البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سياسة جامدة وكهرباء في عِلَب العرايس

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3661


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


شكّلت أزمة الكهرباء مأساة قاسية لمواطني القطاع، باعتبارها إحدى المآسي المنتظمة والغير قابلة للكسر، حيث أصبحت منذ العام 2007، في عِلب العرايس، أي منذ حصول الانقسام ما بين كل من حركتي فتح وحماس، كونه كان سبباً مباشراً في تسجيل الأزمة كأزمة (مُزمنة) منذ تشخيصها الأولي، حيث شرعتا بنشر الاتهامات الصارمة والتوبيخات الفاضحة، ضد سياسة كل واحدة باتجاه الأخرى، بأنها المسؤولة في وقوع الأزمة.

بدأت حركة فتح، على أن حماس هي من تقوم بافتعال الأزمات وخاصة الكهربائية، وذلك للضغط على المواطنين، بهدف تأجيج مشاعرهم باتجاه الحركة والسلطة الشرعية، وسعياً إلى تقليص مكانتهما لدى الجمهور الفلسطيني، وبالمقابل طمعاً في تعظيم قاعدتها الشعبية، وصولاً إلى تعزيز سيطرتها على القطاع.

وزعمت حماس بالمقابل، بأن حركة فتح والتي تمثّل السلطة في رام الله، هي تقوم بذلك وعلى رؤوس الأشهاد، من خلال قيامها بعرقلة أيّة مساعٍ إيجابية، وذلك من خلال المماطلة في مواعيد تدفّق الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء المنفردة، أو من خلال قيامها إلى إضافة ضرائب عالية على كميات الوقود المطلوبة، أو بتحريض الجانب الإسرائيلي بعدم اسقاط كميات وقود كافية، وذلك من أجل تحجيم أيّة انجازات لها من ناحية، ومن ناحيةٍ ثانية، لتأليب الرأي الفلسطيني ضدها، وصولاً إلى تقويض حكمها داخل القطاع، أو حتى الرضوخ لمتطلبات المصالحة الوطنية التي تنص عليها أجندة رام الله على الأقل.

السلطة تدرأ عن نفسها الاتهامات، بأنها تقوم بالتساهل في تزويد المحطة بالوقود، وفي أكثر من مرّة أعلنت عن موافقتها بإلغاء أو تخفيض الضرائب على كميات الوقود المسموح بها، وأن أي انتهاك خاص بتغيير وجهة ذلك الوقود، ليس من مسؤوليّتها، وشددت على أن أي قصور من قِبل حماس، لا يجب أن تقوم بتحويله إلى غير الحقيقة، ومن المحظور عليها أن تقوم بحله على حسابها، وتعتبر أن التوتر الظاهر في داخلها بخصوص الأزمة، هو نابع من سوء سياستها، وفشلها في مواجهة المشكلات اليومية في القطاع المكتظ بالسكان، والساقط في أتون الفقر.
وتجد حماس نفسها، وعلى مدار تولّيها مسؤولية القطاع، باعتبارها صاحبة الأيدي البريئة من الفساد، وبأنها هي من تسعى جهدها من الناحية الأخرى، باتجاه المساعدة على رفاهية السكان الذين احتملوا ولا يزالوا يتحملون العبء الأكبر بالنسبة إلى قضايا المقاومة والتضحية، وتقوم بالإعلان، عن أن السلطة، هي من تقوم بتجنيد إمكاناتها، باتجاه إفشال أيّة نشاطات إيجابية.

استمرت أزمة الكهرباء، وعلى نطاقٍ مؤلم ومؤثّر، صدمت مناحي حياة السكان بعمومها، بحيث لم تعُد تطاق، حتى بالنسبة لمن هم أقل احتياجاً لها، فكيف الشعور إزاء تفاقمها بدلاً من انحسارها، فمعنى الأمر هو أن هناك إمكانية، لأن تخرج المسألة عن نطاق الصبر والتحمّل، وفي ضوء عدم استعداد أي من الجهتين، للبحث عن أيّة حلول مباشرة بخصوص هذه المسألة، وحتى في ضوء عِلمهما بأن إنهائها يُعتبر بلا ريب، راحة لهما وأملاً للمواطنين.

أدّى تفاقم الأزمة من ثماني ساعات متقطعة، إلى ست ساعات أكثر تقطّعاً، إلى بدء احتجاجات شعبيّة (غير مسبوقة) شملت أنحاء القطاع، بدت في ظاهرها ضد الشركة المصنِّعة للكهرباء، وثوران على الظلمة ووقف الحال، وفي باطنها احتجاجاً على سياسة الجهتين المتخاصمتين - السلطة وحماس-، خاصة بعد إيمان المحتجين بعدم وجود أي حلولٍ للأزمة أو أي استشرافٍ لها، وعلى نحوٍ أصعب، هو فقدانهم لأي أمل في حل الصراع الدائر وإنهاء الانقسام.

