لايكفي أن تفعل وإنما ماذا تفعل: الفعل كمسار وليس كنقطة، ووجوب النظر في تأسيسات تونس الحديثة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 286 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الذي يتناول الواقع من خلال عينة، فإنه يعتقد أن حدثا ما هو صواب أو فاسد لأنه كذلك من حيث وقوعه وليس من حيث مساره
أي أن تقييم الحدث يتم قياسا للحظته تلك، لا أن قيمة الحدث تفهم كنتيجة لمسار أوجد الفعل في لحظته تلك وأعطاه القيمة
الحالة الأول يفهم الفعل كنقطة مستقلة من دون أسباب ومن دون نتائج ولا يمكنه أن يستدعي المحيط المؤثر، في عملية الفهم
هذا التناول يصح في التعيينات أي في تحميل المسؤوليات الشخصية لكنه لايصلح للتعامل مع الواقع وظواهره، لأن هذه الحالة تتعلق بفعل ما في نقطة مكانية ما ولحظة زمنية ما (*)
بينما الحالة الثانية يفهم الفعل كمسار زمني وأن تلك اللحظة من الفعل مجرد عينة غير ممثلة لمسار الظاهرة، بالتالي لايمكن تقييم النقطة قبل تقييم مسار الفعل أي مسار حركة الواقع التي أنتجت الفعل
هذا هو معنى ما أقصده بالتناول من خلال الفعل كمسار عوض الفعل كنقطة، وهو جزء من منهج فهم الواقع الذي أقدمه وفيه كذلك التناول بمحورية المنظومات والفكرة عوض محورية الفرد والعينات
وقد كتبت من قبل أن التناول النقطي يقود للأخطاء لأنه يجزّىء الحقيقة ويخفي مسارها
مثلا ركوب السيارة فعل ليس مطلوبا لذاته وإنما هو نقطة من مسار معين، لذلك يمكن أن يكون ركوب السيارة جيدا إن كان مثلا في سياق زيارة أبويك بمناسبة العيد متجها من تونس ل"ڨفصة" مثلا، لكن ركوب السيارة يمكن أن يكون سيئا حينما يكون في سياق نقل للسجن في قضية إرهابية مثلا متجها من البيت لمقر فرقة مقاومة الإرهاب ب"العوينة"
إذن الفعل وحده لا يكفي، وإنما يجب النظر لسياق الفعل أي الفكرة المحركة والمنتجة لفعل ركوب السيارة، وهذا ما أعبر عنه بمحورية الفكرة لا محورية العينة أي الحدث وهي هنا ركوب السيارة، والفعل كمسار أي استيعاب القضية أو الظاهرة كاملة عوض الفعل كنقطة وهو ركوب السيارة فقط
----------
حينما نعمم القاعدة التي أريد تبليغها، فإن الحالة الأولى هي عموما ما يستعمل في تعاملاتنا حين معالجة الظواهر وهو التناول من دون استدعاء الإطار المؤسس للواقع، وهذا هو مايحصل في الفعل السياسي والثقافي والفكري بتونس منذ عقود، إذ يفهمون الواقع كنقاط واحداث سائبة ويتحركون بضمنية استقلال الواقع عن تأثيرات سابقة أي افتراض أن الفعل نقطة وليس مسارا
وهذا تصور غير سليم، فهو خلل منهجي كبير هذا الذي يقود فهمنا للواقع، لأن هذا الواقع لابد له من بدايات وتأسيسات علينا النظر فيها إن أردنا فهم الفعل في أي نقطة من مساره ولتكن تلك النقطة واقعنا الحالي، مما يجعل أفعالنا مسارات توجب أن ننظر في فهمها من خلال النظر في بداياتها
فإن نحن اكتفينا بتناول نقطي من دون النظر لبداية مسار إنتاح الفعل الثقافي والسياسي، فهو سيكون تناولا قاصرا يخفي حقيقة موجد الفعل وهي في حالتنا منظومة فرنسا ومنتسبيها ممن يحكمنا منذ عقود
لذلك أقول بوجوب إعادة النظر في التأسيسات الأولى لتونس الحديثة ومساءلتها، أي التعامل مع الأفعال كمسارات وليس كنقاط مستقلة
------
(*) حول الفهم بالفعل كمسار، وقصور التعامل النقطي مع الأفعال، ينظر للتالي:
1- لايكفي النظر للفعل وإنما يجب النظر لاتجاهه
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10945
2- إنتاج الفعل وتوزيع الفعل واستهلاك الفعل
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10963