بعد 75 سنة من التأسيس ، الإتحاد يضيّع الشغّيلة ويغرق في وَحل التسييس ..!
منجي باكير - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2032
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في المؤتمر التاسيسي لاتحاد الشغل والذي ترأسه الشيخ الفاضل بن عاشور، وضع المؤسسون الأسس الأولى للإتّحاد و رفع فرحات حشاد بُنيانه عاليا في الدّاخل وفي المحافل الدّوليّة في وقت عزّ فيه الرّجال و في وقت كانت ضريبة النضال غالية وغالية جدّا ( موش دقان حنك في الإعلام ) و هو ما لحقه في نهاية المطاف ومات عليه ولم يبدّل ولم يبع ولم يقايض .
هذا الإتّحاد الذي صاغه حشّاد رحمه الله كان على أساس ( أحبّك يا شعب ) وكان على أساس الولاء التّام لتونس واعتبار مصلحتها شأنا لا يقبل النّقاش ولا المساومة وعلى هذا كان العَهد وكان مسار العُهدة …
لكن أن يتحوّل الإتّحاد إلى ساحة للتجاذبات السّياسيّة وتخترقه أطراف دخيلة عن المنظّمة تاريخا ونضالا وأن ينساق لهم بعض كوادر الإتّحاد غير عابئين بمصلحة البلاد و العباد فهذا هو عين الزّيغ عن أهداف ومقاصد الإتّحاد و بانوه !
أن يصبح الإتّحاد لعبة سياسيّة تتقاذفه أيدي اليسار الفرنكوفوني المتطرّف وبعض أدعياء السّياسة و أن يستعملوا هذه المنظّمة العتيدة وماضيها وتاريخ مؤسّسيها و شرعيّة قيامها لتسخير هذا كلّه حتّى يستقووا به لليّ ذراع الحكومات أو قلبها لتسجيل انتصارات عليهم فهذا أيضا خروج عن مباديء الإتّحاد و أسسه و أهدافه واختطاف لرسالته…
أن يصبح الإتحاد ماكينة عمياء لتفريخ الإضرابات العشوائيّة أو – المرصودة – نكاية او معاقبة للحكومات غير عابيء بالمرحلة الحسّاسة والخطيرة التي تمرّ بها البلاد فهذا ما لم يفكّر فيه حشّاد ولا المؤسسين ولا الذين ساروا على العهد من بعدهم، و لم يثبت في أدبيّاته الاتحاد و لا مسيرة حشاد ما يفيد أنّه رمى بتونس في مسار الهاوية والهلاك ليظهر هو في صورة الزّعيم والبطل أو ليحقق هو أو معاونيه مصالح شخصية ذاتية …
فهذا ابدا لم يكن من مباديء التاسيس و لا غاية المؤسسين و لا كذلك الصورة التي تجب ان تكون عليها هذه المؤسسة ( الوطنية )
مهما كانت الحكومات مخطئة أو متجاوزة فهذا لا يعطي المبرّر أبدا للدّفع بتونس إلى دوائر المجهول ، فتونس ليست ضيعة ذات ملكيّة خاصّة لا للحكومة الحالية و لا لغير ها و لا لهذه الأحزاب و الأشخاص المتصارعين على الزّعامات و الكراسي ولا كذلك لبعض قيادات الإتّحاد الذين يريدون فرض أجنداتهم الحزبيّة والشخصيّة الأنانيّة فيجعلون من المنظّمة درعا لهم ، أو ليعبثوا ويحصّلوا مكاسب مادية أو ليبيّضوا ويحموا معارفهم و شركاءهم و عوائلهم او لينتصروا لبعض ضد البعض الآخر .
الإتّحاد سكّته التي رسمها حشّاد و سار عليها من بعده رجال صدقوا ما عاهدوا الشعب عليه هي المصلحة العليا للوطن ومساره النّضالي تكيّفه المرحلة التي تمرّ بها تونس وتمليه الظروف التي يعيشها عموم الشعب و دفّته لا يمسك بها إلاّ من جعل صوب عينيه هذه البلاد وشعبها وتجاوز كلّ أنانيّة ومصلحة شخصيّة و نبذ كلّ ولاء إلاّ ما كان خالصا لتونس بعيدا عن الغارم والمغانم …
ولقد قالها المرحوم حشّاد يوما :((الثورة يفجّرها مجانين بعشق أوطانهم ، يموت فيها الشرفاء ويستفيد منها الجبناء ))
فمن لم يكن في التصنيفين الأوّل والثاني فلينأى بنفسه عن التصنيف الثّالث !
-------------------
منجي باكير مدون ، صحفي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: