منجــي باكير - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7609
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من المعلوم قطعا أنّ البلاد تمرّ بوضع إنتتقالي هشّ ، غوغائيّ المعالم و لا ثوابت واضحة فيه ، و هو كذلك ميدان تسابقي للأحداث والمُجرَيات و المؤثّرات الدّاخليّة و أيضا الخارجيّة ،كلّ يبحث عن موطإ قدم و كلّ منهمك في صناعة هيكليّته باعتماد مرجعيّته أوحتّى باستناده على مكوّنات أو قوى خارجيّة ،،، أحزاب ، تيّارات ، جماعات ، جمعيّات حتّى الحكومة نفسها ما زالت تتلمّس الطريق لإيجاد كيفيّة توفيقيّة لا تحرمها المسك بزمام الأمور و تضمن لها التواجد مستقبلا بأحزابها في ثقلٍ أكبر ...
السّلفيون هم كذلك وسط هذه الدّائرة لكنّ وضعهم يختلف عن كثير من باقي مكوّنات المشهد باعتبار أنّهم تيّار تتجّه كل الأنظار إليه و تصوّب كثير من السّهام إليه خصوصا من العلمانيين الذين يرون فيه التهديد الحقيقي و الصّريح لمخطّطاتهم و مصالحهم و ما يروّجون له من فكر ضدّ الدّين و الهويّة و قيم العُرف في المجتمع التونسي بعد أن أمنوا حركة النّهضة و حشروها في زاوية الإستسلام و المجاراة و المحاباة في سبيل أن تستأثر بدفّة القيادة و تمارس الحكم مع عدم وجود أحزاب إسلاميّة أخرى تأخذ المشعل لتلبّي رغبة الشعب في إثبات الهويّة الإسلامية سياسيا.
السّلفيّون برغم ما عليهم من تحفّظات على بعض أدبيّاتهم و طرق عملهم و طرق تبليغهم و طرق معالجاتهم للأشياء فإنّهم حقيقة لا و لن يمكن لأحد إنكارها و كلّ عمليّة تتّجه نحو التصعيد معهم فهي غير مأمونة العواقب كما ثبت هذا في كثير من البلدان و التجارب السّابقة ، فقط لأنّ كلّ إستعمال للإقصاء و استعمال للعنف سيذكّي نار المواجهة و يطوّر أساليب دفاعهم على كينونتهم ، موازاة لهذا ستتطوّر النتائج نحو الكارثيّة و تتسع دوائر الخوف و الحقد الكراهيّة و ردّ الفعل أكثر من الفعل نفسه و بحجم أكبر و في تواتر غير محمود العواقب و بلا نقطة نهاية ..
ما سلكته الحكومة سابقا من التغاضي الكلّي عن التيار السّلفي ليس الحلّ الأسلم إلاّ أنّه كان يصبّ في خانة مصالحها الآنيّة و يساعدها على استتباب الأمن و التفرّغ لمشاكل أخرى ،و ما كانت تصريحات الشيخ الغنّوشي في هذا الإطار إلاّ مسكّنات حينيّة و ابتعاد عن التصادم الإختباري الذي قد يؤول إلى نتائج لا ترضي حركة النّهضة و يفتح عليها بلاوي أكثر ممّا كانت تتلقّاها و تنكّد عليها في تنفيذ سياستها و برامجها .
لكن ما يُلاحظ في المدّة الأخيرة من إنقلاب فجئي على هذا الوضع في تعقّب تحرّكات السّلفيين و محاصرة أنشطتهم و منع خيمهم الدّعويّة ربّما يفضي إلى التساؤل هل هذا مؤشّر البداية التي ستقود إلى المواجهة الفعليّة مع التيّار السّلفي و خوض ما أهملته الحكومة سابقا ،،
هل رضخت الحكومة إلى الضغوطات الدّاخلية و الخارجيّة لتلامس هذا الخيط الرّفيع ؟ رأينا ظاهرا و جليّا ما يقوم به كثير من الإعلام الموجّه من حملات تشويه و تهويل و تحريض على هؤلاء السلفيين و توجيه أصابع الإتّهام دوما إلى الحكومة و حركة النهضة و رئيسها و اتهامها بالتقصير ، بل بمآزرة السلفيين ،، كما لا يخفى حجم الضغوطات الخارجيّة و التي لا يسعدها تواجد النّفَس الإسلامي حرّا طليقا و لا يرضيها أن يفلت زمام الّلعبة السياسيّة لإسلاميين لا يجاملون و لا يهادنون مع ثوابتهم الدينيّة .و إلاّ كيف تفسّر مهاجمة الخيم الدّعويّة السلمية في حين لا تبالي الحكومة بخيم نُصبت لعرقلة الإقتصاد الوطني و لتعطيل المصالح العامّة للبلاد ضاربة عرض الحائط بكل القوانين و متمرّدة على السلطة لوقت غير يسير ؟ و كيف يسعى البعض للدعوة إلى نبذ و إقصاء السلفيين جملة و تفصيلا في حين أنّنا نرى تقاربا ينمو كلّ يوم و يزيد لاحتضان من أجرموا في حق الشعب التونسي و نتابع سعيا مبطّنا للتصالح مع أقطاب الفساد و أعلام اللّصوصية و التزييف بل ربّما اجتياز و إقبار لقانون التحصين ، في حين أنّ الأنفاس تُحسب على هؤلاء السلفيين و اللذين قبل كلّ شيء هم تونسيون أب عن جد و لهم ما لنا في هذا الوطن و عليهم ما علينا ؟؟؟
فهل حُشِرت الحكومة فعلا في زاوية ( خطِرة ) لمحاصرة السلفيين ؟؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: