(314) مناقشة رسالة ماجستير حول مواجهة مشكلات أطفال الشوارع *
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 23328
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نوقشت هذه الرسالة فى يوم الأحد الخامس عشر من ربيع الأول عام 1434هجرية الموافق السابع ةالعشرين من يناير عام 2013 ميلادية بقاعة المناقشات بمبنى كلية التربية بجامعة الأزهر بالقاهرة
--------
خطاب التقديم
بسم الله الرحمن الرحيم وصلاة وسلاما على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . رب اشرح لى صدرى، ويسرلى أمرى، واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى . اللهم إنى أسألك الإخلاص فى النية، والصواب فى العمل.
إنه من دواعى سرورى وسعادتى أن يختارنى أخى العزيز الأستاذ الدكتور إكرام غلاب لمناقشة هذه الرسالة، فله منى الشكر الجزيل، وله منى الدعاء أيضا بالعفو والعافية ، فهو لا يزال يغدق على طلابه الوقت والجهد رغم ظروفه الصحية.
وإنى لأذكره بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتفق عليه "....والذى نفسى بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها "، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا :" إن الرجل لتكون له الدرجة عند الله لا يبلغها بعمل حتى يبتلى ببلاء فى جسمه فيبلغها بذلك "، و قوله صلى الله عليه وسلم كذلك :" إذا اشتكى المؤمن أخلصه ذلك من الذنوب كما يخلص الكير الخبث من الحديد ".
قام أبو بكر الصديق على المنبر ثم بكى فقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكى فقال اسألوا الله العفو و العافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية رواه الترمذي . ولهذا فإنى أدعو الله للدكتور إكرام بالعفو والعافية بأن يبارك الله له فى جسده وفى سمعه وفى بصره، وأن يثبت قلبه على دينه، وأن يحسن عاقبته فى الأمور كلها، وأن يعنه على ذكره وشكره، وحسن عبادته .
أما أخى العزيز الدكتور أحمد بشير الذى أسعد بلقائه فى مناقشة رسالة للمرة الثانية، فلم أكن أعلم حتى أيام قليلة خلت أنه تعرض لوعكة صحية شديدة والحمد لله الذى عافاه منها . وأبشره بواقعة لأحد المهاجرين عادا مريضا فقال له :" إن للمريض أربعا : يُرفع عنه القلم، ويُكتب له الأجر مثل ما كان يعمل فى صحته، ويَتبع المرض كل خطيئة من مفصل من مفاصله فيستخرجها ".
وإنى أدعو له بأن يبارك الله له فى صحته وفى ولده،وألا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يصلحُ له شأنه كله .
أما فارس المستقبل الواعد بإذن الله الأستاذ الفاضل الدكتور مجدى سويدان الذى سعدت بلقائه والتعرف عليه منذ أيام قليلة خلت ، فإن له حظا من الدعاء . أسأل الله له أن ييسر الهدى له، وأن يجعله شكارا، ذكارا، رهابا له، مطواعا، مخبتاَ أوّاهاً منيباَ لله تعالى، وأن يجب دعوته ، ويثبت حُجته، ويسددُ لسانه .
أما الباحث فإنى أسأل الله له أن يعينه ولا يعن عليه، وينصره ولا ينصر عليه، وأن يهده وييسر الهدي إليه .
حيثيات المناقشة
أكرر ما أقوله فى بداية كل مناقشة بأن لى مجموعة من الملاحظات وهذه الملاحظات هى مجرد وجهات نظر لا أجزم بصحتها، وقد يكون للباحث ولأساتذة الإشراف الأفاضل وجهات نظر مخالفة لما أقول، ولهذا يسعدنى أن تكون المناقشة فى صورة تبادل لوجهات النظر لما فيه صالح الطالب وصالح الباحثين .
تنقسم ملاحظاتى على الرسالة إلى قسمين :
الأول ملاحظات عن أخطاء اشترك فيها الباحث مع آخرين وسبق أن أوضحناها فلن نعيد تكرارها، ولكننا سنحيل الباحث إلى التفاصيل المنشورة عن هذه الملاحظات،وعليه أن يضعها فى اعتباره قبل أن يضع رسالته فى صورتها النهائية . ومن حسن حظ الباحث أن الإحالة ستكون إلى الرسالة التى ناقشناها بتاريخ 15/3/2013 فى موضوع قريب الصلة بموضوع الباحث،وهذه الملاحظات منشورة على صفحتى بموقع بوابتى تحت رقم 313، وذلك على النحو التالى :
1- ملاحظات عن الجديد الذى يجب أن يوضع فى الاعتبار عند تناول المفهوم الإجرائى
2- ملاحظات عن الدراسات السابقة وعن النهج الجديد فى التعامل معها.
3- ملاحظات عن ضرورة التفرقة بين أسئلة الحقائق وأسئلة الاتجاهات عند تصميم الاستبانة.
4- ملاحظات عن تصدير الرسالة بالآيات القرآنية على سبيل التبرك أو كديكور وأنها تفسير للقرآن بالرأى وهذا محرم شرعا.
5- ملاحظات عن عدم الالتزام بقواعد علامات الترقيم.
6- ملاحظات عن عدم الاستخدام الصحيح للأرقام .
7- ملاحظات عن كتابة المصطلحات والملخص باللغة الانجليزية.
أما القسم الثانى من الملاحظات :
فهو ملاحظات لأخطاء تفرد بها الباحث بحكم اختلاف موضوع رسالته عن الرسائل الأخرى وقد تكون من نفس نوع الأخطاء فى القسم الأول ولكنها بشكل مختلف .
وينقسم هذا النوع الثانى من الملاحظات إلى ثلاثة أقسام هى : الملاحظات الموضوعية والمنهجية، ثم الملاحظات الشكلية وأخيرا الملاحظات العقدية.
القسم الأول : الملاحظات الموضوعية والمنهجية
أولا - ملاحظات حول التساؤلات والدراسة الاستطلاعية
هناك ثلاثة شروط يجب الالتزام بها عند كتابة تساؤلات البحث وهى : اتساق هذه التساؤلات مع أهداف البحث، وإجابة التساؤلات عن أسئلة (ماذا وكيف ومتى وأين) تحقيقا للتنوع،وأن تجمع هذه التساؤلات بين التساؤلات الوصفية،وتساؤلات الفروق، وتساؤلات العلاقات تحقيقا للتنوع أيضا . وبتطبيق هذه الشروط على تساؤلات البحث الذى بين أيدينا تتبين الملاحظات السبع الآتية :
1- من المسلم به منهجيا أن تساؤلات البحث العلمى هى ترجمة مفصلة لأهداف البحث . ويرى بعض الباحثين أنه طالما أن تساؤلات البحث هى أهدافه فإنه لا داعى لذكر الأهداف، ويرى البعض الآخر أنه لا مشكلة هناك فى ذكر التساؤلات والأهداف،حتى ولو كان هناك تكرارا . وقد أخذ الباحث بوجهة النظر الأخيرة فكانت أهداف الدراسة هى نفس تساؤلات الدراسة ص (8-9) . ونحن لا نوافق على وجهة النظر هذه لأن هذا التكرار كان حائلا دون الوقوف على مدى اتساق التساؤلات مع الأهداف . وتبين أن هناك اختلافا بين عنوان البحث وبين الهدف الذى حدده الباحث لبحثه فى ثنايا عرضه لمشكلة البحث فى ص (8) . العنوان يتحدث عن تكامل الجهود الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى، والهدف الذى ذكره الباحث هو تفعيل عملية الاتصال والتنسيق والتعاون بين الجهتين المشار إليهما، فالتكامل شيئ والتفعيل شيئ آخر . وإذا كان الباحث يقصد تفعيل التكامل فهو لم يوضح هذا فى عنوان الرسالة ؟ وكان من نتيجة ذلك غموض العنوان .
2- يدور التساؤل الأول حول الدور الفعلى لتكامل جهود الجهتين المشار إليهما، وهذا التساؤل ليس فى محله . ومن المفروض أصلا أن تكون الإجابة على هذا التساؤل أحد جوانب الدراسة الاستطلاعية التى يقول الباحث أنه قام بها . فمن مهمة الدراسة الاستطلاعية أن تكشف لنا عن الواقع الفعلى لهذا التكامل، هل هو قائم أو منعدم، فإذا كان قائما فما هى درجته، وهل يحتاج إلى تفعيل أم لا ؟ ومن الإجابة على هذه الأسئلة تتحدد أهمية القيام بالبحث من عدمه .
3- الأسئلة الفرعية التى وضعها الباحث عن أهداف وأشكال الاتصال والتنسيق والتعاون لا أرى أنها ذات أهمية، فموضوعنا هو التكامل بين هذه الأبعاد فى مواجهة مشكلات أطفال الشوارع . كما أن أهداف وأشكال هذه الأبعاد لا يتم الوقوف عليها عبر استمارة استبانة توجه للمسئولين فى الجهتين، وإنما يتم الوقوف عليها، إما عن طريق الدراسات النظرية الخاصة بالتكامل، أو الدليل الخاص بكل جهة من الجهتين المشار إليهما .
4- التساؤل الخاص بالوقوف على الانجازات الناتجة عن هذا التكامل، لا يتطلب الإجابة عليه وضع أسئلة مصاغة فى استبانة، إنما يكون من سجلات الجهتين .وهو يدخل أيضا تحت الدراسة الاستطلاعية، لأنه بناء على تقويم هذه الانجازات ستبرز الحاجة إلى تفعيل التكامل من عدمه .
5- التساؤل الخاص بالدور المتوقع لتكامل الجهود المشار إليها، تساؤل لا حاجة لنا به، ولم أجد له أثرا واضحا بين صفحات الرسالة.
5- التساؤل الخاص بالدور الإجرائى للأخصائى الاجتماعى فى جهود التكامل يحتاج إلى وقفة خاصة ستأتى فى حينها .
6- يعود الخلل فى تصميم هذه التساؤلات فى جانب كبير منه إلى أن الدراسة الاستطلاعية التى قام بها الباحث لم تكن على الوجه المطلوب . كل ما قاله الباحث فى ص (6) هو أنه أجرى دراسة استطلاعية على عشرة أخصائيين اجتماعيين فى المجلس القومى للطفولة والأمومة وقرية الأمل وتعرف على البرامج والخدمات التى تقدمها هاتين الجهتين لأطفال الشوارع، وطبيعة العلاقات بينهما، كما اطلع على التقارير النهائية لورش العمل والمشاريع التى قامت بهما الجهتين مع أطفال الشوارع .
من الناحية المنهجية تعتبر هذه الدراسة الاستطلاعية قاصرة ، فمن المفترض أن يكتب الباحث تفصيلا عن هذه الدراسة محددا الآتى :
أ- الأفكار الجديدة التى أمدته بها هذه الدراسة وكيف ساعدته على فهم المشكلة التى يدرسها .
ب - ماهى جوانب القصور في إجراءات تطبيق منهج وأدوات جمع بيانات البحث بحيث أمكنه تعديل تعليماتها في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة الاستطلاعية.
ج- كيف استفاد الباحث من الدراسة الاستطلاعية فى التدريب على تطبيق الاستبانات التى قرر استخدامها فى الدراسة التى يزمع القيام بها، بحيث يتمكن من تطبيقها بمهارة أكبر على مجموعات الدراسة الأساسية، وماهى النقاط الهامة التى لاحظها عند تطبيقه الاستبانة على العينة فى الدراسة الاستطلاعية، وأخذها فى الاعتبار عند القيام بالدراسة الأساسية، وكذلك التأكد من مدى صلاحيتها للتطبيق.
د- كيف استطاع الباحث عبر الدراسة الاستطلاعية أن يتعرف على الصعوبات المحتمل أن يواجهها فى الدراسة المستقبلية وكيفية حلها .
هـ - كيف ساعدته الدراسة الاستطلاعية فى تقدير ما يمكن أن تستغرقه الدراسة الميدانية من وقت.
الباحث تحدث فى بضع سطور عن الدراسة الاستطلاعية كما أشرنا، ولا ذكر لهذه التفاصيل الهامة فى بحثه على الاطلاق .
7- الشرطان الثانى والثالث فى تساؤلات البحث لم يتحققا بصورة كاملة فالتساؤلات تدور معظمها حول الإجابة على السؤال ماذا فقط، كما أنها جميعها تنتمى إلى التساؤلات الوصفية، ولا أثر لتساؤلات الفروق وتساؤلات العلاقات، ومن ثم افتقدت التساؤلات للتنوع المطلوب الذى يثرى البحث وفقا للشروط التى وضعها المهتمون بالبحث العلمى.
ثانيا - ملاحظات حول عنوان الرسالة
1- كان من الأفضل للباحث أنه طالما ذكر مصطلح "المنظمات الحكومية" أن يتبعه مباشرة ب مصطلح " المنظمات غير الحكومية " . أما إقحام مصطلح " المجتمع المدنى"، فأراه لو قام بتغطيته التغطية العلمية المطلوبة لأدخله فى متاهات وتفصيلات لا يتحملها البحث، وهو قد تجنب الخوض فيه على العموم .
2- لا يصح استخدام مصطلحين شاع استخدامهما كمترادفين فى عنوان واحد . الباحث استخدم مصطلحى المنظمات والمؤسسات معا، وكان يلزمه أن يستخدم أحدهما فقط إما المنظمات أو المؤسسات . الدليل على ذلك أن الباحث عرف مؤسسات المجتمع المدنى فى ص (20) بأنها " منظمات أو مؤسسات ".
ثالثا - ملاحظات حول موضوع الرسالة
1- إغفال الباحث القراءة الدقيقة فى المجال العام لمشكلته البحثية
فى الأسابيع الأولى للسمنار أوضحت أن على الباحث قبل أن يحدد موضوع بحثه أن يقرأ جيدا فى المجال العام الذى استخرج منه المشكلة البحثية . وموضوع البحث هنا هو "تكامل جهود المنظمات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى فى مواجهة مشكلات أطفال الشوارع"، والمجال العام الذى تنتمى هذه الرسالة هو العلاقة بين المنظمات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى .والواضح هنا أن الباحث لم يلتفت إلى أهمية ذلك . وذهب مباشرة إلى دراسة التكامل بين الجهود الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى، وأدى انغراقه فى "جزئية التكامل" إلى إغفال العديد من العوامل التى تؤثر على مواجهة مشكلات هؤلاء الأطفال . وسوف نأتى إليها فى حينها.
2- موطن القوة فى الرسالة تحول إلى موطن ضعف
حول الباحث موطن القوة فى الرسالة إلى موطن ضعف . يصعب على قارئ عنوان الرسالة أن يحدد أنه يدخل تحت تخصص الخدمة الاجتماعية، فالعنوان يمكن أن يدخل تحت تخصصات مختلفة، ولا يحميه من ذلك استخدام تعبير مواجهة مشكلات أطفال الشوارع، فهذا التعبير يجعله أقرب إلى دائرة علم الاجتماع أكثر منه إلى دائرة الخدمة الاجتماعية . ويعرف القارئ أنه يدخل تحت دائرة الخدمة الاجتماعية فى موضعين فقط : الأول عند قراءته لعبارة " أنه يدخل ضمن مقتضيات الحصول على درجة الماجستير فى الخدمة الاجتماعية"، والثاني حينما يتصفح محتويات الرسالة فيجد أن الفصل الرابع بعنوان : " الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية ومشكلات أطفال الشوارع ". ولو حذف هذا الفصل برمته ما عرف موضوع الرسالة إلى أى تخصص ينتمى . ولهذا بدا على أنه فصل مقحم فى الرسالة مع أنه أهم فصل فيها، ولهذا نقول أنه لو كان محور الرسالة يتمركز حول " الممارسة العامة أو دور الأخصائى الاجتماعى فى تكامل جهود المنظمات الحكومية وغير الحكومية "، لكان إضافة جديدة إلى التخصص وساعد على إنقاص حجم الرسالة إلى النصف . ومن هنا جاء الرأى بأن أهم موطن القوة فى الرسالة تحول إلى أهم مواطن الضعف فيها .
3- غموض وتشويش أهم مفاهيم الرسالة وهما التكامل والمجتمع المدنى
استخدم الباحث مفهوم "التكامل" الذى يعد كما يقول أحد رواد نظرية التكامل وهو " جوزيف ناي " من أكثر المفاهيم خلطاً و تشويشا. ولا يمكن للباحث أن يدعى بأنه يقصد هنا التكامل بمعناه العربى البسيط الذى حدده بأنه كمال الأشياء مع بعضها البعض، أو أنه تضافر الجهود وتحقيق التعاون كما حدده أساتذة الخدمة الاجتماعية . الباحث يقصد تكامل الجهود الحكومية مع منظمات المجتمع المدنى . فدخل فى قضية أكثر تعقيدا وهى قضية المجتمع المدنى . " المجتمع المدني " نفسه كما وصفه المتخصصون فيه، مصطلح غامض، متعدد المعاني، ذو تاريخ مشبوه،يمكن تطويعه في خدمة عدة أغراض ؛ لكنه يُقدم الآن بكثير من الزخرف ليعمِّي بريقُه عن كل ما عداه، وكأنه الحل السحري لجميع مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية وغيرها . ما نقصده هو أن نبين أن البحث العلمى لا يعنى الفهم السطحى للأمور، وتناول قضايا تروج لها الدعايات لأغراض أبعد من أن يفهم الباحث أبعادها .
سنغض الطرف عن هذه الملاحظة حتى لا نتهم بالتفلسف أو السفسطة وتعقيد الأمور . ونؤكد على أن مفهوم التكامل أوقع الباحث فى الاضطراب والتشوش لأن هذه هى طبيعة المفهوم ، فهو لم يحدد فى العنوان مالذى سيدرسه فى التكامل : العملية أم الأبعاد، فلو كان سيدرس عملية التكامل لكان لزاما عليه أن يجعل عنوان الرسالة "عملية التكامل بين كذا وكذا "، وبما أنه استخدم فى الرسالة أبعاد التكامل الأربعة وهى ( الاتصال والتنسيق والتعاون والانجاز)، كان لزاما عليه أن يجعل عنوانها : "أبعاد التكامل بين كذا وكذا ". هناك فرق بين العملية والأبعاد . العملية هى سلسلة من الأحداث والتغيرات والوظائف والعمليات التى تؤدى إلى نتيجة ما . أما الأبعاد فهى الجوانب والصفات والعناصر والعوامل التى تشكل كيانا أو وضعا معينا. ركز الباحث فى الرسالة على أبعاد الاتصال والتنسيق والتعاون والانجاز، فترك الأهم والتفت إلى ما هو أقل أهمية . الذى يعنينا فى الخدمة الاجتماعية هو عملية التكامل بمعنى الأحداث والتغيرات والوظائف والعمليات التى أشرنا إليها أكثر من الاهتمام بالأبعاد .
4- حول إغفال الباحث عرض الجديد فى موضوع بحثة فى الفترة ما بين انتهائه من كتابة الرسالة ومناقشتها.
أناط المهتمون بالبحث العلمى حديثا مهمة جديدة لعرض ملخص الرسالة العلنى بحيث لا يقتصر على مجرد عرض لما جاء فى الرسالة، وإنما يمتد ليشمل الآتى : " أن يقوم الباحث بتتبع الجديد الذى حدث فى موضوع رسالته منذ اللحظة التى سلم فيها رسالته إلى القسم وحتى مناقشته فيها،وهى فترة تمتد إلى شهر أو أكثر، وقد تمتد إلى سنوات فى بعض الأحيان، ثم يعرض هذا الجديد فى هذا الملخص الذى سيتلوه، ويتعهد بإضافته إلى الرسالة قبل أن يعتمد منحه لها . هناك مؤتمرات تعقد، وأبحاث تنشر فى دوريات، وتطورات سياسية ومجتمعية لها قد يكون لها علاقة بموضوع رسالته، وكلها تحدث فى الفترة بين تسليم الرسالة ومناقشتها،على الباحث أن يكون ملما بها وواعيا لها . وسأضرب مثالا على ذلك فى هذه الرسالة .
كان يلزم الباحث أن يتابع فى الفترة الجديدة ما نشرته أحدث الدوريات فى موضوعها لا أن يقف ساكنا منتظرا للمناقشة، وإذا كان هناك جديد فعليه أن يعرضه عند المناقشة على أساس أنه متابع للجديد فى موضوع الرسالة حتى مناقشتها. أما من ناحية الأحداث المجتمعية فإنى أستبق القول بالتأكيد على أن ما أقوله ليس له ارتباط باتجاهات أو ميول سياسية، فالأكاديمى يخضع السياسة لأكاديميته ولا يخضع هو لها، وإلا غلبه الهوى السياسى وفقد موضوعيته .
أكمل الباحث كتابة رسالته فى فترة ما قبل ومابعد أزمة الدستور والإعلان الدستورى فى مصر، ولا يمكن القول بأن ما كتبه الباحث فى الرسالة لا ارتباط له بموضوع الدستور . يقول الباحث فى ص (104) أن المادة العاشرة من دستور 1971 تنص على "أن الدولة تكفل حماية الطفولة والأمومة وترعى النشئ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم ". وبعد أن أكمل الباحث وقبل مناقشتها تم اعتماد الدستور الجديد وتغيرت المادة السابقة وحل محلها المواد 67-68و69-70 وكلها مواد تتعلق برعاية الطفولة والشباب، فكان يلزم على الباحث حتما أن يشير إلى هذه التعديلات فى عرضه العلنى ثم يضيفها إلى رسالته قبل اعتمادها . وضربت هذا كمثال على الجديد فى موضوع العرض العلنى لملخص الرسالة، رغم ضعف ارتباطه بموضوع تكامل الجهود الحكومية وغير الحكومية .
5- ملاحظة حول التعريف الإجرائى
قام الباحث بإعطاء التعريفات الإجرائية لأبعاد التكامل الأربعة التى أشرنا إليها، وعند وضعه للتعريف الإجرائى لمفهوم التكامل ذاته، وضع نفس هذه الأبعاد فى صورة مخالفة تماما لمفهوم التعريف الإجرائى الذى تحدد على أنه " بيان يصف كيفية قياس متغير أو مفهوم معين، أو هو عملية يمكن عن طريقها تعريف خصائص مفهوم معين بما فيها تحديد ماهيته وتصنيفاته " .
الباحث هنا قال أن التكامل هو أن يكون هناك اتصال، القدرة على التنسيق، إيجاد علاقة تعاونية، ثم قال :التكامل يدعو إلى الوحدة والقوة والترابط وينبذ الفردية والأنانية، ثم ذكر الآية القرآنية:"واعتصموا بحبل الله جميعا...." المائدة 2 وقال : وهذا خير تفسير لما يقصد من التكامل . هذا ليس تعريفا إجرائيا بالمرة .
" جوزيف ناى" أحد رواد نظرية التكامل الذى أشرنا إليه وضع وتبعه فى ذلك الكثير من المنظرين مجموعة من المؤشرات لتعريف التكامل تعريفاً إجرائياً أكثر قابلية للقياس والملاحظة العلمية حيث قسم التكامل إلى أجزاء أو مجالات متنوعة وحدد في كل مجال عددا من المؤشرات التي يمكن على أساسها معرفة مدى تحقق التكامل والمقارنة بين حالات التكامل المختلفة فهناك التكامل الاقتصادي و يشمل التكامل التجاري والخدمات المشتركة وهناك التكامل الاجتماعي ويشمل التكامل بين الجماهير والتكامل بين النخب وهناك التكامل السياسي ويشمل التكامل المؤسسي والتكامل في السياسات العامة والتكامل في الاتجاهات وهناك التكامل في مجتمع الأمن وحل المنازعات بطرق سلمية بين الوحدات المتكاملة .كل هذا لا وجود له فى دراسة الباحث، وهذا أدى إلى تورطه بسبب التشوش فى مفهوم التكامل فى أنه كتب عن أنماط التكامل واستقى أربعة منها من دراسة تجريبية أجريت فى علم النفس الاجتماعى عن واحدة وستين جماعة من جماعات الأطفال، ثم أضاف إليها التكامل الاجتماعى . وتحدث فى نفس الوقت عن فلسفة التكامل وقوانين التكامل وكل هذا حشو لا لزوم له.
6- ملاحظة حول الدراسات السابقة وتوظيف النظرية فى الجانب الميدانى
تجنبا للتكرار أنبه الباحث أيضا بالرجوع إلى ملاحظاتى حول الدراسات السابقة فى مناقشتى للرسالة المشار إليها فى البند الرابع من الملاحظات الموضوعية. ولكنى أضيف ملاحظة أخرى هنا .
من أهم المشكلات التى يعانيها الباحثون عدم قدرتهم على توظيف النظرية فى الجانب الميدانى، لكن لهذه الرسالة وضعية خاصة تحتاج منا إلى تفصيل . الباحث قد نجح إلى حد كبير فى اشتقاق تساؤلات دراسته من الإطار النظرى، ونجح أيضا فى توظيف الإطار النظرى الذى اختاره فى دراسته الميدانية، لكنه فشل فى نقطتين، الأولى : فى وضع الصياغة الصحيحة لهذا التوظيف . والثانية :فى عجزه عن إبراز حيثيات المرتكزات التى استند إليها فى ربط عناصر النظرية بمحاورها الأساسية.
ونفصل ذلك على النحو التالى :
أ- عرض الباحث أربع نظريات وصفها فى صفحتى (39) و(48) بأنها الموجهات لدراسته وهى : البنائية الوظيفية والأنساق والمنظمات والتبادل وامتداد السلم اعتبرها أنها مفسرة للتكامل وأنه سيوظفها بصورة تحقق أهداف البحث وتوجه خطواته ومراحله. الواقع أن الباحث لم يوظف هذه النظريات لامنفردة ولا مجتمعة فى دراسته ولم يبين كيف وظفها . والواقع أيضا أنه لن يستطيع لأن هذه النظريات الخمس متنافسة فيما بينها بحسب ما تستند إليه من مرجعيات ولا يتحقق فيها مبدأ البساطة ووحدة النظرية وقوة الربط بين الأشياء وتوحيدها فى صورة مفاهيم جديدة وهذا لا يتوفر فى كل النظريات وإن تحقق فى بعض منها .
ب- يقول الباحث فى ص (39) : أن هذه النظريات ساعدته على وضع تصميم للبحث وتجنب الأخطاء المنهجية . الباحث لم يستخدم هذه النظريات وبالتالى لم يبين كيف تحقق هذين الهدفين .
الخلاصة أننا لم نجد أى أثر لتوظيف هذه النظريات،فبحثنا عن الإطار الذى استند إليه الباحث فى دراسته الميدانية . ورجعنا إلى الدراسات السابقة التى استعان بها . فوجدنا الآتى :
أن الباحث صنف الدراسات السابقة فى ثلاثة أنواع الأولى : دراسات تتعلق بمشكلات أطفال الشوارع وعددها أحد عشر دراسة، وهذه الدراسات حشو لا لزوم له ولا تدخل فى صلب الموضوع. أما النوع الثانى من الدراسات فهى تتعلق بالممارسة المهنية مع أطفال الشوارع وعددها خمس دراسات، هى أيضا حشو لا لزوم له لأنها ورغم أهميتها لا علاقة لها بالتكامل بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية. النوع الثالث من هذه الدراسات وهى دراسات التكامل وهى التى تهمنا وتدخل فى صلب موضوع الدراسة وهى دراسات الدكتور ابراهيم حجاج ودندراوى ومحمد رشدى وآخرون وعددها تسع دراسات تتناول فى معظمها الأبعاد الأربعة للتكامل التى استعان بها الباحث فى توجيه دراسته وهى : الاتصال والتنسيق والتعاون والإنجاز . ويمكن القول باختصار أن الباحث استقى نموذجا نظريا من هذا النوع الأخير من الدراسات هو الذى نجح فى توظيفه فى خدمة دراسته مع الأخذ فى الاعتبار الملاحظة التى أشرنا إليها عن مرتكزات ومحاور هذا التكامل .ولأن الباحث لم يصغ ما قام به صياغة واضحة محددة المعالم، فتسبب ذلك فى غمط جهده الواضح فى ربط النموذج النظرى بالجانب الميدانى .
ج - يقول الباحث فى ص (39) : أن البحث يعمل على فتح الطريق للنظرية وتنقيتها وتحقيقها وإعادة تشكيلها . وهذ الجانب لا وجود له مطلقا فى رسالة الباحث.
د- قيد الباحث نفسه فى مربع الاتصال والتعاون والتنسيق والانجاز، على اعتبار أن هذا المربع يمثل أبعاد التكامل، فأغفل بالطبع الاهتمام بهذه الدراسات الهامة التى تناولت قضايا لها دورهما الحاسم فى مواجهة أطفال الشوارع، وهى هذه الدراسات المعنية بما يسمى بعلاقة المنظمة الأهلية بالفئة المستفيدة من خدماتها وتأثير هذه العلاقة على مواجهة مشكلاتها . وهذه الفئة المستفيدة هنا هى فئة أطفال الشوارع .المفروض أن هذه العلاقة تأخذ شكل الشراكة الحقيقية بين الطرفين، بدلا من أن تكون علاقة وصاية من جانب من يقدم المساعدة أو الخدمة نحو من يتلقاها بشكل سلبى. حيث تسود العلاقة نظرة فوقية لا تثق فى قدرات الفئات المستهدفة على المشاركة، واعتبارها فئة ضعيفة تستبعد تقريباً من أي نوع من أنواع المشاركة، سواء في تحديد احتياجاتها أو في المشاركة في صنع القرارات أو السياسات في المنظمة. وتبقى الفئات المستفيدة مستقبلة للمساعدة أو للخدمة دون أن يكون لها دور ملحوظ. وتتعارض هذه العلاقة بشكل خاص مع ما يجب أن يكون في إطار المنظمات العاملة في مجال وتأهيل أطفال الشوارع حيث إن مشاركة الأطفال تمنحهم الحق في المشاركة المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل التي صدقت عليها كل الدول العربية، بالإضافة إلي أن مشاركة الأطفال هي الضمان الحقيقي لالتزامهم بالقرارات التي يشاركون في وضعها، ومن ثم ضمان تعاونهم في التنفيذ.
من الدراسات التى كان يجب أن تكون محل اهتمام الباحث والتى أدى عدم قراءته المستفيضة فى المجال العام لمشكلة بحثه إلى إغفالها هى منطقة الفساد والتربح فى القطاع الأهلى التى أشارت إليها بعض الدراسات، ولا شك أن هذه المشكلة داخل المنظمة الأهلية تؤثر على مواجهة المشكلات الأساسية لأطفال الشوارع.
هناك دراسات عالجت موضوع الفساد وأظهرت أنه في الوقت الذي لا يمكن فيه اجتثاث الفساد كليا، يمكن محاصرته، وجعل ممارسته صعبة أمام الفاسدين، وتضييق الفرص أمام الذين يميلون لممارسة الفساد. ويتحقق ذلك من خلال ( ممارسة تقوم على الشفافية - تعزيز روح المساءلة- إشاعة ثقافة مهنية تحارب الفساد).وهذه قد أشرنا إليها أيضا فى المادة التى سبق ذكرها .
وإذا تعلل الباحث بأن هذه الدراسات لا ارتباط لها بموضوع بحثه عن التكامل وأنها تصب فى دائرة المنظمات الأهلية يقال له : أننا إذا نظرنا إلى جهود التكامل كمتغير مستقل يؤثر على المتغير التابع وهو مواجهة مشكلات أطفال الشوارع،، فإن التربح والفساد أو النظرة الفوقية للمنظمات غير الحكومية لأطفال الشوارع هى متغيرات وسيطة من حيث أن لها دورا فى المتغير التابع وهومواجهة مشكلات أطفال الشوارع، وبسبب وجودها لا يؤتى التكامل ثماره لصالح مواجهة مشكلات هؤلاء الأطفال .
رابعا : ملاحظات عن التصور المقترح
أعتقد أن تصورات الباحث للاخصائى الاجتماعى القائم بمهمة التكامل هى خيالات شاعر، فقد تصوره على أنه رجل خارق أسند إليه أكثر من ثلاثين مهمة، لو نجح فى أداء أقل القليل منها طوال عمره الوظيفى الاجتماعية مثل (تعبئة المنظمات الحكومية وغير الحكومية والجهات المعنية للمتابعة والرقابة المستمرة للمشروعات والتقييم المتواصل لها لأشير إليه بالبنان،وكان علامة بارزة فى تاريخ الخدمة الاجتماعية .
ومن ناحية أخرى حدد الباحث للاخصائى الاجتماعى القائم بمهمة التكامل أربع عشرة صفة تجمع الذكاء والصبر وضبط النفس والقدرة على النقد الذاتى والاتزان الانفعالى إلى غير ذلك من الصفات التى تجعل منه رجلا يمشى على الماء ويطير فى الهواء وحتى هذه الصفة لو تحققت، فإن العلماء قالوا إذا رأيتم الرجل يطير فى الهواء ويمشى على الماء فلا تصدقوه حتى تعرفوا أين هو من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه الصفة لا وجود لها فى مواصفات الاخصائى الاجتماعى .
ونستدل على ذلك بدراسة أجرتها كلية رود آيلاند فى عام 1992 بعنوان " أخصائيون اجتماعيون معتلون" . تقول هذه الدراسة :" اعترفت الهيئة القومية الأمريكية للاخصائيين الاجتماعيين فى عام 1979 بمشكلة وجود اعتلالات عند الممارسين للخدمة الاجتماعية، ويتمثل هذا الاعتلال فى مظهرين هما : فشل الاخصائيين الاجتماعيين فى إمداد عملائهم بالخدمة المهنية اللازمة لهم، وانتهاك الأخصائيين أنفسهم للميثاق الأخلاقى للمهنة كالدخول فى علاقات خاصة مع العملاء أو الاخفاق فى العمل بسبب إدمان المخدرات وغير ذلك . وأشارت دراسات أخرى إلى أن الممارسين أنفسهم يتعرضون لضغوط متعددة اجتماعية ونفسية وعقلية تؤثر على أدائهم المهنى .
القسم الثانى : ملاحظات شكلية
1- ملاحظات حول كبر حجم الرسالة
من المتفق عليه ألا يزيد حجم رسالة الماجستير عن مائتين وخمسين صفحة وتكون أطروحة الدكتوراة فى حدود ثلاثمائة وخمسين صفحة،أو أن تتراوح صفحات رسالة الماجستير ما بين عشرين ألف إلى خمس وعشرين ألف كلمة، والدكتوراة فى حدود ثلاثين ألف كلمة ولا يدخل فى هذا العدد النصوص المحققة والملاحق،مع التأكيد أن الأمر ليس كميا فجودة وتفرد الرسالة ونوعية البحث هى الأهم . الرسالة التى تناقشها اليوم هى رسالة ماجستير عدد صفحاتها ثلاثمائة وسبع وخمسين صفحة غير الملاحق التى بلغت ما يقرب من خمسين صفحة فزادت صفحات الرسالة عن اربعمائة صفحة . وهذا يعنى أن كمية الحشو الذى لا لزوم لها فاقت الحد.
