إياد محمود حسين - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 11312
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يمكن القول ان جل اهتمام الغرب كان منصبا فى الطعن بالإسلام والنبى محمد، وهى قضايا كبرى مثلت جوهر اهتمام الدراسات الاستشراقية وغاياتها، لان هؤلاء لم يعيشوا اجواء حضارية المجتمع الاسلامى ولم يتلمس بناؤهم الفكرى ارضية مفاهيمه المجتمعية حتى يستطيعوا بذلك ان يرجعوا كل شىء الى اصله. وحتى بابا الفاتيكان لم يخرج عن شاكلتهم.
على الرغم من كثرة الحروب التى شنها الغرب على العالم الاسلامى فلم يستطع ان يقضى على روح الاسلام وانتشاره السريع وهذا الانتشار لم يقم بحد السيف كما ادعى البابا في مهاجمته للاسلام مؤخرا. لو عرف الغرب روح الاسلام الحقيقى ومبادئه السامية لما قام بتلك الحرب التى هدفها الحقد الدفين على الاسلام والنبى محمد. العالم الغربى لم يهتم بمعرفة كنة الاسلام لا من الناحية الدينية او من الناحية الحضارية اللهم الا فى حالات منفردة ومن زوايا معينة تتسم جميعا بالتحيز وعدم الصدق والموضوعية. وبقيت صورة الاسلام حتى القرن التاسع عشر مشوشة فى اذهان وتفكير اكثر الغربين. وهكذا بقى الشرق غامضا يراه الغرب من وراء حجاب. ولاتزال صورة الاسلام والشرق لدى الاوروبين غامضة غير محددة المعالم تشوبها قصص الف ليلة وليلة ولهذا فقد كثرت افلامهم حول هذا الموضوع التى تدور احداثها ووقائعها فى محيط اسلامى فظ غليظ قاس كثرت فيه الملذات والشهوات والراقصات العاريات. ولاتزال هذه الصورة سائدة فى الغرب.
وبشكل عام ضل الاسلام لقرون عديدة فى نظرهم اداة حرب، ودامت العلاقة بين العالم الاسلامى والغرب من اخطر الملفات بين الطرفين، وحاول العالم الاسلامى فى بذل جهوده لاعادة صياغة هذه العلاقة دون الركون الى المقولات الجاهزة، والتفسيرات التأمرية المختزلة، لان الاسلام لايمكن اختصاره فى مفاهيم مشوهة قاصرة، كما يفعل بعض الكتاب والمفكرين الغربيين ورجال الاعلام والصحافة. فأن خطاب العداء الكاسح للاسلام كون رد فعل مقابل عند المسلمين، وهو رد كان يجب الا ينجر بعض منا اليه حتى لو اظهر لنا الاخرون العداء، ولهذا السبب فأن ميراث العداء لم يذهب الى غير رجعة. الغرب هو الذى بدأنا بالعدوان السافر فى الحروب الصليبية، ومابعدها من موجات الاستعمار العسكرى، الامر الذى جعل تاريخ العلاقة بين الجانبين يحكمه العداء، ويشكل الموقف الغربى المنحاز لاسرائيل العقبة الكبرى فى طريق قيام علاقات ايجابية بين الطرفين. وقد ذكر الحقيقة الكاتب الامريكى جون اسبوزيتو فى كتابه) الحرب الغير مقدسة (محذرا فى ان صدى مضاعفات الماضى مازال يتفاعل فى النفس المسلمة، فلقد احدثت تركة الاستعمار الاوروبى حسب رأيه جرحا غائرا فى المسلمين فى كل مكان. وكان الاسلام بالنسبة للغربيين ديانة السيف والجهاد او الحرب المقدسة، بينما كانت المسيحية بالنسبة للمسلمين دين الحروب الصليبية وطموحات الهيمنة.
والدراسات التى تحاول اعادة بناء صورة الاسلام والمسلمين فى الذهنية الغربية لاتكاد تنقطع، وان كانت لاتلقى الاهتمام الكافى، واحدى هذه الدراسات صدرت بالالمانية وعنوانها) الاسلام العدو، بين الحقيقة والوهم (للكاتبة الالمانية اندريا لويج، وفيه تحذر من ظاهرة من تطلق عليهم)الخبراء الوهميين(امثال جيرهارد كونستلمان، وبيتر شول لاثوز، الذين سيطرا على اجهزة الاعلام لسنوات دون منازع بوصفهما خبيرين فى شؤون الشرق الاوسط، فهذه الوجوه الغربية تقوم بجهد اعلامى لبث وترويج بضاعتهم المسمومة على اوسع نطاق فى الغرب. ورغم الانتشار الكاسح لهذه المقولات لم يعدم العالم الغربى ان يجد اصواتا تزعجها ظاهرة)الخبراء الوهميين(فخاضت ضدها حروبا كلامية، لكن ذلك للاسف لم يغير من الامر شيئا حتى الان. وقد وجه المستشرقون فى جامعة هامبورك الاتهام لبعض خبراء الاعلام بأنهم يعملون بأساليب غير شريفة على توسيع الفجوة بين الثقافتين الشرقية والغربية، وتعميقها بالاْشارة دائما استحالة الحوار بينهما. وتكشف اندريا لويج عن جهل فاضح بالاسلام والثقافة الاسلامية بين المتخصصين، وتنقل عن اثنين من المتخصصين الالمان وهما ارمجارد بين وماليز فيبر قولهما) انه من التناقض الغريب والمدهش حقا بين عدم معرفتنا بالاسلام والثقافة الاسلامية وبين ثقتنا الشديدة فى اطلاق الاحكام عليهما، ولم يحدث مرة ان استنكر هذا الجهل ولو مرة واحدة، بل ان النقد والاتهام يوجه بأستمرار الى تلك الثقافة دون ادنى حرج(.
