د. ضرغام الدباغ - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2311
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قرأت مرة أن مقاتلاً أفريقيا شجاعاً، حفر بالسكين على درعه " الأسد يموت في القتال وإذا أسر ومات في الأسر فهو شهيد ".
سلطان هاشم دخل الكلية العسكرية وهو فتى يبلغ بالكاد السابعة عشر من العمر عام 1964، ومنذ ذلك اليوم، وهو لا يعرف في الحياة شيئ سوى النظر إلى خريطة وطنه وأمته. جندي مقاتل محترف حتى يوم صعدت روحه إلى بارئها حرة نقية تقية ...ستون عاماً في خدمة بلادك وأمتك ما كلت فيها يمينك وما خنثت يمينك .فقاتلت وأجدت، جزاك الله عن جهادك خير الجزاء
تعرفت على سلطان هاشم وهو برتبة ملازم عام 1967 في سرسنك، كان سلطان أمر فصيل مشاة في سرسنك، وكنت آمر سرية مشاة في قوات الحدود، ويومها كانت البوصلة عندي تتجه إلى التفتيش عن العناصر الممتازة لكسبها للحزب، فلفت انتباهي هذا الضابط المحترم الكلي التهذيب ذو الصفات الشخصية والعسكرية الحميدة، وله مشاعر وطنية وقومية واضحة، وكان رفيق من وحدتهم (الملازم س) أخبرني أن الملازم سلطان هاشم بعثي بدون تنظيم، هو قمة في الشعور الوطني والقومي، ومضمون إلى جانبنا.
نحو عشرة شهور قضيناها معاً في موقع بلدة (مصيف) صغير كسرسنك، نلتقي كأصدقاء في ساعات الفراغ، وبعدها نقلت من قوات الحدود، ولم ألتقي بعدها سلطان، ولكننا نتبادل التحايا عبر أصدقاء مشتركين. وحين سطع نجم سلطان كضابط، كنت متوقعا ذلك لأنه يحوز على كافة صفات القائد، مهنية عالية، وحرص أخوي / أبوي على من يعمل بإمرته، محترم ونزيه، شجاع وكفوء ومقتدر، وعلمت من زميل له في كلية الأركان، أنه كان نعم الطالب الباحث المجتهد، فليس من المستغرب أن يتبوأ أعلى المواقع القيادية.
يوم أطلق سراحك بقرار إلهي، وأنت حر خارج أسر القوى الغاشمة، التي ما تمكنت منك وسيفك في يدك، وما تمكنوا من بلدك، فما حصل هو مؤامرة، ويوم فشلوا في ثلم سيفك، لجأوا للغدر والتآمر وأدوار الانحطاط والخسة، واستجداء النصر (سيبقون في حسرته إلى الأبد) على أيدي قوى عظمى، فراحوا يحاولون أن يتشفوا منك وليشفوا غليلهم، ولكن هيهات ..في القتال الحر الشريف كنت لها .. وكنت لهم الدرع الفولاذي .. أما وأنت أسير فوالله الشماته بك دونية وانحطاط هم أولى بها .. وأنت اليوم في حضور ملك عادل، سترى أمامك في مقصورة الشهداء من القادة والجنود والمناضلين ممن لهم المكانة العليا، سترى أمامك الفريق الركن يوسف العظمة وزير دفاع سوريا، وسترى الفريق الركن عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري، وسترى قادة الوطن والأمة صدام حسين، وعمر المختار، وياسر عرفات، وجمال عبد الناصر، وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص.. وعقبة بن نافع، وقتيبة بن مسلم، ومقامك بينهم وما أروعه من مقام، فطب نفساً فهم لم يتمكنوا منك حياً، ولن يصلوا مقامك ميتاً .. وهذا مقام رفيع لا يمنحه الله سبحانه إلا لمن هو ذو حظ كبير .. وأنت منهم إنشاء الله..
دخلت مسجدك الذي شيدته بعرق جبينك وذراعك .. والناس جاؤا ليودعوك رغم حراب الإرهاب، ورفعوك فوق الرؤوس ملفوفاً بالعلم .. وأحد ضباطك رفع يده بالتحية العسكرية لك وخاطبك : سيدي القائد .. أي مجد هذا .. أي شرف عظيم هذا .. أي مقام كبير هذا .. أنه مستحقه يا أخي وصديقي ورفيقي أبو أحمد ..
سلام عليك سلطان هاشم .. سلام من وطن وأمة لا تنساك .. يوسف العظمة أستشهد يوم 24 / تموز مثل هذه الأيام قبل مئة عام .. ولكن من ينسى أبطال أمثالكم .
اخترت صورتك بعقالك المفخرة، رافعاً رأسك بشموخ ... أيها الطائي الكبير
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: