هل نتعامل مع الفعل أم مع المجهود المبذول في ذلك الفعل
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 211 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عكس مايبدو عليه العنوان أنه تعقيد، فإن الموضوع يتناول زاوية مهمة يقع إغفالها، تتعلق بأنشطتنا وكيفية تقييمها في الواقع
تعودنا أن ننظر للفعل ونقيمه مباشرة، لذلك ننظر مثلا هل أن أحدهم زنى أو هل أنه تصدق، في هذه الحالة نحن نقيّم ذلك الفعل ، لكن هذا التناول فيه قصور، لأنه لا ينظر لمسار الفعل وإنما ينظر لنقطة من ذلك المسار وبالتحديد يختزل الأمر في نتيجة المسار
لفهم المسألة، تصور أن أحدهم مكفوف أي لايبصر، فهو بالتالي لايرتكب خطيئة مشاهدة المحرمات، طيب إن نحن نظرنا للفعل من حيث نتيجته، فإن هذا الكفيف سيصنف غاضا للبصر لم يرتكب محرم زنا العين
لكن هذا تقييم غير سليم لأن المعني لايتوفر لديه موضوع التقييم وهو الإبصار، فلايصح أن يقال أنه غض البصر، لأن الغض يكون حين القدرة أي توفر إمكانية الفعل قبل الفعل المنهي عنه
أي الفعل لاقيمة له من حيث إلصاقه بالفرد، إلا مع توفر القدرة على إتيانه والامتناع عنه ، فتوفر القدرة توجب بالضرورة وجود مسار زمني سابق عن الفعل موضوع التقييم
وهناك أمثلة عديدة من هذا النوع
في هذه الحالة يتبين أن الفعل الذي نقيمه هو نتيجة مسار مجهود خضع له الفرد
فالذي لم يَزْنَ رغم الفتن، فإن الفعل الذي وصله أي التقوى والتمنّع عن الباطل، هو عدم ونفي فعل آخر وهو الاستدراج والفتن
والذي تصدق بماله، فعله ذلك هو عدم ونفي فعل آخر وهو نوازع الشّحّ والنفس الأمارة بالسوء
لما كان المجهود الأكبر سيكون في جهة نفي الأفعال، فإن الفرد قوّته إنما كانت في مستوى ذلك النفي والرفض، لكن ذلك المجهود لايقع إبرازه إنما يكتفى بالنظر والتعامل فقط مع النتيجة التي أوصلتنا إليها تلك المجهودات
إذن في كل الحالات نحن حينما نقيّم الفعل باعتباره إنجازا، إنما نقيّم عدم فعل آخر كان ممتدا في شكل مسار زمني ، أي أن الفعل الحقيقي ليس ذلك الذي نجازيه عليه وإنما هو فعل آخر مثل مسارا زمنيا طويلا هو الذي نجح الفرد فيه، والذي أوصل للنتيجة التي هي عبارة عن نقطة
إذن فنحن كان علينا أن لا نجازي عدم الزنا فقط وإنما نجازى مسار التقوى لأن عدم الزنا قد يكون من دون تقوى مع العنّين (من ليس لديه شهوة نحو النساء) مثلا، ونحن لانجازي فعل إعطاء المال (لأن المال قد يعطى في سياق مسابقة مثلا أو أي مناسبة لا تفيد اي صفة أخلاقية جيدة) وإنما نجازي مسار بناء النفس المؤمنة
بعض مشاكلنا المنهجية، أننا نتعامل مع أفعال نقطية لاتكشف المجهود الكامل لأنها تخفي أفعالا أخرى هي التي بذلها الفرد ووصل بها للفعل الذي نراه كنتيجة
هذا هو الفرق بين الفعل كنقطة وبين الفعل كمسار زمني، التي تمثل قاعدة مهمة إضافة لمحورية المنظومة عوض محورية الفرد ومحورية الفكرة عوض محورية العينة والواقع عموما