إسقاط "الشيخة حسينة" والسلبية المزمنة لدى الحركات الإسلامية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 135 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحركة الاسلامية بشبه القارة الهندية (الهند، باكستان، بنغلاديش) عريقة توازي عراقة حركة الإخوان المسلمين، وهي برموزها وأنشطتها لها امتداد تاريخي يقرب من القرن
رغم ذلك لم تفلح أي من الحركات الإسلامية السنية في الوصول للسلطة، سواء الإخوان وتفريعاتهم أو الجماعة الإسلامية و تفريعاتها
في فترة العقود الفارطة، شهدت البلدان التي نشطت فيها تلك الحركات، صعود أنظمة ذات خلفيات مختلفة: مدينة وعسكرية يسارية وليبيرالية وقومية، وحدهم الإسلامبون لم يصلوا للسلطة، وأقصد بالوصول للسلطة بمعنى التأثير وليس المشاركة الوظيفية لخدمة سادة الواقع
ما يمكن ملاحظته أن الحركات الإسلامية تحوز على الرصيد الجماهيري الأكبر نسبيا، كما أنه يمكن ملاحظة أن عموم تلك البلدان كانت كل مرة يأتي فيها حاكم وهو عادة فرد فعّال لا يعتمد على تنظيم وجحافل الأتباع فاقدي الفاعلية، وتكون أول أهدافه إدخال الإسلاميين في معاناة تتوزع بين سجنهم وتشريدهم وتعذيبهم واغتصابهم، ويقابل الإسلاميون ذلك عادة بالبكائيات والإفتخار بسلميتهم وتصبح العذابات والسجن والإغتصاب مسطرة يتمّ من خلالها المفاضلة بين الرموز والقيادات
ثم تروج أدبياتهم بين الأتباع أنهم سيجازون يوم القيامة على صبرهم ذلك في تلقي العذابات، وأن عليهم فقط السعي أما النصر والنتيجة فليسوا مطالبين بها، وأن هزائمهم ابتلاء وقدر الله، لكأنّ النصر ليس من أقدار الله وأنها بيد رب آخر
ثم يواصلون وجودهم و"فعلهم" في الواقع بنفس النسق السلبي وكأنهم جمادات لا تعقل وليسوا بشرا يتدبرون ما حلّ بهم، فيعدلون أفكارهم ومشاريعم وطرق التعامل
--------------------
مسار غياب الفاعلية المتواصل الذي يطبع "عمل" الحركات الإسلامية، جعلها عبارة عن مَمْسحة أو مصب فضلات كل من يأتي يستفعل فيها، وآخر ذلك ما قامت به الشيخة حسينة ببنغلاديش التي أعدمت في فترة 2016 مجموعة من أرفع قيادات الجماعة الاسلامية ببنغلاديش بتهم اصطنعتها من التاريخ، حيث أنشات محكمة خاصة اختارت بعناية قضاتها، ونبشت في قضايا تاريخية تعود لأول تكوّن دولة بنغلاديش وانفصالها عن باكستان، كل ذلك للتخلص منهم، ولم تشفع ملايين القطعان التي تتبع الجماعة الإسلامية، لم تشفع ولم تمنع تلك الاعدامات، لأنها مجموعات سلبية لم تُربّ على الفاعلية وإنما على السلمية العقيمة وعلى الانصياع لأرباب الأرض ممن يسمى رموزا وقادة
وها إنه وقع الإنقلاب على الشيخة حسينة، وعلى الأرجح سيأتي فرد مغمور لكنه فعّال ليتسلم السلطة ببنغلاديش، بينما سيواصل الإسلاميون كعادتهم الغياب واستمراء وضع المفعول به، ثم الإكتفاء بانتظار ماذا سيقرر الغير نحوهم
وغير بعيد عن ذلك ما فعله فرد واحد فعّال بمصر وهو السّيسي، حينما قتل الإخوان وأحرقهم وشردهم، رغم أعدادهم بالملايين وتاريخهم الطويل
ثم ما حصل بتونس مع جماعة النهضة، الذين كانوا يشاهدون كيف يتمّ الإعداد للإنقلاب عليهم، ثم سجنهم، كل ذلك وهم يتفرجون بسلبية فاغري الأفواه بما يقرب للبلاهة الغريبة غير المفهومة
إنها عينات للسلبية وغياب الفاعلية في الساحة الإسلامية