أوهام العلوية والأفضلية، يبنون على نتيجة غير متأكدة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 321 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أرأيتم هذه الآيات:
إن ينصركم الله فلا غالب لكم
كنتم خير أمة أخرجت للناس
ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الاعلون
يستعمل الكثير هذه الآيات في موضع إشاعة الطمأنينة بحتمية النصر الذي سيظلنا ونتسيّد به على أعدائنا، وهم يفهمون من هذه الآيات أن الله سينصرنا لامحالة وأننا خير أمة أخرجت للناس وأننا الأعلون فلانهن ولا نحزن
الحقيقة هذه كلها أوهام لا تزيد على ذلك كثيرا أو قليلا، فهي تصورات تعمل على تكريس واقعنا المنحط وتساهم في الإبقاء عليه، وهذا ضرب من السلوك غير السليم بل خطير لأنه يتم تبريره بالتفسيرات الدينية المتهالكة، فيكون الدين أو بالدقة التدين، أداة للابقاء على وضعنا المتهتك
- لو كانت تلك التفسيرات سليمة، فلماذا نحن على هذا الحال من الهوان ونحن مسلمون، إذن إما أن تفسيرهم سليم أو غير سليم
إن كان سليما وكانت تلك الآيات لاتعكس حقيقة الواقع، فهنا إما أن دلالة الآيات غير صحيحة أو أنها صحيحة بشروط أخرى وهم على خطأ
ولما كان القرآن منزها، بقي إذن الاحتمال انهم هم على خطأ في تصوراتهم لتلك الآيات
اذن الصواب الاحتمال الثاني أن فهمهم وتفسيرهم غير سليم
- هذه الايات تقدم ما يشبه جواب لشرط سابق، فهي تتكلم على نتائج لأفعال يفترض توفرها مسبقا، أي أنها معاني لاحقة لاتصح الا بصحة الفعل السابق المشروطة به وهو توفر الاسلام بآلياته وضوابطه
فهي معاني ليست ابتدائية مطلقة وإنما لاحقة ومشترطة بسياق تأخذ معانيها منه
- لن نكون خير أمة أخرجت للناس إلا بشروط ذكرت في الآية ذاتها وهي القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأين نحن من ذلك، بل أين نحن أصلا من الاسلام حتى ننتظر أن ينصرنا الله، ودينه يحارب ويستضعف أهله ويرهبون ويضيق عليهم فيسجنون ويمنعون من تدارس القرآن، وتشاع الفاحشة ويحتفى بأهلها ويعلى من شأن كارهي الاسلام وتستصدر القوانين التي يساق بمقتضاها الآلاف من التقاة للمعتقلات
ثم إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب أعتقد أكثر من مجرد عمليات الدعوة الفردية وإنما يمكن أن ندخل فيه بل يجب أن ندخل فيه إحياء المركزية الاسلامية كمركزية عقدية عالمية مغالبة للمركزية الغربية
ولن نكون الأعْلون كما تقول الآية الا بتوفر كل ماسبق من شروط ثم نكون مع ذلك في مرحلة أعلى من الإيمان والإحسان
ولن ينصرنا الله إلا حينما ننصره
- ترون إذن أن هناك مجموعة من الأفعال والحالات التي يجب القيام بها كشرط سابق لكي يصح تناول تلك الآيات وانتظار نتائجها
- حينما لاتتوفر الشروط لتلك الآيات، يصبح استعمالها وهما بالنصر يُقعد الفرد عن التحرك بزعم انتظار الوعد بالنصر، والحال انه لايوجد أساسا وعد في تلك الحال من الركود والقعود، وانما هو تصور قاصر عن العملية كلها
وهنا يتحول ذلك الانتظار لوهم ومخدر يكبل الناس وينتهي بهم لعدم المس من الواقع والمحافظة عليه، مثلهم مثل من ينتظر المهدي لكي يزيل عنه الشرور، أو كالذين قالوا اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ثم ينتظرون النتيجة