لماذا لن أفرح بسقوط نظام "الأسد": الإسلاميون وأدوار ترويج التبعية لتركيا
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 44 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مثلما لم أفرح بسقوط القذافي فإنني لا أفرح بسقوط نظام الأسد
الأمر لا علاقة له بالانظمة في ذاتها، ولم أكن مناصرا للقذافي حينما كتبت سنة 2011، ضد تنقل فريق من "النهضة" لدعم "الثوار" في ليببا ودعمهم لقصف الناتو ضد الليبيين مستظلين بفتوى أجاز فيها القرضاوي ذلك
وبالطبع لست مناصرا لنظام بشار الاسد
-------
عموم هذه "الثورات" التي حصلت منذ 2011، انطلقت في ما كان يعتقد أنها حوادث تلقائية مثل حرق البوعزيوي نفسه وغيرها
لكن تبين لاحقا من خلال مؤشرات عديدة (*)، أنها في النهاية حوادث تمّ التحكم فيها وتوجيهها
إذ تمّ التحكم فيها قبليّا من خلال التكوين والترويج لبعض الرموز التي برزت اثناء تلك الاحداث، تكوينهم في منظمات أمريكية
وتمّ التحكم في مدى تلك "الثورات" بتضخيم تفاصيلها مما ساهم في مزيد تأثيرها على الناس، وكان ذلك بالتنسيق مع شبكة "الجزيرة"
وتمّ التحكم في نهايات تلك الاحداث بتوظيف الحركات الإسلامية الذين قويت علاقاتهم مع الأجهزة والمنظمات الغربية وخاصة الامريكية، وحصل نوع من التفاهم المباشر أو الضمني معهم تحولت بمقتضاه الحركات الإسلامية في شقها الأبرز أي في تونس وليبيا والجزائر والمغرب واليمن، للعب دور المنفذ للخطط الامريكية في تغيير الانظمة العربية
دور الحركات الاسلامية في المخطط الامريكي، هو أنه عليها إنتاج زخم شعبي يقبل بالتدخل الغربي والناتو لقتل المسلمين، وقد تولى مهمة الترويج للتدخلات الغربية في ليبيا وسوريا والعمل على الاقناع بها، المشتغلون بالإسلاميات وأهمهم القرضاوي الذي برّر تدخل الدول الغربية والناتو لقتل المسلمين، فأصبحت التدخلات الغربية ميسّرة ما دام قد تمّ كسر الحاجز النفسي بفتوى القرضاوي وغيره من رموز الحركات الاسلامية
ثم تم التطبيع مع التدخل الغربي في بلداننا بغرض تغيير الانظمة ورُوج لجواز التعامل معه مادام سيتم اسقاط نظام بلدك، وشاعت تلك التصورات من خلال تبني أتباع الحركات الاسلامية لها
-------
ماحصل في ليبيا هو اسقاط القذافي وهو مصلحة غربية بالدرجة الاولى، لكن ليبيا حاليا أصبحت مقسمة تتقاتل والأهم أنها أصبحت تابعة في شق منها لتركيا
سوريا حينما ستسقط، ستصبح مثل ليبيا، ستصبح مقسمة تتناحر طائفيا، والأهم أنها ستصبح لتركيا فيها تواجد وتأثير، والارجح سيصبح جزء من سوريا الحالية عبارة عن دويلة تتبع تركيا مثلما هو الحال مع حكومة طرابلس في ليبيا
في النهاية هذه حروب لمصلحة الغرب ولمصلحة الدولة الاقليمية التي بطور التشكل إقليميا وهي تركيا، التي تتمدد عمليا في المجال العربي
علينا بالمقابل أن ندرك أن من يساعد تركيا على ذلك هي سطحية الإسلاميين الذين ينظرون لتركيا أنها ليست دولة أجنبية عدوة لسببين:
أولا بسبب كونهم يسقطون تاريخ الدولة العثمانية على تركيا الحالية، بينما تركيا اليوم دولة أوروبية تسعى لخدمة مصالحها كأي دولة أخرى، ولا علاقة لها أصلا بخدمة القضايا الإسلامية وهي لا تستدعي تلك المواضيع الإسلامية، إلا بالقدر الذي يخدم توظيفها لمغالطة أنها دولة وريثة الخلافة العثمانية كما يتوهم الكثيرون
ثانيا بسبب كون عموم الاسلاميين لا يرفضون التبعية من حيث أنها مفهوم وإنما يفاضلون في درجاتها
لذلك هم قبلوا بالتبعية لامريكا ولمنظماتها وأجهزتها التي توجههم وتكوّن قادتهم (العديد من رموز النهضة تلقوا تكوينا في منظمات أمريكية ومنهم العديد كانوا يتواصلون مع المنظمات الامريكية ومع السفارة الامريكية) وكانوا يستشيرونها في أنشطتهم ويعرضونها عليها ويأخذون بتوجيهاتها
ولأن عموم الإسلاميين لايرفضون التبعية وإنما يفاضلون بين درجاتها، فإنهم يقبلون بالتبعية لتركيا
لذلك ما يحصل حاليا هو أننا بصدد تكوّن قوى اقليمية جديدة وانتقالنا من مستوى تبعية لفرنسا وبريطانيا مثلا، نحو التبعية لتركيا
الملاحظ أن هذه التبعية الجديدة تحصل بمشاركة ودعم وتواطؤ الإسلاميين
------
(*) من يتابع الاعلام الامريكي في مستوى قنوات اليوتيوب، يجد أدلة عديدة لم تعد خافية، أن أمريكا هي من تدخلت في توجيه أحداث ما سمي ربيعا عربيا، وأن أمريكا هي من مولت الجماعات المسلحة في سوريا وأن أمريكا نسقت مع تركيا لتوظيف الجماعات العاملة في ليبيا وسوريا وغيرها
كما سبق أن كتبت حول "ثورة" 2010 وأنه متحكم في أحداثها، مقالا بعنوان:
بوادر موجة ثانية من الثورات المصنّعة كما حصل في 2010
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=11534