د- هاني ابوالفتوح - مصر / الكويت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4626
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مصر الآن كساحة الوغى تتنازعها الفتن والإنقسامات بين فرق شتى وقلوب عدة ولا يلتقي جمع على خيار فلقد أفرزت الإنتخابات إختيار يصعب عليه جمع وحدة الكلمة فالناس بين مرشح ينتمي قلبا وقالبا لجماعة الإخوان المسلمين وهم بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ومرشح ينتمي قلبا وقالبا لنظام حكم فاسد قامت ضده ثورة شعب انكوى بناره ولا يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء أو أن يكرر تجربة ذاق فيها الويل والثبور،
الخياران لا يمثلان الأغلبية الكاملة من الشعب بل أن ما حصلا عليه معا من أصوات الناخبين يعادل 48.44 % من إجمالي الأصوات بما يعني أن أكثر من نصف من إختار لا يرغب فيهما مجتمعين، كل منهما قد فعل الأفاعيل ولم يتعدى ربع الأصوات والعجيب أن كليهما يدعي أنه صاحب الحظوة والأغلبية في إنتخابات الإعادة وكأنهما لا يقرءان ولا يسمعان مخاوف الناس وصدهما عنهما معا، فمن لا ينتمي للإخوان فكرا ومحبة يرى أنهم سيعيدون تجربة الحزن الوطني من جديد بعد أن نالوا ما يريدون في إنتخابات مجلسي الشعب والشورى وبعد أداء أقرب للمسرحيات التمثيلية الهزلية في مجلس الشعب الذي أصبح عزبة أخرى وصورة مماثلة لما كان عليه مجلس سرور حيث تغيرت الشخوص وإستمرت الأدوار بقوانين يتم إختيارها بمزاجية ويصوت عليها بمزاجية وتشرع في ساعات دون عقل أو روية، فالشعار هو ما المانع ونحن الأغلبية أن نشرع ما نريد ونفعل ما نريد ونقنن ما نريد،
صورة أخرى عفنة لمجلس سابق سئمناه وكرهنا أداءه وللأسف لم يمضِ على إنتخابه إلا شهور معدودة فماذا سيفعل بمصر لو إستمر أكثر وهم أحرص الناس على تحصين المجلس فلا يستطيع الرئيس القادم حله لأنهم لن يحصلوا على نفس الأصوات لو أقاموا الدنيا وأقعدوها وهم على يقين كامل بمدى الإنفصام الذي حدث مع الشعب بسبب سلوكيات وأخطاء وتسرع وجهالة،
والمرشح الآخرخدمته الظروف بغياب الأمن والإستقرار ليلعب على هذا الوتر و يستند على أخطاء خصومه وأعدائهم أكثر من إستناده على قوته وبرامجه فلم يكن يوما يحلم أن يتمتع بدعم أكثر مما يقدمه له أخطاء التيار الإسلامي بأكمله ويجمع حوله كل أصحاب الخبرة من النظام السابق الفاسد ومن عرفوا لعبة الإنتخابات ودهاليزها وكيفية الوصول إلى البسطاء في القرى والنجوع وتجميع الأصوات أيا كانت الأسباب والمغريات ،
الوطن إذا ينقسم على نفسه بين طرفين كلاهما أصعب من الأخر وأكثر عندا وبعدا عن الخير خاصة وحرب الأعصاب المشتعلة بينهما ومحاولة طرف أن يقصي الآخر بكل السبل وسن القوانين وهو في ذلك يكرر نفس أخطاء جلاديه ويعطي لنفسه الأسباب والحجج والبراهين ويقنع أنصاره ومؤيديه وكأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،
آية في القرآن الكريم جمعت حلول كل هم وغم نحن فيه الآن، قال عنها العلماء قد تضمنت قواعد الشريعة المأمورات والمنهيات، حتى لم يبق فيه حسنة إلا أوضحتها، ولا فضيلة إلا شرحتها، ولا مكرمة إلا حوتها، قال الله تعالي "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"(199) الأعراف،
هل من شيخ علامة تقي ورع من الإخوان المسلمين يخرج علينا بتفسير لمعنى هذه الآيات، هل من إمام للمسلمين يتقي الله فينا ويقول لنا ما معنى خذ العفو وأمرُ الله تعالى لنا في كلمة خذ وما قيمة كلمة وأمُرْ بالعرف بعد العفو، هل لنا من خيرة في أمرنا بعد أمر الله لنا،
أم أن حب الدنيا والمطامع والمناصب جعلتنا ننحي الدين جانبا حرصا على تغييب القلب والعقل وتضليل الناس بأن حب الوطن هو الداعي لهذا الصراع وما نحن فيه كأن حب الوطن أبقى من حب الله والإستجابة لأوامره ونواهيه،
ماذا لو احترمنا أمر الله تعالى لنا في هذه الآية لنحل مشاكلنا، أين علمائنا الأفاضل وأصحاب اللحى الممتدة والجلاليب المقصرة لتتقي الله تعالى ربنا في مصر بهذه الآيه وتبينها للناس عن علم وبصيرة وتدعو بالمعروف وتنهى عن المنكر بدلا من تأليب الناس وتحفيز الشباب ونشر الفتن وزرع الأحقاد وقصم ظهر الأمة بين هذا وذاك،
أليس في هذه الأمة رجل رشيد يدعو لحديث المصارحة والمصالحة بدلا من أحاديث الإقصاء والعزل والفلول والمحظورة، ألم يقرأ عاقل واحد في القرآن الكريم أن مصير كل فرقة ونزاع هو الفشل والحزن والهم والغم وذهاب الريح، قال تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا إن الله مع الصابرين " ( الأنفال الآية 46 )،
أيها السادة المتنازعون المتآمرون علينا جميعا حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم،
لستم الأتقى ولا الأنقى ولا الأكثر حبا وحرصا على هذا الوطن منا جميعا ولستم الأكثر عددا وعدة وعتادا ولا يوحى إليكم ولا يأتيكم الخبر من بين يديكم ولا نزلت علينا برامجكم من السماء ولا باتت شعاراتكم قرآنا يتلى بل أنتم طماعون أهل دنيا تحرصون عليها حرصكم على حياتكم وما كرهكم لبعضكم البعض إلا حصاد نفوس عفنة لو علمت الدنيا وعاقبتها لترفعت عنها لكنها هي حكمة الله تعالى أن جعلت لنا أن نختار بينكم فهل تزرعون الحب بدلا عن الحقد وتجعلوه عاما للوحدة لا للفرقة وتتفقون معا لتقتسموا السلطة فيما بينكم بتكوين مجلس رئاسي مؤقت لمدة سنتين من مرشحي الإعادة يديرا فيها البلاد معا كفترة انتقالية تتقاسما فيها الرئاسة في العامين على أن يتولى أحدهما شؤون الدفاع والخارجية والأمن القومي ويتولي الآخر الشأن الداخلي والقضاء والعدل والخدمي كالتعليم والصحة كل حسب خبراته ويتم خلال السنة الأولى الإنتهاء من الدستور بتشكيله كاملا من وطنيين وقانونيين دستوريين بعيدا عن أيدي سدنة وكتبة أعضاء مجلسي الشعب والشورى ويستفتى عليه الشعب بأسره، وليتفرغ المجلسين لسن قوانين تفيد الناس لا للإنتقام وتصفية الحسابات،
وأن يتولى صاحب ثالث أعلى الأصوات رئاسة حكومة إئتلافية أو مدني وطني آخر حر بصلاحيات واضحة ولا ينتمي للمجلس الرئاسي أو للإخوان أو للمجلس العسكري على أن تلغي قوانين العزل والغدر والإقصاء وتستبدل بقوانين العفو والمحبة والإخاء شريطة إحترام كافة أحكام القضاء فيمن قتل الثوار فمن قتل يقتل، ومن أفسد الحياة السياسية لا عفوعنه ولا تصالح، ثم بعد السنتين تجرى إنتخابات رئاسية نزيهه بنفس مدة مجلس الشعب ويتلوها مباشرة إنتخابات مجالس شعبية ومحلية بعد أن يكون هناك أحزاب فعلية حقيقية تقف على أرض صلبة وتخاطب الشعب لا تنفصل عنه و تخاطب الفضائيات، وعلى الشعب أن ينهي حالة الإضرابات والمليونيات ويتفرغ للعمل في حرية وأمن ومن أراد التظاهر فلنخصص لهم إستادا معدا لتدريب الكرة أو حديقة عامة للتعبير عن رأيهم بسلمية وتمدن وتحضر،
ومن كان فيه خيرا فليقدمه لوطنه لأن الدنيا زائلة ومن كان فيه شرا فلعنة الله عليه ،
أيها الحريصون على السلطة فلتعتبروا ممن كان قبلكم وكيف نزع الله منه الحكم وأخرجه من القصر إلى السجن فسبحان من له الدوام وجميعنا بشر خطاؤون،
أعلم جيدا أنه من المستحيل أن تتفقوا وتنزعوا عنكم أنانيتكم لأنه من المستحيل مع مطامع نفوسكم أن تلتقوا حول وطن ولكننا نبرىء ذمتنا أمام الله منكم وليعلم الناس قدر حبكم للسلطة ومطامعها لتتعروا وتنكشفوا فهل من ذرة أمل فيكم، حاولوا أن تختلوا مع الله مرة وتبكون على حالكم وتسألون أنفسكم ماذا أنتم فاعلون عند الموت، ثم إتقوا الله فينا ليرحمنا و يرحمكم الله .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: