منجي باكير - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8480
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من نوادر الشارع التونسي أن التوانسة كانوا قبل الثورة و في ظل الدكتاتورية عشرة ملايين محلّل رياضي ، فجأة أصبحوا عشرة ملايين محلّل سياسي ...
و بعد الثورة كذلك أصبحت أحاديث الشارع و المقاهي و هوامش أوقات العمل و اللقاءات العائليّة تنجرّ دوما إلى الحديث في السياسة و تحليل الأحداث و تقييم التّيّارات و الأحزاب ، و ما نلاحظه بصفة ظاهرة أن أكثر التوانسة أصبحوا ثوريين حدّ النّخاع فيصرّحون و يلمّحون أنّهم كانوا يتذمّرون من دكتاتورية و ظلم العهد السّابق و أنّهم الآن مع الثورة و مكاسبها بما في ذلك أنّهم مع التضحية في سبيل استقرار البلاد و ازدهارها و أنّ حبّهم لتونس و شعبها هو من أوكد مستلزمات نجاح الثورة التي يصرّون على إنجاحها ورأينا بعضهم بكثافة في المدّ التضامني ...
لكــــــــن ما نراه واقعا هو في الحقيقة العكس تماما ، فهذا الثوري و المتحدّث باسم مكاسب الثورة و الدّاعي إلى تحقيق مكاسبها و أهدافها نراه ينقلب ب360درجة إذا ما أصبح الأمر يخصّه و يلامس جدّيا مصالحه ،،، عندها ترى هذا التونسي متجرّدا ممّا كان يدعو له و ينخرط في سلوكات مغايرة و منافية في كثير من الأحيان لما يتكلّم عنه ، و أعني بذلك التونسي المواطن الذي انتهز أحداث الثورة و خرق القانون في الكثير من مناحي حياته و تعدّى على مواطنيه و ساهم في الفوضى ،،، أعني به الموظّف الذي ترك موقع عمله و تعمّد ( الفصعة ) و تعطيل مصالح النّاس ، أعني به أصحاب الصّنائع الذين استغلّوا غياب الرقابة و أملوا شروطهم المجحفة في القيام بأعمال زبائنهم و طلبوا أسعارا مشطّة و كشّروا عن أنيابهم ،،، أعني به التجّار و أصحاب المخابز و من شابههم الّذين ساهموا في الإحتكار و التهريب و البيع المشروط و غلاء الأسعار و الغشّ في الميزان و نوعيّة ما يبيعون و رفعوا لافتة ( اشرب و إلاّ طيّر قرنك )،أعني به رجال الأعمال و الأطبّاء و المحامين الذين تناسوا أن للوطن عليهم واجبا خصوصا في هذا الظرف الإنتقالي ، هذا الوطن الذي رعاهم و علّمهم و احتضنهم و كان سببا في رفهاتهم و عِلْيتهم و جاء الوقت ليساهموا في الوقوف جنب شعبه و الإحساس بما يعانوه و يتنازلوا على بعض ما كانوا ينعمون به و يحاولوا أن ( يهزّوا وْذِنْ القفّة ) ،،، أعني به الذين تسلّطوا على قوت المواطن و جعلوه طرقا لثرائهم الفاحش فهرّبوه عبر الحدود و تركوا شعبهم يعاني النّقص و الغلاء ...
أعني به كذلك من احترف التعدّي على خلق الله بالسّرقة و ( البراكاجات ) و ترهيب النّاس و افتكاك متاعهم و نشر الرذيلة والموبقات بين بني وطنه ...
أعني به الإعلام و أصحاب القلم الذين ما إن يجدوا فرصة لتعكير الصّفو العام إلا و انتهزوها و أعملوا فيها كلّ أسباب التضخيم و التهويل و الزيادة و التلفيق على طريقة ( كلام حقّ يراد به باطل ) ضاربين عرض الحائط بمصلحة الوطن العليا و ضرورة الاسقرار و السلم الإجتماعي ... أعني به كلّ هذا و أكثر ،،
أعني به كلّ من يتقمّص وجوها مختلفة ويتصدّر منابر التنظير و يجتهد في إبراز وطنيّته و ثوريّته لكنّه واقعا هو أكبر حجر عثرة في طريق ما يرتقي بتونس و شعبها،،، و لا يرى إلاّ مصالحه الشخصيّة الضيّقة أو يعمل على تحقيق أجندات غير مصلحة تونس و شعبها .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: