الثورة التونسية المباركة أم الثورات العربية
والشعب التونسي رائدها وفي تونس وجوه ضاحكة مستبشرة
محمد اسعد بيوض التميمي - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8731
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ] القصص:5 [
قبل عام تقريبا من اندلاع الثورة التونسية المباركة كان من المستحيل ومن الخيال ومن الأحلام، بل ضرب من الجنون أن يُعقد في تونس مؤتمراً يضم الكثير من المعارضة الحقيقة في الوطن العربي وغير الرسمية والتي كان كثير منها يقبع في السجون والمعتقلات منذ عقود طويلة، فلو قال قائل قبل الثورة التونسية بعام بأنه سيعقد في العام القادم مؤتمر للثورات العربية في تونس ماذا كان سيقول الناس عنه؟؟ سيقولون عنه بأنه مجنون وفاقد لعقله وهارب من مستشفى المجانين، وبأنه خطر على الآمن العام، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة :) ) ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ) ) ] الأنفال:59 [
فالله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء والله غالب على أمره، فتونس قبل الثورة وما أدراك ما تونس قبل الثورة، فهي كانت تحكم من قبل زوج حلاقّة عاهرة، بعهرها أوصلت زوجها للحكم، وصارت هي الحاكم الفعلي لتونس، فهي التي كانت تشرع القوانين التي تشجع على الرذيلة وتحارب الفضيلة بمنتهى الوقاحة، وتشجع على السفاح وتحارب الزواج الشرعي إلى درجة أنها كانت توفر كثير من الامتيازات والتسهيلات المادية لكل من تحمل سفاحا وتمنحها رعاية كاملة على حساب الدولة، وكل ذلك تحت قانون يسمى بقانون الأمهات العازيات، ويُقال أن لها أبناء سفاح، وأعلنت هي وزوجها الحرب على الله ورسوله والمؤمنين، فيا ويل من يُضبط ذاهب إلى الصلاة في المسجد أو تضبط وهي ترتدي الحجاب أو تدعو إلى العفة والطهارة، لذلك كما تم تطهير تونس من دنس هذه العاهرة وزوجها يجب تطهير جميع القوانين والتشريعات التونسية والدستور التونسي من العبث والفساد والخراب والهدم والعهر الذي سنته وشرعته هذه العاهرة الحلاقة التي كانت تحقد على كل شريفة في تونس، وكل من يتبنى تشريعات وقوانين هذه الحلاقة إنما هو يتبنى الرذيلة ويحارب الفضيلة ولو ادعى بأنه من المسلمين، فبعد الثورة لا يجوز أن تبقى التشريعات والقوانين ومواد الدستور التي تتناقض مع ما علم من الدين بالضرورة وتتناقض مع الفضيلة والعفة والطهارة، فالشعب التونسي شعب مسلم وهو من أحفاد الصحابة وليس شعب اسكندينافي .
إن تونس قبل الثورة وما أدراك ما تونس كانت المقر الدائم لوزراء الداخلية العرب، وكانت تشهد في كل عام انعقاد مؤتمرهم للتنسيق فيما بينهم لقمع هذه الشعوب العربية دون رحمة ولا شفقة، وكانت قراراتهم تنفذ بحذافيرها ودون إبطاء أو إهمال أو إمهال، فأذلوا كل عزيز ورفعوا كل وضيع وخسيس، وطاردوا كل شريف في العالم العربي، فهذه هي مهمات وزراء الداخلية العرب، ويشاء الله سبحانه وتعالى ولحكمة بالغة بأن تكون بداية التغيير في العالم العربي وانطلاق الثورات العربية من تونس، من عند اشد الأنظمة عداوة للشعوب العربية، والتي أخذت تطيح بالأنظمة العربية الباطشة الطاغوتية بالتتابع، فكانت الانطلاقة الأولى للثورة التونسية في السادس من رمضان عام 2010 من المسجد الكبير في مدينة بن قردان، على الحدود الليبية الموافق 17 /8 / 2010 بما عرف بانتفاضة التراويح، حيث حاول ابن علي الطاغوت الكافر الملعون منع الشباب التونسي المسلم من صلاة التراويح في المساجد ومحاربتهم في رزقهم، فمن تلك الليلة بدأت تسري روح الثورة والتمرد في الشعب التونسي الحر الأبي، وبد أ العد العكسي لنظام الطاغية ابن علي، وأصبح الشعب التونسي مهيئا للانفجار في وجه الطاغية في أية لحظة، فما أن قام شاب من مدينة سيدي بوزيد في الجنوب التونسي بحرق نفسه من شدة الظلم والقهر والاضطهاد الذي صار يشعر به وأصبح غير محتمل له، مما جعل الموت حرقا أخف على نفسه من ألم قهر وظلم واضطهاد الطاغية، فإذا بريح الثورة تهب من جميع الاتجاهات في تونس، مما جعل الجمر الموجود تحت الرماد في جميع المدن والقرى وفي الصحراء يشتعل بقوة، وإذا بها ثورة شعبية عارمة تجتاح تونس من أقصاها إلى أقصاها، وإذا بالشعب التونسي يهتف هتاف واحد وموحد ويطلب مطلب واحد وبصوت واحد وبنفس واحد وبسقف سياسي لا يعلوه سقف وبمطلب سياسي لا يعلوه مطلب "الشعب يريد إسقاط النظام"،"الشعب يريد إسقاط الرئيس"، "الشعب يريد إعدام الرئيس"، ويطلبون من زين العابدين أن يرحل، وإذا بهم يهتفون "ارحل ارحل"، فلم يطلبوا ماءا ولا خبزاً ولا ملحا وإنما الحرية، "الشعب يريد الحرية"، وإذا بالعالم بين مصدق وبين مكذب وبين مشكك.
هل من المعقول أن يستيقظ الشعب التونسي فيكسر السلاسل والأغلال؟؟؟
وإذا بالأمر جد لا هزل فيه، وإذا بالطاغوت يُصاب بالهلع والذعر والرعب، وإذا بعظمته الزائفة تظهر على حقيقتها، وإذا بعرشه الكرتوني يتهاوى، وإذا بنظامه يتداعى، وإذا به وزوجته يوليان هاربين كالفأر في جنح الظلام دون أن يلويان على شيء ودون أن يعرفان إلى أين سيتجهان، فكان لا هم لهما إلا أن ينجيا بنفسهما من انتقام الشعب التونسي الذي أذاقاه وبال أمره والعذاب ألواناً خلال ثلاثة وعشرين عاما اغتصبا خلالها السلطة، وما أن أصبحا في الجو طريدين أخذا يبحثان عن مأوى يؤويهما ودولة تحميها وتنجيهما من انتقام الشعب التونسي حتى أن الفرنسيين أسيادهما رفضوا استقبالهما، وبعد طول بحث وتوسل وبعد أن كاد وقود الطائرة أن ينفذ لقي من يقبلهما كحالة إنسانية وليس بصفة رسمية، وهكذا تخلص الشعب التونسي من هذا الطاغية الملعون ومن زوجته، ولكن روح الثورة لم تنتهي وجذوتها لم تنطفئ، فإذا بشررها يتطاير في العالم العربي وبروحها تسري في جسد الأمة، فإذا بالثورة تندلع في مصر الكنانة، وإذا بالشعب المصري يهتف نفس هتاف الشعب التونسي "الشعب يريد إسقاط الرئيس"، "الشعب يريد إعدام الرئيس"، "ارحل ارحل" فيسقط الطاغية اللامبارك، وإذا بالشعب الليبي يهتف نفس الهتافات فيسقط الطاغية المتأله القذافي، وإذا بالشعب اليمني يهتف نفس الهتافات، فيحرق وجه الطاغية على عبد الله صالح وتجبره الثورة على السقوط، وإذا بالشعب السوري يخرج كالبحر الهادر يهتف نفس الهتافات، وهاهي الثورة في سوريا توشك أن تسقط الطاغية ابن الطاغية المجرم ابن المجرم بشار الأسد، ولن يكون الأسد الأخير، فقد كتبت مقالا يوم سقوط الطاغية ابن علي بعنوان: يا طغاة العالم اتعظوا الغضب الساطع آت، حللت فيه الأوضاع في العالم العربي، وقلت بأن الثورة التونسية هي البداية ولن تكون النهاية، وهي التي فرطت عقد هذه الأنظمة الطاغوتية، وان الشعب التونسي هو الذي كسر القيد المقيدة به الأمة، وان هذه الثورة ستمتد إلى العالم العربي وستغير وجه العالم العربي سياسيا وجغرافيا، فمن أراد أن يطلع على هذا المقال يضع عنوان المقال على Google فهو منشور على كثير من المواقع.
إن الثورة التونسية هي أمر رباني ليس فيه فضل لأحد إلا لله الذي استعمل شعب تونس الحر الآبي ليكون رائدها ومفجرها وصانعها وسببها، ولتكون هذه الثورة أم الثورات العربية، فحقا إن هذه الثورات يجب أن تسجل براءة اختراعها باسم "الشعب التونسي الذي حقا كان مدرسة ثورية استثنائية" في لحظة تاريخية استثنائية فاجأت العالم، فهي صناعة تونسية من حيث السبق ومن حيث الشعارات ومن حيث الآليات، فالثورة التونسية كانت القدوة والمثل للشعوب العربية، فالثورة التونسية المباركة جعلت ما كان قبل عام من الجنون والمستحيل والخيال والأحلام حقيقة واقعة، فإذا بجميع مطاريد وزراء الداخلية العرب من المعارضين وخريجي سجون الأنظمة العربية والذين هم الشغل الشاغل لهم يعقدون مؤتمرهم في تونس ليكون بديلا لمؤتمر وزراء الداخلية العرب تحت عنوان " مؤتمر ربيع الثورات العربية" فيخطبون ويزمجرون ويتحدثون بحرية كاملة دون أن يعترضهم أحد، وإذا بتونس حقاً قد استعادت حريتها وكرامتها وعزتها وإنسانيتها، وإذا بالشعب التونسي حراً عزيزاً كريماً، وإذا بشباب الإسلام في تونس يملئون المساجد ويُطلقون لحاهم، وإذا بفتيات الإسلام في تونس يرتدين ثياب العفة والطهارة الذي كان عقاب من يرتديه السجن والطرد من الوظيفة، وإذا بروح الإسلام تسري في جسد الشعب التونسي المسلم، وإذا بالحرب الإستئصالية التي شنتها فرنسا الصليبية منذ احتلالها لتونس عام 1881 وبواسطة عميليها الملعونين الذين كانا امتدادا للاستعمار الفرنسي) بورقيبة وبن علي) تذهب مع الريح وهباء منثوراً.
إن تونس لم تستقل عن فرنسا إلا بهذه الثورة الشعبية المباركة، فالاستقلال في عهد أبو رقيبة كان استقلالا مزيفا ومزورا كما كان أبو رقيبة بطل الاستقلال بطلاً مزوراً ومزيفاً، فهو من صناعة فرنسا وصنعته على عينها، ولكن الاستقلال الحقيقي عندما انبعث الشعب التونسي الحر من تحت الرماد وعمل على استعادة هويته الحضارية الإسلامية العربية، وإذا بالعلمانيين والملا حدة بشتى عناوينهم والذين يعدون بالعشرات فقط ولكنهم يمتلكون وسائل إعلام متعددة يُصابون بالخوف والرعب والفزع كيف حصل هذا ؟؟؟وكيف نخسر معركتنا مع الإسلام في تونس بعد مائة وثلاثين سنة من الحرب الإستئصالية؟؟
ألا يعلم هؤلاء بأن الإسلام دين الله الذي تكفل بحفظه .) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ] الحجر: 9 [.
فالنظام الطاغوتي في تونس كان من أشد الأنظمة عداوة لله ورسوله والمؤمنين ومن شدة بطشه وجبروته وظلمه ظن بأنه باقي ولن يزول وبأنه استطاع أن ينتصر على الشعب التونسي المسلم وبأنه في مأمن من مكر الله،
) ) وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ) ] الأنفال: 30 [
) يريدون لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) ] الصف: 8 [.
فأسعد أيام حياتي والتي شعرت بها بنشوة النصر والعزة والكرامة والحرية هي الأيام التي قضيتها في تونس أثناء مؤتمر ربيع الثورات العربية، الذي عقد بمناسبة الذكرى الأولى للثورة التونسية المباركة المجيدة ما بين 14/12/2011 و 19/12/2011 وإطلاعي مباشرة على الأوضاع في تونس والتقائي بالشباب التونسي المسلم، وشعرت بمعنويات عالية لم أشعر بها من قبل، مما زاد من يقيني بأن يوم تحرير فلسطين قد أصبح قريباً، فاستعادة الشعب التونسي لتونس من عملاء فرنسا واجتماع أحرار الأمة في تونس كان هذا قبل عام من ضروب الجنون ومن المستحيل، وإذا به بعد عام حقيقة عشتها ولمستها بنفسي، بل أن تحرير تونس من عملاء فرنسا كان أشد استحالة وأكثر جنوناً من تحرير فلسطين، فالذي كان مستحيلا وجنوناً فإذا به حقيقة واقعة، فتحرير تونس والوطن العربي من جميع الطواغيت هو المقدمة لتحرير فلسطين، فلا يمكن تحرير فلسطين في ظل وجود هؤلاء الطواغيت الذين يشكلون حاضنة للمشروع اليهودي في فلسطين الذين لا هم لهم إلا سحق كرامتنا وإنسانيتنا ومصادرة حريتنا حتى تبقى "إسرائيل" الكيان المغتصب لفلسطين في امن وأمان، فأنا قد زرت تونس أكثر من مرة قبل الثورة وكنت في كل مرة أريد أن أغادرها بسرعة لما كنت أشعر به من ضيق وكآبة نتيجة القهر والظلم والبطش الذي كان يمارسه زين العابدين بن علي ضد الشعب التونسي، فكنت تجد الكآبة والخوف والرعب في وجه الشعب التونسي، وكانت المساجد وأم المساجد في تونس الزيتونة خاوية ومقفرة كأنها أطلال حزينة لا يوجد فيها ركع سجود، وكنت تشعر بأنك في بلد قد نزع منه الإسلام ونزع من الإسلام كأنك في الأندلس، أما في هذه الزيارة فوجدت الشعب التونسي عكس ذلك مائة بالمائة، حيث وجدت شعبا أخر شعبا حراً طليقاً منشرحا مبتهجاً متفائلاً سعيداً، شعرت انني في بلد قد عاد إلى الإسلام وعاد الإسلام إليه، فعادت له الروح فبُعث من جديد من بين الركام، فالمساجد ممتلئة وفي جميع الصلوات عن أخرها بالشباب المؤمن من "أصحاب الوجوه النيرة المنيرة بنور ربها وجوه ضاحكة مستبشرة تبشر بالخير العميم ومستقبل الإسلام العظيم"، فأصحاب هذه الوجوه المؤمنة كانوا قبل عام يملئون السجون والمعتقلات بدون ذنب إلا أنهم يقولون ربنا الله، وهاهم اليوم يملئون المساجد والجامعات والشوارع وفي كل مكان، وهذا ما قلته لشباب الإسلام في تونس في محاضرتين كرمني بهما هذا الشباب المؤمن الذي صنع الثورة، فالمحاضرة الأولى كانت في "رابطة حماة الثورة في تونس الكبرى" والمحاضرة الثانية في " المسجد الكبير في مدينة بنزرت" الجميلة الجميل أهلها، حيث خرجت من المحاضرتين بمعنويات تناطح السحاب وهما موجودتين على موقع "رابطة حماة الثورة التونسية تونس الكبرى" و "موقع بنزرت المسلمة" وعلى صفحتي وصفحة تيار شباب الآمة في بلاد الشام، فحقا انها كانت زيارة تاريخية إلى تونس الثورة، تونس الحرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فستستعيد الزيتونة دورها التاريخي الذي قامت به في التاريخ الإسلامي لتكون كما كانت منارة علم وقبلة للعلماء تنشر الهدى والنور في شمال إفريقيا وجنوبها وشرقها وغربها وفي كل مكان وستعود للقيروان بهجتها وعزتها وكرامتها.
فالسلام عليكم يا شعب تونس الحر الأبي، السلام عليكم أيها الأحرار، ويا أيها الأبرار الأخيار، يا صناع الحرية والمجد .... شكراً لكم يا شعب تونس وجزاكم الله كل خير عن أمتكم، يا شعب تونس ستبقى أمتكم مدينة لكم، فكنتم السباقون لكسر قيدها، فلن ننسى لكم فضلكم يا شعب تونس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فكان فضل الله عليكم عظيماً يا شعب تونس ثم كان فضلكم على أمتكم، إن ثورتكم تستحق وعن جدارة بأن تكون هي "أم الثورات العربية" وأنت يا شعب تونس ستبقى في طليعة الشعوب العربية ورائدها وعن جدارة، فكل من يشكك بهذه الحقيقة وينكر فضلكم إما جاهل وإما عدو لله ورسوله والمؤمنين وكل من يشكك في الثورة التونسية أو في الثورات العربية إنما هو خائن وعميل لا يريد لآمتنا أن تتحرر وتمتلك إرادتها وإما جاهل وهذه القناعة التي عدت بها من تونس.