يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
استسلمت بعض الطبقات المقتدرة في المدارس الأجنبية الأوربية منها والأمريكية، وصار مرتادوها يدافعون عن نظمها وأدوارها في صناعة نموذج مختلف من الشباب يحمل بنظرهم ثقافة العصر الغربية ورؤيته التقدمية بظنهم، والتي يرون أنها تجعلهم في مصاف الطبقة البرجوازية المتمكنة من اللغات الأجنبية، والمؤهلة لتولي المراتب القيادية، بغض النظر عن التلاعب في عقيدة الأبناء وهويتهم، ومحتجين أيضاً بضعف مستوى التعليم المحلي وفشله في إلحاق الأبناء بركب الحضارة الغربية، وفي ضوء ذلك ينفقون آلاف الدولارات على تشكيل وعي الأبناء وفق النموذج الغربي.
لكن هل يعلم الآباء ضعاف اللغة أحياناً أوالمنشغلون بالأموال والوظائف أغلب الأحيان بما يدرسه الأبناء داخل تلك المدارس الأجنبية؟ وهل يصل تصورهم إلى أن تلك المدارس تشكل نظرة الأبناء لآبائهم وأوطانهم وفق رؤيتها هي لا وفق تنشئة الآباء وتربيتهم المتنازل عنها لصالح تلك المدارس الغربية؟.
هل يعلم الآباء الطامحون لرفعة الأبناء ليفتخرون بهم مستقبلاً أن وجدان الأبناء الصغار مشكل على أن الإبل -أعزكم الله- أفضل من الآباء؟.
في رسالة دكتوراه عن مخاطر التعليم الأجنبي قامت فيها الدكتورة بثينة رمضان بتحليل محتوى عدد من المناهج الدراسية بالمدارس الأمريكية الموجودة في مصر، حيث أوردت في دراستها قصص كثيرة يدرسها الأبناء، وتشكل جميعها وجدان الطلاب وفق الرؤية الغربية للحياة من اختلاط وصداقة بين الجنسين، أكل للخنازير، شرب للخمور، صلوات بالكنائس، خلوات ومبيت عند الأجنبيات، وانجاب من سفاح إلى غير ذلك من الانحلالات، ولكني وقفت كثيراً عند قصة أوردتها الباحثة يدرسها باللغة الإنجليزية تلاميذ الصف الرابع الابتدائي بالمدارس الأمريكية بمصر تلك القصة التي جاءت بعد مجموعة من القصص التي تعلي من شأن أمريكا وأنها طموح كل راغب في التقدم والتحضر، حيث تقول القصة المسماه بـ (رحلة بالكارفان) " في الصحراء العربية وقف بعض الرجال العرب مع جمالهم لكي يتفقوا على المكان المناسب للقيام برحلة، ولكنهم كعادتهم يتحاورون كثيراً، ويتكلم أحد الجمال إلى الآخر ويحدثه عن مدى كرهه للقيام برحلات مع هؤلاء الناس لأنهم دائماً ما يتحاورون كثيراً ولا يتفقون على شئ، فتقرر الجمال أن تقود هي الرحلة، فتتحرك مجموعة الجمال في صف واحد، ويلاحظ الرجال ذلك فيسعون وراءها لكي يلحقوا بها، وبعد مسافة طويلة وعند مكان معين تقف الجمال، ويكتشف الرجال العرب أنه مكان جميل ومناسب للرحلة، ويستمتع الجميع، ويقول أحد الرجال العرب: إن هذه أجمل رحلة، وإنها المرة الأولى التي يستمتع بالقيام برحلة، ويسأل رجل عربي آخر لماذا؟ فيجيب أحدهم أن الجمال هي السبب لأنهم قادوا الرحلة بنظام".
القصة لا تحتاج إلى تعليق، لكن هناك بعض التساؤلات المرتبطة بمنظومة مناهج المدارس الأجنبية السائرة على منوال هذه القصة وهي:
1- هل هذه القصة والتي تدرس لأبناء العرب على أرض العرب وبأموال العرب ترضي قادة العرب، ومسئولي التعليم العرب، والآباء العرب؟.
2- ألا تستحق هذه القصة أن يحاسب من سمح بمرورها من المسئولين العرب حساباً شديداً؟.
3- ألا تعد هذه القصة شديدة الإهانة العرب مسوغاً كافياً لغلق المدارس الأمريكية التي تقوم بتدريسها في العالم العربي باعتبار أنها غير أمينة على تربية وتنشئة أبنائنا العرب؟.
4- ألا تكفي هذه القصة لفتح ملف مناهج المدارس الأجنبية على المستوى القومي بتشكيل عدة لجان من رجال التربية والتعليم المخلصين للوقوف على محتويات تلك المناهج وخطورتها على الهوية والعقيدة قبل استفحال الأمر، ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة التي تحفظ هوية الوطن وعقيدته؟.
5- ألا تستدعي هذه القصة من الآباء أن يقفوا على مناهج أبنائهم الدراسية ويقرأوها وينظروا بأنفسهم أو بمساعدة من يتقن اللغة في خطورتها، ليقرروا بعدها استمرار الأبناء في تلك المدارس من عدمه؟.
6- ما هو المنتظر من جيل يربى على هذه الخزعبلات التدميرية، وإلى من سيكون الولاء بعد التخرج واقترابهم من مواضع صنع القرار العربية للداخل الوطني أم للخارج الغربي؟.
7- أما آن لنا أن نبطل حجة ضعف التعليم المحلي، ونهتم قليلاً بتطوير المدارس المحلية، كي نحافظ على أبنائنا وأموالنا ونكون في غنى عن تلك التبعية المهينة والمدمرة للعقيدة والهوية؟.
تساؤلات نضعها أمام كل مسئول وكل ولي أمر سلم ابنه لآياد غير أمينة، آملين أن تكون هناك إجابات عملية عليها.
-----------------
ينشر بالتزامن مع موقع المصريون
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
21-04-2009 / 08:31:34 ابو سمية
بتونس ايضا يقع الزام الاطفال بدراسة المناهج الفرنسية بالمدارس الخاصة
يجب الملاحظة انه بتونس ايضا يقع الزام الاطفال منذ المراحل المبكرة بدراسة البرامج والمناهج الاجنبية وخاصة الفرنسية، ويتم ذلك بالمدارس الخاصة التونسية، بدون اي تدخل من سلطات الاشراف، وهو مايعني اقرار ضمنيا بما يقع من عمليات الحاق بفرنسا تقوم بها المدارس الخاصة التونسية
21-04-2009 / 08:31:34 ابو سمية