وعندما جاء المستشرقون الغربيون يبحثون بنشاط وشغف فى دراسة الاسلام وعلومه وتشريعاته وفقه وقد اتاحت تلك البحوث للغرب التعرف على صورة اوضح للشرق وللاسلام لكن الحق الذى ينبغى الاشارة اليه ان عددا قليلا من المستشرقين كانت لهم منهجية صحيحة ومنطقية فى دراسة الموضوع المعالج وبدون تحيز ضد الاسلام. بينما كان اكثرهم ينظرون الى الاسلام بمنطق القساوسة المبشرين بالمسيحية او من خلال نظرة مادية ماركسية ومنهم من عالج دراسة الاسلام من خلال علم الاثنولوجيا المتخصصة فى الاعراف البشرية اى دراسة الاسلام والمسلمين بتحليل شعب بدائى قبلى فى نظرهم مثل سواه من الشعوب البدائية المنقرضة. وقد قالت الدكتورة انا ماريه شمل بهذا الخصوص) وقد ظن بعظهم ان الاسلام نوع من الوثنية او الدينات المجهولة البائدة لعصور ماقبل التاريخ(
ولكن يجب ان لانرفض ان تصرفات بعض المذاهب الاسلامية ومعتنقيها والبدع التى ادخلوها فى الاسلام كانت السبب المباشر ايضا فى اعطاء هذا الانطباع الخادع عى الاسلام، فى نظر هؤلاء المستشرقون . ونحن كمسلمين نحب الاسلام ديننا لنا ان ندرس الاسباب الكامنة وراء هذا الطعن فى معتقداتنا من قبل هؤلاء المستشرقين ويعطينا الاستاذ محمد فريد وجدى بعض الاسباب قائلا) يجب ان نغتفر للاوروبين تصديقهم لكل الافتراءات ضد الاسلام والمسلمين فهم على حق اذا اظهروا العداء تجاه ديننا طالما كانوا لايجدون امام اعينهم الا البدع التى حذقها اناس تافهو العقول وقبلها الجمهور وزاد فيها بأشكال اخرى من الهرطقة والخطاء ومخالفة الطبيعة البشرية وقوانين الحضارة كيف نأمل ان يفهم الاوروبيون لب ديننا الدين الوحيد الذى يحمل السعادة الحقة طالما كانوا لايعلمون الاملامح خارجية معينة للاسلام يشاهدها كل يوم مثل الاجتماعات الصاخبة فى الشوارع سائرة خلف الاعلام والطبول والاجتماع فى حلقات واسعة امام الاف الناس والتراتيل الصوفية التى تؤدى بصوت قوى مصحوبة بالتمايل يمينا وشمالا ونحو ذلك(ولكن علينا ان لاننكر ان هناك من المستشرقين من دافع عن الاسلام ووضع فى حسبانه ان الحضارة ولدت وترعرعت فى الشرق ثم تحولت الى الغرب وان هذه الحقيقة لايمكن ان ينكرها اى مسيحى غربى. ان مثل اولئك المستشرقين الاوروبين المدافعين عن الشرق وحضارته اسهموا بنصيب وافر فى تصويب ابعاد وملامح الصورة الخاطئة المشوهة للاسلام
كما يجب علينا ان لاننسى جهود العرب والمسلمين ومنظماتهم المنتشرة فى اوروبا وامريكا فى الدفاع عن الاسلام، انها فى فى الحقيقة لاتقف مشلولة فى الرد على الادعاءات والسموم والتهجمات على المسلمين، فمثلا حملات مجلس العلاقات الاسلامية الامريكية)كير(كما سردها بول فندلى، عضو كونغرس امريكى لمدة 20 عام فى كتابه)لاسكوت بعد اليوم(فى عام 1998، كسب المجلس الحملة ضد شركة تايك التى انتجت احذية تحمل اسم الله على كعوبها واجبرتها على سحب الاحذية من الاسواق، فيما قامت الشركة فى بادرة حسن نية بتحويل بناء ملاعب لعدة مدارس اسلامية، وقدمت هبات لعدة مؤسسات خيرية اسلامية(وعندما زعمت مجلة)يو اس نيوز اند وورلد ريبورت(ان الرسول خرق معاهدة بينه وبين اليهود شن المجلس حملة ضغط هاتفية على المجلة مما حدا بسكرتيرة المجلة الاتصال بمجلس العلاقات الاسلامية الامريكية قائلة)ان مكاتبنا مشلولة ولا نستطيع انجاز اى شىء(وبعد ايام قامت المجلة بنشر اعتذار فى نفس الصفحة التى نشر فيها كذبته(ويضيف الكتاب ان مجلس العلاقات الاسلامية الامريكية)كير(كسب 200 حملة ضد قضايا تحامل على المسلمين، ولم يخسر الا فى 4 قضايا، اى نسبة النجاح هى 98 بالمئة.