فتحي الزغل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8167
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السّـلام عليكم...
هل تهبّ رياح الرّبيع العربي على عمَّان؟
بعد أن قدّم القاضي عون الخصاونة استقالة حكومته للملك عبدالله الثاني، سارع هذا الأخير بتكليف الاقتصادي فايز الطّراونة بتشكيل حكومة جديدة هي الرّابعة خلال خمسة عشر شهرا.
و أوّل و ما استرعى انتباهي في استقالة الخصاونة هذه، هو طريقتها التي خالفت العُرف السائد منذ نشأة المملكة الأردنيّة. إذ أنّ الرّجلَ أرسلها لملكه من خارج حدود وطنه أين يؤدّي زيارة رسمية إلى أنقرة العاصمة التّركية. مع ما عكسته تلك الحركة من موقف بحدّ ذاتها. موقف لا تفسير له سوى نفاد صبر الرجل على ألم جراحِ تواصلٍ مفقودٍ بينه و بين الملك.
و المثير للاهتمام كذلك في هذه الاستقالة، هو إدّعاء القصر بأن أداء الحكومة لم يكن مُرضيا. و هي التي لم تتجاوز ستة أشهر من تاريخ تشكّلها. و مطلب القصر الّذي أراد أن يُروّج له إعلاميًّا، هو ما سمَّاه بتسريع وتيرة الإصلاح. إلاّ أنّي أرى الحقيقة عكس ذلك... فوتيرة الإصلاح و سرعته يحدّد إيقاعها الإصلاح نفسه، و أقصد الخطوط العريضة الّتي يطالب بها مدّعى الإصلاح... فالملك، و كما هو معروف، متمسّك بنظام الحكم المطلق الذي يتحكّم فيه في كلّ مفاصــل الحياة السياسيّة و الإدارية و العسكريّة و الاقتصادية بالبلد. مثله مثل زملائه من الحكاّم العرب. سواء ممّن خلعتهُ ثورة شعبه، أو ممّن ينتظر. و هو لا ينفكّ يدّعي الإصلاح عبر إجراءات أراها شكليّة، لا تمسّ جوهر القضيّة. و لذلك فهي لا تعدو أن تكون روتوشات تجميل لوجه مستبدّ.
و عليه فإن الإصلاح، الذي يروّج له الملك غضبا عن حكومته لبطئها في تحقيقه، لا يتوافق مع ذاك الذي طلبته الحكومة المقالة أصلا، و الذي لا يتوافق بدوره مع الإصلاح الحقيقي الذي يطلبه الشّعب الأردني في حراكه المتواصل الذي انطلق منذ انطلاق الثّورات العربيّة في تونس و مصر و ليبيا و اليمن. و الذي يعبّر عنه بصراحة بالمناداة بإرساء نظام سياسي يقوم على الانتخابات لا على التّعيين. و يُخرج المسؤوليات العليا في البلاد من دائرة ضيّقة متقوقعة حول الولاء للملك.
بيد أن الملك أراه بتعيين السّيد الطراونة لم يفهم الدّرس بعد، و لم يرق إلى تطلّعات شعبه للانعتاق والحرّيّة. إذ أنّه لم يخرج بذلك التّعيين عن القاعدة المعروفة و هي إحلال رجل من رجاله المخلصين له و لأبيه و لمن وراءهم من القوى الدوليّة المعروفة، مكان رجل اصطدم بعدم امكانيّة إقناع ملكه و وليّ نعمته بالإسراع في تطبيق الاصلاح السياسي، الذي يُعتبر مطلبا شعبيا في الأردن. فلا يخفى على المتتبعين أن الطراونة هو رجل النظام بلا منازع. و هو وفيّ الملك الأب الراحل حسين، كما هو وفيّ الملك الإبن الحالي. و قد تقلّد عديد المناصب العليا منذ عودته من دراسته بالخارج. و يشاع عنه أنّه من الذين ساهموا في تنفيذ أوامر الولايات المتحدة الأمريكية في نقل السلطة إلى الملك عبد الله الثاني في الوقت بدل الضائع من حياة الملك الراحل بعد أن كانت متّجهة لأخيه الأمير الحسين ولي العهد لسنوات طوال، حيث كان رئيس الحكومة ساعتها.
و بالتالي فإن هذا التّعيين في نظري ينحدر نحو الفشل. لعدم مرجعيّته الشعبيّة أوّلا، و لأنّي أراه أقرب إلى دفاع الملك عن سلطته منه إلى تحقيق الإصلاح ثانيًا. فالأردن في نظري يعيش أزمة في كيفيّة الحكم لا أزمة في تعيين الحكومات.
فهل تكون نتيجة هذه الحسابات متّفقة مع ما خطّط لها الملكُ و بلاطه ؟ أو أن للشعب آلة أخرى تحسِب بعد أن تَحتسب؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: