الوعي الموجه، نموذج الشيعة وخطرهم: من أنتجه وكيف نشأ
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 299 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
سأبرهن في ما يلي على أن تفسير الواقع من زاوية صراعات الشيعة والسنة، نموذج للوعي الموجه (*) وأن الأمر في آخر المطاف خضوع لنوع من التوجيه الذهني صممه وقاده من له مصلحة في كل هذا العراك العبثي وهم آل سعود، وإن كان أصحاب هذا "الوعي" أي الضحايا يعتقدون أنهم على شيىء
- من أين للناس بهذا "الوعي" حول الصراع السنّي الشيعي، أي بين "أهل السنة والجماعة" من جهة وبين "الشيعة الروافض الذين يسبّون أم المؤمنين عائشة" من جهة ثانية
- ذلك وعي يكون إما بفعل إنتاج ذاتي وإما بفعل توجيه خارجي
أولا: إن كان وعيا بفعل إنتاج فردي ذاتي، فإنه سيكون نتيجة مطالعات تاريخية ونتيجة تأملات انتهت للقناعة بضرورة اعتماد التقسيمات التاريخية في فهم واقعنا
وهو إنه لو كان وعيا ذاتيا لكان من نتيجته الوعي بخطر الأنظمة التي تحارب الإسلام ورغم ذلك توظفه مما يستوجب أن ينتج عداء لآل سعود وأنظمة الأردن والمغرب باعتبارهم أشد من يسيء للإسلام ويخدم أعداءه وأحط من يوظف الإسلام بزعم الرفعة الدموية المتمثلة بالإنتساب لقريش
ولكان ذلك الوعي الذاتي، منتجا لمواقف متقدمة ضد الغرب وضد فرنسا
لكننا لا نرى لدى هؤلاء الذين يستدعون خطر الشيعة أي وعي بالقضايا المذكورة بمستوى يماثل مواقفهم حول خطر الشيعة
فثبت أنه ليس وعيا نتيجة تأمل فكري حول الإسلام ورفض من يوظفه
ثم إنه لما كان وعيا فرديا فإنه سيبقى حالات فردية ولن يتحول لظاهرة، لكننا نحن نتعامل مع وعي جماعي بخطر الشيعة، فالأمر إذن ليس حالات فردية، فثبت أنه وعي ليس نتيجة مطالعات فردية
ثانيا: إن كان وعيا نتيجة توجيه خارجي عن الفرد، فهنا حالتان
إما توجيه خارجي بفعل الانتماء لأحزاب وتنظيمات فكرية، وإما توجيه خارجي بفعل أدوات التشكيل الذهني المؤثرة في الواقع
1- التوجيه الخارجي بفعل الإنتماء لتنظيمات:
نحن نعرف أن أهم التنظيمات ذات التوجه الإسلامي وهي "الإخوان المسلمون" وتفريعاتها، لم يكن في أدبيات كتابها الرموز، إثارة هذا العداء التاريخي، بل إنه في فترة ما كان المفكرون الإيرانيون مرجعا زمن الثورة الإيرانية، وإن ظهر متأخرا نوع من توقف عند خطر إيران التوسعي، لكنه حذر لم يكن ذا أثر فكري مهم
كما أن "حزب التحرير" ليس في أدبياته أيضا هذه الصراعات
بالمقابل هذا الصراع بين الشيعة والسنة، قائم عند الجماعات الجهادية التي تستقي "فكرها" من تأسيسات لها علاقة بالاسلام السعودي والوهابية وابن تيمية
إذن ثبت أن هذا "الوعي" بخطر الشيعة والسنة ليس نتيجة الإنتماء الحزبي والفعل الإسلامي المنظم
2- التوجيه الخارجي بفعل أدوات التشكيل الذهني
الاحتمال الراجح الباقي هو كَوْن "الوعي" بخطر الشيعة، ناتج بفعل أدوات التشكيل الذهني وتحديدا تلك التي تتبع السعودية، فلنوضح إذن ذلك:
تمتلك السعودية أجهزة دعائية من أقوى ما يوجد عبر التاريخ الحديث، تعتمد ثلاثة أعمدة:
أولا - الجهاز الإعلامي ممثلا في امبراطورية اعلامية ترتكز حول صحف ومجلات عالمية استكتبت فيها السعودية أشهر الكتاب العرب لإسكاتهم وتحييدهم من نقدها
ثانيا - الجهاز التثقيفي ويحتوي على شبكة قنوات تلفزية لم تترك مساحة لم تطلها من الأطفال والمرأة والرياضة والدين والإقتصاد والترفيه، بحيث أن تأثيرها يمس كل المجال المفاهيمي للعرب
ثالثا- الجهاز الديني وهو ممثل في منظومة التدين السعودي التي تدور حول التفسير الوهابى، ثم هو مبني عمليا حول جامعات سعودية تقوم بتخريج المشتغلين بالاسلاميات حسب الفهم السعودي وتقوم بتمويلهم ثم ينتشرون في كل العالم، وتزودهم بالكتب والمنشورات التي تروج للفهم السعودي للاسلام
ثم يقوم بالترويج لهذا التدين الوظيفي شبكة من شيوخ ومتحدثون يعملون على نشر مواضيع تخدم سياسة آل سعود، ومنها مسألة أن إيران تمثل الشيعة الروافض الذين يسبون أم المؤمنين، فهو استدعاء وتوظيف لقضايا تاريخية بغرض خدمة الموقف السياسي لنظام آل سعود، لكن الأمر يقدم في شكل حرص على الدين وخدمة له
ويدعم هذا العمل الدعائي السعودي شبكة منتديات ومواقع ثم قنوات يوتيوب وحسابات على شبكات التواصل الإجتماعي مصممة ومطورة بحرفية ويتابعها الملايين
ويقبل ضحايا توجيهات التشكيل الذهني للامبراطورية السعودية ذلك الكلام أنه من الدين، ويعتقدون أنه وعي لكنه حقيقة وعي موجه وخدمة للغير وتحديدا لآل سعود
كنت من قبل وضحت أن الوعي الموجه وعي زائف لأن صاحبه لم ينتجه وإنما هو نوع من التبعية للغير وإن كان يبدو في شكل وعي بقضايا مبدئية
--------
(*) الوعي الموجه مصطلح كتبت فيه من قبل، وأقصد به الوعي الزائف الناتج عن توجيه من الآخر بغرض توظيفك
بغرض التعمق في ذلك، ينظر لكتابي الربط اللامادي، أو للمقال:
الوعي الموجه، ظاهره جيد وباطنه تأسيس للإمّعية الذهنية