يجب أن تكون قادرا على تجاهل الحدث، وذلك شرط حرية الموقف
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 109 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لفهم الفكرة، تصور أنه يقال لك اختر جنسك وتقدم لك ثلاثة اختيارات: ذكر، أنثى، آخر
أنت حينما تجيب : ذكر، أو أنثى، فأنت في الحقيقة لم تخرج عن توجيهات وتأطيرات من وضع السؤال الذي يدور حول القول بثلاثة أجناس، رغم أنك اخترت الجنس ذكر أو أنثى
لأنه بالمقابل يمكن أن يكون هناك اختيار آخر وهو رفض هذه التصورات أساسا وليس رفض بعض تفاصيلها
--------
حين يقع حدث ما، فإنك إزاءه إما أن تكون منفعلا به أو تكون متحررا من تأثيراته
البقاء في اختياري القبول والرفض المقترحة من الحدث، يعني انعدام موقف منك أصيل ازاء ذلك الحدث أي غياب رأي حرّ نحوه، وهذا يعني إنفعالك به
الإنفعال بالحدث بعض مصاديقه أنك تجد نفسك مضطراً للتعامل مع ممكناته بالرفض أو القبول، إذ أنت في هذه الحالة لم تخرج من أسر الحدث وأصبحت تابعا لتأثيراته ولذلك تتخذ موقف القبول أو الرفض له، وهو موقف حقيقته ضغط عليك وتبعية منك للحدث وليس حرية موقف كما تتصور
لأنه تمّ تحديد سقف تحركك ومجاله، وهو القبول أو الرفض، لكنك بالمقابل ضمنيا قبلت بالدوران في المساحة التي حددها ذلك الحدث
بينما هناك احتمال آخر وهو يتحرك من خارج مساحة الحدث وتأطيراته، وهي زاوية نظر تقيّم الحدث كله أي تقيّم وجوده واتجاهه من الخارج
إذن حين التعامل مع الواقع وأحداثه، فإنه ليس يلزم القبول أو الرفض بالضرورة، وإنما يمكن أن يكون الموقف رفضا للحدث أصلا في أساسه، لأن القبول والرفض يعني التسليم بالتأطير السابق الذي أوجد الحدث
يمكن تطبيق كلامي هذا على عموم الأفعال السياسية التي تحصل بتونس ومنها الانتخابات، إذ أن موقف القبول أو رفض المشاركة، يعني قبولا بمسار تونس البائس الذي نتحرك فيه منذ عقود، بينما يوجد احتمال آخر ينبني على رفض كل ذلك المسار وبالتالي رفض تلك الإنتخابات باعتبار لا معنى لها
وعموما فإن الفكرة التي أريد تبليغها هي أن شرط الحرية الذاتية هو القدرة على رفض توجيهات الواقع والتخلص من تأطيرات أحداثه لنا