نقاشات التونسيين حول الديموقراطية والحرية، تشبه عراك ركاب حافلة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 271 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هناك جماعة وقع الاستيلاء على قريتهم وساقوهم في حافلة، ومضوا في رحلة طويلة، ثم كل مرة يتعاركون حول تفاصيل الرحلة
مرة حول الأكل ومرة حول أماكن الجلوس بمقاعد الحافلة ومرة حول من يكون مسؤول الرحلة ومرة حول من يكون السائق
وهم يعتقدون بعد كل خصومة ثم اتفاق أنهم قرروا مصيرهم
لكنهم لسبب ما، لايدركون أن ليس لهم من الأمر شيىء، وأنهم لم يختاروا حتى الحافلة التي تنقلهم، إضافة لأنهم لم يختاروا مسار الحافلة ووجهتها وإنما وجدوا أنفسهم هناك فسلموا بحالهم وتبنوا ما قدم لهم وأصبحوا يعتبرونه الوضع السوي ويدافعون عنه
والركاب لايستطيعون التنبه لكونهم كلهم وحافلتهم بيد غيرهم، ممن اختار الحافلة وقرر وجهتها وهو من يمكنه ايقافها وتعطيل مسارها ومنع الوقود عنها كلما أراد
----------
حماس ركاب تلك الحافلة وهم يعتقدون أنهم يمتلكون ويقررون مصيرهم كحماس التونسيين وفواعلهم السياسية والمفكرة حينما تجدهم يناقشون الديموقراطية والتنمية والحرية والانتخابات، وهم يعتقدون أنهم بذلك يقررون مصيرهم بينما هم حقيقة مثلهم مثل ركاب الحافلة البؤساء، لأنهم لا يريدون أن يستوعبوا أنهم وتونس التي يتحركون فيها إنما قرر مصيرها ووجهتها وأفقها العقدي والفكري منذ عقود، وأن نقاشاتهم كلها لن تجاوز مساحة صممتها فرنسا
والتونسيون هؤلاء أخيرا، لايريدون أن يدركوا أنه لا خلاص لهم إلا بإعادة النظر في التأسيسات الأولى لتونس، أي إيقاف الحافلة والخروح منها والبحث عن حافلة أخرى ستمضي بهم في اتجاه آخر هم من يقررونه
لذلك، يجب إعادة النظر في كل ماقدم لنا حول تونس الحديثة وعدم القبول بالتأسيس الذي يوجهنا منذ عقود، واعتبار كل فعل وتشكيل سياسي يقبل بالموجود ويتحرك في سياقه، مجرد فعل عبثي يكرس المسار الذي أسسته فرنسا وسلمته لمنتسبيها ممن يحكمنا منذ عقود