البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عائد من الميدان

كاتب المقال د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5558


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أعلم أن حديثي قد يغضب الكثيرين وقد يحزن الكثيرين ولكني تعودت الصدق مع نفسي ومع الآخرين ولا أستطيع تزييف الحقائق ولا تجميل الصورة ولا تغييرها فلست من هواة أصحاب المونتاج والماكياج وأعلم أن كلماتي قد تكون قاسية على النفس ولكن ما أجمل أن نرى الواقع بحلاوته ومرارته، ويقينا أنه ليس من قرأ كمن قرأ وسمع وليس من سمع كمن سمع ورأى وليست الرؤية تتساوى وليست الرؤى تتشابه ولا علاقة لما أكتبه من ضرورة مدنية الدولة أي دولة بعيدا عن عسكرة أي حكم.

فالآن عدت من رحلة إلى الميدان، ولمن لم يدخل الميدان ليلاً تلك الأيام فقد فاته الكثير الكثير والحقيقة التي أشعر بها الآن أني رغم كتاباتي المتعددة ومشاعري الجياشة فقد شعرت بمشاعر متناقضة متباينة مختلفة عن كل ما جال بخاطري سابقا فللوهلة الأولى عند دخولي الميدان من ناحية كوبري قصر النيل ومع أول حاجز لمدخل الميدان شعرت بقشعريرة النفس والروح فقد تهيئت تماما بعد أن تركت مجموعة من الأصدقاء المثقفين في حديث حول مصر الغالية في ليل القاهرة الساحرة حاولوا منعي جميعاً من الدخول للميدان عند منتصف الليل ولكن أمام إصراري تركوني على وجل وخوف ومعهم كل الحق فقد تغيرت القشعريرة والرهبة أنك في قلب الميدان الذي هز الدنيا جميعا وغير خريطة قلب العالم العربي النابض وكتب تاريخاً حديثاً خالداً نزهو به ونفخر، تحولت القشعريرة لمشاعر أخرى فأنا الآن رغم تعدد اللوحات المنتشرة بالميدان وكثرة الأعلام الوطنية والخيام الرثة البالية والوجوه المتباينة فقد شعرت أني لست في مصر التي أحبها وأذوب فيها عشقاً، كنت أمني نفسي عند دخولي الميدان أني سأخرج منه أكثر وطنية وأكثر طهراً وأكثر تحضراً وسأشعر أني مصري بزيادة وأني سأتطهر من كثير من جوانب التقصير في حق الوطن الخالد ببعدي عنه بالمكان فقط وحرماني منه فترة طويلة من الزمن ولكن لم أبعد يوما بقلبي ومشاعري وكل جوانحي وماغبت لحظة قط وما انفصلت عن الواقع ورغم كل ذلك تشعر بالتقصير من داخلك أنك لم تتشبع كل نهار بهوائه أياً كانت نسماته فيكفيك أنك تتنسم هواء وطنك وتشرب ماءه وتراه في مقلتيك يضىء عليك الزمان والمكان.

كل تلك المشاعر الجياشة وجدتها تتفاعل وتتساءل هل أنا في الحبيبة مصر ووسط الأحبة من أبنائه ومثقفيه وفي المكان الطاهر الذي تخضب بدماء أطهر من أنجبت من أبنائه ؟،
عجباً فلم أرى كل هؤلاء ولم تنتابني قشعريرة الرهبة أنك في المكان الخالد ولكن إنتابتك مشاعر الدهشة والغربة داخل الوطن فليست الوجوه التي عشقتها ولا المناظر التي تحبها ولا الصورة التي حلمت بها وتمنيتها، وجدتني أتساءل هل حقاً هؤلاء هم من أغلقوا الميدان من كل جوانبه وسجنوه داخل عوازل صنعوها وحولوه إلى دولة لانعرفها ولا نتمناها وقطعوا عنه كل أسباب الحياة ليصبح اليوم فقط أداة ضغطٍ فعالة ويظل خنجرا في خاصرة الوطن ومعولاً في قلبه يمنع عنه تدفق الدماء الطاهرة الذكية.

أي حزن ملأ صدري وصدرك يا مصر إذا كان الآن من في الميدان هم صفوة أبناءك وهم من يتحكموا في حاضرك ويصنعوا مستقبلك، أي بؤسٍ أيتها الطاهرة الحرة الأبية التي استعصيت علي التتار والمغول وكل من سولت له نفسه أن يحبسك داخل سجنٍ كبير ليأتي عليك اليوم وتُسجني في سجن صغير في قلبك العامر المفعم بالأمل والحب للجميع.

من قال بأن من في الميدان الآن من حقه أن يستولي عليه ومن حقه ان يغلقه وكل المنافذ من حوله وأن يُحَوِلَه إلى مولد للباعة الجائلين من كل الأشكال والألوان ويسكُنه أشكالٍ لم أحلم يوماً أن أراها في وطني من أصحاب الكر والفر خلف بعضهم البعض وفي أعمار لاتصنع حاضرا ولا تبني مستقبلا ولاتحمل إلا معاول هدم فلا هم لها إلا الصوت العالي والألفاظ النابية والأفكار البالية شجار هنا وهناك وتعارك على أتفه الأشياء أو لمجرد التنازع على موقع للبيع أياً كان ما يبيعه فالمهم أن ينتصر لنفسه فقط، وشباب تركض خلف بعضها البعض لاتدري لماذا فلم أسمع حوارا واحدا ثقافيا ولم أرى ثوارا أطهارا تمنيت رؤيتهم ولم أسمع كلمة واحدة في حب مصر والتغني بها وهي الحبيبة المتيم بعشقها ولم أرى وجها مصريا خالصا طالما عشقته ولم أشبع منه لونُه بلون نيلها الخالد، ومن العجب فقد رأيت أيضا بعضا من كبار السن رجالا ونساءا يجلسون وكأنهم في ليل سمر ونزهة على كوبري 6 أكتوبر أو كوبري 15 مايو أو أي كوبري في مصر يتبادلون عليه أحاديثا طالما عشقوها وعادوا إليها مرات ومرات.

لملمت نفسي وحاولت أن أخرج مسرعا أهرب من تلك الدولة التي لا أعرفها ولا تعرفني ولا أحبها ولاتحبني، خرجت أبحث عن وطني، عن مصر، عن المصريين.

خرجت من شارع طلعت حرب متجها مسرعا إلى أقرب مكان أجد فيه تاكسي أعود به إلى مصر الحبيبة وكنت أتمنى لو وجدت طائرة تحملني بأقصي سرعة إلى وطني، وحينما وجدت سائق التاكسي كدت أن أقبله فبادرني بعد أن نظر لي عدة نظرات كأنما يصورني من رأسي إلى قدمي ويتفقد هوية من سيركب بجواره، وسألني رايح فين يافندم ؟
فبادرته بالإيجاب وبلا تردد ... مصر يا أسطى لو سمحت،
مصر بسرعة من فضلك أرجوك .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المضادة، الثورة المصرية، الإنتخابات، ميدان التحرير،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-12-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ادخلوا مصر آمنين
  مباراة على جثث المشجعين
  في عيد الثورة أرواح للبيع
  2014 لحظة قبل الرحيل
  فواتير كرسي الرئاسة
  رحلة الى البياده !!!
  للصبر حدود !!!
  الإخوان بين الزحف والزيف !!!
  عائد من ميدان النهضة
  جولة داخل دولة رابعة العدوية !
  خير أجناد الأرض و ذكرى العبور
  جهاد وهجرة لله أم للجماعة ؟!
  نُصْرَةْ مصر !
  30 يونيه بداية و نهاية !
  سنة أولى نهضة !
  تحرير الوطن !
  بركة يا جامع
  ولا تنازعوا فتفشلوا
  أستك الإخوان ورباط الرئيس !
  حوار الطرشان
  نداء الى الرئيس
  خطايا الثورة
  نحاكم من ؟
  وطن النخبة أم وطن الجماعة ؟ !
  وليحفظ الله مصر !
  نتيجة الإستفتاء و كلمة القاهرة
  الدستور قادم والقادم أصعب
  دستور الإخوان و جنة رضوان
  اللهم إنتقم منهم أجمعين !
  أليس فينا رجل رشيد ؟

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عبد الآله المالكي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد النعيمي، محمد عمر غرس الله، د. صلاح عودة الله ، خبَّاب بن مروان الحمد، يزيد بن الحسين، نادية سعد، عزيز العرباوي، عبد الغني مزوز، الهادي المثلوثي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سعود السبعاني، د - مصطفى فهمي، طلال قسومي، محمد أحمد عزوز، د. عادل محمد عايش الأسطل، خالد الجاف ، أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي، مصطفى منيغ، ياسين أحمد، عبد الله زيدان، محرر "بوابتي"، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، رمضان حينوني، محمد الطرابلسي، فتحي الزغل، محمد اسعد بيوض التميمي، أبو سمية، حسن الطرابلسي، وائل بنجدو، فتحي العابد، منجي باكير، رافع القارصي، علي الكاش، د- جابر قميحة، جاسم الرصيف، سلوى المغربي، ماهر عدنان قنديل، العادل السمعلي، عراق المطيري، د. أحمد بشير، ضحى عبد الرحمن، د. طارق عبد الحليم، سليمان أحمد أبو ستة، سلام الشماع، علي عبد العال، عمار غيلوفي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد العيادي، سامح لطف الله، مصطفي زهران، رضا الدبّابي، الهيثم زعفان، محمد شمام ، سيد السباعي، د - عادل رضا، كريم السليتي، المولدي الفرجاني، عواطف منصور، د. خالد الطراولي ، د - محمد بنيعيش، إسراء أبو رمان، أشرف إبراهيم حجاج، د. مصطفى يوسف اللداوي، رشيد السيد أحمد، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، صلاح المختار، محمود طرشوبي، الناصر الرقيق، فوزي مسعود ، أحمد بوادي، فهمي شراب، د - الضاوي خوالدية، حاتم الصولي، حسن عثمان، إيمى الأشقر، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، رافد العزاوي، د- هاني ابوالفتوح، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله الفقير، سفيان عبد الكافي، مراد قميزة، محمود سلطان، يحيي البوليني، حميدة الطيلوش، د.محمد فتحي عبد العال، عمر غازي، صلاح الحريري، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، صالح النعامي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أ.د. مصطفى رجب، أحمد الحباسي، محمد الياسين، عبد الرزاق قيراط ، فتحـي قاره بيبـان، تونسي، د - صالح المازقي، إياد محمود حسين ، مجدى داود، صباح الموسوي ، د- محمد رحال، صفاء العربي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة