أجيال الضّياع والحصاد المرّ: موقع لايعترف بالعربية ويستعمل بدلها "التونسي"
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 126 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقع الترويج لموقع تعليمي تونسي (*) يعتمد الذكاء الصناعي، وهو من حيث الفكرة أمر جيد، لكن الخطر أنه يبشر المتابعين أنه يقدم محتوياته بالفرنسية والانقليزية ثم "بالتونسي"، إيْ نعم هكذا بالتونسي، ويقصد أنه يستعمل اللهجة، لأنه لا يعترف باللغة العربية
القائمون على هذا الموقع وهم على الأرجح شباب، عيّنة لجيل تربي منذ الصغر، على كره الذات وعلى احتقار لغته العربية وعلى استبعادها من مساحات الفعل
إنه جيل ربته منظومات التشكيل الذهني على التبعية، جيل نشأ مذبذبا من دون هوية، قدوته فرنسا والغرب عموما، لذلك ما إن أنجز مشروعا فإنه جعله بلغة أربابه الغربيين الفرنسية والانقليزية أما لغته العربية فقد علموه منذ الصغر أنها لا تصلح حتى لكتابة ملصقة إشهارية، فكيف تطلب منه هو أن يستعملها في مشروعه الجديد
مثل هذا الجيل هو الحصاد المرّ، حصاد نبت الزّقوم الذي زُرع ببلادنا منذ عقود، وها إننا نرى الآن كيف أن منظومات الترويج للتبعية التي رعتها وتكفلت بها أدوات التعليم والتثقيف والإعلام، أصبحت تنتج نفسها ذاتيا، حيث تتكفل الأجيال الجديدة المقتلعة ذهنيا، تتكفل بإعادة الترويج للتبعية والاقناع بالدونية الذاتية
وكتأكيد على أن هؤلاء الشباب أصحاب الموقع ليسوا استثناء وإنما هم عينة لتهتك يصيب عموم التونسيين، فإنك لا تجد من يعترض على مثل هذه المواقع التي تستبعد اللغة العربية وتروج لما تقول أنها "اللغة التونسية" أي اللهجة مكتوبة، لأن التونسيين أساسا لم يعترضوا من قبل على استعمال اللهجات في الملصقات الإشهارية ولم يعترضوا على استبعاد اللغة العربية ولم يعترضوا على تسيّد اللغة الفرنسية مجالات الفعل
يمكن أن نلاحظ أن هذا الرّقود والمَوات الذي يصيب عموم التونسيين، يلازم كذلك آلاف المنظمات التي تعجّ بها تونس، إذ لا تجد أي منها يهمّها أمر استبعاد اللغة العربية والترويج للهجة مكتوبة ولا يهمهما تمدد النفوذ الفرنسي اللغوي والثقافي
فهي منظمات تدافع عن كل شيىء، تدافع عن الأشجار وعن الحيوانات وعن الطيور وعن البر وعن البحر، لكنها لا تدافع عن اللغة العربية ولا تنبّه من خطر التبعية للغرب ولفرنسا تحديدا
-----------
(*) الموقع هو: https://www.nextgencoding.tn/