د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 11897
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الهجمات الأخيرة فى مومباى التى أسفرت عن مائة وخمسة وتسعين قتيلا وثلاثمائة من الجرحى واستمرت حوالى الستين ساعة : هل هى من فعل الجهاديين الكشميريين أعضاء جماعة "عسكر طيبة "( LeT ) التى تقول المخابرات الروسية أنها وراء هذه الهجمات بعد أن تلقت تدريبا خاصا فى معسكرات الجهاديين على الحدود الهندية الباكستانية ، وأكدت ذلك المخابرات الأمريكية ، ثم الشرطة الهندية التى ادعت أنها استقت ذلك من المهاجم الوحيد الذى بقى على قيد الحياة ؟ أم أنها من صنع المخابرات الهندية، والأمريكية، والإسرائيلية كذريعة لعمل استراتيجى كبير كتدمير المفاعل النووى الباكستانى ، مثلما كان الحال فى هجمات 11 سبتمبر التى نسبت إلى الجهاديين.
(1)
تعلمنا من "ابن خلدون" قاعدتين هامتين من قواعد قراءة الأحداث والوقائع:
الأولى : أن الكذب متطرق للخبر بطبيعته وله أسباب تقتضيه . منها التشيعات للآراء والمذاهب ، فإن النفس إذا كانت على حال الإعتدال فى قبول الخبرأعطته حقه من التمحيص حتى تتبين صدقه من كذبه ، وإذا خامرها تشيع لرأى أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة ، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتمحيص ، فتقع فى قبول الكذب ونقله . ومن الأسباب المقتضية للكذب فى الأخبارأيضا الثقة بالناقلين، ومنها كذلك الذهول عن المقاصد ، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين وسمع، وينقل الخبرعلى ما فى ظنه وتخمينه فيقع فى الكذب. ومنها توهم الصدق وهو كثير. وإنما يجئ فى الأكثر من جهة الثقة بالناقلين.
الثانية: أن قانون تمييز الحق من الباطل فى الأخبار بالإمكان والإستحالة ، هوأن ننظر فى الاجتماع البشرى الذى هو العمران ، ونميز ما يلحقه من الأحوال لذاته وبمقتضى طبعه ، وما يكون عارضا لا يعتد به ومالا يمكن أن يعرض له ، وإذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونا فى تمييز الحق من الباطل فى الأخبار والصدق من الكذب بوجه برهانى لا مدخل للشك فيه.. وحينئذ فإذا سمعنا عن شيئ من الأحوال الواقعة فى العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه.
إن تطبيق هاتين القاعدتين على أحداث مومباى ، يشكك فى أنها من فعل الجهاديين . لكن إبادة الهندوس لأكثرمن خمسة ملايين مسلم، واغتصابهم لأكثر من خمسة آلاف امرأة مسلمة ، وتجريدهم لمائتى امرأة مسلمة من ملابسهن واغتصابهن فى الطريق العام وسط ضحكات الهنادكة ثم إلقائهن فى النار، واختطافهم لآلاف أخريات ، وتسببهم فى إصابة أربعة آلاف مسلم بالعمى ، يجعلنا أكثر ميلا لقبول خبر قيام الجهاديين بهذه الهجمات. ولكن من أين لنا الثقة بالناقلين والوقوف على مقاصدهم وكل خبر فى العالم كما يقول- هنرى فورد- لا بد أن يمر بمصفاة اليهود. ويضاف إلى ذلك كله أن مثل هذه الهجمات عارضة وليست من طبيعة أحوال العمران البشرى.
يقول " أمير طاهرى" مؤلف كتاب " الرعب المقدس : نظرة من داخل عالم الإرهاب الإسلامى ":أن ما حدث فى الهند أصبح يعرف الآن بـ " غزو مومباى" ، أو 11سبتمبر الهندية . ويرى طاهرى " أنه ليس فى ذلك مبالغة. فصحيح أن عدد قتلى أحداث مومباى عاصمة الهند الإقتصادية ليس مماثلا لنظيره فى نيويورك ، لكن تأثيره النفسى من المحتمل أن يكون أقوى وأشد. ويرى " السيد ياسين" أن تحديد من الذين قاموا بهجمات 11 سبتمبر تظل خلافية. فبعض الأصوات الفرنسية المستقلة شككت في الرواية الأمريكية للأحداث في مجملها, علي أساس أنها رواية مفبركة الغرض منها إلصاق التهمة بالعرب والمسلمين, تحقيقا لأهداف أمريكية استراتيجية متعددة, وكانت أبرز هذه الأصوات صوت الكاتب الفرنسي " تيري ماسون" الذي نشر كتابه الشهير "الخدعة الرهيبة" مرجعا لكل من أراد أن يشكك في الرواية الأمريكية.
لكن كتابا فرنسيا آخر صدر حديثا في باريس ألفه "جيوم داسكيه وجان جونسنيل" بعنوان " الكذبة الرهيبة" فند حجج تيري ماسون حجة حجة ليثبت بطلانها.
وفى 5 فبراير2007 نشر" ريتشارد بيهان" مقالة بعنوان :" حرب النفط من أفغانستان إلى العراق : الوثائق والأحداث واللاعبون" . يقول بيهان : " فى بحر قزوين وتحت صحراء العراق هناك 783 بليون نفط تنتظر الضخ. ومن يضع يده على هذا الكم الضخم من النفط يملك فرصة تحطيم أوبك ويمسك بخناقها بين عشية وضحاها ، وأى أمة تريد أن تهيمن على العالم ليس لها إلا أن تتحرك عبر هذا الطريق......" ويقول ثانيا " إن بحر قزوين يحتوى على 16 تريليون كمية من مصادر الغاز والنفط ، والطريق المباشر للأسواق الغنية يمرعبر أفغانستان" ويقول ثالثا :" إن غزو العراق وأفغانستان كان لا بد له من مبرر، عن طريق فعل يمثل حدثا فيه صدمة تجرى على نطاق غير مسبوق مثل حادث الهجوم على" بيرل هاربر" . فكانت أحداث 11 سبتمبر تطبيقا لمبدأ" الإتجار بالخوف كنموذج للسيطرة ".
خلاصة كل ذلك أن تحديد من قام بهجمات 11 سبتمبر: الجهاديون أم المخابرات الأمريكية أمر لم يحسم بعد. وينطبق نفس الأمر على أحداث مومباى لكثرة أوجه الشبه بين الحدثين على حد قول " طاهرى".
(2)
ولننظر إلى القضية من زاوية أخرى. إن منطق المؤرخين - حتى ولو كان ابن خلدون نفسه - وما يستتبعه من احتمال عدم قيام الجهاديين بعمليات 11 سيتمبر وعمليات مومباى ، إما لتصورعدم قدرتهم على ذلك ، أو لتصور أن هذه الهجمات غير جائزة إسلاميا ، أو أنها قصة مفبركة لتحقيق أهداف استراتيجية ، كل ذلك لا يمثل شيئا أمام القاعدة الكبرى فى الإسلام ، وهى قاعدة " طلاقة المشيئة" . فالمشيئة الإلهية طليقة كلية مما نحسبه نحن قانونا كليا لازما ملزما لا سبيل إلى مخالفته أو الاستثناء منه . وحسباننا هذا خطأ بالقياس إلى المشيئة المطلقة:خطأ منشؤه أننا نفرض تقديراتنا نحن ومقرراتنا العقلية أو "العلمية " على الله سبحانه . يقول " المفكرون الإسلاميون" فى ذلك:-
" الذين يقيدون مشيئة الله بما يعرفونه هم من نواميسه لا يعرفون حقيقة الألوهية كما يقررها الله سبحانه في كتابه - وقوله الفصل وليس للعقل البشري قول في ذلك القول. وحتى الذين يقيدون مشيئة الله بما يقرر الله - سبحانه - أنه ناموسه , لا يدركون حقيقة الألوهية كذلك ، فمشيئة الله سبحانه طليقة وراء ما قرره الله سبحانه من نواميس . ولاتتقيد هذه المشيئة بالنواميس ".
ونعنى بذلك كله أن الأحداث قد وقعت - بغض النظرعن الذين قاموا بها- وأنه وإن كان منطق التاريخ وطبيعة الأشياء قد ينفيان احتمال قيام الجهاديين بهما ، فإن المشيئة الإلهية المطلقة التى هى فوق منطق التاريخ وطبيعة الأشياء لا تمنع مطلقا أن يكون هذا الإحتمال حقيقة واقعة.
(3)
أما وصف هذه العمليات بأنها إرهابية فإنه يتضاءل أمام عينة صغيرة مما أوردناه عما فعل الهندوس بالمسلمين.( انظر مقالتنا: استنفار الهند والصين لمحاربة الجهاديين).
" مارثا نيوسبوم " أستاذة القانون بجامعة شيكاغو هاجمت الهندوس بشدة وأعادت الذاكرة إلى فظائعهم ضد المسلمين تحت سمع وبصر الحكومة فى ولاية جيوجارات فى عام 2002 ، وقالت فى ذلك " أنه لا وجه للمقارنة إطلاقا بين هجمات الجهاديين وبين الإرهاب الهندوسى الذى كان ضحيته بدون سبب يذكر فى الثلاثينيات من القرن الماضى. وانتقدت الكاتبة هذه المعايير المزدوجة التى تصف المسلمين بأنهم إرهابيون فى الوقت الذى يطلق فيه العنان للهندوس لإبادة المسلمين . هذه التصريحات لـ " نيوسبوم" التى كتبتها فى جريدة " لوس أنجيلوس تايمز" أثارت حنق اليهود واتهمتها " كارولين جليك" الكاتبة بـ "الجيروساليم بوست" بأنها تقاضت أجرا من الخارج لكتابة هذه التصريحات. وبالإضافة إلى ذلك كتب " فريد زكريا " فى " النيوزويك " أن هناك قصصا لم تحكى بعد عن معاناة المسلمين فى الهند و حرمانهم من ثروات بلادهم ،واستمرار التمييز المؤسسى والإضطهاد ضدهم.
(4)
الذى لا يعرفه الكثير من المسلمين اليوم هو أن القضية ليست فقط مجرد إبادة للمسلمين ، فهذه الإبادة جزء من خطة توسعية للإستيلاء على بلاد المسلمين . إنه تحالف يهودى هندوسى . فشعار اليهود : " من النيل إلى الفرات " أما شعار الهنود فهو : من السويس إلى سنغافورة" ومن كوريا إلى الكعبة " ثم " بناء معبد الإله راما على أنقاض الكعبة". وقد ارتبط استيلاء اليهود على فلسطين بأعمال إرهابية وحرب إبادة لا حد لها مرتكزة على نظرية دينية عرقية ، وهذا بعينه ما يحدث للمسلمين من قبل الهنود.
يقول الباحثون فى هذه القضية
إن لدى الهندوس أحلامًا توسعية حيث يحلمون بالهند الكبرى حدودها من قناة السويس غربًا إلى سنغافورة شرقًا،
كما أن العداء الهندوسي للإسلام هو امتداد للتاريخ العدائي والعقائدي من الهندوس للمسلمين ومقدساتهم، على خلفية الكتب الهندوسية المليئة بالكره والعداء للعقيدة الإسلامية حيث يزعم كثير من القادة الهندوس الآتى:
1- أن الكعبة المشرفة كانت معبدًا للإله راما الهندوسي، وأنه تحول عن الكعبة بعد أن جاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام، وأنه لا بد وأن يأتي يوم ـ على حد زعمهم ـ يعود فيه الهندوس إلى الجزيرة العربية ، ويقومون ببناء معبد الإله راما على أنقاض الكعبة، والدليل على ذلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الهندية حينما تحولت آلاف المساجد إلى معابد وأحياء سكنية، كما منع الأذان ومنعت الصلاة في العديد من المساجد الأخرى التي تم تسليمها إلى دائرة الآثار، وما حادثة المسجد البابري الذي تم هدمه في ديسمبر 1992م من قبل الهندوس وبمباركة حكومية إلا دليل واضح على الحقد الهندوسي نحو الإسلام والمقدسات الإسلامية، وكذلك محاصرة مسجد حضرت بال الشهير، وإحراق مسجد شرار شريف، ومسجد شاه همدان وغيرها من مساجد كشمير.
2- أشار فيلسوف الهند الشهير (بي. إن. أوك- في كتابه Research Indian Historical Some Biunders of " هناك بعض الأخطاء في البحوث التاريخية للهند- .. وهناك دلائل عديدة يستنتج منها أن الجزيرة العربية خضعت لسلطان الملك الهندوسي فيكراماديتيا كما أن هناك أدلة أخرى تؤكد أن المعبد (الكعبة- يعود في بنائه إلى عام 58ق .م على يد الملك فيكراماديتيا بدليل وجود شعار المهاديف ـ أحد ألهة الهندوس ـ في الكعبة ذاتها وهو ما يطلق عليها اليوم اسم الحجر الأسود عند المسلمين!! ، ويقول تحت عنوان: تجاهل حكومة الملوك الهندوس من جزيرة "بالي "إلى حدود" البلطيق" ومن كوريا إلى الكعبة، أن هذه الدولة العظمى كان يطلق عليها بهارت ورشا كما أن المصطلح نفسه كان يطلق على المعمورة بأكملها، وهذه الدولة كانت تشمل معظم البلاد في قارتي آسيا وأوروبا .. وإن كافة البلاد التي تبدأ بلفظ (هند- أوإندو- مثل الهند الصينية أو إندونيسيا، وغيرها كانت أجزاء هذه الدولة الهندوسية العظمى! كما أن كافة البلاد التي تنتهي بلفظ (ستان- أيضًا كانت أجزاء لهذه الدولة الهندوسية العظمى، مثل: أفغانستان، وكردستان، وتركستان، وعربستان).
3- زعم الهندوس أن رسول الإسلام كان هندوسيًا وأنه ولد على الديانة الهندوسية .
4- صرح أحد كبار الدبلوماسيين الهندوس وهو الدكتور إس. آر. باتيل في كتابه "السياسة الخارجية للهند": بقيت أفغانستان لمدة طويلة جزءًا من الهند، وإن إيران مهمة جدًا للهند نظرًا لحاجتها إلى البترول في العهد الحاضر، وكذلك حاجة الهند للبترول تجعلها تهتم بالبلاد العربية أيضًا .. ومن الضروري جدًا بالنسبة للهند أن تسيطر على سنغافورة والسويس اللذين هما بمثابة الباب الرئيس، وإذا تغلبت عليهما قوة معادية أخرى فستعرض الهند واستقلالها للتهديد.
(4)
نأتى بعد ذلك إلى تحليلات الباحثين فى بلاد الغرب وفى إسرائيل لأحداث " مومباى " .
يقول هؤلاء الباحثون الآتى:
أولا : أن الأدلة كلها تشير إلى قيام جماعة " عسكر طيبة" ( ( LeT بهذه الهجمات. وأن تأسيس هذه الجماعة كان بتدعيم من المخابرات الباكستانية ( ISI ) بغرض تحرير كشمير.
ثانيا: أن الجهاديين قاموا بهذه الهجمات كتطبيق للنظرية الثالثة التى اعتمدها قادتهم. فالنظرية الأولى التى كانت تهدف لضرب الغرب الذى تقوده الولايات المتحدة بهجوم كبير يشل اقتصاد الأمريكيين ويحدث تدميرا هائلا ببلادهم ، لم تثمر إلا عن ضرب مواقع وقواعد الجهاديين فى أفغانستان ثم احتلال العراق. أما النظرية الثانية وهو استهداف الأنظمة الإسلامية بمحاولة إسقاطها لم تثمر عن شيئ ، فكانت النظرية الثالثة ، وهى عبارة عن استراتيجية جديدة تتمثل فى حرب بطيئة لكنها مكثقة تتوسع تدريجيا تشن على بلاد ذات حكم غير إسلامى ولكن يقطنها العديد من المسلمين الذين صورتهم هذه النظرية بانهم غير اتقياء.وتاخذ هذه الحرب أشكالا عدة من الهجمات الإستشهادية وخطف الرهائن وغير ذلك ، واختيرت الهند لتطبيق هذه النظرية.
ثالثا: أن هذه الهجمات أشعرت الجهاديين بالانتصار ، كما عبروا عن ذلك فى مواقعهم عبر الإنترنت. وأطلقوا على هذا الإنتصار بـ"النصر المبين" . ويرجع الباحثون هذا الشعور بالإنتصار إلى ما يلى :
1- أثبت الجهاديون أنهم قادرون على توجيه ضربات قوية وموجعة وعلى نطاق واسع فى صورة عمليات ذات نمط عسكرى فى مناطق حضرية. كما أثبتوا قدرتهم كذلك على تحسين قدراتهم لخوض الحرب وعلى تحسين مهاراتهم ، وتطوير أسلحتهم واختيار تكتيكات وتدريبات ومذهب قتالبة فعالة وأكثر تعقيدا. والإستفادة من دروس العمليات السابقة ، والوقوف الدقيق على نقاط ضعف العدو. وقد أثبتوا ذلك بتكتيكهم الجديد فى ضرب ما يسمونه بالأهداف الناعمة وتجنب الهجوم على الأهداف الصعبة التى عادة ما تكون محمية بصورة قوية. كل ذلك جاء فى وقت اعتقد فيه الكثيرون أن الجهاديين فقدوا قواعدهم فى سمائهم الآمنة فى أفغانستان ، وتعرضت مواقعهم على الحدود الباكستانية الهندية للتدمير، وتخلت عنهم القيادة الباكستانية ، إلى درجة أن "زردارى" وصفهم ولأول مرة بأنهم إرهابيون ، وهذا لم يصرح به رئيس باكستانى من قبل . كما جفت منابع التمويل التى كانت تدعمهم ، وافتقدوا المدد الكبير من المتطوعين بعد أن شكك بعض علماء المسلمين فى المناهج الجهادية.
2- سخِر الجهاديون من التعاون بين نيودلهى وواشنطن فيما يسمى بمكافحة الإرهاب. وأثبتوا للهنود أن تحالفهم مع الولايات المتحدة لن يجعلهم بمنأى عن عملياتهم.
3- أثبت الجهاديون عدم قدرة وحدات مكافحة الإرهاب الهندية على مواجهتهم. خاصة بعد أن باغتت الهجمات هذه الوحدات وسادت الفوضى بين أفرادها الذين كانوا كالدجاج المقطوع الرأس، وشاهد الملايين عبر شاشات التليفزيون ذلك وهم يستمعون إلى صيحات تكبير الجهاديين.
4- استطاع الجهاديون خطف أنظار العالم ، حيث نقل الإعلام أخبار هذه الهجمات على مدى ثمان وأربعين ساعة متصلة.
5- قدم الجهاديون نموذجا عمليا يمكن لمناصريهم عبر العالم وخاصة من ذوى الأصول الأفريقية والآسيوية فى بلاد الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة تطبيقه. ودعم ذلك تصريح " بيتر كلارك" الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب فى سكوتلانديارد الذى صرح فيه من وجود خطر حقيقى على بريطانيا بقيام الجهاديين بهجمات مشابهة لما حدث فى مومباى.
كما سعى الجهاديون عبر هذه الهجمات إلى تحقيق عدة أهداف منها:-
1- تخفيف الضغط على الجهاديين فى المناطق القبلية على الحدود الهندية الباكستانية ، وتوجيه الأنظار للصراع حول كشمير.
2- إحباط جهود الرئيس الباكستانى – زردارى- فى التقارب مع الهند على حساب الجهاديين، وضرب التقارب الهندى الأمريكى مما قد يؤدى إلى ثمار دبلوماسية لصالحهم.
4- إشعار الأجانب وعلى رأسهم الإسرائيليين بأنهم مستهدفون دائما. والضغط النفسى على الغربيين بإفقادهم الإحساس بالأمن لقدرة الجهاديين على الضرب فى أى مكان
3- إحداث تصور سلبى عن الهند ، وهز الثقة فى اقتصادها، والتأثير على الإستثمارات الأجنبية فيها ، وكذلك كشف عوار الديموقراطية الهندية أمام المثقفين المسلمين الذين يروا فى الهند نموذجا سياسيا وتنمويا يمكن الإحتذاء به. والتأكيد لهؤلاء المسلمين أن الحل السياسى والتنموى إنما هو فى الإسلام وحده..
4- تشجيع المسلمين على إنفاق زكاة أموالهم فى الجهاد.
5- تشجيع شباب المسلمين على الإنخراط فى السلك الجهادى.
(5)
تعترف الكاتبة اليهودية " كارولين جليك" : بأن الجهاديين دائما ما يجدون طرقا متعددة لتجديد أنفسهم ، وتعترف كذلك بأن " الإعتقاد بأن قدرات الجهاديين عبر العالم لا تمكنهم من مواجهة الإمكانيات العالمية يحتاج إلى مراجعة ، ففى اللحظة التى قد يقرر الغرب فيها مواجهة الجهاديين يكون الجهاديون قد حققوا انتصارا حاسما". أما "أوليفر جويتا" مستشار مكافحة الإرهاب ، وعضو مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات فقد عبر عن انزعاجه الشديد من عملية " غزو مومباى " بقوله:" أنه إذا كان مجرد عشرة فقط من الجهاديين قد تمكنوا من إحداث كل هذه الخسائر من قتل واختطاف رهائن وإصابة ثمانية عشر مليونا من البشر بالرعب لمدة ستين ساعة، فما الذى يمكن أن تؤول الأمور إليه لو أن عددهم وصل إلى الخمسين أو المائة أو الخمسمائة جهادى". لقد قدم " جويتا" شهادة صدق لما قاله - المفكرون الإسلاميون - فى منتصف القرن الماضى من " أن الجهاد فريضة على المسلمين حتى لو كان عدد أعدائهم أضعاف عددهم . وأنهم منصورون بعون الله على أعدائهم , وان الواحد منهم كفء لعشرة من الأعداء , وكفء لاثنين في أضعف الحالات . إن فريضة الجهاد لا تنتظر تكافؤ القوى الظاهرة بين المؤمنين وعدوهم ; فحسب المؤمنين أن يعدوا ما استطاعوا من القوى , وأن يثقوا بالله ، وأن يَثْبتوا في المعركة , ويصبِروا عليها ; والبقية على الله . ذلك أنهم يملكون قوة أخرى غير القوى المادية الظاهرة ".
أما القول بأن منهج الجهاديين هو الإرهاب، وسفك الدماء، وقتل الأبرياء ، فهو قول ينزع البراءة من هذه الملايين التى قتلها الهنادكة ، واغتصبوا نساءها، ودمروا مساجدها، واستولوا على ممتلكاتها، ويقصرها على اليهود ،عباد الصليب ، وعباد البقر.
إن الحق لا بد له من قوة تحميه ، وإلا تحول إلى كلمات طائرة فى الهواء. ولا بد من تأمين الذين يختارون هذا الدين على حريتهم فى اختياره ، فلا يُصّدُون عنه ، ولا يُفتتنون بعد اعتناقه. ولابد من إرهاب أعداء هذا الدين فلا يفكروا في الاعتداء على "دار الإسلام" التي تحميها تلك القوة ولابد من أن يبلغ الرعب بهؤلاء الأعداء حدا لا يفكرون بعده لا فى مكة المكرمة ولا فى الكعبة المشرفة .
إن الجهاد فى سبيل الله بيعة فى عنق كل مؤمن – كما يقول المفكرون الإسلاميون- ولا ينطلق هذا الدين الحق فى طريقه إلا بالجهاد ، ولا بد أن ينطلق هذا الجهاد طالما فى الأرض باطل ، وكفر، وعبودية لغير الله من صليب أو بقرة أو بشر. , والبيعة في عنق كل مؤمن تطالبه بالوفاء . وإلا فليس هو بمؤمن فمن " من مات ولم يغز , ولم يحدث نفسه بغزو , مات على شعبة من النفاق " . . . ( رواه الإمام أحمد , وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي ). ويضاف إلى ذلك كله أن انتصار الجهاد وغلبته قد يرد قلوبا كثيرة إلى الصواب ; ويريهم الحق الغالب فيعرفونه ; ويعلمون أنه إنما غََلب لأنه الحق ; ولأن وراءه قوة الله ; وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق فيما أبلغهم من أن الله غالب هو ورسله . فيقودهم هذا كله إلى التوبة والهدى ، لا كرها وقهرا , ولكن اقتناعا بالقلب بعد رؤية واضحة للحق الغالب . كما وقع وكما يقع في كثير من الأحايين وخاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر.
----------------
د. أحمد إبراهيم خضر
دكتوراة فى علم الإجتماع العسكرى
الأستاذ المشارك السابق بجامعات القاهرة، والأزهر، وأم درمان الإسلامية، والملك عبد العزيز
---------------
الإحالات:
انظر:
1- السيد يسن ، تشريح أحداث سبتمبر، أوراق ثقافية، جريدة الأهرام المصرية ، 26 سبتمبر 2002، العدد 42297
2- عبد المنعم السيد شحاته ، مطامع الهندوس في العالم الإسلامى ( بحث غير منشور) نقلا عن حفيظ الرحمن الأعظمي: ، مجلـة الفرقان 4 /11/2005 .
انظر أيضا :-
3- Amir Taheri, Mumbai attacks: Jihadists see "invasion" as a triumph, 30 Nov.2008.
4- Karoline Glick, Our World: Jihadist-multicultural alliance, The Jerusalem Post, Dec., 2, 2008
5- Richard W. Behan, From Afghanistan to Iraq: connecting the Dots with Oil, Alert News. February 5, 2007
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: