"المعارضة الديموقراطية": المسلمة الفاسدة التي تصر على إلزامك بتأسيسات تونس الاولى
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 350 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كتب الأستاذ زهير اسماعيل مقالا تناول فيه إمكانيات التغيير معتمدا على ضمنية أنه تغيير يحدث من خلال القوى الديموقراطية وهي التي يتوجه إليها بالحديث
و"القوى الديموقراطية" وصف فضفاض يستعمل من طرف عموم الفواعل المفكرة والسياسية ويقصد به كل من يتحرك في مساحة "ما وجدنا عليه آباءنا"، أي تونس الحديثة بتأسيساتها وتحديداتها العقدية والمفاهيمية التي لم نساهم فيها
وهم يقصدون بالقوى الديموقراطية ليس دلالتها المباشرة أي أن من ينتج الفعل السياسي ديموقراطي وإنما يقصد بها أن من يتحرك يوافق على الانضباط بنموذج ما صُمّمت عليه تونس الحديثة، وهو النموذج الذي لم نشارك في تأسيسه ولم نستشر فيه وإنما دفعنا إليه دفعا، وألزمونا أن ندافع عنه
ثم إن "الطرق الديموقراطية" تفصيل من قبول بالدوران حول المركزية الغربية ومجالها المفاهيمي، لأن الديموقراطية تفصيل عملي تقني لاحق عن ضبط تصوري سابق، فالمناداة بالديموقراطية لا تصح إلا بضمنية القبول بالتأسيس العقدي المؤطر للفعل السياسي ومستوياته، أي أن الدخول مباشرة لهذا التفصيل التقني قبول بكل التأطير الغربي الموجود حاليا للواقع في مختلف مستوياته التصورية أي الثقافة والتعليم والاعلام وأدوارنا في الحياة، الذي نخضع له منذ عقود
إذ الأصل أن ننظر في الأسس التصورية للواقع، ثم بعدها ننظر في المستوى العملي أي الديموقراطية وتفاصيل الفعل السياسي، وهذا التمشي المفترض لم يحصل
لسبب ما لايريد هؤلاء الفواعل مراجعة مسلماتهم تلك التي يتحركون منها، ولذلك هم يحصرون الحلول في الطرق التي تقبل بالتأسيس الأوّلي وتقر بصوابية البدايات
ولسبب ما لايدرك هؤلاء أن مشاكلنا يمكن أن تكون بسبب "خلل بنيوي" في مستوى هذا التأسيس الأولي الذي لم نوجده وإنما أوجدته فرنسا وسلمته لمنتسبيها ممن يحكمنا منذ عقود ثم روج أنهم منا وأنهم نخب الاستقلال لكي نرضى عن أفعالهم ولا نطالب بمراجعتها
----------
الذي يبحث عن حلول لواقعنا ثم يشترط أن تكون بطريقة معينة (مثلا كما يقول هؤلاء، تكون بشرط عدم الخروج عن تأسيسات تونس الحديثة)، هو ينطلق من مصادرات يلزم بها غيره، وهذا تمشي فاسد منهجيا لايصح القبول به ولا قيمة له، لأن من يبحث عن الحلول عليه أن ينظر لكل الممكنات، وقد تكون بعض الممكنات ماتعتقد أنت أنها مسلمة لا تُراجع
مثل هؤلاء كمثل أحدهم شبّ حريق ببيته، وحين الانقاذ وإطفاء الحريق، كان يلزم فريق الإطفاء أن يدخلوا حصرا من خلال باب البيت، فعطلهم ذلك وازداد الحريق التهابا وإتلافا للمحتويات
سبب ذلك أن صاحبنا لطول تعوده على تصميم البيت اعتقد أن ذلك الباب هو المدخل الممكن الوحيد
لكنه لايدرك أنه توجد ممكنات أخرى منها الدخول من النوافذ أو هدم جزء من الحائط واستحداث باب جديد، وإذا لزم هدم البيت كاملا وإعادة تأسيسه إن كان تصميم البيت الأولي سببا لذلك الحريق