الاعتداء على المساجد في مصر سلاح الليبرالية الجديد
يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4981
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
روى مسلم عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشيطان ينتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله .."
لم تكد تغرب شمس يوم الجمعة وفي لحظة انتشار الشياطين انطلقت تلك الثلة المسماة إعلاميا بالثوار وحقيقة بالبلطجية يحملون زجاجات حارقة " مولوتوف" ويقذفون بها لتدمر وتحرق كل شيء أمامها , لم يفرقوا بين إنسان وقصر رئاسي وشجرة وممتلكات شخصية , فاحرقوا من يواجههم فأصابوا من الشرطة المدافعة عن القصر 15 شرطيا , وقام بعضهم بإلقاء النيران على محيط قصر الاتحادية وحديقته فاشتعل فيه الحريق، ثم أرسلوا الزجاجات الحارقة لبيت الله سبحانه الذي تقام فيه الصلاة لله .
لم يكن بالمسجد معارضين ولم يمنع أبوابه عنهم طوال اليوم والأيام التي سبقته , بل كانوا أثناء النهار يحتمون به من هطول الأمطار , فكان جزاء بيت الله منهم أن حرقوه دون أن يتحرك داخلهم خوف ولا ندم ولا تردد .
ومن الأصل لم يعارض وجودهم شيخ المسجد في خطبة الجمعة - وأظنهم من الأصل لم يصلوها فيه ولا في غيره- , فقد ناشد إمام المسجد في خطبة الجمعة اليوم المصريين جميعًا وطالبهم بالتآلف والتآخي والحوار مع بعضهم البعض ودعا كل القوى السياسية بجميع أطيافها إلى التمسك بالدين وتغليب مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية حتى تستقر البلاد , وأرشدهم إلى ضرورة الإقتداء بسنة النبي، صلى الله عليه وسلم، والتأسي بسيرته العطرة والتمسك بأخلاقه الحميدة في كل زمان ومكان للخروج بمصر إلى بر الأمان , لكن هيهات هيهات أن يسمعوا أو يعقلوا .
وكل ما اتهم به المسجد أنه قريب من " الاتحادية " قصر الحكم في مصر حيث نكث العلمانيون في العهود التي وثقوها بالأمس فقط وتعاقدوا عليها في الأزهر الشريف أمام شيخه على سلمية المظاهرات ونبذ العنف , فإذا بهم يدفعون غلمانهم وسفهاءهم للاعتداء على قصر الاتحادية واعتلاء أسواره بينما غاب زعماؤهم عن المشهد , فهل هؤلاء العلمانيون يعادون نظام الحكم أصلا أم يعادون الإسلام ذاته ؟
إن ما نتأمله من تعامل العلمانيين مع الأديان نجدهم يحترمون النصرانية ويطأطئون الرؤوس أمام زعمائها وقادتها ويطلبون منهم البركات والمعونات ويحرصون على الذهاب إليها في كل مناسباتها ويتحدثون بإجلال بالغ مع بابا الأقباط ( محمد أبو حامد وحمدين صباحي وعمرو موسى واحمد شفيق والكثيرون ) , ونراهم حينما يتحدثون عن اليهود يتحدثون عنهم بكل إعجاب وإكبار بل ويتعاملون مع كذباتهم التاريخية بيقين شديد ويعتبرون أن الإسلاميين مقصرون في ذلك ( البرادعي والهولوكوست ) , بل عندما يتحدثون عن الديانات الوضعية الوثنية يتحدثون بنفس الإجلال والتقدير ( البرادعي ومعابد بوذا ) , ولكنهم يتجرءون على الإسلام والمسلمين وعلماء الدين وشيوخ المساجد ووصلت إلى التعدي على المساجد , فمسجد القائد إبراهيم سابقا وما حدث فيه وأخيرا مسجد عمر بن عبد العزيز , ولهذا يصعب تصديق أن هؤلاء العلمانيين يستهدفون الرئاسة فحسب , بل سهامهم توجه لكل ما هو إسلامي بدء بالرئيس ومرورا على كل مظهر وشعيرة إسلامية .
ومخطئ من يظن أن حرق المسجد لم يكن متعمدا , فقد بذل العلمانيون جهودهم بكل قوة لاستفزاز الجماعات الإسلامية لدفعها للنزول في الشارع وإحداث حالة من القتل غير مسبوقة لتصدير الصورة للعالم بان الرئاسة المصرية غير قادرة على السيطرة على الموقف مما يسمح للغرب بالتدخل الحقيقي أو الرمزي , فتعود مصر في أحضان العلمانيين مرة أخرى , ولهذا جاء الاعتداء على المسجد وحرقه لإجبارهم – جميعا أو المتحمسين منهم على الأقل – على النزول والالتحام .
إن ظهور تلك اليد الشبابية المسلحة التي تتحرك بيد علمانية وأخرى نصرانية لهو دليل على تحالف علماني مسيحي موجه ضد الإسلام من الأساس , وما صورة مهاجمة رئيس الدولة إلا جزء فقط من تلك السياسة الجديدة , ولهذا على القيادة المصرية أن تسرع الخطى لوقف هذا العنف بإظهار الحقائق كاملة للشعب عن هذه العصابات المسلحة ومن يقف وراءها ومن يمولها ويدربها ويوجهها ويخطط لها لكي يقف الجميع على حقيقتها لتظهر الحقائق ويوضع كل منهم في نصابه ومكانه الصحيح , كما يجب على الدولة أن تسرع في إيجاد أي خطوة اقتصادية ايجابية وعاجلة للشعب المصري الذي بات كثير منه ينتظر من يقدم له حلولا اقتصادية ناجزة وسريعة بصرف النظر عن الإطار الفكري والعقائدي الذي ينتهجه أو ينتمي إليه.
-------------
المصدر : مركز التاصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: