لماذا تُقدّس النقابات وتعجّ حياتنا السياسية بالمسلمات
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 143 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الدول باعتبارها كيانات تتغير بالإلغاء وبالإيجاد، ولو نظرنا للعقود الثلاثة الأخيرة لوجدنا حقيقة أن هناك دولا اندثرت، وأن هناك أخرى دخلت الوجود، وأن هناك أقاليما ومساحات انتزعت من بلدان وضمّت لدول أخرى
ما أريد قوله أنه إذا كانت الكيانات السياسية في أقصى وأرقى موجوداتها وهي الدولة عرضة للتغيير بالإنهاء والإيجاد، فبدرحة أولى ما دون ذلك من الكيانات السياسية والمنظمات، فيمكن أن تتغير بالإلغاء أو بالإيجاد
--------
هذه الفكرة البسيطة لا يريد عموم الفواعل (النخب) السياسية التونسية استيعابها
لذلك لا يقبلون فكرة أنه يمكن إعادة النظر في تأسيسات تونس الحديثة، ويتعاملون مع الواقع بتسليم غريب يقرب للتقديس على طريقة: ذلك ما وجدنا عليه آباءنا
وهذا الإنغلاق الذهني يجعلهم يتخذون كل موجود بمثابة الثابت والوثن، لذلك تراهم يقدسون التنظيمات فيقولون أن النقابة (ذات الاسم الطويل) تنظيم لا يجب المس به، والحال أنه مجرد تشكيل نقابي عمل طيلة وجوده كجهاز وظيفي في خدمة منظومة التحكم في التونسيين لدى منتسبي فرنسا، وهو بهذا المعنى كيان لايحمل أي قداسة ويمكن تفكيكه إذا دعت الحاجة لذلك وليس يلزم علينا التنقيب في كيفية المحافظة عليه وغيرها من التزيّدات التي لاتفسير لها إلا أنها إلزامات بقدسية متوهمة لكيانات، وهذه ملاحظة تصح على باقي منظمات تونس الحديثة كمنظمات المرأة وحقوق الإنسان وغيرها
-------
إذن مالذي يجعل التونسي في عمومه يفقد قدرات النظر العقلي، حين التعامل مع الواقع
مالذي يجعل التونسي، يستوي في ذلك العلماني والإسلامي، يحوّل الواقع وكياناته الحديثة، لثابت لايمس ويحاط بسياج من القدسية
هل هو بسبب ضعف الخيال وغياب قدرات الإبداع لدى الفواعل السياسية والفكرية
هل هو من أثر قوة أدوات الاقتلاع والتوجيه الذهني التي حوّلت التونسيين، لضحايا يعتقدون بصوابية الواقع وتأسيساته الأولية، وبصوابية المنظومة التصورية الغربية التي تحكم التونسيين منذ عقود
هل هو بسبب منظومات التعليم التي لم تعمل على تنمية قدرات التفكير وإنما عملت على إنتاج خريجين دورهم إعادة الترويج لما تلقوه من معارف تدور في أفق المركزية الغربية والإقناع بجدارة التبعية للآخر المغالب