حينما تكفّون عن تعقب رأي "نزيهة رجيبة" فيكم، سيكون ذلك بداية التعافي
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 189 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يريد البعض من "الإسلاميين" أن يتعامل مع الواقع ومغالبيه بطيبة وبراءة و"مسؤولية"، بأكثر مما يفعل الأنبياء، فجماعتنا هؤلاء يريدون أن يوحّدوا كل الناس على المحبة والوفاق والتوافق والاشتراك في مهام ومشاريع أخرى غامضة فضفاضة يفضلون كل مرة التذكير بها كتبرير لوجودهم
جماعتنا هؤلاء، ولسبب ما، لايريدون أن يستوعبوا أن ما يفعلونه مُحال ولايمكن أن يتحقق واقعا، لأنه ببساطة لم يتحقق مرة في كل تاريخ البشرية، وأن الناس بالمقابل خلقوا ليختلفوا ويتصارعوا ويغلب بعضهم بعضا ويقهر بعضهم بعضا، وأن ذلك هو الوضع السويّ في الوجود البشري
وبعض هذا السعي العبثي الساذج الذي يقوم به سياسيو ونشطاء الفعل الإسلامي، أنهم يبذرون أوقاتهم وجهدهم وجهد من يتخذهم قدوة، في استجداء عطف مغالبيهم ورافضيهم، فيجعلونهم مسطرة يعتمدونها لتقييم أفعالعم
لذلك تجدهم يتعقبون كلام هؤلاء المغالبين، فيفرحون إن هم أشادوا بهم ويبتئسون إن هم وجّهوا لهم لوما
وهم في كل هذا لايستوعبون أنهم تحولوا لتُبّع للغير مجرد منكسرين لا يملكون من أمر حالهم شيئا يستمدون ثقتهم بأنفسهم مما يقوله الغير عنهم، وهذا أحطّ الأوضاع
والذليل المنكسر في صورة نفسه، لا يرجى منه أي خير لأن بناءه الداخلي مهشّم أو به تهتيك، فضلا أن يرجى منه خير لغيره
لذلك لا يمكن أن ننتظر إنجازا سياسيا أو فكريا أو ثقافيا من هؤلاء المتقطّعة قلوبهم ذلّا، ممن يتعقبون كل مرة كلمة من "نزيهة رجيبة" أو "ألفة يوسف" أو "كلثوم كنو" أو ممن ماثلهن، يتلقفون إشادة منهن فيعيدون نشرها والإحتفال بها، أو يتوقفون عند لوم صدر منهن فيطلقون أياديهم في الكتابة لتبرير أفعالهم وطلب المعذرة
حينما يستفيق هؤلاء المشتغلون بالسياسة والكتابة، ويدركون أنهم في منحدر شديد العمق، وأن وَهْدَتهم طالت، لعلهم سيبدؤون بالكفّ عن اتخاذ مغالبيهم أربابا ومسطرة، وسيكفون عن التوقف عند ما يكتبه اعداؤهم عنهم، ولن تصبح تدوينة "رجيبة" أو "ألفة يوسف" أو غيرهن، محل التحليل والنظر، ولعلهم سيدركون وإن متأخرين أن ما أعطى قيمة لأولئك الأشخاص الرموز المتوهمة، إلا انكسارهم الداخلي والخيال المنحرف الذي يسيطر عليهم
ساعتها ستكون بداية التعافي الذهني الذي يلزمه مسار آخر طويل بغرض الوصول لمستوى الفاعلية وتغيير الواقع