ومن المعروف أن الزيادة فى حجم الرسالة قد تكون راجعة إلى الرغبة فى التباهى والتدليل على قوة أو ثراء الرسالة أو عظم الجهد الذى بذله الباحث، وإما قد تعود إلى إدراك الباحث عدم وجود توازن بين فصول رسالته فقام بملئه حشوا . والأصل أن يبنى الباحث رسالته على المضمون لا الحجم، فرب باحث قدير يكتب فى صفحات معدودة كتابة مركزة ما يكتب به غيره عشرات الصفحات، وهذه هى البلاغة بدلا من تضييع الورق وإرهاق المناقشين من أجل تحصيل فكرة يمكن تقديمها بشكل واف فى صفحة واحدة أو بضع صفحات . المقصود هنا هو أن كل ما أضيف إلى هذه الرسالة ولا يتعلق مباشرة بموضوعها هو حشو لا لزوم له، وسيتم الإشارة إلى ذلك فى موضعه .
وهناك فى الرسالة فصول ومباحث كاملة لا لزوم لها، لأن هناك رسائل أخرى تدخل هذه الفصول فى موضوعها تعرضت لها تفصيلا . من أمثلة ذلك الفصل الثانى بأكمله الذى يتحدث عن العوامل والأسباب التى دفعت الأطفال للشارع، وسمات وخصائص أطفال الشوارع، ومشكلات أطفال الشوارع، واحتياجات أطفال الشوارع واتفاقيات وقوانين حقوق أطفال الشوارع . وهناك أيضا هذا الحشو عن برامج وخدمات الرعاية الاجتماعية . حتى المبحث الخاص بأسس وبرامج بناء الطفل فى الإسلام لا حاجة لها هنا والموضوع هنا هو تكامل الجهود الحكومية وغير الحكومية . ولو أراد الباحث أن يقدم إسهاما حقيقيا له طابع اسلامى، عليه أن يبحث فى كتب التاريخ والممالك الإسلامية عن وجود أو عدم وجود هذه الظاهرة، وإذا لم تكن توجد فلماذا لم توجد، وإذا وجدت فكيف كانت العلاقة بين الدولة وافراد المجتمع فى مواجهة هذه الظاهرة . أما أن يحشر الإسلام حشرا لمجرد أن الطالب يناقش رسالته فى جامعة الأزهر فهذا شيئ غير مقبول .
2- ملاحظات حول الاستخدام غير الصحيح للأرقام
تكاد تقع كل الرسائل فى العلوم الاجتماعية فى هذا النوع من الأخطاء .
أوضحنا فى مناقشتنا فى الثلاثاء قبل الماضى أن هناك قواعد خاصة تتعلق باستخدام الأرقام فى الرسائل العلمية سواء أكانت آحاد أو عشرات أو مئات أو ألوف . ذكرناها فى المادة 205 فى موقع بوابتى هذه الأخطاء واضحة فى الرسالة فى صفحة (4) و (6) و (115) وغيرها . وعلى الباحث الرجوع إلى المادة رقم ( 205) ليعيد تصحيح كتابته بالأرقام وفقا لها، وعلى الباحث أن يرجع إليها .
لا أثر فى هذه الرسالة للاستخدام الصحيح للأرقام وهذه المشكلة عالجتها بعض المواقع على شبكة الانترنت، فما على الباحث إلا أن يفتح الموقع ويدخل الرقم أو الأرقام التى يريد تحويلها إلى حروف فتأتيه محولة مع المذكر ومع المؤنث .
3- ملاحظة حول مخالفة قواعد ترقيم صفحات الرسالة
هناك قاعدة فى كتابة ترقيم صفحات الرسالة تقول : " يجب ترقيم متن الرسالة بالأعداد المتسلسة على أن تبدأ من أول صفحة فى المقدمة وتنتهى إلى آخر صفحة من صفحات الملاحق مع مراعاة ألا ترقم الصفحات التى تبدأ منها الفصول وتترك بدون ترقيم، مع الاحتفاظ بأرقامها . هذه القاعدة خالفها الباحث إذ قام بترقيم الصفحات التى تبدأ منها الفصول كالحال فى صفحات:1و49و82و121و161و176وجميع الورقات ذات اللون الأصفر.كما أنه بدأ الملاحق بصفحة 1 والمفروض أن أول صفحة من صفحات الملاحق لا ترقم بل تأخذ رقم 363 مع مراعاة إعادة ترتيب الملخص باللغة الانجليزية ليتسق مع باقى الصفحات.
4- أخطاء نحوية وإملائية ومطبعية
هناك أخطاء إملائية ونحوية ومطبعية كالحال فى صفحات 3و6و107و113 وغيرها .وهناك أخطاء استبدال الكلمات كما فى ص 15 استبدل التنسيق بالتعاون ووقع هذا الخطأ فى عناوين بعض الجداول ويجب عليه مراجعتها .
5- ملاحظات عن كتابة عنوان الرسالة والملخص باللغة الانجليزية
وتضاف هذه الملاحظات إلى الملاحظات التى أشرنا إليها فى الرسالة السابقة
أ- بالنسبة للعنوان كان من المفروض أن يكون
Integrating the GOS & NGO s efforts in dealing with street children problems
ب- بالنسبة للملخص فى صفحة 358 وما بعدها تجرى التعديلات الآتية
- تعاد ترجمة social work department and developing the society
لتكون Department of social work & community development
هذا دليل على عدم إلمام الباحث بالمصطلحات الأساسية فى الخدمة الاجتماعية .
- تعدل كلمة Prepared by research إلى by فقط علما بأن كلمة research تعنى بحث .
- تعدل كلمة Supervision إلى supervisory committee
- يعدل أسماء الأساتذة ولا تكتب هكذا D.r ولكن هكذا : إسم الأستاذ مجردا ثم PhD
- تعدل كلمة Assistant Professor إلى ِِAssociate professor .فالأولى تعنى مدرس، والثانية تعنى أستاذ مساعد.
- تستبدل الكلمات المكتوبة بالعربية وهى : ضمن مقتضيات الحصول على درجة الماجستير فى الخدمة الاجتماعية وتنمية المجتمع إلى الآتى :
Submitted in partial fulfillment of the requirement for Master degree of social work
- لا يكتب فى صدر الملخص Summery of study in English بل يكتب .
- لا تكتب كلمة critical theory
بل يكتب theoretical importance
القسم الثالث : ملاحظات ذات طابع عقدى
1- على الرغم من تأكيد المتخصصين من أن الآيات القرآنية التى تستخدم فى الرسائل العلمية ذات التخصصات غير الشرعية لا بد أن تكون مرتبطة بموضوع الدراسة وموثقة توثيقا صحيحا، مبينا فيها رقم السورة والآية وموضوعة بين قوسين وأن الأحاديث لا بد أن تكون مخرجة تخريجا صحيحا، فإن الواضح أن الباحثين يستخدمون هذه الآيات وهذه الأحاديث كديكور ولا يكون لها ارتباط بموضوع الرسالة وأنها بذلك سوء أدب مع الله تعالى ولا يدرك الباحثون ذلك، فالباحثون لا يعرفون سبب نزول الآية ولا المناسبة التى قيل فيها الحديث ومن ثم يربطون هذه الآيات والأحاديث بموضوعات رسائلهم ربطا ظاهريا بناء على تصورهم وتفسيرهم الخاص . وقد وقع الباحث فى هذا الخطأ فى المواطن التى حاول أن يربط فيها بين الآيات والأحاديث وتفسير التكامل كما فى ص (17) وص (294) . يقول الباحث فى ص(17) :" يدعو التكامل للوحدة والقوة والترابط وينبذ الفردية والأنانية وفى قوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ....) المائدة الآية 2 . وهذا خير تفسير لما يقصد من التكامل . ونكرر ما أشرنا إليه فى المادة المذكورة بأن تفسير القرآن بالرأى حرام لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم :" من قال فى القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار (رواه بن جرير وابن عباس وأخرجه الترمذى والنسائى)،" ومن قال فى كتاب الله تعالى برأيه فأصاب فقد أخطأ " أى لأنه تكلف مالا علم له به لأنه لم يأت الأمر من بابه . وروى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه أنه قال :" أى سماء تظلنى، وأى أرض تقلنى إذا قلت فى كتاب الله مالا أعلم ".
2- استخدم الباحث فى ص (19) مصطلح رجال الدين . يتحفظ علماء الإسلام كثيرا على هذا المصطلح فيقولون فى ذلك : "وإن كنا نتحفظ على هذا المصطلح لما له من دلالة منحرفة فى الملل الأخرى حيث يكون رجال الدين فى هذه الملل واسطة بين الله تعالى وعباده فيتحكمون فى شئون الناس باسم السماء أو باسم الرب حتى يبلغوا مرحلة النيابة عن الله سبحانه وتعالى ويعطون أنفسهم حق التحليل والتحريم وهذا ما يعرف بالايكليروس " وهذا تنبيه للباحثين بأنه ليس هناك رجال دين فى الإسلام وإنما هناك علماء إسلام .
3- فى الثالث من نوفمبر عام 2011 ناقشت رسالة فى هذا المكان وأشرت فيها إلى خطأ شائع وقع فيه الباحث صاحب الرسالة كما وقع فيها الباحث الذى نناقش رسالته اليوم . انتقدت فيه الباحث لكثرة استخدامه لمصطلح "تكنيك" . والذى استخدمه الباحث الحالى فى صفحات 312و315و320 . واعتبرت أن ذلك الاستخدام يؤدى مع مرور الوقت إلى تشويه اللغة العربية وأشرت فيه إلى اتهام الدكتور "جلال أمين" أستاذ الاقتصاد فى الجامعة الأمريكية الباحثين الاجتماعيين فى مصر بالتبعية فى لغة التعبير إلى درجة أن كتاباتهم كما يقول اكتفت فى كثير من الأحيان بكتابة اللفظ الأجنبى بحروف عربية، وأصبحوا يقبلون وجود ألفاظ غربية حتى لوكان هناك مقابل عربى يؤدى نفس المعنى بأداء أفضل " . كما اتهمهم أيضا بالسير وراء الغرب حتى فى مشكلة ما أسماه بالأناقة النظريه" التى وصفها بأنها نوع من الترف الفكرى لا يختلف عن استهلاك السلع الكماليات، فى حين أن مجتمعاتنا ليست فى حاجة إلى مثل هذه الأناقة النظرية . فنقول لباحثينا رفقا بلغتنا لغة القرآن التى كان الوثنى فى جنوب السودان إذا تعلمها أسلم، وكأن ذلك يعطينا صورة من صور الاستبدال بقوم آخرين.
كل هذه الملاحظات لا تنفى مطلقا أن الباحث قضى وقتا وجهدا لا يمكن إنكاره . وبرز في رسالته هذه جهد الأستاذين الفاضلين الدكتور إكرام غلاب والدكتور مجدى سويدان وهناك جزئيتان قويتان فى الرسالة على الباحث أن يفخر بهما، وهما يكفيان الباحث . أولهما سلامة اللغة العربية، والثانية أنه نجح فى توظيف تصوره النظرى فى الجانب الميدانى، وهو جهد متميز قل أن نجده عند كثير من الطلاب . وعذره أن مرحلة الماجستير مرحلة تعلم . كما أذكر الباحث بمقولة "ابن الجوزى" رحمه الله :" الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي، فينبغي لذي الهمة أن لا يقصر في شَوْطِه . فإنْ سَبَق فهو المقصود، وإن كَبَا جواده مع اجتهاده لم يُلَمْ " تمنياتى له بالتوفيق والسداد فى رحلته القادمة وجزاكم الله خيرا .
-------
وقع إختزال العنوان الذي وردنا لطوله، والعنوان الأصلي هو:
مناقشة رسالة ماجستير بعنوان تكامل جهود المنظمات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدنى فى مواجهة مشكلات أطفال الشوارع
محرر موقع "بوابتي"
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: