البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

(304) رجال الاقتصاد وثغرة في جدار الصحوة
(من كتاب اعترافات علماء الاجتماع)

كاتب المقال د - أحمد إبراهيم خضر - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4763


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


وجه جلال أمين-وهو أحدُ رجال الاقتصاد العرب- اتِّهامات إلى رجال الاجتماع في بلادنا، مُؤدَّاها أنهم أسهَمُوا في تخريب النسيج لبلادنا؛ لعدم توَخِّيهم الحرصَ فيما ينقلونه؛ بحيث لم يعرف ما إذا كانوا ينقلون إلينا علمًا أم أيديولوجية، وخصَّ رجال الاقتصاد بالذكر مفهوم (النسبية الأخلاقية)، وهو المفهوم الذي يعتبر أنَّ الأخلاق نسبيَّة وليست مطلقة؛ بمعنى: عدم استنادها إلى الله أو الدِّين (حسب فهمهم للمطلق)، وتغيُّرها بتغيُّر الزمان والمكان، ومُسايَرتها لأغراض الحياة، يقول رجل الاقتصاد: إنَّ أوَّل درس يتلقَّاه طلاب علم الاجتماع في بلادنا لا بُدَّ وأنْ يتضمَّن الإيحاء بهذه النسبيَّة، وينتهي الطالب وقد استقرَّ في ذِهنه الاحتقار أو اللامُبالاة على الأقل بتُراث أمَّته، دون أنْ يُقال له ذلك صراحة أبدًا[1].

أصاب رجل الاقتصاد في مقولته هذه، عدا تصوره أنَّ مفهوم النسبيَّة الأخلاقيَّة هذا لا يُقال لطلاب علم الاجتماع عندنا صراحة، إنَّه يُقال لهم صراحةً وفي إطارٍ أكثر عموميَّة هو (نسبية القيم)، ويعتَرِف أساتذة علم الاجتماع في بلادنا بأنهم تعلَّموا هذه النسبيَّة من علم الاجتماع؛ ومن ثَمَّ وجَّهوا طلابهم إلى التخلِّي عن قيمهم التي يتمَركَزون حولها، وألا يعتَبِروها حكمًا على صحَّة أو خطأ القيم الأخرى التي هي غير إسلامية بالطبع.

ولا يقف الأمر عند هذا الحدِّ، بل أعلم الأساتذة طلابهم أنَّ التخلِّي عن قيمهم هو الشرط الأساس لتفهُّم القِيَم الغريبة عنَّا وعن إسلامنا؛ استعدادًا للانتِقال بهم إلى مرحلةٍ أخطر؛ وهي المشاركة والتعاون مع أصحاب هذه القِيَم الغريبة على حساب قِيَمِنا نحن.

عبَّر محمود الجوهري -أستاذ الاجتماع بجامعة القاهرة- عن ذلك كله في قوله: "لا شكَّ أنَّ علم الاجتماع هو العلم الإنساني القادر على توعيتنا بنسبيَّة القِيَم وأساليب السُّلوك الشائعة في مجتمعنا وفي عالمنا الخاص، وإدراك هذه الحقيقة هو بداية الطريق نحو إكسابنا القدرةَ على فهْم القِيَم وأساليب السلوك الشائعة عند أبناء مجتمعات غريبة عن مجتمعاتنا، وتمكننا من الإحساس بحقيقة مشاعر غيرنا من أبناء البشر، وليس هذا بالأمر الهيِّن؛ فهو بدايةٌ للتخلِّي عن مشاعر التمركُز حول السلالة، وهو شرطٌ أساس لقيام أي تعاون على كافَّة مستويات التعاون الممكنة، الأساس في كلِّ هذا بطبيعة الحال ليس مجرَّد المعرفة بواقع الآخَرين، وإنما الأساس أنْ تتحوَّل هذه المعرفة إلى نوعٍ من التفهُّم والاستعداد للمشاركة والتعاون...

ويجب أنْ نُؤكِّد هنا على شيءٍ ضروري، وهو ضرورة توقِّي أنفسنا الوقوع في أخطاء ما يُعرَف بالتمركُز حول السلالة؛ وأعني: أنَّ نجعل من معايير وعادات وخِبرات مجتمعنا وثقافتنا معيارًا نقيسُ به الطبيعة الإنسانيَّة، ونُحدِّد لها به ما تقدر عليه، أو ما نتوقَّع أنْ تصل إليه"[2].

قبل أنْ يُروِّج محمد الجوهري لمفهوم (نسبية القِيَم) بسبعين عامًا، كان عُلَماء الغرب أنفسهم قد أدرَكُوا الهوَّة التي وقَعُوا فيها بسبب هذه النسبيَّة، هذا (لويس ديكنسون) كتَب في عام 1908 عن التأثير المدمِّر لعِلم الاجتماع على الأخلاق فقال: "إذا أراد علمُ الاجتماع أنْ يتحدَّث عن الأخلاق فإنَّه سيكون أيَّ شيء آخَر غير أنْ يكون علمًا... إنَّ علماء الاجتماع الذين أعرفهم مُشوَّشون بين علم الاجتماع والأخلاق"[3].

وهذه (روزماري جوردون) كتبتْ قبل رُبع قرنٍ سبق لما كتَبَه الجوهري مُروِّجًا (لنسبية القِيَم) تُحذِّر لا من الأثَر التدميري لعلم الاجتماع فقط على الأخلاق، بل للعلوم الاجتماعيَّة برمَّتها فقالت: "إنَّ العالم الاجتماعي قد أثَّر تأثيرًا كبيرًا، وساعَد على التعجيل بالانهِيار الشامل في الاعتقاد بوُجود قِيَم أخلاقيَّة مُطلَقة، كما تحدَّى الجزاءات الأخلاقيَّة... إنَّ السؤال المطروح الآن أمام الإنسان المعاصر هو: إذا كان الدين قد هُجِرَ، وإذا كانت القواعد الأخلاقيَّة الصادقة والمطلقة قد أُنكِرت، فمَن يَهدِي الإنسان إذا خُيِّرَ بين فعلين ممكنين؟ هل نترُكه لدوافعه وغرائزه بعد أنْ سكت ضميره؟... إنَّ علوم الإنسان وإنْ كانت قد زادتْ من قُدرة الإنسان على التحكُّم في مصيره، فإنها في الحقيقة قد هدَمتْ إيمانه، وتركَتْه بلا هادٍ أو مرشد لحياته المستقبليَّة... إنَّ عدم الارتياح السائد بسبب فشَل العلوم الاجتماعية أدَّى ببعض العلماء الاجتماعيين إلى العودة إلى المفاهيم الدينيَّة عن الحياة، ورأَوْا أنَّ الإنسان بدُون هذه المفاهيم سوف يهلك لا محالة، وأنَّ عليه أنْ يستعيد الإيمان بالله، ويعود إلى الاعتقاد في الجانب الروحي داخِل نفسه، وأنْ يُعِيد قبول وجود قاعدةٍ أخلاقيَّة إلهيَّة مطلقة، تلك التي هاجمَتْها العلوم الاجتماعيَّة من الأساس"[4].

وفي توقيتٍ متزامن تقريبًا مع ما كتَبَه الجوهري عن (نسبية القِيَم) كتب تشارلز ماك جي -أستاذ الاجتماع بجامعة (سنترال واشنطن) الأمريكيَّة-: "إنَّ العِلم الاجتماعي الحديث يَسرِق إنسانيَّتنا من خِلال تزييفه للقِيَم والدوافع الإنسانيَّة، واستبدالها بمنظورات علميَّة... إنَّني غير مرتاحٍ لاتِّجاه العلوم الاجتماعيَّة عامَّة، وعلم الاجتماع خاصَّةً، إنَّ وجودنا كعُلماء اجتماعيين يتوقَّف على تزييفنا للقِيَم والدوافع والأنظمة الاجتماعيَّة، ولكن إلى متى؟ أنا لستُ متأكدًا... إنَّ علماء الاجتماع يفخَرون بأنفسهم وقُدرتهم على رؤية ما بداخل الأشياء، إذا أردت أنْ تعرف ما الذي يجري اسأل عالِم اجتماع، إنَّ العديد من طلابنا يأتون إلينا يتوقَّعون منَّا نظرةً جديدة إلى العالم؛ لأنهم سَئِمُوا النظرة القديمة، لقد أصبح الكثيرون علماءَ اجتماع لذات السبب، ولكن ماذا فعلنا مقابل ذلك للعالَم؟ لقد مزَّقناه وحطَطْنا منه، وحفرنا فيه ثقوبًا، وزيَّفناه... إنَّه مع فقْد الصلة بالقِيَم الرُّوحية التي هي المبادئ الأساسيَّة، بدَأ الإنسان يفقد إنسانيَّته، إنَّه الآن يفقدها لحساب المفكِّرين الذين يدرسوه... إنَّ دورنا كعلماء اجتماع تجاه طلابنا هو أنْ نتعامَل مع قيمهم الروحيَّة؛ لأنَّ علم الاجتماع ينشُر بينهم مفاهيم الاغتراب والوهن.. إنَّنا حطَّمنا حياة طلابنا الذين كانوا يتعاطَفون مع الناس قبل دِراستهم لعِلم الاجتماع، وكانوا على درجةٍ عالية من الثقة بالنفس، لكنَّهم الآن متعبون"[5].

هذا، وقد كتبنا إلى ماك جي بعد تسع سنوات من نشره لهذه المقالة؛ لنستَفسِر منه عن الدوافع التي حرَّكته نحو التركيز على القِيَم الروحية، فردَّ علينا قائلاً: "لقد رأيتُ النفاق يَسُود كلَّ شيء، وأردت أنْ أفعل شيئًا ما؛ ربما لأسبابٍ أخلاقية، فقد وصلت إلى استنتاجٍ مُؤدَّاه أنَّنا كنَّا بالفعل نُحقِّق شيئًا ضارًّا وليس بالحسَن، إنَّ طلابنا الآن أكثر اغتِرابًا عمَّا أتونا لأوَّل مرَّة، وإنَّه إذا كانت قيمهم ضعيفةً قبل دِراسة علم الاجتماع، فإنهم الآن يفتَقِدون القيم كليَّةً؛ ولهذا فإنِّي حاولت في محاضراتي لطلابي ألا أُدمِّر كلَّ شيء حولي، بل أعطيهم الإحساس بالأمل، وأعمل على وصلهم بالقِيَم الروحيَّة التي كتبتُ عنها في مقالتي"[6].

هكذا أساتذة الاجتماع في الغرب يَعُودون للقيم الروحية، ويحاولون بثَّها بين طلابهم، وأساتذة الاجتماع في بلادنا يُروِّجون لنسبيَّة القيم، ويدعون طلابهم إلى الانخِلاع من رِبقة الإسلام، وإنْ لم يقولوها صَراحةً.

نعودُ إلى رجال الاقتصاد، اتَّهم (جلال أمين) رجالَ الاجتماع في بلادنا بافتِقار دِراساتهم إلى الابتكار الحقيقي؛ سَواء أكان هذا الابتكار متعلقًا بإيجاد منهج جديد في البحث، أو بإثارة الشك في بعض المسلَّمات، أو بتقديم تفسيرٍ جديد لظاهرةٍ اجتماعيَّة معقَّدة.

اتَّهم رجال الاقتصاد باحِثينا الاجتماعيين بالهزيمة النفسيَّة، وبالخُضوع، وبالاحتِرام المبالَغ فيه لكلِّ مُنجَزات الأجنبي؛ بحيث سهَّل على هذا الأجنبي أنْ يبيع بضاعته الماديَّة والفكريَّة على أنها إنتاجٌ (إنساني) عامٌّ، أو أنها ثمرة التقدُّم التكنولوجي والمادي الذي لا يُنسَب لحضارةٍ دون أخرى، بعد أنْ نجح هذا الأجنبي في إخفاء تحيُّزاته وميوله ونزعاته التي تطبَع إنتاجه المادي والفكري، قَبِلَ باحثونا الاجتماعيون النظريَّات الأجنبيَّة دون مُساءلةٍ، وافتُتِنوا بها كما افتُتِن المستهلك العادي بالكفاءة التكنولوجية العالية للتليفزيون الملوَّن، دون أنْ يَنظُر هذا أو ذاك في مدى مُلاءَمة النظريَّة أو السلعة لمناخٍ اجتماعي وثقافي مختلف تمامًا عن المناخ الذي أبدع تلك النظرية أو السلعة.

وكما أصابَ رجل الاقتصاد في اتِّهاماته السابقة لرجال الاجتماع، أصابَ كذلك في قوله بأنَّنا (تابعون) في مختلف جوانب حَياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بكلِّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى؛ فالدراسات الاجتماعية في بلادنا تهتمُّ بقَضايا نظرية أو تطبيقية ذات أهمية فقط في البلاد التي نشَأتْ فيها، وليست ذات أهميَّة في بلادنا، نقل باحثونا الاجتماعيون هذه النظريَّات إلينا دُون إعمال الفكر في مَدَى انطِباقها أو مُلاءَمتها لمجتمعاتنا، ودُون حتى محاولة جديَّة في التحفُّظ على ما تحمِله من أفكار.

وأصابَ رجل الاقتصاد مرَّةً أخرى في اتهامه لباحِثينا الاجتماعيين وكتاباتهم بالتبعيَّة في (لغة التعبير)، إلى درجة أنَّ هذه الكتابات اكتفَتْ في كثيرٍ من الأحيان بكتابة اللفظ الأجنبي بحروفٍ عربيَّة، فأصاب هذا اللغةَ العربيةَ بالتشويه بسبب اختلاط الألفاظ العربيَّة بالأجنبيَّة، كما أصبَح الكُتَّاب الاجتماعيُّون يقبَلون وُجود ألفاظ غربيَّة حتى ولو كان هناك مُقابل عربي يُؤدِّي نفسَ المعنى أداءً أفضل، كما زاد الميل إلى إقحام الألفاظ الأجنبية الغربية في هذه الكتابات، وكأنها دليلٌ على سعة الاطِّلاع وتنوُّع الثقافة.

وردَّ رجُل الاقتصاد على الادِّعاء بأنَّ المهمَّ هو التعبير عن الفكرة على أيِّ نحوٍ كان، فأثبت أنَّ الكتابات الاجتماعيَّة ركيكة الأسلوب، وهي في نفس الوقت أكثر غُموضًا وأكثر تخبُّطًا وتناقضًا، في حين أنَّ أسلافنا كانوا أدقَّ تعبيرًا وأدقَّ فكرًا، وأشار رجُل الاقتصاد إلى أنَّ رَكاكة التعبير وغُموضه يُستَخدم اليوم كوسيلةٍ لإخفاء ضَحالة الفكر وضعف الاستيعاب.

رفَض رجل الاقتصاد الادِّعاء بأنَّ اللغة ما هي إلا وسيلة للتعبير وليست غاية في ذاتها، وأنها طريقةٌ للاتِّصال ولا يهمُّ أمر التبعية فيها، وإنما المهمُّ أنْ يصل المعنى بأيَّة طريقة ولو عن طريق استخدام اللغة الأجنبية.

أكَّد رجُل الاقتصاد أنَّ التبعيَّة في لغة التعبير وثيقة الصلة بالتبعيَّة في مضمون الفكر، تؤدِّي كلٌّ منهما إلى الأخرى وتُقوِّيها، وأنَّ مَن كان تابعًا لفِكر غيره استَسهَل التضحية بلغته، والاستسهال بالتضحية باللغة يُؤدِّي إلى التورُّط أكثر فأكثر في قبول ما لا يتعيَّن قبوله من الفكر الأجنبي؛ لأنَّ اللغة نفسها تعكس في كثيرٍ من الأحيان مواقف قيميَّة وتفضيلات خاصَّة، وأنها لا تتمتَّع دائمًا بدرجة الحِياد التي تَزعُم لها، واستشهد هنا بمصطلحات مثل: (الدول المتخلفة، والدول النامية، أو التنمية)، فكلها ليستْ مصطلحات حياديَّة، وإنما تتضمَّن إقرارًا بالموافقة على نمط التغيير الذي يحدُث في بلادنا، وعلى أنَّ المطلوب منَّا في التنمية هو التكاثُر والزيادة فحسب.

ومن أهمِّ ما لفت رجلُ الاقتصاد الانتباهَ إليه هو قبول باحثينا الاجتماعيين للمَقُولات الاجتماعية التي تطوَّرتْ في المجتمعات الصناعية، دون التنبُّه إلى المسلَّمات التي تقومُ عليها، والتي تشكَّلت في ظروفٍ مختلفة تمامًا عن بلادنا، وأنَّ هذه المقولات والنظريَّات الغربية تحمل قِيَمًا ومواقف وأخلاقًا فلسفيَّة نقَلَها باحثونا إلى مجتمعاتنا على أنها (علم محايد)، ومن ثَمَّ هربت إلينا قِيَم وفلسفة وأخلاق الغرب على حساب قِيَمِنا وأخلاقنا.

اتَّهم رجُل الاقتصاد باحثِينا الاجتماعيين بأنهم سارُوا وراء الغرب حتى في مشكلة ما أسماه بـ(الأناقة النظريَّة)، التي هي نوعٌ من الترف الفكري لا يختلف عن استِهلاك السِّلَع الكماليَّة، في حين أنَّ مجتمعاتنا ليستْ في حاجةٍ إلى مِثل هذه الأناقة النظرية.

وكشَف رجل الاقتصاد عن عجْز العُلوم الاجتماعيَّة عن تقديم تشخيصٍ لبعضٍ من أهمِّ المشكلات الاجتماعيَّة التي واجَهَها الغرب؛ كمشكلة العنف وانتشار المخدِّرات.

ولفت النظر أيضًا إلى أنَّ لعلماء الغرب مصلحةً في أنْ يظلَّ الناس عاجِزين عن فهْم ما يجري في السياسة والمجتمع، وأنْ ينصَرِف الاجتماعيون إلى القضايا الجزئيَّة، وألاَّ يتعرَّضوا للمشكلات الجوهريَّة بحيث يتحوَّلون إلى باحثين مُتخصِّصين ضيِّقي الأفق.

هذه هي مُجمَل اتِّهامات (جلال أمين) لرجال الاجتماع في بلادنا ولباحِثينا وكِتاباتنا الاجتماعيَّة: تخريب النسيج الاجتماعي والثقافي لمجتمعنا، ونقل مفاهيم وأخلاق وفلسفة ونظريَّات الغرب إلينا على أساس أنها (علمٌ محايد)، والافتقار إلى الابتكار الحقيقي، والهزيمة النفسية، والخُضوع والاحترام المُبالَغ فيه لكلِّ مُنجزات الأجنبي، والتبعيَّة له في كلِّ شيءٍ؛ بدءًا من لغة التعبير إلى الأناقة النظرية.

نأتي بعدَ ذلك إلى رجل اقتصادٍ آخَر وهو (عادل حسين)، الذي وجَّه انتقاداته لرجال الاجتماع وباحثينا الاجتماعيين أيضًا، مع التركيز على بَيان قُصور النظريات الغربيَّة ومُعاداتها لنا، وذلك على النحو التالي[7]:

أولاً: بالنسبة للنظريَّات الغربيَّة:
1- إنَّ المستوى الأيديولوجي الأعلى الذي يَحكُم نظريَّات الغرب ومَدارسه هو (الدنيوية)[8]، وإنَّ الخِلافات بين مختلف هذه النظريات والمدارس ومحاولات حلِّ التناقُضات بينها ستظلُّ مرتبطةً بهذه (الأيديولوجية الدنيويَّة)، وإنَّه لا شأنَ لنا نحنُ في مجتمعاتنا بهذه المشكلات وهذه الحلول.

2- إنَّ العلوم الاجتماعية الغربية ليست علومًا عالمية، وإنَّ زعمَها بذلك لا يستَنِدُ إلى مشروعيَّة معرفيَّة أو تاريخيَّة؛ ومن ثَمَّ فليس لها الحق في المطالبة باعترافٍ عالمي بمصداقيَّة وعلميَّة نتائجها، إنَّ هذه العلوم لا تستَنِد إلا على معرفة أهل الغرب عن مجتمعاتهم في العصر الحديث، وهي لا تقَع إلا في حُدود شريحة رقيقةٍ من التاريخ، وعلى مساحةٍ محدودةٍ من الأرض، وإنَّ البناء النظري الغربي بالإضافة إلى أنَّه لا يمكن أنْ يكون علمًا مقبولاً عالميًّا، فإنَّه وُلِدَ قاصرًا ومُشوَّهًا مهما كانت الكفاءة الفكريَّة لصانِعِيه، كما أنَّ هذه النظريَّات تُعالِج أسئلةً ليستْ أسئلتنا ولا ترتبط بنا.

3- إنَّ هذه النظريات ليست محايدةً قبلنا، بل هي مُعادِية لنا وتُعبِّر صراحةً أو ضِمنًا عن مُخطَّط السَّيْطرة الغربية على النظام الدولي، وتَقُوم على مُسلَّمة تفوُّق الغرب ومشروعية سَيْطرته على العالم، وانعَكَس ذلك في كتابات مُعظَم روَّاد النظريات الغربية الذين أظهروا نظرة السَّيْطرة والاستعلاء؛ كما هي عند فولتير، ومونتسكيو، وكوندرسيه، وهوبر، ولوك، وروسو، وهيوم، وميل، وسان سيمون، ودوركايم، وماركس... وغيرهم.

أمَّا هؤلاء الذين دافَعوا عن الحضارة الإسلاميَّة من رجال الغرب مثل رودنسون، فقد أقنع تابِعِيه من المثقَّفين المسلمين بأنَّ الإسلام كان صالحًا في الماضي أمَّا الآن فإنَّه فقَدَ هذه الصلاحية.

4- جاءت النظريَّات الغربيَّة لتُعِيد تركيبَ التاريخ على نحوٍ يضَعُ الحضارة الغربيَّة كغايةٍ وحيدة للتقدُّم العالمي المنشود، كما جاءتْ نظَراتهم المستقبليَّة لتُبشِّر بمستقبلٍ أسود ينتَظِر مجتمعاتنا.

5- سرَّبت النظريَّات الغربيَّة إلينا مفهومًا مُقتضاه أنَّ الفردوس الأرضي الذي يقومُ على الدنيويَّة سيكون عبرها، أمَّا الثورة العلميَّة والتكنولوجيَّة فلا تحمل فقط وُعودًا بالرفاهية، وإنما حملت نذيرًا بالدَّمار الشامل وخَراب البيئة، ولم يتحقَّق من هذا الفردوس إلا تحلُّل القِيَم بسُرعةٍ متزايدة، وزيادة الإحساس بالاختناق والاغتراب.

6- إنَّ هذه النظريَّات الغربيَّة لا تُعادِينا فقط، بل تزدَرِينا، وإنَّنا حينما نستخدمها فإنما نخضع لتَحرِيضها لنا على احتِقار تاريخنا، ونبتَلِع مسلَّمة أنَّنا أدنى، كما تصدر إلينا نظريَّات خاصَّة مثل (نظريات التنمية) التي صمَّمتها عمدًا لضَمان استِمرار السَّيْطرة الغربيَّة علينا، وعلى نحوٍ لا يمكننا من إحداث تغييرٍ جذري في بنية النِّظام الدولي، وتهدف هذه النظريَّات المصدَّرة إلينا إلى إلحاقنا بالغرب في كلِّ النواحي: الاجتماعيَّة، والسياسيَّة، والثقافيَّة، وليست الاقتصاديَّة فقط، بدعوى أنَّ التحديث مفهومٌ مُركَّب بالضرورة[9].

ثانيًا: بالنسبة لرجال الاجتماع وباحِثينا الاجتماعيين الآخَرين:
1- أدانَ رجل الاقتصاد محاولةَ رِجال الاجتماع إخضاعَ ما هو غير عِلمي كالقِيَم والأيدلوجيَّة لشُروط الفرض العلمي، واتَّهمهم بأنهم تابعون مُتأثِّرون بشدَّةٍ بطُموحات أهل الغرب، وغير قادِرين على التمييز بين الإنسان وثاني أكسيد الكربون، وبيَّن أنَّ هذه المحاولة مستحيلةُ التحقيق، ولا تهدف إلا لتحويل المجتمع إلى آلةٍ كبيرة محكومة الحركة ومضبوطة الأزرار، كما تسعى إلى فرْض قواعد وقوالب على الحركة الاجتماعيَّة، ولا تخرج برمَّتها عن مجرَّد رياضة ذهنية تضرُّ ضررًا بليغًا بمعرفتنا بحقيقة المجتمع الحي.

2- أدانَ رجل الاقتصاد هؤلاء الذين انبهَرُوا بما قِيل عن (العقلانيَّة) وسيادة العلم في الغرب، والذين نظَرُوا إلى التطوُّرات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة بعين العقلانيَّة الغربيَّة، وأدانَهم أيضًا لاحتِفائهم بمراحل النهضة والتنوير الغربي -الذي كُنَّا نحن ضَحاياه- وأظهر أنَّ انتشار أفكار عصر التنوير وما صاحَبَها من تقدُّم علمي صناعي قد رسخ المفاهيم والنظريات الغربية التي تتمَحوَر حول التفوُّق الأوربي.

3- أدانَ رجل الاقتصاد المفكِّرين والكُتَّاب المتفرنجين والمتغرِّبين، المستوعِبين تمامًا للفكر الغربي، والذين عَمِلُوا للغرب كمستشرقين محليِّين، ووصفهم بأنهم تربَّوا على استخدام المنتج الجاهز؛ سواء كان سلعةً استهلاكيَّة أو نظريَّة اجتماعيَّة، والذين تقرَّبوا إلى السُّلطة للحِفاظ على أنماط حَياتهم ومعيشتهم، ورأى أنَّ هذه القِطاعات من المفكِّرين والكُتَّاب صُمِّمت بحيث تكون عيقمةً لا تنجب، تُشبِه أهل الغرب في كلِّ شيءٍ إلا في القُدرة على الإبداع.

4- أدانَ رجل الاقتصاد هؤلاء الكُتَّاب والباحثين التلفيقيين الذين يخدَعُون أنفسهم ويستخدمون المفاهيم الغربيَّة مع تغيُّرٍ في المصطلحات الدالَّة عليها، ثم يدَّعون أنَّ لهذه المفاهيم أصلاً في تُراثنا يُبرِّر الأخْذ بها.

أصابَ رجل الاقتصاد في كلِّ ما قالَه، خاصَّة فيما عبَّر عنه بقوله:
إنَّ النظريَّات الغربيَّة تجعل (الإنسان محور الكون) بدلاً من (الله تعالى) كما هو في عقيدة التوحيد الإسلاميَّة، وانتهى إلى بَيان أنَّه يؤمن بالصِّيغة الإسلاميَّة التي تقومُ على الإيمان بالله الواحد الخالق كمفهومٍ محوري، وأنَّ الدنيا ليست كلَّ شيء، وأنَّ بعدها حِسابًا.

هذا صحيح، لكن رجل الاقتصاد وقَف عند هذا الحدِّ، ثم أطلق مَقُولات أخرى يُعتَبر الأخذُ بها تدميرًا لعقيدة التوحيد الإسلاميَّة، وهدمًا لكلِّ ما قالَه من قبل، فوقَع في الدائرة التي حدَّدَها الشيخ مصطفى صبري: (بأنَّ التمسُّك بالدِّين مع ضعف وشبهة في العقيدة مساوٍ لعدم الدِّين).

أوَّل ما هدَم به رجلُ الاقتصاد عقيدةَ التوحيد الإسلاميَّة هي قوله: إنَّ الإسلام لا يتَلخَّص في القضيَّة المحوريَّة (لا إله إلا الله)، في حين أنَّ عُلَماء المسلمين -لا العُلَماء الاجتماعيين- يُجمِعون على أنَّ (لا إله إلا الله) هي أصل الدِّين ورأس الإسلام، وهي التي بُعِثَ بها جميعُ الرسل، وهي الحقيقة الأولى التي يقومُ عليها التصوُّر الاعتقادي في الإسلام، فبِخِلاف أنَّ الإنسان وفْق هذا الأصل المحوري (لا إله إلا الله) لا يكون عبدًا إلا لله، ولا مطيعًا إلا لله، فإنها تعني أنَّ (الله تعالى) هو المُشرِّع للعِباد، ولا يكون تشريع البشَر مستمدًّا إلا من شريعة الله، وقِيَمُ الحياة كلها لا تكون إلا من الله، ولا شرعيَّة لوضْع أو تقليد أو تنظيم يُخالِف منهجَ الله؛ ولهذا فإنَّ زعْم رجلِ الاقتصاد بأنَّه من المؤمنين بالصبغة الإسلاميَّة مع قوله بأنَّ الإسلام لا يتلخَّص في (لا إله إلا الله) أمران لا يتَّفقان، يقول -عزَّ وجلَّ-: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا ﴾ [النساء: 60].

هذا إنكارٌ من الله -عزَّ وجلَّ- على مَن يَدَّعِي الإيمان بما أنزَلَ الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدَمِين، وهو مع ذلك يريدُ أنْ يتحاكَم إلى غير كتاب الله وسنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

إنَّ إقرار رجل الاقتصاد بمفهوم الإيمان بالله الواحد الخالق، واعتقاده بأنَّ الله وحدَه خلَق العالم، ثم ظنه بأنَّ هذا هو غاية التوحيد، لا يعني أنَّه قد أصبَح (مُوحِّدًا)، إنَّ مشركي العرب كانوا مُقرِّين بأنَّ الله وحدَه هو خالق كلِّ شيء، وكانوا مع هذا (مشركين).

إنَّ رجل الاقتصاد لم يقرَّ بالتحاكُم إلى شريعة الله وحدَه، بل أنَّه فتح الباب بقوله: إنَّ الإسلام لا يتلخَّص في (لا إله إلا الله) لتلقي تصوُّرات وقيم وموازين وأخلاق وآداب واجتماع وسياسة واقتصاد من غير شريعة الله، وبذلك يكونُ قد خرَج من الشريعة الخاصَّة التي بُعِثَ بها محمدٌ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى القدْر المشترَك الذي فيه مُشابهةٌ مع اليهود والنَّصارَى والشيوعيين وغيرهم.

يقول الله -تعالى-: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

إنَّ الله -تعالى- هنا قد أقسَمَ بنفسه الكريمة المقدَّسة ألا يؤمن أحدُكم حتى يُحكِّم الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في جميع الأمور، فما حكَم به هو الحق الذي يجبُ الانقياد له باطنًا وظاهرًا؛ ولهذا قال: ﴿ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ﴾؛ أي: إذا حكَّموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممَّا حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، ويُسلِّمون لذلك تسليمًا كليًّا من غير مخالفة ولا مدافعة ولا منازعة، وقد ورد في الحديث: ((والذي نفسي بيَدِه لا يؤمنُ أحدُكم حتى يكونَ هواه تَبَعًا لما جئتُ به))[10].

إنَّ رجل الاقتصاد لم يقرَّ ولم يُسلِّم ولم ينقَدْ، ورغم إيمانه فإنَّه خالَف ودافَع ونازَع.

لم يكن هوى رجل الاقتصاد تبعًا لما جاء به الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وإنما تبعًا (للتكوينات الاقتصادية الاجتماعية) عند ماركس، وتبعًا (للمكونات الغربية) التي طوَّعَها (ماوتسي تونج) لظروف الصين، ثم أنشأ منها ما أسماه رجل الاقتصاد (بالبناء النظري المُحكَم)، ثم دعانا إلى الالتفات إلى ما أسماه أيضًا بالدرس العظيم لهذه التجربة الصينية، وطالَبنا بالاسترشاد به، وبالتجربة السوفياتية واليابانية.

كان النموذج الصيني عند رجل الاقتصاد هو النموذج القريب إلى واقِعنا والذي يجبُ علينا أنْ نتدرب على تصميم نموذج مثله، إنَّ قوله بأنَّه لا يقصد أنْ نستورد هذا النموذج الصيني لا يغفر له الهوى.

لم يكن هوى رجل الاقتصاد أيضًا تَبَعًا لما جاء به رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وإنما كان تَبَعًا لما أسماه بمشروع (بناء الأمَّة في إطار المحددات الموضوعيَّة)، إنَّه لا يقصد بهذا المشروع كتاب الله وسنَّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالطبع.

ألم يكن رجل الاقتصاد هذا هو الذي أشادَ بتجربة (محمد علي) في مصر، واعتبَرَها نموذجًا على إمكانيَّة ابتداع ما أسماه بالأشكال الأصيلة للثورة الصناعيَّة التي تُخالِف الشكل الأوربي، ولعلَّه لم يغبْ عن ذهن رجل الاقتصاد إشادة (ماركس) بمحمد علي في ضرْب الإسلام، وقوله -أي: ماركس- في ذلك: "إنَّ محمد علي هو الشخص الوحيد القادر على إحلال رأس حقيقي محلَّ عمامة المراسم"[11].

وقول العلمانيين إشادةً بدور محمد علي في ضرب الإسلام: "إنَّ هذه التجربة حقَّقتْ إنجازًا عظيمًا في البِنَى الأساسيَّة والأفكار التي حملَتْها والنظريات التي نقلَتْها والرُّؤى التي قدَّمتها، التي تُخالِف في جُملتها ما جاء به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"[12].

وفي الوقت الذي شدَّد فيه رجلُ الاقتصاد هُجومَه على النظريَّات الغربيَّة، دعا في نفس الوقت إلى أنْ نأخُذ من هذه النظريَّات ما هو عام ومجرَّد وليس بخاصٍّ، فخرج بذلك من الشريعة الخاصَّة التي بُعِثَ بها محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى ما اعتقد أنَّه القدر المشترَك الذي فيه مشابهةٌ مع اليهود والنصارى وماوتسي تونغ من قبل.

لم يكن هوى رجُل الاقتصاد تبعًا لما كان في عصر صدر الإسلام الأول، وقرنه الذي قال عنه الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: إنَّه خير القرون، وإنما كان هَواه تبعًا لما أسماه (بالأمَّة الصينيَّة العملاقة ذات التاريخ المجيد).

ولم ينسَ رجل الاقتصاد أنْ يُشِير إلى أنَّ هذه الأمَّة الصينية العظيمة -في نظَرِه- قد صاغَتْ نموذجًا شرع في دِراسة الطبقات غير متقيدة بالنموذج الماركسي، لكنَّها وضعتْ مع ذلك أوزانًا (للفلاحين والبورجوازية والملاك والبروليتاريا)، ثم لفت الانتباه إلى مُوالاة هذا النموذج للمصطلحات الماركسية بإصرارها على قيادة البروليتاريا للحركة والثورة بنصِّ عبارات رجل الاقتصاد.

هاجَم رجل الاقتصاد هؤلاء التلفيقيِّين الذين استخدَموا المفاهيم الغربية نفسها، ثم ادَّعوا أنَّ لها أصلاً في التراث يُبرِّر الأخْذ بها، ونحن معه في ذلك تمامًا، لكنَّه وإنِ اعترف من قبل بأنَّه ضلل بالعقلانية ها هو يُوفِّق بينها وبين الإسلام، بل يزيدُ قائلاً: إنَّ الصياغة الإسلاميَّة في إجمالها لا تتنافَى مع العقلانية، وإنَّ هناك عقلانية دنيوية غربية مقابل عقلانية إسلامية، وإنَّ العقلانية ليست باختراعٍ فريد للحضارة الغربية.

ألم يكنْ هو نفسه الذي قال: "إنَّ المفاهيم الدنيوية تتولَّد عنها في الأنساق الفكرية الغربية مفاهيمُ فرعيَّة في كلِّ مَناحِي المعرفة الاجتماعيَّة، تتعارَض دائمًا مع المفاهيم الفرعيَّة المتولِّدة مع المتغيِّرات التي أدخَلْناها (وخاصَّة الإيمان بالله - تعالى)؟

لِمَ لم يُطبِّق ذلك على العقلانيَّة الغربيَّة؟ ولِمَ حاوَلَ إثبات أنَّ للعقلانيَّة أصلاً في الإسلام بحصْره للعقلانيَّة في استخدام العقل؟ ألم ترتَبِط العقلانية بمفكِّري عصر التنوير في فرنسا، ذلك العصر الذي لامَ مثقَّفينا بسببه لاحتفائهم به، وقال: إنَّ شعوبنا من ضحاياه؟ ألم تُعْلِ العقلانيَّة من قيمة العقل لتقف في مواجهة الإيمان؟ ألا تعني العقلانية في أكثر معانيها شُيوعًا أسبقيَّة العقل فوق سائر الأشياء في فهْم الحقائق الجوهريَّة عن العالم؟ لِمَ حصر رجل الاقتصاد العقلانية في استخدام العقل، وقال: إنَّ الإسلام وجه العقلانية عندنا، فوصلت إلى نتائج مغايرة، وأنَّ بوُسْعِ العقلانيَّة الإسلاميَّة أنْ تجتهد وتُطوِّر هذه النتائج؟ ورفَع عن العقلانية ما وصَفَها به علماء الغرب بقولهم: "إنَّ روح عصر التنوير النقديَّة العقلانيَّة وجَّهت ضدَّ الحقائق المنزلة في الكتب المقدَّسة، وأنَّ العقلانية حركةٌ مُضادَّة للدين ذات نظرة نفعيَّة، تُعطِي وزنًا كبيرًا للمناقشات العلمية والتاريخية المضادَّة للإيمان؟"[13].

لِمَ حاول رجل الاقتصاد أنْ يخلط المفاهيم حتى ولو ادَّعى أنَّه فرَّق بين عقلانيَّة دنيويَّة وأخرى إسلاميَّة؟ لِمَ حاول أنْ يجعلنا نستسيغ العقلانية وننسى ارتباطاتها الإلحادية؟ إنَّ ذلك قد يصل بالبعض إلى تكرار ما حدث في الماضي بأنْ يكون العقل وحدَه هو الأصل، ويكون الإيمان بالقُرآن تابعًا له، وأنْ تكون المعقولات هي الأصول الكليَّة المستغنية بنفسها عن الإيمان بالقُرآن.

إذا كانت المسألة هي استخدام العقل فلننظر إلى ما قاله علماء المسلمين:
"العقل شرطٌ في معرفة العلوم وكَمال وصَلاح الأعمال، وبه يكمل العلم والعمل، لكنَّه ليس مستقلاًّ بذاته، لكنَّه غريزة في النفس وقوَّة فيها بمنزلة قوَّة البصر التي في العين، فإن اتَّصل به نور الإيمان والقُرآن كان كنوز العين إذا اتَّصل به نور الشمس والنار... وإنِ انفَرَد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحدَه عن دركها، وإنْ عُزِلَ بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورًا حيوانيَّة"[14].

ألَمْ يكن رجل الاقتصاد رفيقًا بمجادِلِيه ولم يلزمهم بمفهومٍ محدَّد وصريحٍ عن الإيمان بالله تعالى، وترَك لهم الحريَّة حوله بدعوى أنْ هذه المسألة مناقشة فلسفيَّة؟

ألم يكن رجُل الاقتصاد هو ذلك الذي قَبِلَ في صِيغَته الإسلامية المقترَحة مفاهيمَ ماركسية مثل: الطبقة، والتراتب الاجتماعي، والصراع الاجتماعي، بدعوى أنها عالميَّة وعلى مستوى عالٍ من التجريد؟

ألم يكن رجل الاقتصاد رفيقًا (بالعلمانية) -رغم هجومه عليها- فلم يشرح معنى قوله بأنها لم تكفر بالله صراحةً أو بالضرورة، وأنها فقط جعلتْ قضيَّة الإيمان بالله مجرَّد مسألة شخصيَّة، ولا أهمية لها في بحث شُؤون المجتمع والعلاقات الاجتماعيَّة؟

لقد كان رجل الاقتصاد حريصًا على ألا يُدمِّر موقعَه بين المثقفين اليساريين وغيرهم، لو تطرَّق إلى الميتافيزيقا اللاعلميَّة بصورةٍ أشد، وتحدَّث عن تحكيم كتاب الله وسنَّة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لذلك لم نستَغرِب استِقبال الماركسيين العرب من رجال الاجتماع لمشروعِه بالإطراء والثناء والانتقاد اللطيف[15].

بل وصَفُوا مشروعَه بأنَّه متميِّز وثريٌّ يستحقُّ المناقشة، لم يهاجموه ويتَّهموه بالدعوة للحاكمية القطبية، أو بأنَّه جمَع ما لم يأتلف، ولم ينظُروا إلى مشروعه على أنَّه شديد العموميَّة، أو بالعجز عن بعث الخصوصيَّة المطلوبة التي تُوضِّح التفاعُل الإيجابي بين الإسلام والعصر الحديث.

لقد اعتَرَف الماركسيون العرب من رجال الاجتماع بأنَّ الصحوة الإسلاميَّة أسقطَتْ تلك (العقلانية) التي تمسَّكوا بها، وأثبتَتْ عجزَها على الصعيدين: النظري والمنهجي، بعد أقل من ستِّ سنوات من محاولة رجُل الاقتصاد ربطَها بالإسلام ليوجد بها ثغرةً في جِدار الصحوة، وليجدَ مكانًا على الساحة الإسلاميَّة بتخريب مفهوم (لا إله إلا الله) والتهوين من حقيقة (العلمانيَّة)، والدعوة إلى أخْذ العام والمجرَّد في النظريَّات الغربيَّة والماركسيَّة، والاقتداء بنماذج ماوتسي تونغ، فيُحافِظ في نفس الوقت على موقعه بين أعداء الدِّين والصحوة الإسلاميَّة[16].

________________________________________
[1] انظر تفصيلاً: جلال أمين، بعض مظاهر التبعية الفكرية في الدراسات الاجتماعية في العالم الثالث، إشكالية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة 1984، ص: 231-241.
[2] بوتومور، تمهيد في علم الاجتماع، ترجمة: محمد الجوهري وآخرين، دار المعارف، القاهرة، 1978، ص: 9-18.
[3] G.Lowes Dickinson,sociology and Ethics, the sociological,1-2,1908-1909,PP.174-177 Review
[4] Rosemary Gordon, The impact of social sciences on Ethics, Sociological R.,1954,PP.57-75.
[5] Charles Mcgehee, spiritual Values and sociology, The American Sociologist, 1982, V.17(FEB.) PP.40-46.
[6] رسالة أرسلها إلينا ماك جي في 4 يونيو 1990.
[7] عادل حسين، النظريات الاجتماعية الغربية قاصرة ومعادية، إشكالية العلوم الاجتماعية في العالم الثالث، ص: 243-275.
[8] استخدم عادل حسين مفهوم (الدنيوية) بدلاً من العلمانية.
[9] انظر: وقفة مع إشارات أمريكية عن الإسلام والتنمية، الحلقة 32، الإسلام والكونجرس، وكذلك: مشكلة التنمية والهجوم على الإسلام، الحلقة 33، مجلة المجتمع، العددان: 948، 949، وبهما الخطة التي وضعها رجال الاجتماع في بلادنا لضرب العقيدة مستقاة من أحد المراجع الخاصة بالتنمية والتي تدرس على الطلاب في جامعاتنا.
[10] انظر معنى (لا إله إلا الله) وتفسير الآيات المذكورة في مختصر تفسير ابن كثير، وفي ظلال القرآن؛ لسيد قطب، ومجموع فتاوى ابن تيمية مجلد (1) ص 76، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد؛ لعبدالرحمن حسن آل الشيخ ص16-17.
[11] ز.ا.ليفين، الفكر الاجتماعي والسياسي الحديث، ترجمة: بشير السباعي، دار ابن خلدون، بيروت، الطبعة الأولى، 1978، ص: 26.
[12] معن زيادة، معالم على طريق تحديث الفكر العربي، سلسلة عالم المعرفة 15، المجلس الوطني للثقافة، الكويت، 1987، ص174.
[13] Ninlan Smart, Rationalism, the Encyclopedia of Philosophy, Macmillan Publishing, N.Y.m London, P.69.
[14] تقي الدين ابن تيمية، الرد على المنطقيين، الجزء الأول، مكتبة الأزهر الشريف، القاهرة ص344.
[15] محمد عزت حجازي، الأزمة الراهنة في الوطن العربي، نحو علم اجتماع عربي، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة كتب المستقبل العربي (7)، 1986 ص: 37.
[16] انظر: الحلقة الأولى: علماء الاجتماع والعداء للدين وللصحوة الإسلامية، العدد 40.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

علم الإجتماع، إعترافات علماء الإجتماع، الثقافة الغربية، النقد العلمي، نقد علم الإجتماع،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-10-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  (378) الشرط الأول من شروط اختيار المشكلة البحثية
  (377) مناقشة رسالة ماجستير بجامعة أسيوط عن الجمعيات الأهلية والمشاركة فى خطط التنمية
  (376) مناقشة رسالة دكتوراة بجامعة أسيوط عن "التحول الديموقراطى و التنمية الاقتصادية "
  (375) مناقشة رسالة عن ظاهرة الأخذ بالثأر بجامعة الأزهر
  (374) السبب وراء ضحالة وسطحية وزيف نتائج العلوم الاجتماعية
  (373) تعليق هيئة الإشراف على رسالة دكتوراة فى الخدمة الاجتماعية (2)
  (372) التفكير النقدى
  (371) متى تكتب (انظر) و (راجع) و (بتصرف) فى توثيق المادة العلمية
  (370) الفرق بين المتن والحاشية والهامش
  (369) طرق استخدام عبارة ( نقلا عن ) فى التوثيق
  (368) مالذى يجب أن تتأكد منه قبل صياغة تساؤلاتك البحثية
  (367) الفرق بين المشكلة البحثية والتساؤل البحثى
  (366) كيف تقيم سؤالك البحثى
  (365) - عشرة أسئلة يجب أن توجهها لنفسك لكى تضع تساؤلا بحثيا قويا
  (364) ملخص الخطوات العشر لعمل خطة بحثية
  (363) مواصفات المشكلة البحثية الجيدة
  (362) أهمية الإجابة على سؤال SO WHAT فى إقناع لجنة السمينار بالمشكلة البحثية
  (361) هل المنهج الوصفى هو المنهج التحليلى أم هما مختلفان ؟
  (360) "الدبليوز الخمس 5Ws" الضرورية فى عرض المشكلة البحثية
  (359) قاعدة GIGO فى وضع التساؤلات والفرضيات
  (358) الخطوط العامة لمهارات تعامل الباحثين مع الاستبانة من مرحلة تسلمها من المحكمين وحتى ادخال عباراتها فى محاورها
  (357) بعض أوجه القصور فى التعامل مع صدق وثبات الاستبانة
  (356) المهارات الست المتطلبة لمرحلة ما قبل تحليل بيانات الاستبانة
  (355) كيف يختار الباحث الأسلوب الإحصائى المناسب لبيانات البحث ؟
  (354) عرض نتائج تحليل البيانات الأولية للاستبانة تحت مظلة الإحصاء الوصفي
  (353) كيف يفرق الباحث بين المقاييس الإسمية والرتبية والفترية ومقاييس النسبة
  (352) شروط استخدام الإحصاء البارامترى واللابارامترى
  (351) الفرق بين الاحصاء البارامترى واللابارامترى وشروط استخدامهما
  (350) تعليق على خطة رسالة ماجستير يتصدر عنوانها عبارة" تصور مقترح"
  (349) تعليق هيئة الإشراف على رسالة دكتوراة فى الخدمة الاجتماعية

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بنيعيش، جاسم الرصيف، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي العابد، فتحـي قاره بيبـان، د - مصطفى فهمي، د. عبد الآله المالكي، حميدة الطيلوش، د - الضاوي خوالدية، يزيد بن الحسين، حسن الطرابلسي، رشيد السيد أحمد، حاتم الصولي، أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، تونسي، صالح النعامي ، كريم السليتي، إسراء أبو رمان، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. صلاح عودة الله ، د. خالد الطراولي ، أحمد النعيمي، د. طارق عبد الحليم، الهادي المثلوثي، مصطفى منيغ، سلام الشماع، د. أحمد بشير، فوزي مسعود ، د- محمد رحال، عبد الله زيدان، د - صالح المازقي، سامح لطف الله، فهمي شراب، مصطفي زهران، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سليمان أحمد أبو ستة، يحيي البوليني، الهيثم زعفان، محمود طرشوبي، محمد الياسين، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، محمد أحمد عزوز، منجي باكير، عمر غازي، صفاء العربي، د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، حسن عثمان، خبَّاب بن مروان الحمد، رافد العزاوي، رافع القارصي، محمد عمر غرس الله، وائل بنجدو، أحمد ملحم، عبد الله الفقير، عراق المطيري، صلاح المختار، د- محمود علي عريقات، عمار غيلوفي، عبد الرزاق قيراط ، د - عادل رضا، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد العيادي، إيمى الأشقر، أحمد بوادي، سعود السبعاني، العادل السمعلي، صباح الموسوي ، د. أحمد محمد سليمان، نادية سعد، مجدى داود، د.محمد فتحي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، فتحي الزغل، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، صلاح الحريري، سفيان عبد الكافي، محمود فاروق سيد شعبان، كريم فارق، صفاء العراقي، علي الكاش، د- هاني ابوالفتوح، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، مراد قميزة، محمد الطرابلسي، رضا الدبّابي، أشرف إبراهيم حجاج، خالد الجاف ، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، علي عبد العال، المولدي الفرجاني، طلال قسومي، د - شاكر الحوكي ، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عزيز العرباوي، د - محمد بن موسى الشريف ، ياسين أحمد، سلوى المغربي، أنس الشابي، محمد يحي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة