على هامش سقوط آخر قلاع القومية العربية: هل الفكرة القومية سواد حالك
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 28 محور:
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من حيث المبدأ، أرفض التصور الذي يحكم بموت فكرة أو نظرية لمجرد سقوط إحدى تطبيقاتها
ولعل أهم أسباب ذلك أن تلك التجربة التي تبين فسادها التطبيقي، هي ممكن من ممكنات عديدة لتنزيل الفكرة، فأن يتبين فساد أحدها لايعني بالضرورة فساد غيرها من الممكنات فضلا أن يكون ذلك دالا على فساد الفكرة
لذلك فإن سقوط الاتحاد السوفياتي، لايعني حسب الملاحظة التي ذكرتها سابقا، فساد المشروع الإشتراكي في صيغ وممكنات أخرى، وهذا مايحصل عمليا من خلال تواصل تجارب إشتراكية بالصين وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا
------
المشروع القومي العربي بصيغه المتنوعة والمتغالبة في مابينها، في مستوى بنائه النظري، عليه مآخذات كبيرة، لكنه بالمقابل ليس كتلة سوداء كله كما يحاول تصويره، ففيه إيجابيات عديدة
أن يكون الموضوع متعلقا بمغالبينا أو منافسينا السياسيين، ذلك لا يلغي حقيقة كون من مصلحتنا التعامل بموضوعية مع الأمور، وأن نفهمهما كما هي
والحقيقة في فساد المشاريع القومية أنها في أهم أسبابها ترجع لانحرافات بشرية في مستوى الممارسة تتمحور حول عوامل انعدام الكفاءة وغياب الضبط الاخلاقي وفساد المشروع السياسي وطرق إدارته وغيرها من العوامل المتعلقة بالبيئة والعنصر البشري عموما
وهي عوامل يتم تبريرها بأولوية وخدمة المشروع "القومي الثوري"، مما يزيد من تأثير عناصر السوء
بالمقابل علينا أن نذكر أهم إنجازات المشاريع القومية، وهو محاولاتها أن يكون للعرب شأن، مستقلين عن الغرب، وهي محاولات وإن لم تذهب بعيدا في تطبيقاتها وتنزيلها واقعا، فإنه يحسب لها بعدها التنظيري والتأسيسي لرفض حتمية التبعية للغرب عكس الحال مع ما تقول به باقي الانظمة العربية، بل عكس ما تقول به ومارسته الحركات الاسلامية التي وصلت السلطة جزئيا التي تقبل بالتبعية للأجنبي وتقول ضمنيا وأحيانا مباشرة بحتمية ذلك
ثم إن تجربة عبد الناصر لايجب أن تختزل كلها في صراعه مع الإخوان وتعذيبهم، فهو قد أحدث تغييرات إيجابية في اتجاه جعل مصر قوة اقليمية ونجح في ذلك لحد كبير
وتجربة البعث العراقي ليست كلها سوداء، ففيها الكثير من المساحات البيضاء
وتجربة البعث السوري ليست كلها سوداء، فهي قد أنجزت كثيرا من المساحات البيضاء
ولا يمكن الآن التوقف عند أي من تلك النقاط المضيئة من تجربتي البعث، لأن المزاج لن يتقبل الآن تلك الحقائق
-----
القصد من كلامي أننا لسنا في حاجة لجعل المشاريع الفكرية المغالبة مساحات سوداء مطلقا، يكفينا بالمقابل تعداد سيئات تطبيقاتها وهي كثيرة، وهذا سيجعل كلامنا ذا مصداقية أكبر مما لو قلنا بالسواد التام