تكريم ثان للعريفي مقابل عداوة وهجوم علمانيي مصر والسعودية عليه
يحيي البوليني - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5913
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
دائما هناك وسيلتان ووجهتا نظر لكي يعلم كل إنسان انه يسير على الهدى والحق أم زاغت به الأهواء لطرق الغي والضلال، أولاهما ثناء أهل الحق والعدل عليه وثانيهما محاربة أهل الزيغ والضلال له، فليست كل مذمة مضرة بل تكون مذمة أهل الباطل دليلا واضحا على سلوك المرء نحو الصلاح والإصلاح.
وغالبا ما يكون عداء أهل الباطل وطعنهم فيه ابلغ دلالة على ثبات العالم على دينه من ثناء أهل الحق عليه، إذ يبتعد معظم العلماء عن الثناء على بعضهم خشية تسلل العجب إلى نفوس إخوانهم فيكتفون بالدعاء لهم بظهر الغيب بالتأييد والنصرة والقبول، لكن طعن أهل الباطل فيهم وافتراءهم عليهم بما ليس فيهم لا يتوقف لان المعركة بين الحق والباطل مستمرة لا تنقطع.
ويتعجب المؤمنون من أن طعن أهل الباطل على العلماء يأتي دائما بالنصرة والرفعة للعلماء في حياتهم وبعد مماتهم، فما يعرف كثير من المسلمين قدر إمام أهل السنة الإمام احمد إلا من طعن مخالفيه عليه، ولم يعرفوا قدر شيخ الإسلام ابن تيمية إلا بقراءتهم لطعن أهل الأهواء من كل اتجاه عليه لأنه فضح مواقفهم ورد على أفكارهم وفند أقاويلهم وأباطيلهم.
واستمرت سير حياة العلماء على هذا النهج، فشيوخهم وتلاميذهم وإخوانهم والمحبون للعلم وللدين يوالونهم ويدافعون عنهم تحقيقا لقول الله سبحانه " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ "، ولا يزال المجرمون يتواصون في كل عصر بالسخرية من الطائعين وعلى رأسهم العلماء كما قال الله عنهم " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ "
وفي هذه الأيام الصعبة التي تعيشها دولة مصر والتي تحتاج فيها للمساندة المعنوية قبل المادية والتي يمكن تشبيهها – أي مصر - كسفينة عملاقة تمتلك القدرة على ان تحمل الآلاف من الناس والبضائع لتحميهم وتوصلهم لمبتغاهم، لكنها لظروف احاطت بها تعثرت، فلا تستطيع القيام بنفسها وتسترد عافيتها، فتحتاج لجهود من محبيها المخلصين بصورة فردية أو جماعية ممن يعرفون قدرتها إذا وقفت على قدميها كما اعتادوا منها، فإذا قامت أقلتهم وأظلتهم وحملتهم وتحملت عنهم كل الأعباء، ووسعهم متنها دون كلل أو منة.
فقام عدد من الأفاضل بهذا الدور ومنهم الشيخ محمد العريفي الداعية السعودي، فدُعي بصورة رسمية من الأزهر الشريف لزيارة مصر ونال الكثير من التكريم الرسمي والشعبي إذ حفت به حفاوة المصريين رئيسا وحكومة وشعبا لاستقباله والاستماع له والاجتماع حوله في اكبر مظاهرة حب لداعية غير مصري لم تشهدها مصر منذ زمن طويل إذ كان دأب العلمانيين الطعن في العلماء والتنقص بهم والحط من قدرهم.
ولكن هذا التكريم الكبير لا يقارن بحجم التكريم الأكبر الذي ناله وسيناله كثيرا في الفترة القادمة من العلمانيين المصريين والسعوديين بصورة مكثفة ومتلاحقة ومتزامنة، فقد فتحت عليه نيرانهم من كل صوب ليسفهوا فعله وكلماته وليهينوا موقفه ولينتقدوه كل كلامه الذي وقع كبلسم على قلوب المؤمنين وكنيران تحرق رؤوس وصدور العلمانيين.
ردود أفعال العلمانيين في السعودية
فكانت من أوائل ردود أفعال علمانيي السعودية ما جاء على لسان الكاتب العلماني خلف الحربي الذي نشر مقالا على جريدة عكاظ بعنوان " خذوه " والذي سخر فيه من الشيخ العريفي وحاول التنقص منه وسخر أيضا من الشعب المصري الذي احتفى به بل ودعا إلى مبادلته – هو ومئات الالاف من اتباعه كما يسميهم - مع مصر مقابل مجموعة الكتاب العلمانيين المصريين الذين يمدحهم الحربي بوصفهم بالمثقفين، فيقول في سخرية واضحة : " اذا استنكر هؤلاء المثقفون ذلك وحاولوا التشويش عليه، فالحل سهل جدا وهو ان يرسل لنا الاخوه المصريون هؤلاء كي يثروا حواراتنا التي سطحها العريفي واتباعه، وسوف نرسل لهم بالمقابل مئات الالاف من اتباع الشيخ المخلصين الذين بامكانهم (شرشحه) كل من يتجرا علي نقده بابشع الالفاظ، والجميل في هؤلاء الاتباع انهم في غالب الاحوال ليسوا منغلقين، بل هم منفتحون جدا، وتشهد علي انفتاحهم الشديد كل عواصم الارض، ولكنهم يرون في الذود عن مقام شيخهم الجليل وسب ام من ينتقده شكلا من اشكال الجهاد الإلكتروني الذي يطهر الانسان من ذنوب اجازه الصيف!''.
وكتب ليبرالي آخر وهو حمود أبو طالب وفي نفس الجريدة " جريدة عكاظ " مقالا بعنوان " ماذا يفعل العريفي في مصر؟ " ابدى فيها الكاتب تعجبه واستنكاره للحفاوة التي قوبل بها العريفي الذي حقر الكاتب من شانه فنعته بأنه "مجرد واعظ"، ثم ختم المقالة بسؤال يقول " هل هناك رسالة ما وراء هذه الاحتفالية الاستثنائية بزيارة الشيخ «السعودي» محمد العريفي تريد جماعة الإخوان إيصالها؟؟
وبالطبع احتفلت القنوات الفضائية والصحف المملوكة لمليارديرات المال الحرام من الفلول والمفتوحة على مصارعها لليبراليين المصريين والعرب بالمقالين بل عنونوا تغطيتهم للمقالتين بعنوان " كاتب سعودي للمصريين:خذوا "العريفي" واعطونا "حلمي" ! " إشارة إلى ممثل مصري هزلي معروف.
ردود أفعال العلمانيين في مصر
أما على الصعيد المصري فقد نشط العلمانيون لمؤازرة بني جلدتهم ومن على شاكلتهم في السعودية فاتخذوا من الشيخ العريفي غرضا لسهامهم، فعلى صحيفة المصري اليوم المملوكة كما يشاع لنجيب ساويرس يكتب حسن نافعة مقالا بعنوان " احتفاء مبرر أم تسول؟ " بداها بالثناء على الزيارة ولكنه ختمها بوصف شعوره بالاهانة من خطبة العريفي ووانها كما قال " عكست عندى شعوراً بعقدة نقص وبنزعة تسول، كنت أتصور أن الثورة قضت عليهما تماما ".
وعلى حسابه في تويتر قال عضو مجلس الشعب السابق محمد أبو حامد وهو العلماني المغالي في عدائه والكاره لكل ما هو إسلامي المحب لدرجة العشق لكل ما هو مسيحي، فقال مخاطبا الدكتور أحمد الطيب قائلاً: " لا نحتاج إلى دعاة الوهابية يكفينا ما عندنا من الجماعات والشيوخ الوهابيين، ما نحتاجه هو سماع صوت فضيلتك " وكأن الحملة السابقة التي آثارها العلمانيون " أنزلوهم من المنابر " وتم فيها حصار مسجد القائد إبراهيم بشيخه الوقور احمد المحلاوي لم تكن موجهة من الأصل تجاه علماء الأزهر الشريف !!.
بالطبع كان هجوم الفضائيات شديدا على الشيخ العريفي فامتلأت حلقاتهم بالتهكم والسخرية والاستهزاء ليثبتوا لكل ذي عينين انهم ليسوا في عداء مع المتدينين في مصر وليس في عداء مع الجماعات الإسلامية السياسية بل هم في عداء أساسي وواضح مع الدين بكل دعاته، وكثرت اتهامات مقدمي البرامج وضيوفهم للعريفي وحاولوا التقليل والاستهانة بإشادته بفضل مصر والمصريين رغم أنهم احتفوا واحتفلوا بكل من تحدث عن مصر من الغربيين باي جملة فيها شئ من المدح كما قال وائل قنديل في مقالة له نشرت على الشروق بعنوان " حرام على العريفى حلال على بيرلسكونى ".
ومن اشد الفضائيات التي حملت على العريفي فضائية mbc وذلك على البرنامج الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي التي استنكرت ان يتحدث العريفي للمصريين عن تاريخهم المشرف وعن فضلهم على الامم فقالت " أحنا مش محتاجين حد يجي يعرفنا تاريخنا "، ولا يخفى ان هذا الهجوم الشديد كان معروف السبب لاجتماع رغبة شخصية من مقدمة البرنامج لمعاداة أي مظهر إسلامي ورغبة ملحة وتصفية حسابات من المجموعة المالكة للقناة التي أثار العريفي قبل أسابيع حملة لا تزال تتصاعد لمقاطعة قنواتها ومعلنيهم بعد ان أظهرت تلك القنوات كمية تجاوز خطيرة بحق الخلق الإسلامي وخاصة على قناة الأطفال المليئة بالمشاهد السيئة والأفكار التربوية الهدامة.
الصوفيون والسير في ركاب العلمانيين
وانضم لعلمانيي مصر فئة دأبت في الفترة الأخيرة على الوحدة الفكرية بينهما لمعاداة أي رمز إسلامي وهم الصوفية، فقال عبد الحليم العزمى المتحدث باسم الطريقة الصوفية العزمية مهاجما للعريفي ولزيارته فقال: " العريفي شخصية غير مرحب بها فى مصر، فهو ليس عالماً، بل أقل تلميذ فى الأزهر أعلم منه، ومصر قبلة العلماء، فحين كان يتحدث الشيخ الشعراوى أو الدكتور عبد الحليم محمود أو الدكتور على جمعة، يجتمع عليهم علماء العالم كله للاستفادة من علوم الأزهر فلسنا فى حاجة إلى أشباه علماء "
التماس العيوب ولو بالكذب والتدليس
وحاول العلمانيون في مصر والسعودية استخراج بعض المعايب في تاريخ الرجل وفتاواه، فاجتزءوا له نص فتوى بعدم خلوة الرجل مع ابنته خوفا من الفتنة نشرت في شهر أبريل 2011، وأثاروا القضية للتدليل على بشاعة منهجه وضعف حجته وتدينه رغم ان العريفي بعدها أوضح انه كان يسال عن رجل يتحرش بابنته – والعياذ بالله - الصغيرة فنصح الفتاة بان تتجنب ان تكون بمفردها أمامه وألا تلبس مكشوفا نظرا لسوء خلقه وليس حكما عاما لكل أب وابنته، فنشرت عدة صحف مصرية منها صحيفة الوطن هذه الفتوى وكأنها تعرض للرجل صحيفة سوابق جنائية، ونقلت فتواه التي استبشعوها حول منع مشاركة المرأة السعودية في الألعاب الأوليمبية نظرا لما يصاحبها من عري وكشف للعورات وتصوير ذلك على كل وسائل الإعلام.
ومن آخر ما بحثوا عنه ليسيئوا إلى العريفي أنهم قالوا إن خطبته التي رفعت من أسهمه منقولة من مقالات الداعية والمؤرخ السعودي الدكتور محمد موسى الشريف، وظنوا أن هذا قدح فيه، بينما رد العريفي حينما سئل عن مصدر الخطبة التي ذكرها فأجاب بنقلها من نفس المؤرخ وانه قام باستئذانه فأذن له، وسواء قال بنقلها أو بغير ذلك فلم يكن في الخطبة سوى جوانب تاريخية وسير لشخصيات مصرية أزاح العريفي فقط عنها بعض الغبار.
إن الحرب الدائرة على العريفي من كلا الجانبين لن تتوقف إلا بموضوعات جديدة ينشغلون فيها بداعية جديد للنيل منه والقدح فيه، فقد مرت تلك الحملة على شيوخ مصر بلا استثناء ومرت على معظم شيوخ السعودية كذلك، فحربهم لن تتوقف على الشيوخ والدعاة لاختلاف المنهجين ولأنها حرب وجود، إما الإسلام ودعاته وإما العلمانية والمنتفعون منها، " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " .
--------
المصدر : مركز التاصيل للدراسات والبحوث
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: