د- ضرغام الدباغ - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1167
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في الولايات المتحدة خاصة، وبلدان الغرب عامة، يصرون على اعتبار الجنسية المثلية (قضية المثليين) (homosexuality) ، وبإلحاح بطريقة تبدو أنها فقرة أصبحت هامة جداً في السياسة الدولية، فما هذا الأمر وما السر في التركيز والإلحاح عليه، لدرجة مدهشة، فحين قدموا للمحاكمة في القاهرة / جمهورية مصر العربية، مجموعة من الشبان المصريين كانوا يقيمون حفلة مثلية إباحية في طقوس جنونية، احتجت السفارات الغربية الولايات المتحدة في المقدمة، بل وحضر سفراء بضعة دول غربية قاعة المحكمة في محاولة للتأثير على سير المحاكمة ... ومثل هذا مؤشراً على التدخل في الشؤون الداخلية لدولة عربية مهمة.
ترى ما هو السر في الإصرار على طرح قضية المثليين بوصفها قضية رئيسية في سياسة الولايات المتحدة والدول الغربية مع الدول الإسلامية بوجه خاص ...؟
المثلية انحراف في السلوك الإنساني وهكذا يتعامل في الموضوع العلماء النفسيون، والأطباء، وعلم الأدوية، الفاراماكولوجي(Pharmacology). وقد اعتبرتها الديانات السماوية كافة سلوكية شاذة، وفي بعض المجتمعات أدينت أخلاقياً، بدرجات متفاوتة من الشدة. وحتى في المجتمعات الغربية كانت حتى وقت غير بعيد، أمرا معيبا ولا يشرف المبتلون بالمثلية الجنسية، ولطالما قرأنا أن شخصيات سياسية أبعدت عن مناصبها لأنها عرف عنها ممارستها الجنسية المثلية، ولكن ومنذ نهاية السبعينات، ونرجح أن ذلك كان في المراحل النهائية لأختتام الحرب الباردة وسريان حقبة جديدة في العلاقات الدولية تتميز بهيمنة الولايات المتحدة كقائدة للعالم الرأسمالي، لذلك بد الأمر أنها من المستلزمات الثقافية لدخول الحقبة الجديدة.
من مؤشرات هذه الحقبة بدأ الرفع التدريجي للتجريم عن الجنسية المثلية، وبدأت لا تصنف على أنها مرضاً، وبالمقابل ظهرت حركة (تبدو منظمة) تهدف للاعتراف بالمثليين وممارستهم العلنية للعلاقات المثلية بما فيها الزواج بين المثليين، وتبني الأطفال وإقامة الأسر كنظام قانوني (رغم أن ذلك لم يمر بدون معارضة)، والخدمة في القوات المسلحة، وحق المثليين بالشمول بالتأمين الطبي، وحماية المثليين قانوناً.
والمثليون فئات عديدة، قد تصل عند بعضهم الميل بشدة لتغير جنسه عبر عمليات جراحية، ولكن بعض الإجراءات الحكومية قد تؤدي إلى تشجيع المثلية، ومن البديهي حتى لمؤيدي هذا التيار الشاذ، أن المثليين لا يصلحون للكثير من الوظائف والمراتب لا سيما تلك التي تتعلق بالمراتب السياسية وتلك التي تتعلق بالمفاصل المهمة في سير عمل الدولة كالعمل في القوات المسلحة (الجيش والشرطة والأمن).
تبدي كثير من الدول قبولها لمعالجة الشذوذ كحالة صحية، وربما ما ينجم عنها من أمراض وبيلة، ولكن أن تشجع على أنها قضية اعتيادية أمر يشوبه الكثير من القلق والتساؤلات المشروعة. وفي احصاءات أولية لتكلفة المثلية والمخدرات، والتدخين والكحول في الولايات المتحدة (الإحصائية قديمة 2010):
• تناول الخمور في اميركا كلفت دافع الضرائب ربع ترليون (250 مليار) دولار.
• علاج المرضى الناجم عن التدخين 300 مليون دولار
• المثليين : بعد دراسات أن المثلي يتعرض لعدد كبير من الامراض، مثل الايدز، وأدمان المخدرات والكحول، أنواع السرطان البروستات والقولون، والكآبة كلفت 16 عشر مليار دور عام 2010
• مطالبة المثليين بأنشاء اسر عن طريق التبني أو تأجير الأرحام ..! ستقود إلى فوضى في الأنساب واختلاط غير حميد لأسر قد ينجم عنها أمراض خطيرة يصعب السيطرة عليها. ومشكلات في الارث وإثبات النسب.
اتفاقية أستامبول ... الأبعاد الحقيقية
عقدت في مدينة أستامبول التركية في 11 مايو/ أيار 2011، ، مؤتمرا تم التوقيع في ختامه على اتفاقية، سميت " اتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري". وتتضمن الاتفاقية:
• التزامات قانونية، تشمل الاستثمار في التعليم.
• وجمع البيانات حول الجرائم المتعلقة بالنوع أو الجنس.
• وتقديم خدمات الدعم للضحايا.
• وتم التوقيع على الاتفاقية من قبل 45 دولة أوروبية، فضلا عن توقيع الاتحاد الأوروبي أيضا كمنظمة.
• وقد ورد في البيان أن المادة 80 من الاتفاقية تسمح لأي من الأطراف الانسحاب من خلال إبلاغ المجلس الأوروبي.
والاتفاقية لا تشير في مظاهرها العامة سوى إلى "حماية المرأة من العنف الأسري" ولكن شخصيات وهيئات وحكومات أوربية، وجدت أن مواد وفقرات الاتفاقية ومضامينها يمكن أن تفسر وأن توحي إلى أبعاد أخرى غير الأهداف الواضحة، كأن تكون مدخلاً يفضي إلى شرعنة دولية للجنسية المثلية واعترافاً بالأسرة القائمة على العلاقات الشاذة، وبالتالي لتصبح اعترافا رسميا بوجود أجناس أخرى عدا " الذكر والأنثى "، وقبولاً متزايدً بعمليات التحول من جنس لآخر، وظهور أجناس أقرب للذكورة، وأجناس أقرب للأنوثة، وأصناف أخرى متوافرة اليوم في المجتمعات المنفتحة بلا حدود، حتى بدأت تعاني من ظهور مشكلات اجتماعية غير مألوفة من قبل (في تحديد الجنس)، معقدة في التعامل معها، وأن الانفتاح بلا حدود بدأ يظهر سلبياته ويتسبب في مشكلات عميقة، تفوق حدود مبدأ الحرية الشخصية بتصرف الإنسان بجسده، إلى منح سمات وأبعاد غير معروفة، ومنها ما يلحق الضرر بأعضاء في الهيئة الاجتماعية.
لماذا تثير الاتفاقية الجدل الآن؟
يرى المعترضون من المحافظين أن الاتفاقية تروج لحقوق وتعاليم المثلية الجنسية بما يتناقض مع ما يسمى بقيم الأسرة التقليدية، إلى جانب إشارة البعض لكيفية تعريف الاتفاق لمفهوم النوع باعتباره فئة موجهة اجتماعية إلا أن تلك المسميات المذكورة في الاتفاقية يتم استخدامها بهدف الإشارة للتأثير غير المتكافئ الذي يخلفه العنف على المرأة، فضلا عن عدم المساواة المتوارثة بين الرجل والمرأة. ولكن من وجهة نظر بعض المتشددين تتجاوز تلك المسميات الغرض منها، بالرغم من محاولات مجلس أوروبا المتكررة لتفنيد تلك الإدعاءات. ويقول الخبراء إن الاعتراض على الاتفاقية يعود لتصاعد المشاعر المضادة للغرب والمضادة للمثليين في البلدان التي تحكمها حكومات ذات توجه يميني.
وقد أثار الانسحاب التركي من الاتفاقية، الحديث عنها. ففي بولونيا، شجع المسؤولين بالحكومة المحافظة في بولندا العام الماضي على الانسحاب من اتفاقية إسطنبول، والذي صدقت بولندا عليه في وقت سابق عام 2015. ووفقا لوثيقة رسمية مسربة ظهرت بتقرير صحفي منشور حديثا لشبكة البلقان للتحقيق الاستقصائي BIRN، تسعى الحكومة البولندية لاستبدال الاتفاقية بأخرى يمكن أن تمنع زواج المثليين والإجهاض.
كما تعمل كل من بلغاريا والمجر أيضا على البقاء بعيدا عن اتفاقية إسطنبول. فبالرغم من توقيعهما عليها، اتخذت الدولتان تدابير توحي بتخطيطهما لعدم التصديق على الاتفاقية. حيث وافق البرلمان المجري العام الماضي على إعلان برفض التصديق على اتفاقية إسطنبول، بينما أصدرت المحكمة الدستورية في بلغاريا في عام 2018 حكما بعدم دستورية الاتفاقية. وجدير بالذكر، تبقي سلوفاكيا كذلك الاتفاقية مجمدة.
ما مدى نجاح الاتفاقية؟
وترى باحثة بمنظمة أمنستي الدولية(Amnesty international)، أن من "الصعب للغاية" قياس الصلة المباشرة بين اتفاقية إسطنبول والتدابير التي يتم العمل بها على أرض الواقع لمواجهة العنف ضد المرأة. ولكنها أشارت للدنمرك كنموذج حديث، حيث مررت في شهر ديسمبر الماضي إصلاحات تعتبر ممارسة الجنس بدون رضا أي من الطرفين بمثابة اغتصاب، ما يعد تمسكا باتفاقية إسطنبول كواحدة من أسس تغيير التشريعات القانونية. ولكن الانتباه إلى أن "كيفية التطبيق عمليا هي مسألة أخرى" حيث أن القوانين تحتاج لتطبيقها على أرض الواقع. كما أطلقت فرنسا سياسة "الدبلوماسية النسوية" للدفع نحو تحقيق المساواة، مع اتخاذ اتفاقية إسطنبول كواحدة من ركائز السياسة الجديدة.
بدوره أكد وزير الداخلية التركي، أن غياب الاتفاقيات الدولية لا يقلل من مسؤوليات الحكومة في حماية مواطنيها ضد كافة أشكال الجرائم. وأن "وجود أو عدم وجود اتفاقيات دولية لا يقلل أو يزيد من مسؤولياتنا لمنع أي شكل من أشكال الجريمة (المحتملة) التي سيتعرض لها مواطنونا". وأوضح وزير الداخلية التركي في بيان أن قوات الأمن تستمد صلاحيتها من الدستور والقوانين في ضمان السلام والنظام والأمن ومكافحة الإرهاب والسرقة والجريمة المنظمة والجرائم الإلكترونية والمخدرات والعنف وجميع أنواع الجرائم. ولفت إلى أن قرار تركيا انسحاب من الاتفاقية يستند إلى هذا السبب، وهي ليست الدولة الوحيدة التي لديها هواجس كبيرة بشأن الاتفاقية، فهناك 6 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهي بلغاريا والمجر والتشيك ولاتفيا وليتوانيا وسلوفاكيا، لم تصدق على هذه الاتفاقية. وأكّد أن بولندا أيضًا اتخذت خطوات للانسحاب من الاتفاقية مستشهدة بمحاولة مجموعات المثليين فرض أفكارهم حول الجنوسة (النوع) الاجتماعية على المجتمع ككل.
وما يضعف الحملة الإعلامية ضد تركيا، أن انسحاب 6 دول (بلغاريا والمجر والتشيك ولاتفيا وليتوانيا وسلوفاكيا) لم يثر أي إشارة في الإعلام والاحتجاج الذي أثير بوجه تركيا، كما يستحق التساؤل هل تنهي الاتفاقيات العنف بصفة عامة، والقوانين لا تمنع الجرائم بل تعالجها وتعاقب القائمين بها، فالجرائم في العالم في تزايد رغم وجود القوانين، كما أن القوانين الجنائية تمنع الاعتداء على الرجال والنساء معاً وحتى الأطفال، والحيوان، فلماذا قانون خاص بالنساء ...؟
وعندما تبدي 7 حكومات أوربية قلقها من أبعاد أخرى في الاتفاقية فلماذا لا يحترم هذا القلق ...؟
والمدهش في الأمر أن المحتجين يعتبرون الحكومات التي وافقت على الاتفاقية يسارية، والرافضة لها يمينية ...! مع أن الأنظمة في الاتحاد الأوربية كلها ذات توجه اجتماعي متشابه وهي كلها أنظمة رأسمالية وغريب أن تعتبر المثلية الجنسية وتعدد الأجناس قضية يسارية ...! ففرنسا مثلاً لها قوات مسلحة نظامية تقاتل في عدة دول في العالم ... وتشن حملات عرقية ودينية ولكن بقبولها زواج المثليين تصبح يسارية ..! هل أصبح اليسار معني بالعري والتعري والانحرافات الجنسية وليس بالصراع الاجتماعية / الطبقية ...! هذا ما يسمى بالرقص على الكلمات والمصطلحات.
يزعم المروجون لهذا القانون، وغيره من التشريعات التي تهدف إلى إشاعة المثلية الجنسية، ويروج أيضا إلى تخفيف المساءلة على جريمة الزنا بالمحارم، ويسهلون العمليات الجراحية لإزالة المعالم الجنسية، وإحداث تغيرات كبيرة في الجسد، في حين يتجهون لمنع عمليات الختان بتحريم تام لأولاد المسلمين، ويعتبرونها تغير غير مقبول في البدن.
ولكن إلى ماذا تهدف هذه التوجهات ..؟ هذا هو السؤال الذي يستحق البحث فيه...!
وفق إحصاءات في دولة أوربية غربية، يبلغ عدد الشواذ (homosexuality) بين 6 ــ 8 % من الإناث والذكور، وهو رقم كبير، وبالطبع هؤلاء لا ينجبون، ويضافون إلى نسبة غير قليلة من السكان يعزفون عن الإنجاب، والمرضى والمعاقون، وهذا يفسر تراجع سكان أوربا وحتى الولايات المتحدة، واعتمادهم على المهاجرين كقوة عمل لإدامة التقدم الصناعي في بلدانهم.
بتقديراتنا الأولية أن الغرب الرأسمالي يريد العالم بدون تقاليد، وبدون هوية، لكي تسهل السيطرة عليه. وهذه قضية منافية لحقوق الإنسان وحرياته الديمقراطية في خياراته الثقافية. وفي الماضي (القرن العشرين) صدعوا العالم طويلاً بتوجهات الاشتراكية وعقائدها وخطورتها على المجتمعات البشرية واتهموها بالكفر والإلحاد، وتجاهل العناصر القومية والدين لدى الشعوب، ولكن البلدان الاشتراكية لم تفعل خلال أكثر من 60 عاماً، عشر معشار ما تفعله الولايات المتحدة والنظام الرأسمالي، والقضية ليست حقوق إنسان وديمقراطية، فهذه مهدرة في البلدان الرأسمالية بدرجة مؤلمة، فهم يعترضون على لونك ودينك وطعامك ولباسك ولغتك وعلى كل نشاط تمارسه فئات هم يقصدونها ، وهذا ليس أمراً عشوائياً، بل في سياق خطة منظمة ....!
وهذه ملاحظات تنبئك أن هناك أمراً أكثر من الدفاع عن المثليين والنساء إلى فرض واقع اجتماعي / ثقافي جديد تجعله أمراً مألوفاً ... إنها فصل واحد فقط في حرب مفتوحة من تلك الحروب العبثية .... والأيام ستنبئنا ما هو يزيد الصورة وضوحاً .....!
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: