د - خــالد الطراولي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 15611 ktraouli@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
منذ أسابيع فاجأنا الشيخ الفاضل الدكتور سلمان العودة بمقال تعرض فيه لزيارة قام بها لتونس تحدث فيه عن مشاهداته هناك، وقد تبعت المقال ردود عديدة كان أكثرها استغرابا ونقدا لما حملته الورقة. ولن أخفي أني كنت مدركا لأهمية ما ورد فيه، وأردت تناول الموضوع لكني وجدت البعض قد سبقني مشكورا ورأيت أن لا فائدة كبيرة في تكرار بعض الحديث والتزمت الصمت وقد كنت في الحقيقة معنيا أكثر بما ورد في المقال من موقف جديد للشيخ العودة تجاه الحركة الإسلامية وأردت الكتابة في ذلك حالما ينهي أفكاره التي وعد أنه سيواصل الكتابة فيها قريبا وأنا مازلت في انتظار ذلك حتى لا نبخس الشيخ الفاضل حقه ونزداد علما ويكون الحوار ناضجا واعيا.
في انتظار ذلك، أردت في هذه الورقة المتواضعة التعريج على موقف الشيخ الفاضل من زيارته لتونس على ضوء تدخله الأخير في برنامج "إضاءات" والذي يبدو لي فيه أن موقفا جديدا قد بدا يلوح في أطراف الحديث وأخذ ينسج أطرافه ولو ببعض الغموض أحيانا.
حمل حديث الشيخ الفاضل في مقاله "الإسلام والحركات" بطريقة غير مباشرة موقفا حاسما وواضحا تجاه الوضع العام في البلاد التونسية وخاصة في بابه الشعائري والديني فقال : "أني وجدت أن مجريات الواقع الذي شاهدته مختلفاً شيئاً ما؛ فالحجاب شائع جداً دون اعتراض، ومظاهر التديّن قائمة، والمساجد تزدحم بروّادها من أهل البر والإيمان، وزرت إذاعة مخصصة للقرآن؛ تُسمع المؤمنين آيات الكتاب المنزل بأصوات عذبة نديّة، ولقيت بعض أولئك القرّاء الصُّلحاء؛ بل وسمعت لغة الخطاب السياسي؛ فرأيتها تتكئ الآن على أبعاد عروبية وإسلامية، وهي في الوقت ذاته ترفض العنف والتطرف والغلو، وهذا معنى صحيح، ومبدأ مشترك لا نختلف عليه. "
كان هذا الوضوح في الموقف وكما عودنا الشيخ الجليل، رغم عدم ذكره لتونس مباشرة وقد زاد الموقف وضوحا فيما بعد في برنامجه "الحياة كلمة" لما أعاد ذكر سفره إلى تونس بالاسم، كان موقف الشيخ في الحقيقة جليا ولكن لفّت بأطرافه بعض النقائص التي ولّدت بوعي أو بغير وعي هذه التركيبة الشخصية لمشاهدات الدكتور العودة :
*كانت الزيارة قصيرة، يومان كما ذكر الشيخ الجليل
*كانت زيارة موجهة وليست حرة وهذا لا يعتب عليه الشيخ فالرجل له قيمته وقامته...
*كانت زيارة علمية ولذلك كانت ذات طرف واحد ولم يقع الاستماع إلى كل الأطراف، لأن المشهد لم يكن سياسيا وإن كان الموقف الذي تولد عنها سياسيا خالصا.
كل هذه العوامل أنتجت حسب نظري المتواضع ترهلا في الموقف مع احترامي للشيخ الفاضل ونبع عنه كل هذه الأسئلة الحائرة والمثارة والتي جمعتها كتابات وأقوال وحوارات متعددة : هل كان الشيخ مطلعا بالشكل الكافي على الحالة التونسية؟ هل غير الشيخ رحله ودخل خيمة السلطان؟ هل أصبح حكوميا كما قال بعضهم؟ هل أخطأ الشيخ بتوطئة لمقال فكري بزيارة شابتها التباينات فنالت من الفكرة والمقال؟...
لن أقف على معقبات المقال كما قلت، فما ورد تباعا كاف وزيادة، ولكني أريد التوقف قليلا حول الجديد الذي حمله التدخل الأخير للشيخ الفاضل في برنامج "إضاءات" هو بعض التردد والنسبية التي عوضت بعض الشيء منطق الإطلاق الذي شمل المقال، وخرجت بعض المفاهيم والمصطلحات الجديدة لتغطي الحسم الأول، وهكذا تتابعت الأقوال : ليست شهادة ولكن مشاهدة...هو انطباع ليومين...المقصود رسالة إلى الانفتاح بين البلدان...
نميل في الحقيقة إلى مثل هذا الحديث في الاعتدال في الموقف والنسبية الغالبة في الحديث، فالحالة التونسية معقدة ولا شك ولكن كثيرا من ملامحها تبدو واضحة والحديث اليوم عن بياض عام يسودها، فيه كثير من التكلف وعدم الدقة، ونحن لا نبخس الناس أشياءهم ولا نعتبر السواد يحف بكل المكان، ولعل منهجيتي في التعامل مع الوضع التونسي قديما وحديثا يتواصل مع هذه النسبية حيث أفرق بين المشهد وبين فاعليه والمساهمين فيه. فالمشهد العام لا يمكن فصله عن المشهد السياسي، ومشهد الحريات العامة لا يمكن فكه عن حرية التحجب أو ارتياد المسجد حتى وإن سلمنا بوجوده. وإذا كان المشهد العام مرتبكا ويغلب عليه اللون الرمادي، فإننا نعتقد أن هناك في الضفة المقابلة رجال ونساء وطنيون يؤمنون بكرامة المواطن ويسعون قدر جهدهم في جذب المشهد نحو مناطق البياض، إلا أنه هناك أيضا من يجذبه نحو مناطق السواد ولعلهم اليوم هم الغالبون، ولقد ذكرت دائما أن التعميم سواء كان في مربعات البياض أو السواد لا يجدي ولا ينفع، بل يزيد الإطار ضبابية ويساهم في إعانة الطرف المعادي للهوية وكرامة المواطن وحقوق الإنسان.
إن موقف الاعتدال الذي وصلنا إليه من خلال قراءتنا للحديث الأخير للشيخ الفاضل الدكتور سلمان العودة، والذي نحبذه ونتبناه، لا يجب أن يتمثل فقط في موقف نظري وإن كان تصحيحيا، ولكن يتنزل في حالة سلوكية وفعل عام، يتوجب هذه النظرة الثاقبة والتي تفصل ولا تعمّم، والتي تحدد موقعها ولا تعيش على الحياد، فموقف الاعتدال يتوجب تحديد الموقع وإن كان هذا الواقع متغيرا حسب تغيرات الحق والباطل. فإذا كانت السلطة خاطئة وجب على العالم وغير العالم التنبيه لذلك، وإذا كانت المعارضة مخطئة فلا تثريب من تصحيحها، فموقع الحق هو الثابت ولا يهم من حمله. وهي روح وفلسفة قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحازمة، وهي التي تشكل حسب نظري ركنا أساسيا في النموذج الاجتماعي الإسلامي المنشود..
ختاما لقد وجدت بعض الصعوبة في مراجعة شيخنا الفاضل لما أحمله له من تقدير واحترام وحب، فالرجل بقامته وهامته وعلمه، وليتسع صدره أكثر وقد عودنا بذلك، لأني سوف أعود لاحقا إلى الموضوع الجوهر الذي عناه في مقاله وهو علاقة الحركة الإسلامية بالإسلام لما يستكمل الشيخ الجليل كتابته في المسألة كما وعد بذلك.
-------------------
ينشر بالتزامن مع موقع اللقاء www.liqaa.net
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
12-06-2009 / 20:20:36 حمامي
هكذا تكون ملاحظتك أفضل وافقة يا أخي أبا سمية ولتعلم انني كما وضحت لك لم أشك في نيتك انما انتقدت اسلوبك، أعلم أنه قد يكون صعباً على المرء حذف مداخلته ولكن لا تحسبه شراً لك انما هو خير إن شاء الله ولن أتوان في طلب حذف مقال لي إن بين لي أخ أمراً لم أعلمه.
مع تحياتي لموقع بوابتي على حرصه والسلام
12-06-2009 / 08:49:34 ابو سمية
الاخ الحمامي شكرا على تنويهك
ولكني لا اقول شيئا خطيرا والامر لايتعلق بنزع الاسلام عن الناس وانما عن المؤسات وهناك فرق كبير بين الاثنين
فها نحن نلاحظ ان امورا كثيرة تجري على غير الاسلام وهذا ماقصدته
واردت ان ارد على الاخ التونسي، بالقول انه لايصح عقد المقارنات بين واقعنا والواقع الذي تحرك فيه العلماء المشار اليهم، لان المقارنة لاتصح
12-06-2009 / 08:13:53 بوابتي
تم حذف المداخلة المعنية لابي سمية، وذلك بعد تنبيه المتدخل الكريم الحمامي
11-06-2009 / 22:40:57 حمامي
ولا تنسى أنك تكتب بمساحة عامة
لا تستطيع أن تعمم هكذا يا أبا سمية، تعلم مواقفي ولكن لست أدري إن كنت تستطيع نفي الاسلام على شخص أو دولة بهذه البساطة خاصة إن كان الأمر يمكن أن يؤدي إلى تهديد أمن المسلمين ودم المسلم حرام كما تعلم أخي، ربما كان الأجدى أن تناقش هذه الامور عند خاصة الخاصة فأغلب الناس غوغاء تحكمهم الحماسة وقد يفهمون غير ما تقصد ولا تنسى أنك تكتب بمساحة عامة. والسلام.
11-06-2009 / 20:01:22 tounsi
قضية "الغاية تبرر الوسيلة" مذمومة إذا كانت هذه الوسيلة تخالف الشرع .. أما إذا كانت مسألة غير توقيفية كما الحال في قضية المنهج في حديثنا الحاضر فلا أرى فيها من ضير و لعلي أفيدك أن مسألة المنهج لم تكن يوما محل اتفاق.. ففيما يتعلق بعلاقة العلماء بالحكام مثلا تجد عدة مدارس .. فسفيان الثوري كان يقول "إذا وجدت العالم يختلف على الحكام فاعلم أنه لص" إضافة لما في التاريخ من أحداث تحكي تصادم العلماء مع الحكام على غرار قصة مالك مع المنصور و ابن حنبل مع المعتصم و ابن المسيب مع ءال مروان .. في المقابل تجد علماء مقربين من الحكام مثل ابن عبد السلام و الزهري و الأعشى و غيرهم .. مربط الفرس هنا هو متى يجب الصدام و متى يجب الحوار .. فالصدام كان مثلا أمرا لا مناص عنه في حالتي مالك و أحمد الذين أريد لهما أن يفتيا بخلاف ما يعتقدان(قضية طلاق المكره و مسألة خلق القرءان -تباعا-) .. و لكن التقرب منهم كان أمرا مجديا في تقرب ابن تيمية من قطز لتحريضه على التتر .. و وقوف ابن عبد السلام أمام تسلط المماليك .. و غيرها من الحوادث كثير .. فالعالم يقدر النهج المناسب ابتداء .. هكذا أرى الأمور و لعله من باب "التمس لأخيك عذرا" و الله أعلم
11-06-2009 / 16:00:07 ابو سمية
الاخ التونسي
تقول ان الحكم على المنهج الجديد الذي يتقرب للواقع من خلال وسائل فاسدة، ينظر فيه بدرجة اولى في ما اذا كانت تلك الوسيلة الجديدة المتبعة قد اتت بنتائج ام لا
وهذا امر خطير للاسباب التالية
- مثل هذا الكلام يعني ان مقياس الحكم هي الفاعلية فقط، اي النتائج اي بمعنى اخر ما يقارب البراغماتية كما يقال
- مثل هذا الكلام، يعني ان الغاية تبرر الوسيلة، مادام لا ينظر لمقياس يشرع الوسيلة المتبعة، بما ان النتيجة والفاعلية هي الحكم
- مثل هذا الكلام، يعني بالنتيجة تشريعا للباطل، للاسباب التالية
- انه يكرس وسائله من حيث انه ينتهجها كطريق عوض اتباع الطرق الشرعية دون غيرها، وعمليا، فوجود مشايخ من خلال وسائل انتاج المنكرات هو تكريس للمنكرات وتشريع لها
- انه يعني ضربا للمنهج الاسلامي وللرؤية والبديل الاسلامي عموما، من حيث انه يقرر ضمنيا انها طرق قاصرة عن الايصال للاهداف
- النتائج المرجوة المزعومة، لاينتظر منها اي خير، لانها لن تكون باية حال نتائج طيبة رغم ظاهرها البراق، مثلا ان مايقال من اقبال على مظاهر التدين المنتجة من خلال وجود اولئك المشايخ بتلك الوسائل الفاسدة، لايجب ان تعطى لها قيمة كبيرة، فاقبال رواد قنوات الرذيلة على مظاهر التدين لن يكون له اي مدلول من الالتزام، لان هؤلاء المقبلون على التدين من خلال تلك الوسائل يكونون عادة نتاج حب المظهر والاقبال على السطحيات، فيكون تدينهم سطحيا ضره اكبر من نفعه، وانظر كدليل لذلك انتشار ظاهرة حجاب التبرج الذي انتجه وتزايد بقعل قنوات الفاضائية وشيوخ الفضائيات، وانظر شيوع مظاهر التدين المصحوب بتزايد مظاهر النفاق الاجتماعي، والسبب ان الامر يتعلق بتدين هش مصطنع ينظر فيه للكمية ولا ينظر فيه لعملية بناء شامل للشخصية المسلمة، وهو مادام تدينا تنتجه ادوات الرذيلة فلن يكون باية حال تدين صحيح، اذ لو كان صحيحا لبدا بضرب ماينتجه من تلك الادوات
وهاانك ترى النتيجة، شيوع مظاهر تدين زائف، مجزء منافق، اسلام غريب يقارب المسيحية في انزوائه وسلبيته
ومثل هذا الاسلام المشوه يشجع عليه بالطبع من المتمكنين من الواقع
اما ان الحل المقابل كما تقول وهو ان الصدام مع الواقع لم يات بحل، فالرد ان الحل المقابل ليس بالضرورة الصدام، ثم ان الصدام ايضا ان فشل فليس يعني بالضرورة فشلا في ذاته كوسيلة، اذ قد يعني ايضا فشلا في التمكن من تلك الوسيلة وعدم الاهلية لها من قبل القائمين على تلك المشاريع
11-06-2009 / 13:51:59 تونسي
بصراحة أخي أبا سمية لقد أجحفت في حق الشيخ .. دون إيراد مستندات قوية لهجومك عليه حيث أخذت عليه أساسا أنه يظهر على ال إم بي سي .. كل ما في الامر أن الشيخ و الكثير ممن سلكوا نهجه توصلوا (بعد عمر من الخبرات و التجارب) أن الاسلوب الصدامي لا يجدي كثير نفع سواء مع العامة أو مع الحكام .. فما تراه أنت مداهنة لأهل الفساد من أصحاب الفضائيات يراه هو شغلا للمقعد الشاغر لأهل الاسلام على هذه المنابر .. التي سواء صلحت أو فسدت تبقى مسموعة الصوت و ذات دور لا يمكن إنكاره (دليلي في هذا التنظير هو الاهتمام الواضح للشيخ بالاعلاملا سيما من خلال مؤسسة الاسلام اليوم المحسوبة عليه).. نفس المفهوم ينطبق على علاقة هؤلاء المشائخ بالحكام .. و لك أن تلاحظ النتائج الكبيرة لاهتمام هؤلاء الشيوخ بالإعلام .. حيث لم يصيروا مسموعي الصوت في منابره التقليدية فحسب بل و صارت لهم مبابرهم الخاصة التي تناطح أعتى الفضائيات (هاك مثلا قناة الرحمة .. في رمضان الفارط حققت أعلى نسبة مشاهدة على نايل سات) .. فالمسألة ليست قضية فلان غير منهجه فحسب .. السؤال الذي كان يجب أن يطرح هل كان هذا التغيير موفقا أم لا و هل جلب نتيجة تذكر بالمقارنة مع المنهج السابق
30-05-2009 / 09:33:04 ابو سمية
هل يقاس الناس من خلال مبادئ الحق والباطل، ام تستقى هذه المفاهيم من خلال الناس
أرى أن هناك أخطاء ترتكب حين تناول مسائل يكون طرفا فيها من يتحدث باسم الإسلام ممن يقدمون على أنهم علماء، كما هو الحال مع سلمان العودة
- لا يفهم الداعي لمخاطبة هؤلاء بأقدار مبالغ فيها من الاحترام كاستعمال الألقاب المسرفة في التبجيل من مثل "فضيلة" وغيرها، وإلا فان التحدث يالاسلام يصبح أداة للترقي والتمايز الاجتماعي، كان ياقل يا سعادة السفير وغيرها.
- نظرة البعض للمتحدثين بأمور الإسلام ومعاملتهم لهم، تعاني من خلل لايجد له سند في الاسلام، اذ انهم ينطلقون في الحكم على هؤلاء الأشخاص من خلال مايقدم ويقال عنهم وليس عما يفعله هؤلاء حقيقة.
- من ذلك ان النظرة ازاء بعض المتحدثين باسم الاسلام من اولئك الذين يسمون علماء، بقيت ثابتة في محل التقدير منذ مدد متطاولة، والحال ان هؤلاء قد اعتراهم مايعتري اي انسان من ضعف في الدين والتحول عما عرفهم الناس عليه من نصرة الاسلام ومدافعة اهل الباطل، ولكن الناس تأبى الا ان تبقيهم في نفس مرتبة التبجيل السابقة.
- فبعض العلماء برزوا حينما قاموا بإعمال تؤشر على غيرة على الدين (وهي المواقف التي رفعت من أسهم سلمان العودة في التسعينات حينما تصدى رافضا لبعض مواقف ال سعود)، ومنهم من لاقى العنت البسيط ومنهم من سجن، وهي المواقف التي صنعت شهرتهم، وهي نفسها المواقف التي بنت لهم مكانة في انفس الناس من انهم جمعوا العلم والعمل به، ولكنهم بعد ذلك بدلوا، فوالوا اهل الباطل الذين حاربوهم بالأمس وروجوا لهم وسكتوا عن المنكرات واتجهوا بدل ذلك للناس لائمين لهم مسفهين لمساعيهم التي تقصد التحرر من ظلم واستعباد أهل الباطل من حكام ومن يدور في فلكهم، ووضعوا علمهم كاداة تخدير وتعطيل لوعي الناس من ان ينتبهوا للواقع وحقيقته.
- ولما كان الأصل ان التقدير الذي يلقاه العالم مرتبط بعمله بذلك العلم ومدى صدقه وإخلاصه الظاهر، وليس لإحرازه العلم فقط، فان تغير هذه العوامل في القوة او في الوجود والعدم، تكون مدعاة لمراجعة مكانة ذلك "العالم" لدى الناس من حيث ان داعي تقديره لم يعد موجودا او على الاقل لم يعد موجودا بالمقادير التي بنت مكانة ذلك العالم لدى الانفس من قبل.
- ولما كان الواقع يقول ان بعض الناس تنظر ل"العالم" نظرة ثابتة، فهي تضعه في مرتبة سامية وتبقيه هناك من دون مراجعة، وان كان هذا الشخص أتى مايخرجه من ان يكون مسلما عاديا، فضلا على انه اتى ما يجعله اداة لاعاقة وعي الناس بالواقع الفاسد، فان هذا الوضع، يؤشر على خلل في افهام الناس، وان البعض من هؤلاء لايحكمون على الأامور من خلال مبادئ الحق والباطل، وانما يقلبون الأمور، فهم يقومون بفهم هذه المعاني من خلال مواقف الأشخاص "الأصنام"، وهو التمشي الفاسد من دون ريب.
- اما مسالة جدال سلمان العودة حول موقفه خلال زيارة تونس، فاني أرى ان الذين ردوا عليه وجادلوه عموما كانوا من الصنف الذي كنت أصفه، حيث ردوا على سلمان منطلقين من انه ذو مكانة، وهم ذهبوا في ردودهم تلك مذهبا لم يزد الا ان صعب عليهم الأمور، لانهم انفسهم قبلوا بفرضية ان هذا الشخص عامل للإسلام ذو مكانة عالية.
- والحال انه يوجد طريقة أخرى أسهل للرد على سلمان العودة وأمثاله وتسفيه كل كلامه، و يتمثل هذا الطريق ليس في نقاش محتوى رأيه، وانما اثبات ان سلمان هذا ذاته ليس شخصا ذا مصداقية، وانه لم يعد كما عرفه الناس بالتسعينات، وان المواقف التي صنعت شهرته، ياتي اليوم بكل مايخالفها ويعارضها، و بالتالي فان ارائه اليوم تعطي الدليل على صحة ماينتقده هو ويراه امرا غير مقبول.
- بمعنى عوض ان يناقش كلام العودة بالتفاصيل، يجب ان يناقش ويبرهن على تسفيه العودة هذا وامثاله، من مرتزقة العلم الشرعي الذين حادو عما كانوا هم انفهسهم يدافعون عنه بالامس، ويكفي لاثبات ذلك القليل من الجهد، حسب ذلك معرفة أن سلمان العودة هو عراب قنوات الرذيلة ام بي سي، بما يعني انه المتصدي لتكريس واقع الافساد وانه يحمل قدرا كبيرا من وزر تلك المفاسد، وانه الذي يعطي شرعية الوجود لتلك الموبقات وانه هو المروج لها من خلال غطاء شرعي سلبي عن طريق سكوته، دعك عما يقوله من تبريرات، وهي المواقف التي تعطي فكرة على زيغه
- إذن لو كان المسلمون يعاملون الناس حسب القرب والبعد من مبادئ الحق والباطل، لكان سلمان هذا منذ مدة محتقرا منبوذا في أعين الإسلاميين، فضلا على ان يعطى اي اعتبار لمايكتبه وينتقده
12-06-2009 / 20:20:36 حمامي