كانت الاحتجاجات مُبهجة بالنسبة للسلطة الفلسطينية ولحركة فتح تحديداً باعتبارها ضد حماس بمفردها، وتمنّتا معاً، أن لو استمرت بالتطور وصولاً إلى الإطاحة بسلطتها ومن يقف ورائها، واعتبرت حماس بالمقابل، أن الاحتجاجات هنا لا حاجة لها – أي داخل القطاع- ، وكان الأجدى هو قيامها هناك في الضفة الغربية وفي رام الله تحديداً.

في نظر كثيرين، فإن السلطة قادرة على حل الأزمة، إذا ما أرادت تعظيم مكانتها أمام حماس، باعتبار أن إقدامها على تلك الخطوة، سوف لن يقل أهميّة، عن حرصها بدفع رواتب موظفيها الذين ساهموا إلى الآن في المحافظة على رصيدها المعنوي لدى الجمهور الفلسطيني، وفي ضوء أن لإدارة حماس في القطاع، حاجات كثيرة تستطيع بالكاد تلبيتها، والتي كانت سبباً رئيساً، في تعرض مكانتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى منحنيات خطِرة.

إن الدرس الكبير الذي تعلمناه من اتفاقات الطرفين التصالحية الفائتة، هو أنها غير مُجدية إلى حد الآن على الأقل، بسبب انتهاجهما لسياسات جامدة وغاية في التشدد، كما لم يكن كافياً وجود كثرة شعبية وفصائلية، معنيّة بإنهاء الانقسام، وحتى برغم استعدادها لتقديم وساطات عالية، لذا فإن من غير المهم التعويل كثيراً على إعلانات مترامية، تزعم بأن هناك آمال نحو حلول شافية، وبنفس القدر أيضاً، فإنه لا يمكن الاعتماد على المهمّة الناشئة حول تأليف لجنة وطنية لمتابعة الأزمة، بسبب أن هذه الأزمة ليست متواجدة بمعزل عن الأزمات العويصة القائمة، والأهم هو ارتباطها بشواغل فكريّة وأيديولوجية متعلقة بأمور الحكم والسيادة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

القطاع، غزة، أزمة الكهرباء، فلسطين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-09-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد الحباسي، محمد العيادي، أحمد بوادي، ياسين أحمد، محرر "بوابتي"، ضحى عبد الرحمن، صباح الموسوي ، عبد الله الفقير، المولدي الفرجاني، حسن الطرابلسي، د.محمد فتحي عبد العال، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، العادل السمعلي، علي الكاش، يزيد بن الحسين، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، حاتم الصولي، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، إيمى الأشقر، د - عادل رضا، بيلسان قيصر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إياد محمود حسين ، نادية سعد، مجدى داود، سلوى المغربي، فتحي الزغل، مصطفي زهران، محمد اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، طارق خفاجي، عراق المطيري، مصطفى منيغ، د - مصطفى فهمي، تونسي، رمضان حينوني، عبد العزيز كحيل، سامح لطف الله، محمود سلطان، د- جابر قميحة، د. عبد الآله المالكي، أبو سمية، أشرف إبراهيم حجاج، عمار غيلوفي، صفاء العربي، د - محمد بن موسى الشريف ، منجي باكير، المولدي اليوسفي، د - الضاوي خوالدية، كريم السليتي، محمد عمر غرس الله، صلاح الحريري، طلال قسومي، محمد الطرابلسي، صالح النعامي ، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، الناصر الرقيق، رضا الدبّابي، د- محمد رحال، سليمان أحمد أبو ستة، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، الهادي المثلوثي، د- محمود علي عريقات، محمود طرشوبي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رافع القارصي، حسني إبراهيم عبد العظيم، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي العابد، سلام الشماع، د - صالح المازقي، فهمي شراب، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد علي العقربي، الهيثم زعفان، د. أحمد بشير، رحاب اسعد بيوض التميمي، رشيد السيد أحمد، محمد شمام ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سفيان عبد الكافي، أ.د. مصطفى رجب، إسراء أبو رمان، أحمد النعيمي، يحيي البوليني، د. خالد الطراولي ، جاسم الرصيف، محمد يحي، وائل بنجدو، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، علي عبد العال، محمد الياسين، فوزي مسعود ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صلاح المختار، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، كريم فارق، حسن عثمان، أحمد ملحم، عبد الغني مزوز، حميدة الطيلوش، رافد العزاوي، عبد الله زيدان، د- هاني ابوالفتوح، محمد أحمد عزوز، د - المنجي الكعبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بنيعيش، سعود السبعاني،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة