فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 493 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حادثتان حصلتا معي يوم السبت الفارط بمعرض الكتاب ب"الكرم"، تجعلك تدرك أن هذه البلاد فيها خير كثير وأن الأجيال الجديدة لها إرادة للفكاك من أسر واقعنا وارتباطاته بفرنسا ومنظومتها
اليوم سأروي الواقعة الأولى وسأروي الأخرى لاحقا إن شاء الله
----------
وصلت يوم السبت لجناح "دار العلوي" بالمعرض مع حوالي الثانية بعد الزوال، و سرعان ما عرفت أن فتاة تنتظرني منذ فترة بالجناح
قدّمت نفسها لي أنها طالبة تدرس الأداب اختصاص اللغة الفرنسية، بصدد إعداد مشروع تخرج، وأنها لسبب ما اختارت مشروعا موضوعه حول أن اللغة الفرنسية بتونس تحولت لأكثر من أداة تواصل كما هو مفترض
قالت لي أنها تبحث وتريد أن تفهم أكثر حول هذه الفكرة، وقالت أنها اتصلت بأحدهم ممن يبدو أنها كانت تريد أن يوجهها أو يؤطرها، وقالت لي كأنه لامها على اختيارها هذا الموضوع، وقالت لي أنه قال لها لولا الفرنسية لكنا بتونس متخلفين، وأنّ علينا أن نعترف بفضائل اللغة الفرنسية وأدوارها الإيجابية
فما كان من الطالبة إلا أن تخلت عنه، وواصلت بحثها حول من يعمق فهمها للفكرة التي تحملها حول أن الفرنسية تلعب أدوارا أكثر من التواصل تعمل على إلحاقنا بفرنسا، إلى أن وجهها أحدهم نحوي، وزاد أن أرشدها أنها ستلقاني بالمعرض ويبدو أنه يعرف أني سآتي لحفلة التوقيع ذلك اليوم
طرحت الطالبة عليّ مجموعة من الأسئلة وكانت تسجل اللقاء، وفي حوارنا شرحت لها فكرة أن خطر فرنسا على التونسيين هو بدرجة أولى الربط اللامادي من خلال منظومات التشكيل الذهني من تعليم وتثقيف وإعلام، وماللغة الفرنسية إلا مجرد أداة توظف في مهام الربط اللامادي للتونسيين وتثبيت تبعيتهم الذهنية بفرنسا
لاحظت أن الفتاة كلما طرحت عليها فكرة جديدة تنشرح وكأنها تكتشف أمرا جديدا، ولكنها كانت متقبلة لأنها أساسا كانت تحس ب"فطرتها" خطر فرنسا والفرنسية لكنها لا تدرك التفاصيل كلها
لم أرد أن أحرجها فأطرح سؤالا حول من اقترح عليها موضوع تخرجها أم أنه من أفكارها هي، لأنه موضوع يعكس وعيا متقدما
لكن في كل الحالات يمكنني بالتأكيد أن أشيد بتميز الفتاة ووعيها، ثم أشكر الأستاذ(ة) مؤطرها لأنه ذو وعي كذلك إذ وافق على تأطير مثل هذا الموضوع
ثم أشكر من أرشد الطالبة فوجهها نحوي
هذه الحالة الثانية لطلبة في هذه السنة ممن يتناول بحثه خطر فرنسا ولغتها، إذ كانت الحالة الاولى لطالب الماجستير الذي تدور رسالته حول كتابي "الربط اللامادي بفرنسا"
هؤلاء دليل على بزوغ جيل جديد من الأساتذة وجيل جديد من الطلبة، كلهم يحملون بذور إرادة التحرر من فرنسا، وبهؤلاء يمكن البناء والتقدم لتفكيك منظومة فرنسا التي تخنقنا منذ عقود وتديم إذلالنا
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
1-05-2024 / 08:17:25 علي الودرني
وظائف اللغة الفرنسيّة
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفرنسيّة فلها وظيفتان: تأمين التواصل والهيمنة أو الاستعمار:
فاللغة الفرنسيّة ليست مجرّد أداة تواصل بل هي أداة للهيمنة على الشّعوب، وقد ترسّخت هذه القاعدة منذ النصف الثاني من القرن 19، ولعلّ الخطاب الشهير لـوزير التعليم والثقافة الفرنسي (Jules Ferry) سنة 1882 خير دليل على ذلك إذ قال بصريح العبارة "إذا أرادت فرنسا أن تسيطر على العالم فعليها بتصدير لغتها" ثمّ إنّ فرنسا هي الدولة الوحيدة في العالم الّتي لها في سفاراتها بجميع عواصم العالم وظيفة "ملحق لغوي" (Attaché linguistique) وهذان دليلان على أنّ اللغة الفرنسيّة لها وظيفة ثانية هي السيطرة والهيمنة والاستعمار، والأدلّة أكثر من أن أحصيها.
أردت عن طريقكم إيصال هذه الملاحظة إلى الطّالبة الّتي أشرتم إليها بمنشوركم، وأرجو أن تبلّغوها بهذه الملاحظة عسى أن تفيدها سواء أوافقت عليها أو عارضتها ولكم الشكر والتقدير.
1-05-2024 / 08:17:25 علي الودرني