على هامش تفجيرات لبنان: الجهل والمعرفة بالأحداث هل هي ذات قيمة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 92 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مثّلت التفجيرات الإجرامية التي استهدفت لبنان وصممها على الأرجح العدو الصهيوني، فرصة للعديد لكي يظهروا معرفتهم بتفاصيل تقنية وعسكرية عديدة، وظهر كأن أغلب الناس مختصون وعارفون بالتقنيات والعسكريات، وهذا غير صحيح وإنما هو تكلّف
لسبب ما وبحكم عوامل عديدة، تعوّدنا على أن إظهار عدم معرفة أمر ما، يبدو معيبا، لذلك يجهد الناس أنفسهم لكي ينظر إليهم أنهم عارفون وغير جهلة بموضوع التناول
وقد تمّ صياغة ذهنياتنا على أن المعرفة أمر هام ومقياس مفاضلة، وربما يعود هذا في جزء منه للنظام التعليمي الذي ينبني في جزء كبير على تلقي المعلومة ووجوب استحضارها
وهذا المنهج القاصر المروج لمحورية المعرفة وعلويتها عوض أولوية الفهم والتفكير الذاتي، يصل حتى للمستويات الجامعية المتقدمة، حيث تجد أحد المختصين في معارف الإنسانيات حينما يتحدث في موضوع فكري، فإنه لا يقدم أي إضافة فكرية من عنده، وإنما يتحول جلّ كلامه لاستعراض المعارف أي ماذا قال فلان وماذا قال علان من المفكرين، وقد يلومك أنك خرجت عما قال به أولئك
أي أن محورية المعرفة، تجعل الفرد وعاء يجمع معاني معرفية أنتجها غيره وهو في أحسن الحالات سيتحول لناقل ومروّج لتلك المعارف لكنه منعدم الفكر الذاتي، لأن الفكرة حينما تنتقل من مستوى المعنى المجهول للمعنى المعلوم فإنها تصبح كمّا معلوما ثابتا أي معرفة، عكس الفكر الذي يمثل مسار إنتاج معاني تكون مجهولة ابتداء
لا يريد من يضخّم قيمة وبُعد المعرفة في منظومة التعليم، ثم يبني عليها عمليات المفاضلة الاجتماعية، لا يريد إدراك أن المعرفة لا تصنع التميّز، وأن الفهم ثم الفكر أي إنتاج المعنى هو ما يمثل عامل المفاضلة بين البشر، ثم إن المعرفة وكفاءاتها كالحفظ، ضعفت قيمتها حاليا، بحيث أنه يمكن الوصول لأي معرفة بيسر الآن، فلاتوجد جدارة لأن نختبر الناس في معارفهم
لذلك فأن لا تكون عارفا بموضوع ما، فذلك لايجب أن يكون له أي قيمة سيئة ولا يجب أن يكون مدعاة للخجل، وأن لا تكون عارفا بالأجهزة التي وقع تفجيرها بلبنان أو بتقنيات تفجيرها، ذلك جهل لا قيمة له