التونسي لايفعل ولايغيّر، ليس لأنه عاجز وإنما لأنه لايعرف ماذا يفعل
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 110 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تحميلنا الناس مسؤوليات فساد الواقع بل تحميلهم لوحدهم مسؤولية انحرافاتهم، كل هذا عمل يتفرع من تصور قاصر
فَهْمُنا الواقع وآليات عمله ترتكز على تصور بسيط موروث من زمن ماقبل الدولة الحديثة، حينما كان الفرد لايخضع لغير إرادته في إنتاج الافعال
لذلك نحن الآن ونتيجة لهذا التصور السطحي، نمر مباشرة لتحميل الفرد مسؤولية الواقع، ونسبّه ونصفه بالعجز والجبن وغيرها من الأوصاف السيئة بزعم أن الفرد لم يتحرك ولم يفعل كذا وكذا
-------
الحقيقة أن الواقع الحديث لا تغيره إرادة الأفراد العاديين الذين نسبهم، وإنما الواقع يتغير بفعل إرادة وعمل المنظومات
منظومات الإخضاع والتشكيل الذهني (تعليم، تثقيف، إعلام) هي التي تتحكم في الواقع وبالنتيجة تتحكم في الأفراد ومنهم الذين يتمّ سبهم وتحميلهم مسؤوليات تتجاوزهم
وبغرض تأدية أدوارها، تعتمد تلك المنظومات التشويش التصوري، مما يجعل الفرد عاجزا عن إدراك الحقائق باستقلالية ومن هناك عاجزا عن استيعاب مشاكله في حقيقتها، ثم بالتالي عاجزا عن إيجاد حلول لها
لذلك فالفرد تمنعه منظومات التحكم الذهني تلك من الإدراك السليم فضلا أن يصل لمرحلة إيجاد حلول
أي أن الفرد بحكم خضوعه لتلك المنظومات، فإنه لم يصل أصلا لمستوى تقرير الفعل، لذلك لايصح تحميله مسؤوليات أمور لم يدركها تصوريا، إذ الفرد متحكم فيه ولا يفهم أساسا مايدور حوله وإنما يتحرك تحت تأطير أدوات الإخضاع التصوري وتوجيهاتها ويدافع عنها وهو في الأثناء يتصور أن ذلك رأيه الخاص
وللتأكيد، يمكن التذكير بمواقف عموم الناس من القضايا الكبرى، وستجد أنها آراء نمطية مأخوذة عن الغير وتدور في أفق توجيهات إحدى منظومات الإخضاع الكبرى، ويندر أن تجد رأيا يخرج عن رأي تلك المنظومات الكبرى
أي أن الفرد لا يفعل في الواقع، ليس لأنه لايريد وإنما لأنه لا يعرف ماذا يفعل، لأنه لم يصل تصوريا لمرحلة استيعاب مسار فعل التغيير في الواقع (تغيير سياسي أو اجتماعي او غيره)
إذن من أراد أن يفهم الواقع ويغيره، فيجب أن يغير آليات التفكير والفعل لديه، ويوجه كلامه للفاعل الحقيقي في الواقع وهي منظومات التحكم والتشكيل الذهني وليس للأفراد الذين هم أنفسهم ضحايا عمليات تحكم