فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 193 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مازلنا نردد كلاما من نوع: "كلّ منا يصلح نفسه وسينصلح بعد ذلك واقعنا"
هذا كلام غير سليم، وهو كلام كان يصح قبل فترة الدولة الحديثة، لكنه الآن لا يصح
يمكنك كفرد أن تكون جيدا وصالحا، لكن ذلك لن يغير الواقع، بل أساسا سيكون صعبا عليك أن تحافظ على صلاحك الشخصي وحسن تربية أبنائك مادمت مكتفيا بنفسك فقط
الواقع الحديث تتحكم فيه منظومات التوجيه والتشكيل الذهني وهي التعليم والتثقيف والإعلام وتفريعاتها، وهي التي تؤثر في الأفراد وتحكم الواقع وتحدد خطوطه العريضة
لذلك الفرد له دور لكنه ليس دور صلاح النفس فقط، وإنما له دور إزاء منظومات التوجيه الذهني
أي أن الفرد يجب أن تتحول مهمته ليس للإكتفاء بإصلاح نفسه، وإنما تصبح: إصلاح نفسك ثم إصلاح منظومات التشكيل الذهني
مواصلة التركيز على الفرد وتحميله المسؤولية في تغيير الواقع هذا يعني تجاهل محركات الواقع ومنظوماته الحقيقية المسؤولة فعلا على إنتاج التأثيرات
لذلك المشتغلون بالإسلاميات الذين يركزون على الأفراد ويحملونهم مسؤولية الفساد والإنحرافات، إنما يقدمون خدمة لسادة الواقع لأنهم يحرفون النظر عن منظومات التوجيه من تعليم وتثقيف وإعلام، ثم هم بتجاهلهم تلك الأسباب الحقيقية فإنهم يعملون على تكريسها، وهذا معنى توظيف الاسلام لخدمة الواقع الفاسد وسادته
بهذا المعنى، فإن المشتغلين بالإسلاميات الذين يتحدثون في البديهيات من نوع اتقوا الله ولا يقولون لنا كيف نتقي الله، هم عبارة عن موظفي دعاية لدى السلطات، لأنهم يعملون على إبعاد المسؤولية عنهم وجعل الفساد مسؤولية الفرد وليس مسؤولية المنظومات