازية بتاريخ 16/ آذار / 2016


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الصراعات المذهبية، الارهاب، حكومة العبادي، حكومة التكنوقراط، التدخل الايراني، التدخل الامريكي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خالد الجاف ، محرر "بوابتي"، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، بيلسان قيصر، رافع القارصي، محمد يحي، طلال قسومي، خبَّاب بن مروان الحمد، عزيز العرباوي، علي الكاش، حميدة الطيلوش، د- محمود علي عريقات، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، فهمي شراب، وائل بنجدو، إياد محمود حسين ، صباح الموسوي ، عراق المطيري، صفاء العربي، د- محمد رحال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، حاتم الصولي، محمد عمر غرس الله، د. أحمد بشير، فتحي العابد، سليمان أحمد أبو ستة، محمود طرشوبي، منجي باكير، صلاح الحريري، أحمد الحباسي، د. عبد الآله المالكي، نادية سعد، حسن الطرابلسي، أحمد بوادي، سعود السبعاني، عبد الرزاق قيراط ، محمد أحمد عزوز، د - الضاوي خوالدية، رشيد السيد أحمد، د - صالح المازقي، تونسي، يحيي البوليني، محمد العيادي، أبو سمية، محمد الطرابلسي، رافد العزاوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. طارق عبد الحليم، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، فوزي مسعود ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود فاروق سيد شعبان، عمار غيلوفي، فتحـي قاره بيبـان، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، الناصر الرقيق، أحمد ملحم، علي عبد العال، د- هاني ابوالفتوح، المولدي اليوسفي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- جابر قميحة، د - عادل رضا، عبد الله الفقير، محمد علي العقربي، محمد شمام ، مصطفي زهران، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد النعيمي، سلوى المغربي، الهيثم زعفان، كريم فارق، الهادي المثلوثي، يزيد بن الحسين، المولدي الفرجاني، عواطف منصور، د - مصطفى فهمي، كريم السليتي، أنس الشابي، طارق خفاجي، عبد العزيز كحيل، ماهر عدنان قنديل، د.محمد فتحي عبد العال، سامر أبو رمان ، د - شاكر الحوكي ، عبد الغني مزوز، صالح النعامي ، صفاء العراقي، ضحى عبد الرحمن، عمر غازي، د. عادل محمد عايش الأسطل، العادل السمعلي، د. صلاح عودة الله ، رضا الدبّابي، رمضان حينوني، جاسم الرصيف، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود سلطان، محمد الياسين، د. خالد الطراولي ، إيمى الأشقر، مصطفى منيغ، سيد السباعي، مراد قميزة، سلام الشماع، أ.د. مصطفى رجب، إسراء أبو رمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامح لطف الله، حسن عثمان، عبد الله زيدان، ياسين أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز