البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

قطوف رمضانية (10) الحامدون الصفة الثالثة للأنفس الزكية

كاتب المقال يحيي البوليني - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5268


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حمد الله سبحانه وشكره صفة ملازمة للأنفس التي يقبل الله سبحانه شراءها، فلا يقبل الله النفس الساخطة المتبرمة التي لا يرضيها شيئ ولا تقنع بشيء مما أعطاها ربها سبحانه
فالحامدون هم الشاكرون له سبحانه على أفضاله ونعمه الحامدون له على منعه وبلائه كما يحمدونه على نفعه وعطائه

إنها أنفس مطمئنة هادئة البال لا تلهث مع من يلهث ولا تتصارع مع من يتصارع، وذلك مع بقائها في دنيا الناس فلا تعتزلهم، ولكنها ترضى بقضاء الله وبحكمه، تنظر إلى ما أعطيت لا ما إلى فقدت، ترى نعمة الله في كل شيئ حولها، تستشعر مودته وتستمطر رحماته وتدعوه بكل ما تحب من خيري الدنيا والآخرة.

إنها أنفس تعي حقيقة الدنيا وتعي حقيقة وجودها فيها، تعلم أنها جاءت إلى الدنيا للاختبار فقط كما أخبرنا سبحانه بقوله " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ "، فغاية خلق الموت والحياة هي الاختبار، وعلى كل مختبَر أن ينهى أوراق اختباره ويسارع بإجاباته الصحيحة مستعدا لتقديم أوراقه في اللحظة التي يطلبها الله فيها والتي لا يعلمها العبد، لا يهتم كثيرا بالشواغل الحياتية - رغم تأثره بها ومعاناته منها - لكنه يحاول أن لا يستغرق فيها كي لا تكدر عليه منهجه في سيره ولكي لا تفسد عليه أجوبته على تلك الاختبارات.

إنها أنفس لا تنظر فقط إلى ما حرمت منه ولكنها أنفس تنظر إلى ما أعطيت، فآفة الحمد عند معظم الناس أنهم لا ينظرون إلا إلى ما حرموا منه فقط، يعطيهم الله كل شيئ ويحرمهم نعمة واحدة من نعمه، فتراهم لا يرون كل النعم ويظل كل منهم حزينا كسيرا متبرما متسخطا على قدر الله وصنعه لأنه حرم من نعمة واحدة.

إنها أنفس ترضى عن الله وعن صنعه وعن تدبيره وتسلم لله في أفعاله، شعارها " أحبه إلي ما فعلته لي " مع سعيهم في الجد والكفاح دون عجز أو إبطاء ويرضون في النهاية ويسعدون بما قضاه الله سبحانه فيهم لأنهم يعلمون أن الله سبحانه يقضي لهم بما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة.

فكلنا يطلب الزيادة في النعم، ولكن الله الخبير بعباده البصير بأحوالهم يعلم أن بعضا منا قد تؤذيه في دينه ودنياه تلك الزيادة ، فينزلها علينا بقدر معلوم ورزق مقسوم، فقال سبحانه " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ "، ولو كُشفت عنا حجب الأستار لأيقننا أن الخير كل الخير فيما صنعه الله لنا وفيما قدره فينا.

قد نحزن لفقد مصاب أو ضياع مال أو فشل في عمل أو ارتباط بشخص، ولكننا لا نرى إلا ما هو كائن أمامنا فقط ولم نر الأخرى التي حجبها الله، ولو رأيناها لأيقننا أن الله ما أراد بنا إلا الأفضل والأصلح لنا ولأدركنا بعضا من حكمته سبحانه، وقد يراها بعضنا أمامه بعد وقت فيتأكد أن الله ما أراد به إلا الخير ولكن العبد دائما نظره قاصر كقصور كونه عبدا.

حزن موسى وغضب عندما رأي الخضر – عليهما السلام – يكسر لوحا من سفينة أصحابها مساكين، ثم سعد عندما علم أن هذا العيب سيتسبب في بقائها ملكا لهم لوجود ملك ظالم يأخذ كل سفينة سليمة غصبا.

وحزن أيضا وغضب عندما رآه يقتل غلاما صغيرا لم يبلغ الحلم، وأشفق على حزن والدي الطفل عليه، لكنه سعد عندما أخبره الخضر - بما علمه الله من علم خاص لم يعلمه لكثير من خلقه - أن هذا الطفل كان لأبوين مؤمنين ولكنه كان سينشأ كافرا عاتيا متمردا وسيتسبب في كفر والديه، فبموت الطفل نجا هو ووالداه من الكفر، وأبدلهما الله ولدا صالحا بعده.

وحزن موسى وسال الخضر عن سبب بنائهما لجدار قديم متهالك بلا اجر وهما منهكان من التعب، وذلك في قرية لا تفعل كلها الخير في ضيف، وسعد عندما علم أنهما يكافئان رجلا صالحا كان من أهل القرية ومات وترك ولدين صغيرين وكان تحت الجدار كنز لهما

إن الأمور لا تجري كما نراها فقط، نحن نرى جزءً قليلا من الحقيقة، وما نعرفه اقل بكثير مما نجهله من حقائق الوجود حولنا ولا يسعنا إلا أن نرفع اكفنا بالحمد لله سبحانه على ما أعطانا وعلى ما حرمنا.

فـ " الحمد لله رب العالمين " بها نستفتح الكتاب الكريم، وبها آخر دعاء المؤمنين في الجنة " دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

رمضان، شهر رمضان، الصوم، العبادة، الأنفس الزكية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-08-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  آذيت ابنك بتدليله
  في سويسرا : قانون يعاقب كل طالب لا يصافح معلمته !!
  المعارك الجانبية وأثرها على مسيرة المصلحين
  2013 عام المظالم
  "مانديلا" .. وغياب الرمز الإسلامي
  رحيل مانديلا وحفل النفاق العالمي
  متي يكون لكتاباتنا العربية قيمة وأثر
  نعم .. إنهم مخطوفون ذهنيا
  الكنائس النصرانية والتحولات الفكرية في العمل السياسي
  التغطية الإعلامية المغرضة والممنهجة لمقتل الشيعي المصري حسن شحاته
  حوادث الهجوم على المساجد .. حتى متى ؟
  طائفة " المورمون " وتفتيت الجسد النصراني المهترئ
  بورما .. أزمة تتفاقم بين التجاهل الدولي والتقصير الإسلامي
  هل تأخذك الغربة مني ؟
  المسيحية دين الماضي والإسلام دين المستقبل باعتراف بريطاني
  "قالوا ربنا باعد بين أسفارنا" .. رؤية تدبر اقتصادية
  القصير .. منحة من رحم محنة
  نصر الله والدجل السياسي لرفع الإحباط عن جنوده المعتدين
  الدب الروسي يعد العدة لحرب ضد المد الإسلامي الداخلي
  تطاول علماني جديد على السنة النبوية لكاتب سعودي
  تهاوي العلمانية في مصر باعتراف أحد رموزها
  بابا الفاتيكان الجديد يستعدي النصارى على المسلمين في كل مكان
  الأريوسية المُوَحِّدة .. التوحيد المطمور في الديانة النصرانية
  الشيعة ضد سوريا .. تحالف قذر في حرب أقذر
  السودان ودعوات مواجهة التشيع
  "تواضروس" والمقامرة بمستقبل النصارى في مصر
  الآثار السلبية لانشغال الإسلاميين بملوثات السياسة والبعد عن المساجد
  الدور الإيراني الخبيث في زعزعة استقرار الدول العربية
  الثورة السورية ومواجهة خطر الاحتواء والانحراف
  العلمانيون والعبث بالهوية الإسلامية للدستور الجزائري

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي العابد، الهادي المثلوثي، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، عمر غازي، حسن الطرابلسي، محمود سلطان، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، سلام الشماع، صفاء العراقي، محمد اسعد بيوض التميمي، حسن عثمان، مصطفى منيغ، حاتم الصولي، نادية سعد، تونسي، فتحـي قاره بيبـان، أبو سمية، عبد الله الفقير، محمد يحي، عبد العزيز كحيل، د- هاني ابوالفتوح، سليمان أحمد أبو ستة، د- جابر قميحة، محمد علي العقربي، سفيان عبد الكافي، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، جاسم الرصيف، رمضان حينوني، محمد العيادي، محمد عمر غرس الله، خالد الجاف ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. صلاح عودة الله ، مصطفي زهران، حميدة الطيلوش، د. طارق عبد الحليم، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، أ.د. مصطفى رجب، المولدي اليوسفي، د. أحمد بشير، عبد الله زيدان، ضحى عبد الرحمن، طلال قسومي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، د- محمد رحال، حسني إبراهيم عبد العظيم، عزيز العرباوي، أحمد الحباسي، محرر "بوابتي"، د - مصطفى فهمي، د. خالد الطراولي ، أحمد ملحم، الناصر الرقيق، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي الكاش، عمار غيلوفي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الرزاق قيراط ، كريم السليتي، فتحي الزغل، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، فهمي شراب، أحمد النعيمي، رافد العزاوي، عواطف منصور، د- محمود علي عريقات، يزيد بن الحسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد محمد سليمان، صلاح المختار، محمد الياسين، كريم فارق، صالح النعامي ، د - عادل رضا، منجي باكير، محمود طرشوبي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، بيلسان قيصر، د. مصطفى يوسف اللداوي، رافع القارصي، محمود فاروق سيد شعبان، فوزي مسعود ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، ياسين أحمد، إيمى الأشقر، د - الضاوي خوالدية، علي عبد العال، يحيي البوليني، سعود السبعاني، سامر أبو رمان ، عراق المطيري، عبد الغني مزوز، أشرف إبراهيم حجاج، وائل بنجدو، صلاح الحريري، سامح لطف الله، أنس الشابي، ماهر عدنان قنديل، سلوى المغربي، سيد السباعي، طارق خفاجي، رشيد السيد أحمد، محمد شمام ، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، إياد محمود حسين ، محمد أحمد عزوز، مجدى داود،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة