فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 247 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عموم الدعاة والوعاظ في أفعالهم المتعلقة بالإسلام، يعطونك الانطباع أنهم يقومون بأفعال بحكم العادة وليس نتيجة وعي ونظر
وإلا هل فكر أحدهم في مدى الجدوى من تقديم درس وعظ ودعوة هكذا ككلام سائب عام من مثل التبسم في وجه الجار وإماطة الأذى عن الطريق وغيرها من المواعظ العامة مقابل السكوت عن مواضيع أهم
أساسا هل العمل الدعوي الذي يحث على الاسلام ككلام عام، هو المطلوب فعلا، كأن التونسيين لهم شك في الإسلام وأهميته، فهذه دروس ومواعظ تناقش مواضيعا غير مطروحة أصلا عند التونسيين، فهي مثل أحدهم يتحدث خارج الموضوع
اعتقد رغم أهمية التذكير، فإن الأهم منه هو الدفاع عن الناس ضد ما يعمل على استهدافهم واستهداف تدينهم وعمليات اقتلاعهم، وهذه هي الأمور الخطيرة والهامة التي لا تتناولها عمليات الوعظ ولاتقربها
الناس في حاجة لمن يقف معهم ويتصدى معهم أو يعينهم على التصدي لمنظومات التشويش العقدي والإبعاد عن الاسلام واقتلاعه من هذه البلاد
بينما هذه الدروس الوعظية لا تشير لأي شيىء في هذا الاتجاه حيث تتحدث معهم حول مواضيع عامة كأنها تتناول مجتمعا آخرا غير مجتمعنا، وهم بذلك يروجون ضمنيا لوهم أن تونس لايحارب فيها الإسلام، وتتجاهل أن الفرد نفسه ضحية وليس فاعلا في قراراته حتى نتوجه له بالحديث ابتداء، فهذه إذن دروس تشوش وعي الناس وفهمهم لحقيقة الواقع
إذن لا توجد جدوى كبيرة في تناول مواضيع هم أساسا متفقون عليها حول تقوى الله وأن الإسلام الدين الحق وأن العمل الصالح يدخل الجنة والكفر يدخل النار، مقابل ترك المواضيع التي هم في حاجة لمن يعينهم عليها وهي كيفية تقوى الله، أي كيفية التصدي لمنظومات الباطل والاقتلاع التي تتهددهم في دينهم، أي منظومات التحكم الذهني التي توجه تونس منذ عقود
علينا نصرة الاسلام والدعوة له باعتماد محورية المنظومات لا محورية الفرد، علينا تطوير فهمنا لمعاني الدعوة لله التي يجب أن تركز حاليا أكثر على التصدي لمنظومات الباطل التي تستهدف الإسلام كمنظومة، لا تجاهلها والتوجه للفرد ومطالبته بما يتجاوز قدراته، لأن الفرد مهما كانت إمكانيات تقواه لايمكنه التمنّع من مفاعيل منظومات الباطل التي تغرق مساحات الواقع في تأثيراتها (تربية الاطفال مهما فعلت سيبقى الواقع بمنظوماته ذا تأثير يغالبك ويفسد مجهوداتك، وقس على ذلك غيرها من المجالات...)