مجدى داود
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5720 Mdaoud_88@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد نجاح ثورة مصر كان لزاما أن تطلق بعدها حرية إنشاء الأحزاب السياسية، وظهر منذ البداية أن التيار الإسلامى بصفة عامة والتيار السلفى بصفة خاصة سيكون جزءا أصيلا من المشهد السياسى المصرى، وكان لابد أن يكون له هيئاته ومؤسساته السياسية التى تعبر عنه، وتمثلت هذه فى الأحزاب السياسية التى أعلنت أكثر من جهة تنتمى للتيار السلفى عن نيتها إنشاء أحزاب بدأت بإعلان الأستاذ ممدوح اسماعيل إنشاء حزبا يسمى بحزب النهضة المصرية وتلاه إعلان بتأسيس حزب النور السلفى ثم حزب الفضيلة ولا زلنا ننتظر ظهور مجموعة أخرى من الأحزاب التى ينتمى مؤسسوها للتيار السلفى.
التيار السلفى الذى ظل منذ نشأته بعيدا عن ممارسة أى دور سياسى وجد نفسه فجاة فى قلب الحدث السياسى أثناء الثورة، بعدما تبين أنه لا عودة لما كان قبلها من ممارسة أجهزة الأمن القمعية، وبالتالى كان عليه أن يخرج من الحيز الضيق الذى وضع نفسه فيه خلال عقود مضت، لكن ممارسة العمل السياسى ليست مجرد كلمات تقال او تحليلات لمواقف، بل هى ممارسة عملية تحكمها الخبرة والتجارب العملية السابقة، هذه الحالة ظهرت عنددما بدأ الحديث عن تأسيس إحزاب ذات مرجعية إسلامية، إذا أنه ظهر الكثير من الأحزاب السياسية الإسلامية، وبدأ الحشد الشعبى لهذا الأحزاب، كل حزب يدعو لنفسه ويجمع التوكيلات لمؤسسيه، بل لقد بدأت المفاضلة والمقارنة بين هذه الأحزاب مسبقا حتى قبل أن تتضح المعالم الأساسية الأولى لأى من هذه الأحزاب التى على أساسها تكون المفاضلة الأولية قبل الدخول فى تفاصيل البرنامج وبالتالى المفاضلة التفصيلية، حتى أنك إذا توجهت بالسؤال إلى أى من المنضمين لعضوية أى من هذه الأحزاب عن السبب الذى جعله يدخل هذا الحزب دون غيره فلن تخرج منه بإجابة مقنعة، ومعظمهم يجيب نفس الإجابة.
إن السرعة التى بدأت بها الأحزاب الإسلامية فى جمع توكيلات المؤسسين والدعاية لها، تدل على عدم إدراك لكم المخاطر والسلبيات التى تصاحب هذه الأحزاب، ويدل على أنهم لم يدركوا كم المؤامرات والحيل التى تدبر لهم بليل، وبالتالى لا توجد لديهم رؤية واضحة لكيفية التغلب على أى من المشاكل التى تواجههم أو المؤامرات التى تدبر لهم، وهذه مشكلة كبيرة ستواجه التيار اللإسلامى بصفة عامة والسلفى منه بصفة خاصة فى المرحلة المقبلة.
يجب أن نفكر فى بعض السلبيات التى رافقت ولا تزال عملية تأسيس الأحزاب الإسلامية، من أجل أن نتفاداها ونعمل على علاجها وإلا فإنها ستبقى تنخر فى جسد الأحزاب الإسلامية يوما بعد يوم حتى تقضى عليها تماما ونذكر من هذه السلبيات والأخطاء ما يلى :
1. عدم وجود برنامج واضح لمعظم الأحزاب قبل دعوة الناس إلى الإنضمام لها وعمل توكيلات لإتمام عملية التأسيس، واعتماد معظم الأحزاب الإسلامية على رفع شعار المرجعية الإسلامية، دون ذكر الأمور التى تميزهم عن الأحزاب الإسلامية الأخرى سواء القائمة بالفعل أو تلك التى تحت التأسيس، وبالتالى فعندما يتم وضع البرنامج الحزبى فسوف يشهد هذا الحزب عدة انشقاقات ونزاعات مما يهدد وجود الحزب نفسه، ويكون له تأثير سلبى على أعضاء الحزب وشعبيته فى الشارع السياسى وبين الجماهير، فوجود برنامج واضح للحزب منذ البداية يجعل الأعضاء ملزمين به حيث أنه كان سابقا لدخولهم الحزب ولم يفاجأوا به.
2. عدم وجود ضوابط لاختيار الإعضاء المؤسسين للحزب، حيث تم نشر التوكيلات وطلب من المؤيدين عمل التوكيلات وإرسالها إلى وكلاء المؤسسين، لكن من هم الذى قاموا بهذه التوكيلات؟ وهل هم أفراد ملتزمون بفكرة الحزب؟ هل هم على مستوى معين بحيث يكونون هم المتحكمين فى الحزب فى مراحله الأولى؟ هل هم على علم ودراية بشؤون العمل السياسى؟! هل لهم تجارب حزبية سابقة فى أحزاب غير إسلامية؟! أم إنهم فئة مخربة تنضم إلى مجموعة مؤسسى الحزب من أجل السيطرة عليه وتحويل دفته بحيث يخرج عن هدفه ومبادئه الأساسية؟!
لقد كانت جماعة الإخوان المسلمين على قدر عال من الذكاء والدهاء، فقد أدركت بخبرتها السياسية أنه لن يسمح لها ولا لحزبها أن يكونوا بالنجاح طالما أن دخول الحزب أمر سهل للجميع، لهذا فهى قد اختارت بعناية فائقة الأعضاء المؤسسين للحزب، فاختارت حوالى ثمانية آلاف عضو من الجماعة من بين مئات الآلاف من الأعضاء العاملين بالجماعة والذين يقومون بأعمال إدارية وتنظيمية، أى أن الجماعة تثق فيهم ومع ذلك فقد اختارت من بينهم من يؤسسون الحزب السياسى، وبعد تأسيس الحزب رسميا فإن الجماعة تشترط أن يحصل من يريد الإنضمام للحزب على تزكية اثنين من قيادة الوحدة الحزبية التى ينتمى لها وهذا كله من أجل الحفاظ على الحزب وعدم حدوث انشقاقات فيه على الأقل فى المدى المنظور.
إن الوقت لم يفت بعد، وعلى التيار الإسلامى بصفة عامة والسلفى بصفة خاصة أن يراعوا بعض الأمور الهامة عند تأسيس الأحزاب، ونذكر منها :
1. وضع برنامج حزبى مفصل بعناية واهتمام وتأنى عن طريق خبراء مختصين، وحسم الأمور التى فيها خلاف بين أهل العلم قبل الدعوة إلى جمع التوكيلات أو الإنضمام للحزب.
2. وضع مجموعة من الشروط التى يجب توافرها فى الأعضاء المؤسسين للحزب، بحيث يكونون من أهل العلم والدراية بأمور السياسة وممن يتصفون بالإلتزام بأحكام الدين الحنيف فى حياتهم ومعاملاتهم، ويكونون على مستوى ثقافى مرتفع، ويتمتعون بسمعة طيبة فى البيئة التى يعيشون فيها، وممن يجيدون فن الحوار وإقناع الناس ويبتعدون قدر الإمكان عن التصادم مع المخالفين فى الرأى وخاصة إذا كان المخالف ينتمى لتيار وفكر إسلامى مختلف، ثم وضع شروط أخرى لبقية الأعضاء الذين سينضمون بعد تأسيس الحزب رسميا تكون أخف من شروط الأعضاء المؤسسين.
3. تشكيل لجنة فى كل محافظة يتم اختيار أعضائها بعناية فائقة تكن مهمتها اختيار الأعضاء المؤسسين للحزب وفق الشروط التى وضعت للأعضاء المؤسسين وذلك بعد إجراء التحرى اللازم عن هؤلاء الأشخاص.
4. بعد تأسيس الحزب رسميا وتشكيل الوحدات الحزبية فى المحافظات والمناطق المختلفة وفتح باب تسجيل العضوية، يجب أن يحصل من يريد الإنضمام للحزب على تزكية اثنين أو ثلاثة من هيئة الوحدة الحزبية وفق الشروط التى وضعت مسبقا.
5. يجب التواصل مع الأحزاب ذات الخبرة والتجارب السياسية وأعنى فى مصر بالتحديد حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، والإستفادة من الخطوات التنظيمية والإحترازية التى اتخذها الحزب تحاشيا لحدوث انشقاقات ونزاعات، ويجب عدم التكبر على طلب النصيحة من أخوة الدين، والظن أن حزب الحرية والعدالة لن يبخل على إخوانه فى الأحزاب الأخرى بالنصح والتوجيه.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: