فتحي الزغل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7215 groupfaz@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعدّدت هذه الأيّام كما في سابقاتها، الحملات التي تُندّد بإعلامنا الوطني، وبمستواه المتدنّي في سلَّم الحرفيّة. و اختلفت الآراء الّتي تحاول تفسير سبب هذا التَّدني، و سبب هذا الفشل الذّريع في مواكبة استحقاقات ثورة لا تتكرّر لدى الشعوب سوى بعد عقود ...
و أوّل فشل وصم هذا الإعلام، ما يمكن اعتباره عدم انتهازه لفرصة جاهزيّة كلّ أطياف الشعب لإنتاجه بعد الثّورة. هذه الثورة التي أرجعت فيما أرجعت، كلّ شرائح المجتمع إلى مختلف الوسائل الإعلاميّة الوطنية، سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية، بعد سنوات جفاءٍ إن لم نقل عقودٍ، وصلت حدّ غياب تلفزتنا الوطنيّة عن قائمة القنوات لدى عديد الأسر.
و قبل الخوض في أسباب هذا الفشل، يفرض عليَّ واجب النّزاهة، عدم تجاهل بعض الأسماء من الإعلاميّين، و بعض البرامج، و بعض المحطّات، و بعض النّشريّات الذين خالفوا الموجة السّائدة ممّا ذكرتُ. و انطلقوا منذ تلك الفترة، بمشاريع يُمكن اعتبارها مبادرات شخصيّة ناجحة، إذ عبّرت عن خطاب إعلاميّ يُفترض أن يعمَّ لا أن يكون استثناءاً.
لكن هل لهذا الفشل من سببٍ؟
إنّي كلّما أحاول الاقتراب من أسباب هذا الفشل، وجدُتها تُختزل في سببين اثنين... أوّلها أنّ إعلامنا اصطفّ يبسط لنا رأيًا حين كان من واجبه أن ينقل لنا خبرا. و ثانيها، أن جُلّ إعلاميينا و كلّ القائمين على مؤسّسات إعلامنا، كانوا من العِصيّ النّاعمة للنّظام الذي خلعته الثّورة. و إلاّ لما كانوا يصلون إلى تلكمُ المصادح و المنابر و الشّاشات و المناصب. إذ كان العرفُ السائد أيّام الاستبداد أن يُظهر كلّ مريدٍ لمنصب، صكّ ولاءٍ على بياض، يكون إمّا باسم الحزب المنحلّ، أو باسم المخلوع، أو باسم الدكتورة زوجته، أو حتّى باســـم أصهاره من أولائك الذين اكتشفنا ثقتــــهم العالية، و صلاحهم الزّكيّ. و لذلك فقد كانوا لسنوات و لسنوات...يرقصون... و يتمايلون...و بسياســة المجرم المخلوع يُطبِّلون...و بإنجازات عهده يتشدّقون ... و لا يبكون.
فهل لعاقلٍ أن ينتظر ماءًا من صفاء، و هل لحصيف أن يطلب سعة ًمن مقترٍ ... فكلّ فاقد شيء لا يعطيه...
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: