مصطلح "نخب الاستقلال"، ليس بأجدر ولا أفضل من مصطلح "منتسبي فرنسا"
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 85 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
انتفض أحدهم وهو ناشط معروف، تعقيبا على لقائي مع قناة الزيتونة، فوصف ما قلته ب: "كتابات متخلفة وغير جدية"
وهو تحديدا علّق على قولي أن: منظومة منتسبي فرنسا بتونس فيها طبقتان، الأولى مايسمى نخب الاستقلال، والطبقة الثانية هي اليسار المتفرنس الذي يسيطر على أجهزة التشكيل الذهني بتونس منذ الثمانينات
وهو يرى أنه لا يصح التحدث في مواضيع جدية بهذه الطريقة، وخاصة وصف نخب الاستقلال بمصطلح منتسبي فرنسا
بالنسبة له هذا لا يجوز وهذا "عدم جدية وغياب موضوعية وتخلف"
--------------
ما لا يدركه الناشط، أن مصطلح "نخب الاستقلال" الذي يراه مقدسا لا يجب مسه أو الإقتراب منه، هو وصف معياري تحكمي، مثله مثل مصطلح "منتسبي فرنسا"، ثم إن المصطلحات أساسا وضع دلالي تحكمي، فهي بالضرورة تحمل زاوية نظر معيارية
بالتالي ليس الذي يرى مجموعة أفراد، نُخَبا، بأجدر وأكثر صوابية ممن يراهم تابعين لفرنسا ومروجين للنموذجية والمركزية الغربية
لكن الذي تعوّد أن ينظر من داخل المنوال الذي يحكم تونس منذ عقود ويسلّم به وهو حال التونسيين الآن وحال هذا الناشط الغاضب مما قلت، فإنه سيرى مصطلح نخب الاستقلال فوق المساءلة، وسيرى من حكمنا وأرضخنا لمصالح فرنسا طيلة عقود، سيراهم نخبا بالفعل، وأنهم عمليا بمثابة المقدسات باعتبار أنهم الآباء المؤسسون لتونس الحديثة
بينما من ينظر من خارج المنوال الذي يحكم تونس منذ عقود لأنه يرفضه، فإنه سيرى من حكمنا مجرد أفراد حملة مشروع إلحاقي بالغرب، يتبنون النموذجية الغربية ووظفوا أجهزة الدولة لإخضاع التونسيين بالقهر لفائدة التصورات الغربية، فهم منتسبون للغرب ولا يعنيه كثيرا أو قليلا كون تلك الرموز أصناما لدى الغير
الأمر إذن زاوية نظر
-----
بالمقابل، فإن الرد المتوتر لهذا الناشط، يمثل عينة لمدى تأثير مسارات الإقتلاع التي تعرض لها التونسيون طيلة عقود من خلال منظومات التشكيل والتحويل الذهني، بحيث أنها نجحت في خلق رواية أصبحت بمثابة المقدس وسيّجتها بمجموعة من المسلّمات
لذلك فإن كل من يقترب من تلك المسلّمات سيلقى رفضا من الضحايا أي التونسيين قبل أن يلقاه من فرنسا ومنتسبيها المتحكمين في أجهزة الدولة
وردّ الناشط، يقدم عينة ومصداقا للفكرة التي طالما كتبت فيها وهي خطر عمليات الإقتلاع الذهني، ثم صعوبة عمليات مراجعة المسلمات ومساءلتها