البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ماذا يواجه العراق، وماذا تواجه المنطقة

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3886


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ليس من الصعب ملاحظة ما ترمي إليه خطط وفعاليات تدور في السر والعلن. الخطط التي ترمي إلى إحكام السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وطالما أن العراق يمثل قلبها القوي الحيوي، فسيحضى بالثقل الأقسى والأكثر دموية من المخطط. وبتقديري أن الخطط، حتى بعض تفاصيلها قد درست بعناية في مراكز استخبارية في دول كبرى، وأحدث دليل على ذلك هو حزمة الفعاليات المعادية للأمة العربية والإسلامية وهي تدور في أكثر من قطر، بدرجات متفاوتة من الوضوح والقوة في الإيقاع.

من البديهي أن القوى المعادية (المحلية والاقليمية والدولية) ليست متفقة تماماً في برامجها، ولكنها تتفق في نقطة واحدة، هو ضرورة إبقاء الأقطار العربية في وضع الدفاع، والضعف، وخلق حالات تؤدي إلى فقدان القدرة على القيام بفعاليات أستراتيجية كبيرة، بل سيكون همهما،(الاقطار العربية نظاماُ وجماهير وحركات)، هو الإبقاء على رأسها فوق سطح الماء، وخلق بؤر فوضى(العراق، لبنان، اليمن، البحرين، سوريا)، تسعى القوى المعادية إلى إضعاف ردود الفعل العربية.

وللأسف لابد من الاعتراف أن هذه الخطط لا تواجه مقاومة فعالة، لأسباب ذاتية وموضوعية. والأسباب الموضوعية تتلخص بأن القوى المتآمرة مختلفة جزئياً وكلياً، كما أنها متخوفة من النتائج النهائية لهذه المغامرة الكبيرة، أي قلب الطاولة بفسيفسائها رأساً على عقب، فهناك دائماً حيز مجهول أو عناصر وفقرات كامنة غير ظاهرة، أو خارجة عن السيطرة، وقد يكون الوبال كل الوبال في هذه العناصر بالذات، وفي الفقرات التي لم ينتبه لها المتآمرون. ثم وكسبب موضوعي أيضاً، أن المتآمرون لإخفاقات (ذاتية وموضوعية) باتوا لا يثقون بقواهم على ضخامتها. ألم يخرج الأمريكان من العراق بجحافلهم العسكرية مدحورين على يد الشعب العراقي، وها هم اليوم ينسحبون من أفغانستان أيضاً، ولكنهم يحاولون قدر الإمكان أن لا يبدو الأمر كهزيمة مذلة، ولكنها كذلك، فبعد 13 عاماً، لم يستطع الأمريكان ومعهم حلفاء الناتو وغيرهم بقضهم وقضيضهم من قهر إرادة شعب يفتقر إلى كل شيئ عدا الإرادة، لا يتلقى السلاح ولا حتى أبسط المساعدات في نضاله من أحد، ورغم ذلك هو يحقق الصمود، والأنتصار قادم المدوي حتماً وقريباً، كما الهزيمة المدوية آتية حتماً، وها هم الأمريكان يفقدون السيطرة على مجريات المؤامرة، ولكنهم يقولون لحلفائهم لا تغرنكم حالة التراجع، فهناك بركان خامد، بوسعه أن يحرق السهل كله.

الأسباب الذاتية تكمن، أننا نفتقر إلى استراتيجية مقاومة واضحة، وتعوزنا القدرة والمصداقية في إقامة التحالفات الداخلية والخارجية، وهناك تفاوت في وضع جدول الأولويات، كما أن هناك قصور واضح في نظام التفكير، فما زالت الخلافات الداخلية تهيمن على الموقف السياسي الداخلي، والتنافضات الثانوية تتحول بدون داع حقيقي إلى تناقضات رئيسية، بل إلى تناحرية في معظم الحالات، والقوى الرئيسية لحركة التحرر تعاني من الأنقسام والتشرذم، وفي أفضل الأحيان إلى الافتقاد للثقة فيما بينها.

ومع ذلك فالمخطط المعادي يواجه الاخفاقات والفشل قريباً، وسوف لن ينجح، ليس بسبب حنكة خططنا ومقاومتنا لها فقط، بل أولاً وقبل كل شيئ بفضل أخطاؤهم الكبيرة، فهم يخططون على الورق، ويستمعون لما يقوله خبرائهم الأكاديميون، وهذا ليس عيباً بحد ذاته، ولكنه يفتقر إلى الدقة الحيوية، إلى نبض الحياة، فهم يتعاملون مع معطيات مادية وأرقام وإحصاءات، مع بلدان تختزن الكثير من قدراتها وطاقاتها، ولا تظهر مما تمتلك إلا قليلاً، وتلك خاصية تاريخية قديمة، فالعربي والشرقي بصفة عامة قد أعتاد على الادخار والاحتفاظ بالمؤنة والاحتياطات، ومن هنا لا تنطبق حسابات الحقل على حسابات البيدر، والنتائج هي دوماً، خيبة أمل كبيرة.

فعلى سبيل المثال تماطل كافة الأطراف وتناور في الموقف السياسي حيال ثورة الشعب السوري، ويعزفون مع الروس وسائر جوقة الشر معزوفة طحن الشعب السوري وقدراته، فأي كان مستقبل سورية الذي ستكون عليه، فلتكن ضعيفة هزيلة، وبالضبط هذا هو لب وفحوى سياسة القوى المتحالفة في العراق، والهدف هو إبقاء العراق ضعيفاً، معدوم القدرات بعد إبادة منجزاته السياسية والاقتصادية / الصناعية، والعلمية / الثقافية والفنية، ليلف الظلام العراق ولا نلمس سوى بصبص شعاع بسيط هو الأمل ليس إلا، ولذلك يتواصل تراجع العراق، بدون الخدمات والهياكل الأساسية، بدون بنى تحية، وبدون سائر مستلزمات الاقلاع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا بالضبط أعمال القتل اليومية لإيصال العراقيين لدرجة اليأس وأن يكفروا بوطنهم، وليبقى التقسيم هو السيف المسلط على رقبة هذا البلد الحاضر في التاريخ والجغرافيا منذ ألاف السنين كضربة قاضية ونهائية، وإلى ذلك نلفت أنتباه العراقيين المخلصين.

سيستغرق بعض الوقت إنجاز عمليات جراحية دموية هنا وهناك، وحتى ذلك الوقت لا بد من إبقاء النمر العراقي حبيساً وإبعاد تأثيراته عن الساحة، وليلاحظ كل ذي بصيرة، إن إشارة البدء تمثلت باحتلال العراق، وإشارة النهاية ستأتي من العراق أيضاً.

ليست هناك قوة في العالم تتحدى الشعب، وتعتقد أن أسلحتها، مهما كانت فتاكة، أنها قادرة على قمع إرادة الشعب، ودفعهم للتخلي من مطالبهم العادلة في سيادته على أرضه.

خسرنا كثيراً، وربما سنخسر أكثر، ولكن الشعب العراقي سينتصر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المقالة جزء من مقابلة تلفازية بتاريخ 28/ كانون 2 / 2014


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، المالكي، حكومة المالكي، المقاومة العراقية، العنف الطائفي بالعراق،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-02-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!
  لماذا أنهار الغرب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسني إبراهيم عبد العظيم، فوزي مسعود ، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح المختار، محمد أحمد عزوز، سلوى المغربي، سفيان عبد الكافي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، د - صالح المازقي، رافع القارصي، أحمد بوادي، جاسم الرصيف، عزيز العرباوي، عمر غازي، عبد الله الفقير، إيمى الأشقر، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، عبد الرزاق قيراط ، كريم فارق، فتحي العابد، مصطفي زهران، فتحي الزغل، وائل بنجدو، د - مصطفى فهمي، أحمد النعيمي، صلاح الحريري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحـي قاره بيبـان، يحيي البوليني، محمد الطرابلسي، محمد العيادي، صباح الموسوي ، إياد محمود حسين ، د. أحمد بشير، د. عبد الآله المالكي، خالد الجاف ، محمد يحي، الهادي المثلوثي، كريم السليتي، تونسي، المولدي الفرجاني، د. طارق عبد الحليم، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، الهيثم زعفان، د. خالد الطراولي ، د - شاكر الحوكي ، إسراء أبو رمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود طرشوبي، د- هاني ابوالفتوح، طلال قسومي، مجدى داود، د - المنجي الكعبي، ياسين أحمد، أبو سمية، محمود سلطان، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن عثمان، حسن الطرابلسي، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، عمار غيلوفي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - الضاوي خوالدية، سلام الشماع، د - عادل رضا، سليمان أحمد أبو ستة، محرر "بوابتي"، أحمد ملحم، العادل السمعلي، الناصر الرقيق، سيد السباعي، محمد الياسين، د - محمد بنيعيش، ماهر عدنان قنديل، رشيد السيد أحمد، نادية سعد، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي، صفاء العربي، ضحى عبد الرحمن، د.محمد فتحي عبد العال، أنس الشابي، علي الكاش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، منجي باكير، مصطفى منيغ، أ.د. مصطفى رجب، د- جابر قميحة، صالح النعامي ، سامح لطف الله، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الغني مزوز، خبَّاب بن مروان الحمد، أشرف إبراهيم حجاج، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، سعود السبعاني، فهمي شراب، محمد عمر غرس الله، رمضان حينوني، د- محمد رحال، يزيد بن الحسين، عراق المطيري، رضا الدبّابي، حميدة الطيلوش، حاتم الصولي، محمد شمام ، عواطف منصور،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة