فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 37 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحياة تتطلب منا أن نتخذ مواقفا، وإن لم يكن موقفا أنْتَجتَه بتأملك وزاوية نظرك الخاصة، فأنت بالضرورة ستتبنى موقف غيرك من الواقع وأحداثه
المشكل أن الضبط الاجتماعي بمختلف دوائره، يعمل على التحكم وجعل الفرد تابعا، وليس على جعل الفرد صاحب موقف
فالاسلام تمّ توظيفه منذ البدايات للإقناع بزوايا نظر سياسية تاريخية ثم رُوج أنها من الإسلام بل قيل أنها هي الاسلام: سنة، شيعة، خوارج
وتمّ حماية ذلك التصور بنصوص تُعلي من شأن الالتحاق بالمجموعة ثم بالتوازي تذم من يشذ عن التوجه العام (خارجي، يد الله مع الجماعة، الفرقة الناجية، أهل السنة و"الجماعة"، المبايعة، لاتجتمع أمتي على ضلالة ..)
ومنظومات التعليم الحديثة تمثل أدوات ضبط إيديولوجي تعمل على التحكم الذهني في الجموع وإقناعهم بتبني تصورات عقدية مؤسسة لتلك الدولة، بحيث لا يخرجون عن المجال المفاهيمي للمجموعة المؤسسة لتلك الدولة
والتعليم الحديث حقيقته أنه منظومة ضبط جماعي وإن كان يُعمل على إخفاء ذلك الدور الخطير بالتركيز على الدور المعرفي للتعليم
ودوائر منظومات التشكيل الذهني الأخرى أي التثقيف والإعلام، لا دور لها إلا التركيز على زوايا تناول للواقع بحيث تخدم مصالح سادة الواقع والمتحكمين فيه
والحياة الإجتماعية في حلقاتها العادية تنبني في جزء كبير على التآلف والتوافق الاجتماعي والقبول بالموجود وعدم الإصطدام معه، وهي شروط الاندماج والقبول الإجتماعي
إذن يخلق الفرد فيجد نفسه محاطا بسياجات متعددة تعمل كلها على إخضاعه وضبطه وهي تُرَوج في قوالب جذابة للقبول بها
بالتالي يصعب على الفرد الفكاك من كل هذه العوائق ويصعب عليه أن ينظر من زاوية على غير الزوايا التي تقدمها منظومات التحكم المتنوعة تلك، وهذا مايفسر الخضوع لدى أغلب الناس لما يقدم لهم
لكن كل هذا لايمنع من وجوب سعي الفرد للفكاك من عوائق الكبح تلك، إن أراد التحرر وخلق تصور يعكس زاوية نظره التي تمثل الحقيقة لديه